أقام مركز الدراسات السودانية بالتعاون مع دار مدارك للنشر وبيت التراث علي شرف الإحتفال بالذكري الأولي لثورة ديسبمر المجيدة ، بالأمس السبت 14 ديسمبر 2019 ندوة فكرية بعنوان العلمانية في التراث الإنساني ، أدار الندوة الأستاذ الشاعر عالم عباس الأمين العام للمجلس القومي للثقافة والفنون ، وكان المتحدث الرئيسي في الندوة المفكر والباحث د/ حيدر ابراهيم علي مدير مركز الدراسات السوداني . مبتدرا حديثه أولا بالهجوم اللاذع علي بقايا النظام البائد واصفا خروجهم فيما يسمي بالزحف الأخضر بالمستفز مؤكدا أن هم وأشباههم من الإسلامويين من عملوا بخبث علي شيطنة العلمانية وأن العلمانية لاتهاجم الدين ولكن هم من يهاجمون العلمانية للتكسب السياسي ب0ستغلال الدين ، وأن العلمانية عداءها الرئيسي مع من يستغلون الدين لتكبيل الأنسان والعمل علي السيطرة السياسية لتحقيق مصالحهم الشخصية كما كان يفعل النظام البائد وكما كانت تفعل البابوية في القرون الوسطي . ثم تحدث د/ حيدر ابراهيم عن العلمانية بمعناها الفلسفي الذي يعمل علي إيجاد معني للحياة هنا والآن وفي هذه اللحظة ولايتحقق ذلك الا بتقدم ونهضة الإنسان ، مؤكدا أن العلمانية تعني بالإنسان والعقل في ان يتحرر الإنسان من كل القيود ويعمل علي إطلاق عقله مسيطرا علي الطبيعة مفكرا ومبدعا ومكتشفا ومخترعا ، مسترشدا بشعر الفيتوري : الأعظم من قدر الإنسان هو الإنسان . وفند د/ حيدر المقولة الخاطئة التي يشوش بها الإسلامويين بأن الشعب السوداني متدين بفطرته كاشفا عن وجود علمانية شعبية وثقافية بالمجتمع السوداني بين قبائله وإثنياته وتراثه وعاداته وتقاليده ، وأكد أن علم الإجتماع ينفي حقيقة التدين الفطري ، لانه شئ مكتسب وقابل للتغير عبر التطور الإجتماعي ، مؤكدا في ذات الوقت ان العلمنة هي صيرورة إجتماعية وقادرة علي إختراق رجال الدين انفسهم عبر منتجاتها التي يستعملونها قسرا . وتحدث د/ حيدر ابراهيم علي ضرورة فصل الدين عن الدولة وعلي ان يجب ان تكون الدولة في حياد تام عن الأديان بغية ان تكون الدولة دولة مواطنة وتتعامل مع أفراد شعبها بوصفهم مواطنين فقط وليس لانهم مسلمين او مسيحين او غير ذلك فالمواطنة المتساوية هي نزعة علمانية بالأساس وبالتالي ليس الحديث عن العلمانية بكلام فارغ كماقال بعض الزعماء السياسيين السودانيين في الايام الماضية ، فالكلام الفارغ هو الحديث عن المواطنة وحقوق انسان بدون علمانية الدولة لان المواطنة وحقوق الانسان قيم علمانية بالأساس . ويؤكد د/ حيدر انه لابد في هذه الفترة الإنتقالية علي العمل لنهضة فكرية وروحية وعقلانية جديدة وعصر تنوير سوداني علي قرار ماحدث في اوربا في عصر النهضة والتنوير والذي انتقلت به الإنسانية لعصرنا الحالي الحديث الذي مهد للإنسانية إكتشاف الفضاء والتقدم التكنولوجي ، وكل ذلك لا يتأتي الا من خلال العلمانية ببعدها الإنساني والعقلاني ، كما قال يجب ان نكون في حالة هجوم وليس دفاع عن انفسنا حيث لايجب الرضوخ لإبتزازات الهوس الديني والإسلامويين بمذمة العلمانية ، فيجب الصدع والإعلان عن العلمانية فهم لا يذمونها ولا يسبونها إلا لأنها تكشف أكاذيبهم وخبثهم وضعفهم الفكري وإستغلالهم للدين ، كما قال أيضا : يجب ان تسمي الأشياء بأسماءها فليس من الصحيح ان نطلق علي العلمانية كلمة مدنية ، مؤكدا ليس هنالك من خطأ في المطالبة بالعلمانية ، وليست هي ترف فكري امام تحديات اخري كقضايا الاقتصاد وخلافه ، بل من المهم جدا علمانية الدولة لانها تساهم في حلحلة العديد من المشاكل وتنهض بالمجتمع والدولة معا ، ولم تتعثر الدولة السودانية الا عند قيام مايسمي بالدستور الإسلامي في العام 1967 ثم قوانين سبتمبر 1983 ثم انقلاب الجبهة الإسلامية بإقامة دولة دينية في العام 1989 والذي تم إسقاطه بثورة شعبية 2019 ، ومن جهة أخري كانت مشاركة المتداخلين مداخلات متميزة أثرت مزيدا من النقاش والتفكير حول العلمانية وقضايا العلمنة ، وكان من ضمن الحضور جمع غفير من الأكاديميين والمفكرين والأدباء والكتاب وقطاعات المراة والشباب والطلاب ، وكان علي راس الحضور د/ فاروق محمد ابراهيم والشاعر والأديب فضيلي جماع ، ودكتور البشري محمد المهدي . وختم دكتور حيدر ابراهيم حديثه علي ضرورة فكرة الثورة المستمرة والدائمة حتي يتم القضاء علي القديم بكافة اشكاله مؤكدا ان حقيقة الصراع الثوري في السودان بين قوتين قوي تسعي للنهضة وبناء الدولة التنموية علي اسس العقلانية والعدالة وقوي تستغل الدين وتسعي لإستدامة التخلف الأجتماعي ، واكد علي ضرورة إشتعال عصر تنوير وتثوير سوداني نهضوي يقوده المثقفون العضويون . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.