السيد الطيب مصطفي له خطا سياسيا أو إعلاميا يعتبره الكثيرون فجا وممجوجا ينحصر في الهجوم علي قادة الحركة الشعبية بسبب وبدونه . ولكن الكل يعتقد أن الطيب مصطفي محرش من أفراد في قيادة المؤتمر الوطني لكي يلقي بكلماته الساحنة عليهم لعلهم يذوبون فيها أو يختفوا من الساحة . تمر هذه الكلمات بدون تعليق في الغالب من قيادات الحركة ولكنهم يصرونها له . والطيب مصطفي لا يعتبر أن أي قول من الحركة الشغابية أو الأحزاب المعارضة له أهمية لأنه يرتكز علي قاعدة صلبة وهي المؤتمر الوطني والرئيس . الصفعة له أتت من داخل القيادة السياسية التي تشكل قاعدته الصلبة ، والدنيا مصالح ولا توجد حاجة اسمها الخال ولا العم ولا أيا من هذه الخزعبلات . الصفعة كانت في في إعلان الحركة الشعبية أن إصرار المؤتمر الوطني على التحالف معها في الانتخابات المزمع إجراؤها في أبريل لا طائل منه . ووصفت محاولة حزب البشير التحالف معها بأنها ترويج لبضاعة بائرة لن تشتريها الحركة وهذا دليل علي أشياء كثيرة . أول الطلبات ، أقصد الدهنسة كانت غير كريمة وهي أن يتنازل ياسر عرمان عن ترشيحه . ولكن الحركة الشعبية شددت على رفضها التنازل عن ترشيح ياسر عرمان للانتخابات الرئاسية لصالح البشير. ومعني هذا أن الطلب قديم وأن الحديث هو الذهاب إلي جوبا للالتماس والتمسح بكرعين قادة الحركة ومنهم سيلفا كير الذي بقي صامدا ، ربما ليس من تلقاء نفسه ولكن من وجود صفوف خلفه تدفعه إلي الوقوف في خط ثابت لا يخضع للتحنيث والسواطة . قيام الرئيس البشير بزيارته لجوبا اليوم هي تحصيل حاصل ولا يدري أحدا من هو الذي أقنعه بمثل هذه الخطوة الغير استراتيجية والغير منطقية علي الاطلاق . وربما كانت عصبة المفكرين الذين استدرجوه ووصلوه إلي ما أفضي إلي المحكمة الجنائية وكذلك إلي محاولة استدراج خليل إبراهيم . ووصفت محاولته كالأخيرة لإثناء قيادة الحركة عن مواصلة ترشيح عرمان للانتخابات الرئاسية . سثبت القول تصريح نائب رئيس المجلس الوطني والقيادي في الحركة الشعبية ، أتيم قرنق للشرق الأوسط أن زيارة البشير المعلنة إلى جوبا هي لتدشين حملته الانتخابية في الجنوب . لكن من الواضح أنه ذاهب للبحث عن تحالف مع الحركة الشعبية في الانتخابات المقبلة وأن تسحب الحركة مرشحها للانتخابات الرئاسية ياسر عرمان. ووصف أتيم ذلك بالقصور السياسي للمؤتمر الوطني لأن الحركة ليست جزءا منه وأن الشراكة كانت لتنفيذ السلام والتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة يعني إجراء انتخابات حرة ونزيهة وأنه يحق لكل حزب أن يقدم مرشحيه في كل المستويات بما فيها الرئاسة . الكلام صحيح إلي حد ما لأن الحركة أخذت ما تريده وربما لم يكن صحيحا أنها تريد انفصالا حاضرا وسريعا بعد نصيحة تلقتها من واشنطن وحلفاء أوروبيين . وإنما الحل الأمثل لها هو كونفيدرالية تتدرج إلي انفصال سلمي بعد أن يتفتت السودان وبذلك يمكن تجنب مشاكل عديدة ليس من نظام بوسعه حشد قوات من قبائل كردفان ودارفور والنيل الأبيض والنيل الأزرق . لن يكون في مقدور دولة في الجنوب حديثة ومواجهة بمجاعة أن تواجه مثل هذه الحروب التي لا تحتاج فيها قبائل التماس أكثر من سلاح لن يمكن مواجهته من جيش الحركة ولا حتي بسلاحه المكدس من أموال البترول والمرتزقة الذين بدأوا يحتشدون في مدنه في انتظار الحرب المنشودة . العقل هو في نقل الصراع إلي الشمال بواسطة الانتخابات التي ألقت فيها ببيدقها ياسر عرمان وهومتقدم في اكتساح وسط نفوس مليئة بالغضب والقهر والجوع من أبناء ما يسمي بالشمال . ومهما كانت الانتخابات من خبر وعمل وفرصة جيدة للأحزاب السودانية في الشمال فهي إنهاك وهزيمة من الداخل . وهذا هو أول مبدأ في فن الحرب الذي كتبه سن تزو في الصين قبل أكثر من 2500 عام . بعد الانتخابات تسهل الأمور ويكون الانفصال في الجنوب مبررا ، خاصة إذا فاز عمر البشير وحزبه . سيصرخ الكثيرين بتزييف الانتخابات ، إذا كان ذلك صحيحا أم باطلا وانفصال الجنوب يكون سهلا جدا ولن يتطلب الانتظار حتي العام القادم وإنما أسبابه ستكون مؤسسة علي أن النظام في الشمال تسبب فيه بفرضه لكل ما حاربت الحركة الشعبية من أجله لأكثر من عشرين عاما وأنه لا ضرورة للاستفتاء لأن نتيجته معروفة . سيعلن الانفصال من داخل البرلمان وسيقبله الجميع ابتداءً من مصر وتليها الولاياتالمتحدة وباقي العالم . عندما قال أتيم جارانج أن حديث المؤتمر الوطني عن تحالف مع الحركة محاولة لبيع بضاعة بائرة ووصفه له بأنه يهاجم الحركة في الإعلام فهو يعني أن الحركة تقرأ جيدا ما يكتبه الطيب مصطفي وأنه لا يغفر ذلك وأن هذا يعرقل تنفيذ اتفاقية السلام وترسيم الحدود ويضع العقبات أمامها ، وهذه إشارة واضحة أن الأسباب موجودة ومجهزة لكي يذهبوا بها إلي مجلس الأمن ويستنجدوا بالأمم المتحدة وينال الجنوب حقه في الانفصال الأبدي وأن الشكوك عميقة في أنه ليس هناك ضمانات لأي تحالفات وبالتالي انعدام فرصة التعاون وأن كرت الانفصال جاهز لكي ينزل إلي أرض الواقع . ولا يمكن الثقة في المؤتمر الوطني ولا في البشير . فرض سياسة الأمر الواقع بأن يقبل الجميع ياسر عرمان هي الشرط الأساسي لقبول الحركة الشعبية بنتائج النتخابات وبالتالي الكونفيدرالية والتدرج الهادئ في الانفصال . والحديث الذي يرد كثيرا من قادة الحركة عن مساقبل السودان لا يعني أن السودان يبقي كما هو موحدا وإنما هو الانفصال الهادئ والمشروط بالتحول إلي الديموقراطية . أما إذا فاز البشير ، وعلي تعبير أتيم جارانج فإن الحركة الشعبية موجودة . هذه تهديدا ذكي ومغلف ولكنه يعني الكثير وعكسه هو عدم التنازل عن ترشيح ياسر عرمان للانتخابات الرئاسية وقول أن غالبية الشعب في الشمال والجنوب وكل أنحاء السودان تؤيد عرمان . قد يكون هذا الأمر صحيحا في بعض المناطق وخاصة التي بها بها غالبية الجوعي والموتورين . ولكنه لا يضمن فوز السيد ياسر عرمان لأن الكثيرين أيض لهم تحفظات ويعتبرون أن الأخير منتمي إلي الحركة أكثر من انتمائه للشمال . ووفود المؤتمر الوطني العديدة إلى جوبا للحديث عن تحالف مع الحركة توجتها زيارة مستشار البشير للشؤون الأمنية صلاح عبد الله ونائب الرئيس علي عثمان محمد طه على قيادة الحركة التي طرحت بشكل غير مباشر سحب ياسر لم تكن موفقة بل عززت الاعتقاد بأن المؤتمر الوطني شعر بخطورة موقفه في الانتخابات . ونتيجة لذلك فقد ظل يهدد بعدم تسليم السلطة في حال عدم فوز البشير . لم يعد الموقف يشكل غطاء أو أرضية للتفاوض ولا حتي إذا تم استخدام سلاح المال فيه ولم يبقي سوي صناديق الاقتراع وحتي هذه مشكوكا في قبول نتيجتها . حلم الديموقراطية مازال بعيدا والأقرب هو واقع الحرب ولعلها تكون محمدة لكي تنظف شارع الحرية III MMM [[email protected]]