جميل أن يعيش الانسان للحظات وقائع حلم جميل , يسبح بخياله بعيدا , ويرسم صورة وردية تدغدغ مشاعره , وتسّكن من الاّمه واحزانه . ولكن أن يسهو , وتتحول تلكم الاحلام الى مايعرف بأحلام اليقظة , فبالتأكيد واجب على العقلاء من حوله أن يفيقوه من غفوته , حتى لايذهب بعيدا بأفكاره , حيث يصبح نزيل أحدى مصحات العالم الاخر , الذين أصبحنا نحسد نزلائه لما ينعمون به من بعد عن الواقع . الذى دفعنى لكتابة هذه الاسطر , وبالمصادفة المحضة أن كنت جالسا فى نوع من الهروب اللحظى عن الواقع , بمشاهدة برنامج أفراح أفراح بفضائية النيل الازرق , فلحظات الفرح عندنا غالية هذه الايام , ولكن الاقدار أبت الا أن تكدر تلك اللحظات , فكان الحديث عن اليوبيل الذهبى لبنك السودان , فتوترت أعصابى , فالحديث عن المال ومؤسسات المال فى السودان حقيقة تثير أشمئزازى , ولم ينته الامر عند هذا الحد , لابل وبعد تحركى ومرورى مرة أخرى بجوار ذلك الجهاز , اذا بى أصادف برنامج يدعى المجهر للاستاذ بابكر حنين مع مرشحى رئاسة الجمهورية , وكانت الحلقة مع الاستاذ / مبارك الفاضل , ورغم عزوفى التام عن هذه المسرحية التى تدعى الانتخابات بمختلف جوانبها , دفعنى حب الاستطلاع للجلوس والمشاهدة , فارتفعت حرارة جسدى , فصدقونى لم أعباء بمعرفة برنامج أى حزب سياسى , ولا من هم مرشحوه , فالامر بالنسبة لى محسوم تماما , ليس من منطلق أن الحكومة سوف تعمد على تزوير الانتخابات , ولا لتكتلات سياسية سوف تحسم الامر , ولكن قناعتى أن الامر حسمته القوى الاساسية المناط بها حسم الامور المشابهة على الساحة الدولية , أما عن كيفية أخراج الامر , فكما يقولون ( أهل مكة أدرى بشعابها ) , فجرى الحوار وفى حماسة وتهكم عن برنامج الحزب وتاريخ المرشح , وكأن هذين الجانبين هما الحاسمان للامر , ولكن لماذا أغفل مقدم البرنامج أهم مرتكزات اللعبة , ومحورها الاساسى , الا وهو محور القوى الخارجية والسياسة الخارجية , وهى الاهم على الاطلاق , واليوم كما علمت سيجرى الحوار مع السيد/ الصادق المهدى , فياحبزا لو تناول مقدم البرنامج طرح هذه الاسئلة على من تبقى من المرشحين , وهل يملك أصلا الجرأة على طرحها ؟ 1/ لو قدر لك وفزت بالرئاسة فما هو موقفك من : - العلاقة مع الولاياتالمتحدةالامريكية , وطبيعة التمثيل الدبلوماسى بين البلدين - هل سوف تنتمى لمعسكر الممانعة أم الاعتدال على الساحة العربية ؟ - ماهى رؤيتك لحل القضية الفلسطينية ؟ هل تناصر أبوعباس وحكومته أم حركة حماس ؟ - ماذا عن حلايب ؟ أهى سودانية أم مصرية ؟ - ماهى رؤيتك للعلاقة بمصر ؟ - ماهو رؤيتكم للتطبيع مع أسرائيل والشروط الواجب توافرها لارساء قواعد التطبع؟ - فى سبيل رفع العقوبات عن السودان , وشطب ديونه , ماهى رؤيتكم لبلوغ ذلك ؟ - فى تصوركم , لماذا لم تفى الدول المانحة بالتزاماتها بالدعم المحدد لكل من الشمال والجنوب على ضوء نتائج اتفاقية نيفاشا ؟ - فى تصوركم لماذا قدمت العملية الانتخابية على الاستفتاء بحق تقرير المصير فى نيفاشا وليس العكس ؟ وتحديد الفارق الزمنى بأقل من عام ؟ 2 / لو قدر وفزت بالرئاسة , فالى أى مدى تعتقد أنه يمكن أن يتاح للسودان ليصبح سلة غذاء الوطن العربى , وخصوصا أنتاج القمح , وأكثر تحديدا للتكامل مع مصر , وعلى ضوء الاستراتيجيات الدولية فى هذا السياق , ماهى حظوظ السودان للمساهمة فى الامن الغذائى ؟ 3/ لو قدر وفزت بالرئاسة , ماهى الشروط الواجب توافرها لتطبيع علاقات السودان بالغرب؟ على ضوء هذه التسؤلات , والمامى المحدود بضروب السياسة الدولية , وتقاطع وتشابك المصالح , ومرحلة مابعد 11 سبتمبر ونتائجها على الصعيد الدولى , وموازين القوى الدولية , وحجم تأثيراتها على الساحة الدولية , الا تجدون لى العزر فى أن أتبوأ مقعدا خلفيا على مسرح الانتخابات , وهل تملك أى حكومة يمكن انتخابها بغض النظر عن لونها السياسى الذى سوف لايعدو عن كونه لونا , أن تتبنى خطا وطنيا وقوميا ودوليا فى مواجهة ما أشرت اليه اّنفا , عبر تلكم التساؤلات . ان الامر أكبر من حجم مقومات قوانا السياسية , وواقعنا السياسى والاقتصادى , ومايمليه الواقع الاقليمى والدولى أكبر من أن يتناوله الاستاذ/ بابكر حنين مع مرشحى الرئاسة فى برنامجه المتواضع . ومرشحى الرئاسة أنفسهم يدركون حقيقة الامر , والى اى مدى الامر أكثر تعقيدا مما هو مطروح على الساحة . والحكومة المنتخبة القادمة أيا كان لونها ومكوناتها , مالم تستجب وتلبى استحقاقات القوى الغربية , فانفصال الجنوب فى أوائل العام القادم حتمى , وحلّ قضية دارفور وتحولها لجنوب (2) أمر لايغيب عن فطنة مبتدىء علوم السياسة . وحتى لايصاب الناخبون بالاحباط , نقول هذه قرائن الواقع حسب تقيمنا لها , ولكن لانغفل القوى العزيز , الذى اذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون , ونعم بالله , وندعوه عزّ وجلّ أن يوفق ولاة أمورنا لمافيه خير العباد , وأن يجنبنا الفتن , ماظهر منها ومابطن , وأن لايولى أمرنا لمن لايخشى الله فينا , أنه نعم المولى ونعم النصير . عاطف عبد المجيد محمد عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء – هايدلبرغ – المانيا الخرطوم بحرى – السودان تلفون :00249912956441 بريد الكترونى :[email protected]