عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. + المقدمة + المقترح + المال من سرقو ؟ هذا سرقو. حملة أسهم أم حملة قفة؟ استعرت العنوان من صلاح. أحسب متجاسراً أنه تلقاه من علي المك نقلاً عن عبد العزيز داؤود الذي شكا على اثر مطاردة البنك له حتى يسدد قرضاً عليه ابتلعته مزرعته الصغيرة فقال أنه بفضل المزرعة كان يحلم بأن يكون عزيز كافوري ولكنه أصبح عزيز قوم ذل. ولعله أضاف انه بدلاً من أن يكون من حملة الأسهم صار من حملة القفة. أنوي بهذه العجالة فتح باب - لعله لم يكن موارباً قط - حول إعادة ما تمت خصخصته زوراً وبهتاناً من قطاعنا العام، وحول شراكة مجتمعية تحل محل القطاع العام إذا تعسرت إعادة بنائه. لست إقتصادياً ولا ينبغي لي. وأنا في عرض الأصدقاء الإقتصاديين لبربحة هذا المقترح وتمليسه أو إعادة نجارته. مثل قراء عديدين أنا من رجال الأعمال. أعني رجال الأعمال بالنيات. آخر مناجزة إقتصادية ارتدتها ولدت محتضرة. اسمها 1000 $ ب ت ث. وكانت الفكرة هي اكتتاب اسهم بذلك المبلغ بالأقساط لبنك تنمية ثقافية لتمويل المشروعات الثقافية. قبل ذلك كان لنا مشروع اقامة جامعة سودانية خارج السودان. طرحنا الفكرة عام 1993 في مطبوعتنا اللندنية المسماة "السودان في اسبوع" تم اول اجتماع للمبادرة في بيتنا بعد ذلك بأربع سنوات. أسماء مؤسسي المبادرة شملت فاروق ابو عيسى ود. يسن محيسي ود. قرشاب ود. عبد الرحمن حامد وآخرون. بعد عدة اجتماعات مات المشروع في مهده. ما خسرنا مليماً ولا كسبنا مليماً لأننا كنا نتكلم عن كل شيء إلا عن الفلوس ولا نتكلم عن رأس المال إلا في إطار الإشارة الى كارل ماركس. - المقترح جوهر الفكرة هي أيلولة ممتلكات القطاع العام المنهوبة الى شراكة بالأسهم بين المغتربين وصناديق معاشات التقاعد والعاملين في المؤسسات يتقدمهم المفصولون منها بموجب أمر"الصالح العام" فضلاً عن المفصولين للصالح العام كافة وبينهم المسرحون من القوات النظامية. يكون هناك عرض عام للأسهم للأفراد والنقابات المهنية واتحادات الوحدات الانتاجية والخدمية. يكون هناك حد أقصى للأسهم العادية المكتتبة للأفراد مع قدر من الأسهم للحكومة. كما يكون هناك سقف زمني - 10 سنوات مثلاً - لنقل ملكية الأسهم كما يمكن ان يتمثل الأمر في وحدات تستعاد لوحدها: النقل النهري او السكة حديد أو حتى الخطوط البحرية والجوية. الخصخصة في بريطانيا تمت بموجب قانون خاص بكل مرفق تتم خصخصته لا بالطريقة السرية لتوزيع الأراضي السكنية والزراعية في سودان المؤتمر الوطني. . أن يكون للعاملين نصيب في مؤسسة جرت خصخصتها ليس أمراً غير مألوف. بريطانيا بدأت خصخصة خدمة البريد الملكية، مثلاً، عام 2011 وباعت آخر أسهمها بعرضها على الملأ في 2015 واصبح العاملون اعتباراً من 10 ديسمبر العام 2017 ، مالكين ل 12% من أسهم الشركة. وفي خصخصتها للسكة الحديدية اهتدت بريطانيا بالتجربة السويدية فأبقت البنية التحتية تحت سيطرة مؤسسة عامة تسمى شبكة السكة الحديد وهي تشمل السكك الحديدية ذاتها والإشارات والمعابر والجسور والأنفاق. أما القاطرات ومعظم المحطات الصغري فقد تم توزيع امتيازها لشركات مختلفة. والخصخصة لم تتم بالطريقة التي يشتري بها أحدنا نعجة من سوق البهائم وانما بموجب قانون أجازه البرلمان اسمه قانون السكة الحديدية للعام 1993 وكانت المبادرة بتوجيه من الإتحاد الأوروبي الرقم 91/440 في 1991. (كارل ماركس تقدم للعمل كاتب حسابات في السكة الحديدية البريطانية. رفضوا طلبه بسبب رداءة خطه. في مسرحية لي اسمها "مهاجرون" تم تقديمها في لندن وفي مانشستر كتبت : "لو أنهم عينوه لاستراح العالم من خطر الشيوعية ولو الى حين ولتحسن حال السكة الحديد عاماً بعد عام." (اتعامل أنا مع السكة الحديد في السودان مثل قراء عديدين باعتبارها من مكونات وجداننا. فهي "القطار ال مرّ "و"قطار الغرب" لشاعرنا محمد المكي ابراهيم وقطار ذكريات عبدالله الطيب. السكة الحديد اعطتنا عطبرة وطلائع الطبقة العاملة. من ورشها خرجت جمعيات معارضة الجمعية التشريعية ومنحتنا شهداء مثل قرشي الطيب واسماء خالدة مثل قاسم أمين والشفيع احمد الشيخ وسلام وسليمان موسى وابراهيم زكريا والحاج عبد الرحمن وعبد العزيز محمد داؤود ومحمد عثمان عبد الرحيم. وهناك قطار عطبرة الذي حمل عشرات الألوف من الثوار الى ساحة الإعتصام في 23 ابريل الماضي. والصديق هاشم محمد أحمد، وكان مديراً للسكة الحديد جدير مع زملائه وطلابه القدامي بإعادة السكة الحديد الى أزهى أيامها. النقل النهري هو الآخر ظل مكوناً هاماً لوجداننا. يمكننا ان نضع المسوغات الإقتصادية جانباً لوهلة لنرى جدوى عودة النقل النهري لنا متمثلة في "من الأسكلا وحلّ". هذه ألأغنية وحدها تنهض عندي مبرراً لعودتها الى القطاع العام أو الشراكة المجتمعية التي أقترحها. لدى عودتها لنا يمكن لها ان تحمل اسم "ود الرضي" أو تحمل افخر بواخرها اسمه على أقل تقدير. في "عربي يحكي حكايته" روى إدوارد عطية والذي عمل مدرساً في كلية غردون ثم في قلم مخابرات الإنكليز في السودان وصار صديقاً لمثقفين عديدين بينهم معاوية نور وخليل فرح - عما شهده من فرق كبير بين عالم المصريين وبواخر السودان وذلك في رحلته عبر مصر للعمل في السودان بعد إكمال دراسته في أكسفورد عام 1925 : "...الضجيج والصراخ والتدافع بالمناكب والجلاليب القذرة والطرابيش التي ينز منها العرق وأناس يتزاحمون بشراسة على ارصفة المحطات وهناك غلظة عامة في الفكر وفي المشاعر تطل برأسها في كل مكان. "كنت سعيداً حين وصل القطار الى اسوان وانتقلت الى باخرة تابعة لحكومة السودان. هناك وجدت النظافة والنظام والرقي الاصيل غير المفتعل، تذكرته جيداً منذ سبع سنوات مضت: المقصورات المرتبة ومقابض الأبواب النحاسية اللامعة وسطح الباخرة المغسول جيداً ويحتل صدارة المشهد هنا النادل السوداني بقفطانه الأبيض البالغ الأناقة وبحزامه الأخضر ومركوبه الأحمر وحركته الرشيقة التي لا تضاهي. لقد كنت في حالة عشق لهذه البواخر في طفولتي، وكنت سعيداً بالعودة اليها بعد الذباب والغبار والفوضى التي تسود مصر. هذه هي الحضارة البريطانية من جديد: النظافة والترتيب والتنظيم والأناقة والراحة المموذقة التي اتى بها الإنكليز الى الشرق. إن باخرة السودان في اسوان هي رمز ودود للإدارة البريطانية في سودان الحكم الثنائي." ليعذرني القاريء لإيرادي هذه الإشارات الصلفة الإستعلائية ولكنني في حضرة ذكر مناقب نقلنا النهري. كانت الجمال، سفن الصحراء تمثل صلة السودان بالشمال عن طريق درب الأربعين ودروب كردفان ودارفور. أما الصلة جنوباً بخيرها وشرها فلم تكن لتتحقق طيلة عهود لولا النقل النهري. في بريطانيا البيوت التي سكن فيها مشاهير حتى لبضع سنوات تحمل لوحات تذكارية بالأسم والمولد والممات. هذه بلاد متحضرة ذات حس تاريخي. حكومة المؤتمر الوطني حولت مدرسة الخرطوم التي أقامها رفاعة رافع الطهطاوي الى بيت أشباح أو بنك إسلامي كما حولوا بيت الخليفة في امدرمان الى مزبلة بعد أن سرقوا منه ما طاب لهم. السكة الحديدية السودانية يلزم ان تعود الى القطاع العام .. إن تعذر التأميم بسبب المناخ الدولي الشرس فيمكن تبني مشروع الشراكة المجتمعية المقترح او التعامل معها باعتبارها مالاً مسروقاً يلزم ان يعود الى اصحابه. - لاحظت ان صناديق معاشات التقاعد في بريطانيا تحمل اسهماً في معظم الصناعات والخدمات المخصخصة. اما حملة الأسهم الأفراد في شركة مثل شركة الإتصالات البريطانية فلا يقل عن نحو مليوني شخص - نحو 860 الف من بين هؤلاء تراوح اسهمهم بين سهم واحد و39 سهما. هناك 175 من حملة الأسهم يملك الواحد منهم نصف مليون سهم. - لا ادري شيئاً عن صندوق معاشات تقاعد في السودان الآن. مرّ زمن كان أهلنا يتقاعدون عن العمل الحكومي في سن السادسة والخمسين ويعيشون في دعة على معاش التقاع. معاشات أهلنا في سودان الإنقاذ إساءة شخصية لكل معاشي لا أقل ولا أكثر. - إشاراتي الى بعض تجارب الخصخصة البريطانية لا تعني انني من انصارها. ما أرمي اليه هو ان ما اسموه خصخصة في السودان لا يعدو ان يكون عملية نصب وسرقة للمال العام في وضح النهار. - احسب أن بالوسع اعتبار جميع عمليات بيع القطاع العام عقوداً باطلة إذا استحالت محاكمة مالكيها الجدد باستلام المال المسروق. - لست من دعاة الراسمالية الشعبية. البعض تندروا على كارل ماركس: لماذا لا يكوّن كارل ماركس نفسه ويكون له راس ماله الخاص بدلاً من إهدار عشرين عاماً يكتب فيها كتاباً يسميه رأس المال. لكنني علمت ان ماركس كان يتاجر في الأسهم ويتباهى لإصدقائه (له أصدقاء!) حول حصوله على دخل غير مستحق قائلاً : "الأمر لا يحتاج الى وقت طويل لعمل ذلك. إذا كنت مستعداً للدخول في مخاطرة بسيطة فيمكنك نزع بعض المال من خصومك". ولكن أكاديمياَ بريطانياً اسمه ماكبيين من كلية سان أنطوني - اكسفورد يقول إن فردريك انغلز كان ضالعاً بنشاط في سوق الأسهم وأن ماركس كان يضع دراهمة المعدودات حيثما يشير اليه انجلز (إنغلز) - المال من سرقو ؟ هذا سرقو. - هناك فيلسوف فرنسي فوضوي اسمه بيير جوزيف برودو أطلق في عام 1840 كتاباً اسمه فلسفة الفقر قال فيه إن "الملكية تعني السرقة". ماركس رد عليه في "فقر الفلسفة" و اتهمه بأنه يتولى إرباك نفسه بنفسه إذ أنه يفترض وجود ملكية سابق لفعل السرقة كما انه قبل كل شيء قد سرق هذا الشعار من مفكر اسمه بريسوت. - ويبدو أن أهل المؤتمر الوطني فهموا كلام برودو، وهو خصم لماركس، باعتباره تبريراً لسرقة القطاع العام برمته وان ذلك مال حلال لا غبار عليه. هذا يعني في نظري أن كل ما يملكه معظم أهل المؤتمر الوطني هو مال مسروق في واقع الأمر . هؤلاء سمعوا - دون ريب - بمقولة الإمام الصادق (جعفر الصادق لا الصادق المهدي طبعاً) : "ما جُمعت عشرون الف درهم من حلال" ولكنهم ينكبون على سرقة المال العام والعيون قريرة بعد أن غسلوا ذنوبهم بالدعوات وبرحلات الحج الغفرانية. كنت قد اشرت في مقال مضى الى مرسوم بريطاني اسمه unexplained wealth order صدر في 31 يناير 1918 بمقتضى قانون التمويلات الإجرامية للعام 2017 والذي عدل قانون عائدات الجريمة للعام 2002 . وتمثل الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة الإتهام حيث تلزم المشتبه في كونهم يعيشون من عائدات الجريمة بالكشف عن المصدر الحقيقي القانوني لثرواتهم ويتم الحجز عليها وتجميدها ببداية التحري. في حالة العجز عن إثبات المصدر االمشروع تتم المصادرة الفورية. كنت قد ذكرت أن سيدة اسمها زميرة حاجييفا، زوجة محافظ بنك إذربيجان السابق. السيدة المعنية اشترت بيتاً تقيم فيه في نايتسبريدج مقابل 11.5 مليون جنيه استرليني كما اشترت نادي غولف مقابل 10.5 مليون جنيه وتسوقت في هارولدز بمبلغ قدره 16 مليون جنيه استرليني خلال السنوات العشر الماضية. وكنت ذكرت إن بلاداً ذات توجه رأسمالي صميم لا تتردد في مصادرة مثل تلك الأصول التي لا تفسير مشروع لتملكها. وسودان المؤتمر الوطني لم تعوزه التشريعات المناسبة لمكافحة الثراء الحرام. فهناك قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه السوداني لسنة 1989 وهذا القانون الغى قانون مكافحة الثراء الحرام لسنة 1983 وهناك ادارة في وزارة العدل اسمها إدارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه ولها اختصاص تلقي إقرارات الذمة المنصوص عليها في المادة 9 من الفصل الرابع. وبموجب المادة 8 يجوز لاي شخص ان يتقدم لتلك الإدارة بالشكوى ضد أي شخص بعينه كما يجوز له تقديمها الى وزير العدل او أي قاض أو ضابط مسؤول عن نقطة الشرطة. هناك نيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه التابغة للنيابة العامة بموجب قانون النيابة العامة لسنة 2017 بمقتضى المادة 4 من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989 تعديل 1996. ورغم ان تعريف الثراء الحرام والمشبوه يشمل "كل مال يطرأ على أي شخص ولا يستطيع بيان أي وجه مشروع لاكتسابه" إلا أنه لا علم لي بقضايا تم حكم فيها بموجب ذلك القانون. ورغم أن المجلس العسكري قد انكب خلال الأشهر الماضية على تأمين ثروات أهل المؤتمر الوطني واشخاصهم قدر الإمكان إلا أن مظاهر الثروة الحرام التي يكنزونها في ارجاء المعمورة وداخل البلاد ليست خافية تماماً. (هناك مصادر تشير الى ان ثروة عوض الجاز تبلغ 64 مليار دولار امريكي). المادة 9 من الفصل الرابع تتصل بوجوب تقديم اقرارات الذمة والتي تشمل مسؤولي الدولة كافة. ليس لي علم بأي إقرار ذمة قدمه أي مسؤول من مسؤولي المؤتمر الوطني كما لا يساورني شك في انه في حالة وجوده لن تكون له أدنى صلة بالحقيقة. أحسب ان هناك اقتصاديين قلوبهم مع الثورة قادرون على رصد الأصول غير المشروعة لرجال ونساء المؤتمر الوطني وعساكره ومليشياته. هم في ذلك يحتاجون الى عون دوائر شتى . من اللازم ملاحقة ثروة اهل السودان المنهوبة. التكفف لدى صناديق النقد لا يجدر بنا وبخاصة إذا كنا غير قادرين على استعادة منهوباتنا وبينها قطاعنا العام. الشراكة المجتمعية التي اقترحها ترمي الى الإستفادة من الموارد المالية الهائلة المتوفرة للمغتربين وغالبيتهم العظمى تنتمي الى الثورة بلا تحفظ ومعظم مدخراتها مستثمرة أو مقبورة في سوق العقارات وفي تكاليف الدراسة الجامعية لأبنائهم في الجامعات الخاصة (الرسوم الدراسية السنوية لطب مامون حميدة تبلغ 15 الف دولار أمريكي.) أحسب ان هناك ملايين المغتربين تواقون الى ان يكونوا حملة اسهم في صناعة الكهرباء والماء أو في الخطوط الجوية او البحرية. المكون المجتمعي الثاني يتمثل في صندوق معاش التقاعد. لا علم لي إن كان هناك صندوق خاص مستقل لذلك الغرض ولكنني احسب أنه في حالة وجوده يمثل مساهماً كبيراً في تلك الشراكة. أما شراكة العاملين في وسائل الإنتاج فهي تنطبق على الوحدات الإنتاجية لا الخدمية. ما يعني أن العاملين المفصولين عن العمل والراهنين يمكن تخصيص اسهم تفضيلية لهم يتم دفعها قيمتها بالأقساط المملة. هناك مجالات يسيرة قد تتاح لتلك الشراكة المجتمعية مثل تصدير الصمغ العربي بعد معالجته أو كما هو واستيراد القمح والوقود بدلاً من ترك مثل تلك السلع في أيدي القطاع الخاص الذي قد يجد المجال مفتوحاً في ميادين أخرى مثل الزراعة وبنوك الإستثمار وغيرها. لا ريب عندي أن هناك خبراء حادبين على مهنهم وعلى القيم التي الهمت ثورة ديسمبر. ولا شك ان هناك دراسات تفصيلية لتأهيل منهوبات الخصخصة المزعومة. على أن استعادتها هي المهمة الآولى والله والإقتصاديون أعلم لندن 19 سبتمبر2019 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.