تصفية ضباط بالجيش السوداني    معارك كردفان    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    ((أحذروا الجاموس))    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    التغير المناخي تسبب في وفاة أكثر من 15 ألف شخص بأوروبا هذا الصيف    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحزب الشيوعي: قلم تصحيح الثورة .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 08 - 08 - 2019

كان الإغراء كبيراً أن أقول إن الحزب الشيوعي، برفضه الوثيقة الدستورية بين قوى الحرية والتغيير (قحت) والمجلس العسكري في 3 أغسطس (بعد أن سبق له التفاوض حولها)، كحردان السوق الذي قيل إنه لم يولد من يرضيه. ولكن صديقاً على صفحتي في الفيسبوك اقترح تناولاً آخر لمجاز الحزب الشيوعي والسوق. كتب الصديق يقول إن الشيوعي مثل الذي تأتي به للسوق لتستأنس برأيه في شراء شيء ما. وما أن عدتما بالشيء بعد شرائه قال لك: "غشوك خلي بالك".
لم يكن الحزب على مبدأ التفاوض مع المجلس العسكري أصلاً. فلم يتصالح مع فكرة مشاركته الحكم الانتقالي علي أي مستوى من مستوياته. وقال السيد صديق يوسف في مؤتمرهم الأخير إنهم قبلوا بالتفاوض مع المجلس العسكري مع حلفائهم برغم موقفهم المعارض للانقلاب والتعاطي معه. وجاءت لحظة "غشوكم" حين عادوا القهقري بعد مخارجتهم من التفاوض إلى عصر ما قبل التفاوض. فعابوا على قحت تفريطها في التمسك بقرار الاتحاد الأفريقي (28 الفقرة 5) حول تسليم العسكريين الحكم للمدنيين. وكأن الحزب، الذي قطع أرضاً معلومة في التفاوض مع المجلس العسكري، يقول لقحت إن التفاوض كان من أصله غشاً وقعت ضحية له يوم قبلت بالدخول فيه. وكان هو معها. فلم تكن قحت بحاجة للتفاوض من أصله لأن 28-5 الأفريقية أعطتها السلطة كاملة غير منقوصة وعلى طبق المدنية. ولم يكترث الحزب هنا لحقيقة أن الاتحاد الأفريقي من كان يرعى التفاوض بين قحت والعسكري. وتبرأ الحزب الشيوعي، رفيق الطريق إلى سوق التفاوض، من البضاعة المغشوشة بقوله إن حلفاءنا صاروا جزء من نظام هم ليسوا منه وسيناضلون لتحقيق المواثيق التي بينهم برغمهم.
ولم يخل قول الشيوعي "غشوكم" لقحت بعد العودة من سوق التفاوض من سوء ظن قديم بأطرافها. فقال الخطيب، السكرتير السياسي، إنه مقتنع منذ بداية الثورة بأنه ستأتي لحظة يتواجه الثوار مع قوى الهبوط الناعم وهي عنده سكان تجمع نداء السودان. وهي تهمة سبقت من الشيوعي لهم لأنهم، حسب رأيه، جنحوا لمهادنة نظام الإنقاذ بإرخاء أذنهم لحوار الوثبة رامين ببصرهم لانتخابات النظام في 2020.
ولأن التفاوض مع المجلس العسكري مما لم يتفق للحزب الشيوعي حتى حين كان يفاوض تجده، متى تحلل من التفاوض، يأتي بمطالب بعضها مبتكر وبعضها كان مما قبل به خلال رحلته غير القصيرة في التفاوض. فطلب الحزب بعد انسحابه من التفاوض التفكيك العاجل للنظام السابق الذي يخدم الرأسمالية الطفيلية، وحل المليشيات بما فيها الدعم السريع، ومحاكمة البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية. ولم تكن محاكمة البشير أمام المحكمة الجنائية واردة في ثنايا التفاوض. كما ارتد الحزب إلى القول بوجوب أن يكون التحري بيد لجنة تحقيق دولية في حين كان قَبِل باستبدالها بلجنة تحقيق وطنية مستقلة يعين عليها الاتحاد الأفريقي. واستنكر الحزب تأجيل تكوين المجلس التشريعي لثلاثة أشهر بعد قيام الحكومة الانتقالية وهو ما قال الأستاذ وجدي صالح إن الحزب تنزل عنده خلال المفاوضات.
وهذه ردة من الشيوعيين للبراءة الثورية الأولى. وبها لا يكون المجلس العسكري في نظر الحزب ضعثاً سياسياً (لا حقيقة من حقائق القوى) فحسب بل يحكم على استثمار الجماهير في الثورة حتى فرضت التفاوض كباطل وقبض ريح. وعليه فعلى الجماهير أن "تَعِد" الثورة كتلاميذ خابوا في الدور الأول منها. وهذه هي عقلية سميتها "مايو 2" على حد تصوير العقيد جون قرنق لثورة أبريل 1985. فلم تستوف تلك الثورة شروطه للنجاح لتسنم جنرالات نميري الحكم في حين غاب هو. وأرى السيد عبد الواحد ينهج نهج قرنق فيصف ثورة ديسمبر بما انتهت إليه ب"الإنقاذ 2". وليس تصحيح الثورة قاصراً على الثوريين. فقد قرأت بياناً لحزب التحرير الإسلامي ينعى الثورة لأنها لم تبلغ غايتها في تمكين الإسلام في البلد. فقالوا قد مكر الكفار والمستعمرون بها "فأضاعوا تضحيات الشباب ودماءهم هدراً، باتفاق على إعادة تدوير النظام البائد، الذي يقوم على فصل الدين عن الحياة والسياسة بوجوه جديدة وقوالب جديدة قديمة". الإنقاذ 2.
ولا أعرف وصفاً ذهب بريح ثورة أبريل مثل وصف قرنق لمايو 2. فقد طلب من التجمع النقابي أن يطيح بها ليصدقهم أن النميرية الأولى والثانية خرجتا من الحكم. وهكذا لم يمتنع قرنق عن القاء ثقله مع التجمع النقابي ليرجح الميزان لصالح الثورة ضد مجلس سوار الدهب العسكري الانقلابي فحيب، بل واصل الحرب مما استثار العسكرية الرسمية. فتجيشت ولم تجد حرجاً في التحالف بصريح العبارة مع الحركة الإسلامية المعزولة جماهيرياً للدفاع عن "الأرض والعرض". وبالنتيجة تضاءل التجمع النقابي والحكومة المدنية أمام هذه العسكرة. وكان التجمع علق حظه في الحكم على مجيء قرنق للخرطوم.
لم ترد كلمة الإنقاذ 2 على لسان الحزب الشيوعي. ولكن وصفه قادته بما جعل منه الإنقاذ 2. فأنبني تصعيد الحزب للمقاومة الجماهيرية في قول الخطيب لإزالة السلطة الظالمة الغاشمة التي استولت على الثورة. الإنقاذ 2. ودعا صديق يوسف لإسقاط النظام الانتقالي طالما وجد فيه المجلس العسكري. الإنقاذ 2.
لا أعرف إن كانت تجدي مناشدات الكثيرين للحزب أن يعود عن موقفه عن التفاوض لينخرط في ترتيبات الحكم الانتقالي، أي أن يقبل بالبضاعة التي كان طرفاً في شرائها في سوق السياسة. فقد يحول دون ذلك أن الحزب قد أعد نفسه كما رأينا لمعارضة الحكومة القادمة طالما وُجِد العسكر بها. ولا نذيع سراً إن قلنا إنهم سيكونون فيها لثلاث سنوات قادمة كما طلبنا، وقبضتهم عصيبة. وستكون عودة الحزب المرجوة عسيرة برغم تلويحه بأنه بانتظار الاطلاع على نص الوثيقة الدستورية ليدلي بدلو فيها. ورأيه فيها معروف ومعلن. وربما كانت عودته لمكانه الشاغر في قحت رهينة بنقد ذاتي منه للارتباك الذي وصم تكتيكاته في التفاوض. فزواج بين التفاوض والترفع عنه مزاوجة أربكت حلفاؤه والحادبين عليه. ولن تعوزه القدوة في الشجاعة على مكره النقد ومنشطه في تاريخه. فلم يمر شهر من رفض الشيوعيين لاتفاقية الحكم الذاتي في فبراير 1953 رفضاً اعتزلهم به الناس حتى رجعت اللجنة المركزية للحزب في مارس 1953 عن موقفها المعارض للاتفاقية فتداركت وحشة ضربت أطنابها حول حزبها. وخرج الحزب بدروس غاية في الخطر حول التطبيق الخلاق للماركسية وردت في كتابيّ أستاذنا عبد الخالق محجوب "آفاق جديدة" (دار عزة 2004) و"لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي" (1960 و1987) نعود لهما.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.