إن كانَ مِن حقِكَ أن تُدخِنَ فمِن حِقنا أن نستنشِقَ هواءً تقياً, وإن كانَ مِن حقِك أن تتمتعَ بالصيفِ فمن حقِنا أن نعادله ببعض الشتاء, وأن كانَ مِن حقِكَ أن تُطورَ الصناعة فمِن حقِنا أن نُحافظ علي الزراعة. لقد أصبحَ الحقُ مسروقاً في ظِل الثورة الصناعية التي يشهدُها العالم منذ أكثر من قرن مضي, فأوربا وأمريكا غيرتا خارطة العالم بأسرهِ ورسمتا لهُ أكلهُ وشُربهُ ومَسكنهُ وحتى تنفسهُ. وعلي الرغم من أنَ هذهِ الثورة الصناعية انعكستَ عليهم إيجابا فأنها أتتَ علينا سلباً وهو ما يُسمي بظاهرةِ الاحتباس الحراري, التي ُتشغل العالمَ الآن, ويمكنُ تعريفها ببساطة عَلي أنها (انبعاثُ بعض الغازات الناتجة عن استخدام الوقود والنفط في الصناعاتِ المختلفة) ويأتي غاز ثاني أكسيد الكربون في مقدمةِ هذه الغازات ويطلق عليها (الغازات الدفيئة) ولأنها لا تخرج من الغلاف الجوي – بقدرةِ الخالق – تزيدُ درجة حرارة الأرض كلها وذلكَ ما يُؤثر علينا كعالم ثالث, أو حتى ثالث عشر, وقد لخَصَ العلماءُ هذهِ التأثرات في الأتي: - سيزيدُ مستويَ سطح البحر بنسبة تسعة وخمسينَ سنتيمترًا مما سيُؤدي إلي تآكل بعض المدن الساحلية أو كلها مثل الإسكندرية وابوظبي و الدارالبيضاء. - قلة الأمطار ونقص تدفق الأنهار سيؤثران علي الدول التي تعتمدُ علي الزراعة مثل (العراق السودان وسوريا ومصر) فيما تُضطرُ بعضُها إلي استيرادِ نصفِ منتجاتها الزراعية. - موجات الحر ستصبح أكثر تكرارًا خلال السنة, مما ربطه العلماء بزيادةِ نسبةِ الوفيات الجماعية والفردية. - ستتفشيَ أمراض معدية ترتبط بالمياه مثل الملاريا وغيرها, في دول كالسودان ومصر والمغرب. حاولت وأنا ابحثُ بينَ طياتِ ما كتبَ في هذا الموضوع أن أجدَ نقطة بيضاءَ أُعلِق عليها بعَضَ الآمال غيرَ العراض, فالعالم الغربي والذي هو أساس المشكلة يقف الآن حَجرَ عثرة بعد قِمة كوبن هاجن, فأي دولة دخلت المؤتمر لم تخرُج ِمنهُ بنتيَجة. الولاياتالمتحدةالأمريكية هي الدولة التي تحرقُ أعلي نسبة من ثاني أكسيد الكربون في الكرة الأرضية , بالتالي كان لابد أن تقدمَ الحلول ولو في حدود المعقول , لكن الرئيس الأمريكي رمي بالكرة في ملعب كوبن هاجن وقال ثلاث كلمات فقط (التخفيض والتمويل والشفافية) لكنه لم يحدد النسبة التي ستخفضها أمريكا من غاز ثاني أكسيد الكربون , ولم يتعهد بالتمويلِ الذي يتناسبُ وحجم الكارثة , كما أنَ الشفافية لم تكن واضحة حتى إنفضَ سُمَارُ المؤتمر. فالعالم العربي والدول النامية لا يستطيعوا اللعب مع الكبار, فالكبار يُخطِؤ عمدًا أو سهوًا لأننا سنُسامح , وإذا سامحنا كرروا الخطأ لأننا سنكرر السماح , والكبار يُعلنوا تقديمَ ملايين الدولارات علي مدي سنوات لِحل المشكلة - في ظل الأزمة المالية – وإذا لم يُوفوا بالعهدِ لا نستطيعُ أن نُطالبهم بالإيفاء , ضعف الطالب والمطلوب. نحنُ وهم لسنا إلا ُقطبَي رَحَى مُتعاَرضَين , لن نطلب منهم أعادة درجات الحرارة التي سُرقتَ منا حتى تعَوَد الحياةُ سِيرتها الأولي فننعَم بشتاءٍ بارد, ونستنشق هواءً نقياً, ونُحافظُ عَليَ ثرَواتنا الزراعية والمائية, وإن كان الخير يَخُصُهُم فالشرُ يعُمُنا جميعاً , وكُلنا نقفُ علي كُرةٍ واحدة وإذا لم نسَتطِع أن نُوقِفَ الاحتباس الحراري فلنُوقف سًارقهُ.