لم يكن حديث المبعوث الأفريقي محمد حسن لباد في كلمته بمناسبة التوقيع بالاحرف الاولى على اتفاق الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، يوم الاحد ، حديثا دبلوماسيا يتناسب مع الحدث ولكن كان حديثا صادقا نابعا من تجربة حقيقية عايش فيها الشعب السودان من خلال دوره في تقريب وجهات النظر بين طرفي الثورة في السودان المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير ، ولقد أتاحت جولات التفاوض للوسيط الافريقي معرفة المزيد عن الشعب السوداني وعن قادته بمختلف ميولهم السياسي ، ومن هنا كان حديث (لباد ) لأهل السودان أن يحافظوا على بلادهم وثورتهم ، حيث( دعا لبات أوفياء الثورة مدنيين وعسكريين أن يحيطوا بالرعاية والإحترام والوقار الثورة المجيدة والمنظومة الدفاعية والأمنية حماية للوجود الوطني شدد علي ضرورة المحافظة علي استقرار البلاد لتكون مستقلة وبعيدة عن كل التدخلات الأجنبية وقال لبات حافظوا على كبرياءكم وسيادتكم وعلمائكم.) وحديث لباد أعلاه بالحفاظ على على استقرار البلاد لتكون مستقلة وبعيدة من التدخلات الأجنبية ،لم يكن حديثا عابرا او مكملا ، وإنما كان يعني مايقول خاصة ان تكون البلاد في مأمن من التدخلات الاجنبية ، ومن الملاحظ ان بعد سقوط حكم البشير وقبله كان هنالك نشاطا استخباراتيا متزايد تحركت فيه تلك الدوائر بمستويات مختلفة ، والصراع بين نفوذ تلك الاستخبارات الأقليمية والدولية التي كانت تتحرك في مساحة أوسع في عهد البشير وبين التي كانت مستبعدة وتمارس دورها عبروسائل مختلفة في الوصول الى المعلومات المطلوبة اوتعزيز أهدافها من خلال رسم سياسات بواسطة واجهات مختلفة ،وهذا الدور معروف لأهل الاختصاص في هذا الشأن، وقد يكون معروفا للعامة من أهل الخبرة والدراية، وبعد سقوط البشير دخل طرفي الصراع من قوى الاستخبارات في سباق من أجل كسب النقاط بل كانت كل واحدة تسعى للقضاء على الاخرى بالضربة القاضية ،وذلك من خلال سياسة المحاور التي كانت سائدة في عهد البشير وبين تلك التي تحاول ان تثبت أقدامها بعد زوال حكم الانقاذ ، ومن أجل زيادة مساحة نفوذها في السودان باعتباره أرضا يمكن أن يتحقق فيها المزيد من الفوائد لتلك الدول المتنافسة عليه ، ومن هنا كانت الاستخبارات الاجنبية حاضرة بشكل كثيف ، وظاهر ، بل وفيه مجاهرة في حضرة الدولة وشعبها ، اذ لم يكن صراعا خفيا كما هو العهد به حتى تظهر نتائجه على أرض الواقع . فقد كشفت ساحة الإعتصام في القيادة العامة ، هذا الأمر بصورة جلية ، حيث كانت السفارات حاضرة على مستوى السفراء بشكل مكثف ،خاصة الدول الغربية ، وتناولت الوسائط ووسائل الاعلام الزيارات المتكررة لسفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا والنريج وهولندا الى أرض الاعتصام ، بل ان السفارة الامريكية أهدت الثوار( آليات) تفتيش حديثة لتفتيش القادمين لميدان الاعتصام ،بعد كان التفتيش بصورة بسيطة ومحببة للجميع ( ارفع يدك فوق التفتيش بالذوق)، حتى ان السلطات السودانية المختصة لم تضع يدها على تلك الأجهزة ، ولم تصدر بيانا بشأنها ولم توضح مدى تقنيتها والامكانيات الفنية التي تتمتع بها أجهزة التفتيش الامريكية ، ولم يعرف مصيرها حتى الان ؟هل هي بيد من الآن؟ وماذا يفعل بها ؟، وهل يجوز في العرف الدبلوماسي ان تهدي دولة عظمى من مثل أمريكا (معتصمين) أجهزة مثل هذه اي كانت أمكانياتها؟ ، فان كانت مثل هذه الافعال تصدر من ممثلي دول بهذا المستوى ، فالسؤال المطروح ماذا تفعل بقية الجهات التي ليس لديها اعراف أو قوانين دولية تنظم عملها مثل العمل (الدبلوماسي) ، الحركات المسلحة ايضا كان لها وجود استخباراتي في الميدان وكان لها خطط من خلال تحليل المعلومات المتاحة لديها ومن خلفها بعض الدول التي تساندها ،وواضح جدا ان ميدان الاعتصام كان ساحة تتنافس فيه عدد من الدوائر الاستخباراتية ، بشكل مكشوف وظاهر على النحو الذي كان يشهده الجميع يوميا من داخل ميدان الاعتصام . وكانت الدوائر الاستخباراتية تبني قراءتها للاحداث في السودان على تطور المشهد السياسي فيه ان كان سيصل الى تكوين حكومة الانتقالية او يشتد الصراع بين المجلس الثوار ،ويؤدي الى انفلات او انزلاق أمني ، وفي كلا الحالتين ستكون هنالك مواقف تبنى على تلك التطورات . وفي مفاوضات الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير التي جرت مؤخرا في أديس ابابا ، كانت الاستخبارات حاضرة بذات القوة التي كانت بها في ميدان الإعتصام ، ولعل اكبر شاهد على ذلك عملية اقتحام محل اقامة الدكتور جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ، وما تبع ذلك من عمليات تفتيش وترحيل الى المطار ،قبل ان تتراجع السلطات الاثيوبية عن تلك الخطوات ، والي بدأت واضحة ان هنالك يدا استخباراتيا في هذا الامر بعد متابعة تحركات جبريل ، بالاضافة لرصد وسائل الاعلام التي كانت تتابع المفاوضات من داخل رهات فندق راديسون، لشخص ينقل بالهاتف لجهات خارج اثيوبيا تطورات ما حدث لجبريل بالتفصيل ، وكأنها خطة نفذت كاملة بحذافيرها ، وفي هذا الشأن كان (لباد) حاضرا وتدخل لصالح بقاء جبريل في اديس لمصلحة الشأن السوداني ، ولباد شاهد بأم عينيه في الخرطوم وفي أديس ابابا ، على عمل هذه الدوائر الاستخبارتية من خلال عمله كوسيط في جولات التفاوض بين العسكري وقوى الحرية والتغيير. وبالتأكيد لايغيب أثر الاستخبارات الاجنبية في السودان بل سيكون حاضرا بمستويات مختلفة ، خاصة بعد الاتفاق الذي تم بين العسكري والحرية والتغيير حول الوثيقة السياسية والدستورية ، ومن جاء تحذير بن لباد للسودانيين ، ان يحافظوا على (الثورة) لانها مستهدفة وبذات القدر على المنظومة الدفاعية والأمنية حماية للوجود الوطني ، باعتبار هذه المنظومة هي محل استهداف من قبل كل القوى المعادية للسودان ،وحديث لباد علي ضرورة المحافظة علي استقرار البلاد لتكون مستقلة وبعيدة عن كل التدخلات الأجنبية، وان الحكومة الانتقالية بعد تكوينها لن تكون في مأمن من تلك التدخلات ، ومن هنا جاءت تحذيرات (لباد ). عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.