لرؤساء الجمهوريات الجُدد، في شهرهم الأوّل، سمات كثيرة مشتركة مَع مُستجدِّي النعمةِ وحديثي الثراء، ولإستغرابهم من وضعهم الجديد بل وعدم تصديقهم له، باديء الأمر، ولإلتهاب أعينهم من جراء الأضواء الكثيفة التي تُسلط عليهم في البداية، تجدهم يبحلقُون بطريقة مضحكة فيها الكثير من الغُرور والبلاهة... قبل أن يكتشفُوا إن بإمكانهم، هُم بالذات، إصدارُ الأوامر بخصُوص ال (Lux) وشدة الإستضاءة... وأن يتحكموا في عدد الليُومينات الواقعة على مساحة أوجههم المطقعة التي آن أوان إمتلاءها وتوردها وايناعها... وستبدأ الحاشية في تنفيذ ما تراه عاديّاً، مفترعة صناعة سعادتو أو سيادتو دِيكتاتُوراً مُتردداً، لا يفعلُ فعلاً و لا ينبتُّ بكلمةٍ وإلا يتلفت يُمنةً ويُسرى ليرى صداها ورد فعل الناس حوله... ومن أصابت؟ وكيف أصابت؟... ومدى الإصابة والضرر من شتارة سعادتو... وتبتسم في وجههِ تلك الأقسامُ من الحاشية، تقريظاً وتشجيعاً، دُون أن تُقيم وزناً لما قد جرى من سعادتُو. هذا القسم من الحاشية واللذين يمكن وصفهم، دونما أيِّ حرج، بالمُعرصين، دائم الإبتسام، ينتظر التصحيح من الديكتاتور الصغير وليس العكس، وهو جاهِز بأوراق التواليت و الكولونيا إذا خرج سعادتو من الحمام، ويحملون، كلُّهم، أقلاماً وأوراق جاهزة ليقذفُوا بها بين أيدي سيادتُو إنْ رامَ توقيعاً أو كتابةِ مُلاحظةٍ، ويتحلق بعضهم حوْل مائدةِ سيِّدهِ الجديد ليُريه مواقِع الكُتوف في المائدة، ومن إين تؤكل؟... ولا يتردَّدُون فِي خلعِ مَلابسِهِم إذا ما احتاج سعادتو لفوطة أو كُهنة ويمسحون بها، حَبواً عَلى الأرضْ، حذاءه الذي صار الآن: لامعاً! هذه الحاشية التي دائماً ما يكُون لها ردٌ جاهز على كُلِّ سُؤال وحلٌ ألمعي لكُلِّ مُشكلة، هِي غالباً ما تكُون جزءٌ من النظام القديم، تستمدُ قُوَّتَها من قُوَّتهِ الزائلةِ وسيطرتها من بقايا نفُوذه وصَولجانهِ... وإذا ما أراد الديكتاتُورُ الجديدُ المحافظة على القديم، فلن يجد من هُو خير و أكثر وفاءً من تلك الحاشيةِ... أمّا إذا ما رامَ العكس، فلابد من التخلُّص منهم، لأن العادةَ سيطرت على طريقة أدائهم و تنفيذهم لمهامهم، بطريقة باتت أقرب للآليه منها للخلق والإبداع، و عليه فإنهُم بهذا المعني معوِّقٌ كبير لسيادتُو أو سعادتُو في طريق فرضه رؤاه الشاملة ووضع بصماته السحريَّة واتاحة الفرصةِ للمساته السحريّة وأفكاره الملهمة، التي لن يأتيها الباطلُ، بعد الشهر الأوّل، لا من أمامها و لا من خلفها... وستتبع تلك الثقة التي بُثَّتْ، الآن، في حركة الديكتاتور الصغير وكست نبرة صوته ووقع خطواته وهيئته العامة صرامة جديدة، وحدة، وعدم صَبر على الأخطاء الصغيرة، سيتبع ذلك بُروز رُوح من السخرية والتقريع الدائمين للمرؤوسين، ليس بسبب أخطائهم ولكن ليجعل الدكتاتور منها حاجزاً إضافيّا يخفي حرجه وترددهُ وخوفه الذي بات الآن بعد مُرور شهرين على تقلُّد سيادتو، المُهندم الحليق، المنصب و إمساكه بالدفة: غير مقبُول إطلاقاً! فِي هذا البرزخ، وتلك المرحلةُ الإنتقاليَّة، تتدخَّل المدام، التي كانت طيلةَ الشهرين تُراقب وترصُد وتَحصِي، وتبدأ بلوازم سعادتُو ومقاضيه، بمُوجب مُقارنات ومُنافسات شكليَّة ومعارِك وَهميّة تدخُل فيها مع نفسِها ومعهُ ومع أقرانهِ ومن يُمكن أن يُنافسوهُ أو يُقارن بهم، ثم تدلُف ناحيةَ البيت: أثاثاتٍ وهيئةً عامَّة... وما أن تدخُل في مرحلة تطوير دولابِها الشخصِّي وامتلاكِ الكساءِ الذي يليقُ بها كزوجةٍ لرئيس الجُمهوريَّة، وسيدةٍ أُولى- على حسب أولاد بمبة- ما أن تدخُل هناك، حتى تغرَق في حالةٍ من الوجد والطَّرب فتذوبُ كَصُوفيٍ مجذُوب، حد الوله، ولا تخرُج من ضِلَف ذلك الدُّولاب الذي سَيَحْوِى عُلبَ العُطورِ و ألف ثوبٍ، حتى يخرُج بَعلُها من القصرِ طريداً وإلى السجنِ: حبيساً! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. ///////////////