باريس يهزم ريال مدريد برباعية نظيفة في مونديال الأندية    تعديل في محليات ولاية الجزيرة    عاجل.. المريخ يكسب شكواه ضد مريخ الأبيض ويعود لصدارة دوري النخبة    ((كما توقعنا شلسي طرف أول في النهائي))    رئيس هيئة الشئون الإدارية مشرف ولاية الخرطوم يتفقد قوات الطوف المشترك ويثمن دورها في إسناد وتعزيز العملية الأمنية بولاية الخرطوم    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    تدشين حملة التطعيم ضد الكوليرا بمحلية سنار    الحكم بسجن أنشيلوتي    تمركزوا في المناطق الشرقية والشمالية..مسلّحون سودانيون يخطّطون لمهاجمة خطيرة    السودان..ترتيبات بشأن مخطّط سباق الخيل لتمليك المواطنين شقق سكنية    السلطات في السودان تحبط محاولة مثيرة    وفد حكومي برئاسة والي ولاية نهر النيل يزور بعثة المريخ بعطبرة    "دجاج فاسد" يُدخل مبابي المستشفى ويفقده وزنه    قد يكون هنالك طوفان ..راصد جوي يُحذر من ظاهرة "شهيق الأرض": تغيرات كوكبية قد تهدد المياه والمناخ    الطاهر ساتي يكتب: يلقوه مكتوفاً..!!    لدى لقائه قوى وطنية ومجتمعية كامل إدريس: البلاد تخوض حربًا ضد خطاب الكراهية إلى جانب حرب المليشيا    شاهد بالفيديو.. مدرج مطار الخرطوم يشهد عمليات نظافة كاملة تأهباً لبداية العمل واستقبال الطائرات    السعودية تفتح باب التملك للأجانب.. والقطاع العقاري يستعد لقفزة كبرى    وزارة الصحة..كشف تقرير الوضع الوبائي للكوليرا في السودان    محمد صلاح يشترى فيلا فاخرة فى تركيا.. السعر مفاجأة    السفير جمال مالك ناطقاً رسمياً باسم الخارجية ومديراً للإعلام    الأرض تسجل رقماً قياسياً جديداً كأقصر يوم في التاريخ!    المريخ يختتم إعداده للقاء الزمالة    هبة المهندس مذيعة من زمن الندى صبر على الابتلاء وعزة في المحن    شاهد بالفيديو.. تفاجأت بتصويرها دون علمها.. الحسناء "ود" إبنة الفنانة ندى القلعة تخطف الأضواء وتبهر المتابعين في أحدث ظهور لها    شاهد بالصور والفيديو.. إعلامية سودانية زوجة مطرب شهير تثير ضجة إسفيرية واسعة بعد ظهورها في جلسة تجميل مع خبير شعر مصري    شاهد بالصور.. بعد أيام قليلة من تعيينه.. الحسناء "جدية" زوجة وزير الصحة السوداني تتصدر "الترند" بإطلالة مبهرة    مليشيا أسرة دقلو تنهب وتدمر 17 ألف نوعاً من السلالات الوراثية للنباتات بهيئة البحوث الزراعية    السودان..مسؤول يكشف عن نهب خطير    "ترامب" يفرض جمارك جديدة تصل إلى 40% على 14 دولة.. هل العالم على أعتاب اضطراب اقتصادي أوسع؟    المباحث الجنائية بولاية الخرطوم تضبط متهمين إثنين يقودان دراجة نارية وبحوزتهما أسلحة نارية    حريق سنترال رمسيس بالقاهرة.. 4 قتلى واستمرار عمليات التبريد    حريق بالقاهرة يعطّل الاتصالات ويصيب 22 شخصًا    هيئة المياه بالخرطوم تطالب المواطنين بالإسراع في سداد المتأخرات    مجموعة لصوص!!    نانسي عجاج: لستُ من ينزوي في الملماتِ.. وللشعب دَينٌ عليّ    طاقة شيطانية".. شائعات مرعبة تطارد دمى "لابوبو"    5 أجهزة يجب فصلها عن الكهرباء قبل مغادرة المنزل    بشرط واحد".. فوائد مذهلة للقهوة السوداء    بالفيديو.. شاهد لحظات قطع "الرحط" بين عريس سوداني وعروسته.. تعرف على تفاصيل العادة السودانية القديمة!!!    عَودة شريف    مصر تغلق الطريق الدائري الإقليمي بعد حوادث مميتة    رئيس الوزراء يؤكد أهمية احكام العملية التعدينية وفقًا لرؤي وضوابط جديدة    قطَار الخَامسَة مَسَاءً يَأتِي عند التّاسِعَة!!    تركي آل الشيخ يُوجّه رسالة للزعيم عادل إمام بعد حفل زفاف حفيده    مصر .. فتاة مجهولة ببلوزة حمراء وشاب من الجالية السودانية: تفاصيل جديدة عن ضحايا حادث الجيزة المروع    ضوابط صارمة لإعادة التأهيل في الخرطوم    اداره المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تضبط شبكة إجرامية تنشط في جرائم النهب والسرقة بامبدة    مأساة في أمدرمان.. تفاصيل فاجعة مؤلمة    السودان.. الشرطة تلقي القبض على"عريس"    صفقوا للدكتور المعز عمر بالأمس وينصبون له اليوم مشانق الشتم لقبوله منصب وزاري    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الخالق محجوب (سبتمبر 1927-1971) معرباً (3-3) .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 27 - 09 - 2019

وصفت في ما سبق الملابسات التي استعدنا بها مخطوطة تعريب أستاذنا عبد الخالق محجوب لكتاب الناقد الروسي الماركسي بلخانوف المسمى "الفن والحياة الاجتماعية" بعد نصف قرن من اختفائها عن ناظرينا. وقلت ما أكثر تعاريب "الفن والحياة الاجتماعية" لبلخانوف. ولذا كان دأبنا في تحرير الكتاب هو التقديم له بكلمة عن نهج أستاذنا في التعريب من فوق علمه الحسن بالعربية وبالإنجليزية وحسه البليغ بالسياسة والثقافة. وهي المقدمة التي أنشر بعضها أدناه. ونأمل أن يمتد بنا العمر لتحرير ونشر المخطوطات الثلاث الأخرى: واحد ثانية لبلخانوف عنوانها "المفهوم الواحدي للتاريخ"، وثالثة ورابعة لمثقفين ماركسيين روس آخرين هما نيكولاي شيرنشفسكي واناتولي لوناشارسكي. نخرجها للناس كما أراد لها منذ نصف قرن ونخلص ذمتنا محبة لواحد من أوسم رجال السودان ونسائه.
وقلنا في الحلقة الماضية إن استاذنا عبد الخالق عرّب بعض الكتب عن الإنجليزية من فوق خفض في اللغتين العربية والإنجليزية علاوة على حس عال باللغة في السياسية. ولا أريد أن أفرغ من اختصار المقدمة الطويلة نسبياً بدون عرض بعض حيل عبد الخالق في التعريب لصالح شباب المعربين مما قد لا يقع للقارئ غيرهم.
قلت في المرة السابقة إن نهج عبد الخالق في التعريب يسر لا عسرا. فهو يأخذ من النص الأجنبي "بركته" كما نقول. وبهذه البركة يذلل النص لأفهام من هم من غير الجغرافيا الثقافية لبيئة النص الأصل. ووجدت نهجه في السيطرة على النص الأجنبي وإعادة إنتاجه في قصة مروية في نعي وينر إبرلين، واحد من أميز المترجمين للغة الروسية في الألمانية. وكان يترجم للقياديين في الحزب الشيوعي الألماني متى التقوا برفاقهم الروس. وقيل إن الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف نزل عند محطة قطار في المانيا فاستقبله قادة الحزب الشيوعي الألماني وقليلهم من تحدث الروسية. فحياهم خروتشوف قائلاً: "تسقط الرأسمالية. وعاشت الاشتراكية". فترجمها إبرلين للقادة الألمان بتصرف استثنائي قائلاً: "طاب يومكم أيها الرفاق".
ومكن عبد الخالق من هذا اليسر اتباعه خطة تعريب الثقافة لا تعريب النص. فتعريب النص هي خطة الأدب تريد من ناقل النص الأصلي أن يكون أميناً للنص حتى قيل إن الترجمة خيانة له. أما خطة الثقافة فهي أن نترجم حذرين من التورط في التثاقف (مع الآخرين) بلا هدي فنضل عن أنفسنا. ويشتد هذا التحذير في حالة النقل من ثقافة ذات سطوة وزعم بالامتياز إلى ثقافة مضطهدة. فتجد عبد الخالق، متى وقع في النص الأصلي على إشارة ملغزة لثقافة أهل النص، تفادها بذكاء. وهي عندي خطة برومثيوس الذي راوغ الآلهة وسرق النار لبني آدم إلى يومنا.
واستثمر عبد الخالق خمس حيل أسلوبية في خطته لتعريب النص كثقافة لا أثراً. فسلم له تعريبُ موطنٌ في الديباجة العربية.
1-فك الجمل وإعادة تركيبها
2-الكلمة المغنية عن عبارة
3-توطين العبارة الإنجليزية في مجاز العربية وصيغها
4-ما لم يعبأ به في التعريب
5-اللجوء للتصريف لتوسيع ماعون اللغة
ونتطرق لهذه الحيل أدناه بإيجاز:
1-فك الجمل وإعادة تركيبها
لم يلتزم عبد الخالق بتعريب كل جملة في النص الإنجليزي على حده في كل مرة. فأفرد ما وجده مجتمعاً منه مرات وجمّع ما كان مفرداً بسليقة عربية اتفقت له مرات أخرى. فتجده يفك الجملة الإنجليزية الواحدة إلى جملتين عربيتين أو أكثر أو يدمج جملتين إنجليزيتين في جملة عربية واحدة.
2-يأتي بالكلمة المغنية عن عبارة في النص
أعانت سعة علم عبد الخالق في العربية ومباشرة التعبير بها يومياً في بيان سياسي للعامة إلى أن يجرؤ بتعريب كلمة أو عبارة إنجليزية بكلمة عربية لم يتفق لنا استخدامها في الدارج كما فعل. فقد عرّب "stiltedized or artificial and conventionalized " ك"نفاجة". وهي مما لا تعثر به كثيراً في كتاباتنا. والنفاجة هي الصِلف المُفاخر بما ليس عنده، المدعي، المتكبر. وله حسن تخلص من العجمة بكلمة أو عبارة عربية لم تف بالغرض فحسب، بل أوجزت وساغت. فقال "مُشرب" في "permeated through and through".
3-توطين العبارة الإنجليزية في مجاز العربية وصيغها مثل قوله و"ليس على هذا غبار" تعريباً ل
" there is nothing wrong in this"
4-ما لم يعبأ به في التعريب.
لعبد الخالق كمترجم انصراف كثير عن تعريب الظرف والحال في النص بوظائفها في تكييف الفعل أو الاسم أو النعت من جهة المكان والزمان والحركة وغيرها.
5-لجوءه للتصريف لتوسيع ماعون اللغة.
فهو يلجأ للتصريف، الذي نتفاداه للزوم ضبطه بالشكل، ليختصر عبارته في التعريب. فمن "رَبّى" جاء بصيغة البناء للمجهول "لم يُرّب" لتعريب "has not been educated". وغالباً ما مال المعرب إلى البناء للمعلوم لتفادي الضبط بالشكل الغائب في نشرنا مثل قولنا "لم تجر تربيته". ومن "ضر" جاء ب "تُضار" ليعرب "impaired".
ولو علم القارئ أن عبد الخالق عرّب هذه النصوص الأجنبية إما في السجن أو في التخفي منقطعاً عن القواميس والمعين لطلب له الرحمة تغشاه سحائب سحائب.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.