إن مرحلة تحقيق السلام في بلادنا تأتي بعد طول أمد النزاع في السودان وبعد أن أدت هذه الحالة إلى فتح بؤر جديدة ساعد على إذكائها المصالح الدولية والأقليمية والتي تتفرع منها قضايا تمّ توظيفها تكتيكياً لخدمة الهدف الإستراتيجي لمصالح هذه الدول وقد وظفت فيها ظروف الضغط الإقتصادي والطموحات الشخصية وشهوات الحكم وبذر الفرقة والعمل على شق الصفوف وكل هذا مباح في عالم المصالح والسياسة سواء قبلنا ألمبدأ أو عارضناه ولكنها حقيقة في العمل والتعامل السياسي من أعلى قمة الهرم حتى قاعدته .اليوم نتحدث عن مدى تاثير ثقافة الحوار الهاديء العلمي الواقعي الصحيح لطرح قضايا السلام عبر الإعلام ليؤدي دوره الفاعل المنتظر منه للإسهام في المرحلة التي يجب فيها على بذر وتعميق وتعظيم ثقافة السلام إعلامياً لذا فأن أهم دور يعتمد على شخصية المحاور ومن ثم كيف وما هو حجم تأثيره على نشر ثقافة السلام بعد ايجاد المقومات الاساسية لنشر السلم والتنعم به واكتشاف فوائد نبذ العنف .و هنا علينا أن لا نأخذ بشعار (اليونسكو) لاننا نعلم جيداً بانها لم تقم بما يجب عليها ولاسباب موضوعية ومن اهمها عدم التاثير على الحكومات في المنطقة تجنبا لغضبها . التعامل مع مفهوم السلام من الجانب الانسانى إنني هنا اريد ان اتعامل مع المفهوم من الجانب الانساني ونشر ثقافة السلام إعلامياً تعتمد في الأساس على مدى الإعتقاد وفهم مضمون الثقافة القائمة قبل التوصل إلى السلام على الإنسان الذي هو المورد الرئيس وحجر الزاوية في كل عمل إيجابي يطرح قضايا وفوائد ثقافة السلام بحسب ان الانسان هو القيمة العليا التي يجب التمسك بها وعدم التفريط به مهما كانت الاسباب، وثقافة السلام لا بد لها من وسائل وكوارد سواء مستحدثة أو قائمة يجب أن على قناعة الفرد وبقيمة ثقافة السلام والقائمة على اسس ثقافية راسخة في صميمها بحسب أنها العامل الحاسم الوحيد للحفاظ على تلك القيمة ورفع شانها وتامين الاحترام اللازم الذي يليق بها عبر الطرح الإعلامي الهادف والإيجابي المتوازن. العنف المتجذر فى اعماق بعض القبائل وعنما نتذكر ان رواسب العنف المتجذرة في اعماق بعض القبائل والجهات وبدراسة تاريخ المنطقة ديموغرافياً كعامل بيئي رئيس مؤثر على الفرد وتقييم مدى أمية أو تعليم تلك الجماعات يجعلها كمتعلمة قائدة لجماعة أمية غير واعية ولا تستوعب ما ستجر إليه أو توظيفها ؛ لذا أن ثقافة السلام لا بد وأن يوازيها رفع الجهل ومحاربة الأمية وعلينا الإبتعاد عن اعتماد ثقافة الغاء الاخر، لذا لا بد أن يتبين لنا مدى اهمية ارساء القواعد والأسس الاساسية المتينة لثقافة السلام وايجاد الجسور الضرورية لتقبٌل الاخر والتفاهم ومحاولة تغيير الوضع من الحالة الطاغية التي تعمقت في تاريخنا الحديث واباحت الحط من شان وقيمة الانسان وتجرده من جوهره وقيمه الى الحالة الطبيعية وهو دعم وترسيخ ثقافة السلام . وعلينا أن نؤكد على ضرورة الإطلاع الكامل بان تاريخ العقود الاخيرة للسودان شهد ترسيخ الاليات وتوسيع الارضية لتعميق ثقافة العنف لحدود كبيرة كما أسلفت لعوامل عدة أهمها تنافس المصالح دولية على مناطق المواد الخام التي تحتاجها الدول الصناعية والتي تبيح كل محرم وتتعدي الخطوط الحمراء حتى في حقيقة الأمر أن حقوق الإنسان وكرامته أصبحت ضمن أدوات اللعبة تسيس وتستعمل كوسيلة ضغط وابتزاز على الأنظمة لذا فإن مستقبل حقوق الإنسان والديمقراطية في دولها أصبحت في خطر ماحق لذلك تمّ تسخيرالامكانيات العلمية والعقلية من اجل تفريغ الدول التي تشهد النزاعات العرقية والدينية من عقولها والعمل على تهجيرها ليتم تهيئتها لتنفيذ خطط وأهداف مصالح تلك الدول التي اجتذبتهم وترك البعض الذي لم ينل أي حظ من التعليم كأداة تحرك لإذكاء ونشر ثقافة اقصاء الاخر كفرد او جماعة مما اثرت على حاضره ومستقبله وادى الى تدني وضع انسانية الانسان السوداني وشعوره الدائم بالدونية والوضاعة ونتيجة تراكمات تاريخية وممارسات كان الأصل فيها جهل المجتمعات لذا فإن دور الإعلام يجب أن يكون ممنهج ثقافياً وأهم مرتكزاته المواطنة وحقوقها والقيام بنشر توعية مفهوم جديد للوطنية والمواطنة مبني على أن الكل سواسية والوطن للجميع ولا مكان للطغاة لا في الحكم ولا المعارضة حتى تضمحل الجهويات والإثنيات ويذوب الجميع في بوتقة الوطن والمواطنة ، فكيف لناان نهتم بثقافة السلام واحترام النفس والكرامة الانسانية، في حين أن التوظيف الخارجي المبني على مصالح الدول الصناعية لا يهما إلا أن تنشر سياسة ازكاء العداء وروح العنف والتضاد حتى بين ابناء واخوان العائلة الواحدة من اجل تسلطها علىمقدرات شعب بعينه. ثقافة السلام كما هي ثقافة الحوار تحتاج الى مقومات رئيسية هامة وهي محاولة مسح ترسبات وتراكمات اهمال الحكومات السابقة التي تعاقبت على الحكم منذ إستقلال السودان مما هيأ للتمرد بيئة مناسبة ومناخ جاذب لحركات التمرد وعليه آن لنا أن نتوافق في عقد وطني على إختلاف مشاربنا وألوان طيفنا السياسي من أجل السودان بإعتباره وطن للجميع ولكنه مهدد بالتفكك من أطرافه حتى يصبح لقمة سائقة لدول بالأمس كانت تستعمر العالم وتنهب ثرواته واليوم أصبحت كاللص الذي تاب ولكنه تحول من لصٍ لمحتال لذا علينا ايجاد الوسائل الهامة لنشر هذه الثقافة وتوعية كافة الاطياف والفئات لهذا الهدف السامي النبيل وهذا ما يحتاج الى تعاون الجميع وفي مقدمتهم المؤسسات والشخصيات الثقافية الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك الإستعانة بالفنون والآداب والشعراء مما يؤدي الى التحول الكبير في شؤون الحياة بالنسبة لسودان جديد قويٍ متحد والإنتقال نحو مرحلة جديدة من تاريخنا، ونحن متاكدون على ان هذه العملية الواسعة لا تجري في ليلة وضحاها بل تحتاج الى وقت وخطط منتظمة خاصة بنشر وتوضيح اهمية هذا المفهوم، وهنا لابد ان اذكر ان السوداني ( الشماسي الغلبان) يحتاج الى التراخي والتراهي السياسي والنفسي والاقتصادي، والتقدم العلمي الثقافي والإهتمام بجودة التعليم وليس الكم فقط والتوزيع الجغرافي لخطط التنمية المستدامة حتى لا يرجع الإنسان إلى ما قد سلف لأن التنمية المستدامة تضمن البقاء ببقاء وإستمرارية العامل الإقتصادي الذي ينعكس على الأمن الإجتماعي بتوفير متطلبات الحياة الإنسانية الكريمة مما لا يتيح مجالاً للهجرة والنزوح فهي من العوامل المساعدة لاستقرار الاوضاع ونشر السلام وازالة اسباب العنف وياتي دور الجميع لقلع ثقافة العنف من عمق الشخصية السودانية التي في طبعها وتكوينها خلاف لذلك فالسماحة والطيبة من أهم خصال الشخصية السودانية . كما أنه يتوجب على النخب الثقافية والإعلامية أن تضع يدها مع يد الدولة حتى تعمل لإعادة رفع شان مفهوم دور المواطن ، دوره الإنساني واعادة الاعتبار للمواطن وجوهره الواقعي ورفع الانسان الى احترام ذاته وغيره وشعوره العالي بقيمته مما يؤدي الى التحول في تصرفاته وافكاره لصالح السلام ونبذ العنف والحقد والكره والاهم من كل ذلك قناعة الانسان بان السلام بداية الرفاه والسعادة الشخصية لكل مواطن، وبه نصل الى القول ان المجتمع السوداني كما هو الآن بحاجة الى ثقافة الحوار وبحاجة ماسة ايضا الى ممارسة ثقافة السلام والامان ولللثقافتين علاقة متينة متبادلة كل هذا لن نصل إليه إلا بشعور المواطن بأن هناك حقوق وواجبات تكفلها سيادة حكومة تحت مظلة دولة القانون والعدالة. . mahda abdelrahman [[email protected]]