بعد سبعة أشهر ، من عمر الثورة الشعبية التي إنطلقت في السودان، قد أفلحت حتى الآن في إقتلاع الطاغية عمر البشير وأرسلته إلى سجن كوبر، ومعه بعض من رموز حكمه البائس. رموز الشر والخيانة والتآمر، الذين إدركوا بعد خراب سوبا، حجمهم الطبيعي، وعرفوا حقيقتهم التي غابت عنهم ثلاثون عاماً. عرفوا إنهم مجرد شرذمة من اللصوص والحرامية. إستخدموا شعارات الدين من أجل الوصول إلى السُلطة والإستحواذ على الثروة، لا أكثر . إدركوا هذه الحقيقة، وهم في داخل زنازين كوبر . ليس هذا فحسب، بل إدركوا إن السلطة قد راحت من أيديهم، ولن تعود إليهم وإن أرادوها ، ولن يعودوا إليها حتى لو كسروا رقابهم، لأن الشعب قد وعى الدرس، وتسلح بالنضال والصمود والثبات في وجه القهر والبطش، للحد الذي أجبر المجلس العسكري الإنتقالي، على توقيع الإتفاق الأخير مع قوى الحرية والتغيير. السؤال الذي يطرح نفسَه، هو، أين الكيزان بعد الثورة، وإلى أين . . ؟ وما هو مصيرهم بعد تشكيل الحكومة المدنية . . ؟ هل سيعترفون بفشلهم وبالتالي يلزمون الصمت . . ؟ أم سيمارسون التهريج والضجيج كعادتهم . . ؟ وهل ما زال لديهم ما يقدموه من أفكار وتصورات لحل مشاكل الحكم والإقتصاد والسياسة . . ؟ وإن كانت لهم القدرة الفكرية والسياسية لفعل ذَلِك، فلماذا لم يفعلوا ذلك طوال فترة بقائهم في السلطة ثلاثون عاماً . . ؟ السودان اليوم، ليس السودان القديم، ولن يكون بإي حال من الأحوال، بعد هذه الثورة العظيمة. السودان اليوم لن تنفع معه سياسة الأواني المستطرقة، ولا أساليب الترميم والترقيع التي باءت بالفشل ثلاثون عاماً، وهذا هو قطعاً مصير أي نظام إنتهازي يرفع شعارات الدين دجلاً ونفاقاً، لكي يحلل لنفسه ما يحرمه على غيره، حتى وصلنا مرحلة فقه التحلل الذي أفتى به فقهاء السلطان للتغطية على ما ظهر من جرائم الفساد وسرقة المال العام في وضح النهار، وكل ذلك بأسم الدين . . ! الأمر الذي عجل بإنهيار معبد الطغيان على رؤوس الكيزان وفقهاء السلطان. السؤال المطروح الآن، ماذا سيفعل الكيزان . . ؟ في وجه المد الثوري الهادر، الذي كشف أكاذيبهم وتوهماتهم التي غيبت الديمقراطية وصادرت الحريات العامة، وفي الأخير، تجلت حَمْلاً كاذباً . . ؟ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.