* أن ما حدث في تركيا على أيدي حزب " العدالة والتنمية " كان نجاحا باهرا يستحق الدراسة والمتابعة"، لكن -ومن منطلقأن "لكل بلد ظروفه"- فيري بعض المفكرين الإسلاميين أنه ليس في تجربة العدالة والتنمية نموذجا أمثل للحكم ينبغي على الإسلاميين استنساخه؛ فتركيا شاركت بنسبة 60% في تطور بروز الإسلاميين، والسند القانوني فيها كان قويا " وكلما هدم العسكر مسنده رجع بحزبه من جديد ولكن باسم جديد وهذا لا يتوفر في بلد آخر"، وكذلك العوامل الاقتصادية،والسوق الحر، وتكافؤ الفرص للجميع "الذي فسح المجال لسبعة من أكبر تجار تركياأن أن يساندوا الأستاذ أربكان ويجعلوه وحزبه غير محتاج إلى معونات الدول " المشروطة "، ومن جهة أخرى "لم يتعرض إسلاميو تركيا -والحمد لله- خلال هذه السنين إلى حملات التصفية التي تعرض لها الإسلاميون في كثير من بلاد أخرى . * وحول الجدل بشأن إسلامية التجربة، ويرى البعض في تجربة حزب العدالة والتنمية بعض المؤشرات التي ربما يستنتج منها إن لم يكن الحزب إسلاميا "لكن بالتأكيد المؤسسون والقادة والموجهون مسلمون، ويحبون مناصرة الإسلام بأقوى أسلوب، لكن المتوفر هو ما يسمح به واقعهم "، مشيرا إلى تعقيدات الواقع التركي، والأجواء المحيطة بالإسلاميين التي يعتقد أنها " لا تسمح بأكثر مما كان"، ملمحا إلى بعض مآخذ الإسلاميين على العدالة والتنمية التي تتمثل في "عمق الفهم الشرعي، وصرامة الالتزام الديني، وجرأة البلاغ "، وإن كانت هذه ضوابط ليس شرطا أن تتوفر للجميع "فما يستطيع أن يمارسه السوداني لا يستطيع الباكستاني مماستة وأن ما يمارسه مثلاً الباكستاني لا يستطيع المصري ممارسته،وما يمارسه المصري لا يمارسه غيره". * على كل حال ؛إن توليفة اندماج "الدين والديمقراطيّة" ما كانت لتتبلور - معرفيًّا – لولا ما يتمتعان به من خواص داخليّة مؤهلة للعمل سويةً لبناء منظومة إدارية ناجزة لا تغادر الأصيل من خزائن التراث، وتدنو – في الوقت - من عالم يضج بما هو حديث، وذلك وفق التجربة البشرية ومدى الحاجة الماسة للإنسان المعاصر. وهذه التوليفة "الدِّيمقراطيِّة الإسلاميِّة" تنتظم بل تتناظر مع النماذج الأخرى والتي يمثل فيها مصطلح الدِّيمقراطيِّة حجر الزّاوية، مثل "الدِّيمقراطيِّة الليبراليّة، والدِّيمقراطيِّة الاشتراكيّة". وعلى الرغم مما نلمسه من فوارق جوهرية وتطبيقيّة لكل من هذه النماذج إلا أن "الدِّيمقراطيِّة" تظل المائز المستحق والمشترك لكل منها، خاصة إذا ما كان الأمر منوطًا بتنظيم العلاقة ما بين الدولة والمجتمع، أي المبادئ والمعايير التي تحدد كيفية عمل النظام السياسي، وهي ولاشك تُعد السمة المشتركة بين كافة الديمقراطيّات على اختلاف نماذجها. * أنه من الممكن إقامة نظام سياسي يجمع ما بين المبادئ الكبرى للديمقراطيّة والقيم العليا للإسلام، نظرا لما يتمتع به مفهوم الديمقراطيّة من مرونة تسمح له بالتناغم مع الإسلام كما هو الحاصل بالنسبة في تمازجه مع الليبراليّة والاشتراكيّة معًا. * وعليه علينا أن ندرك إنّ الدّين أوسع من أن ينحصر في حدود الفقه، لذا ليس من المستغرب إن اعتبرت بعض الدراسات الدين باعتباره جزءًا أساسيًّا في تشكيل الهوية، ومصدرًا للأخلاقيات والمثل العليا التي تثري الحياة الإنسانيّة برمتها، أن تصبح لازمة ضرورية لأي نظام سياسي في أي مجتمع مسلم، وتحضرني مقولة لأحد المفرين إذ قال ما معناه إن أي حكومة في مجتمع ديني لا بد أن تكون دينيّة، كي تكون ديمقراطيّة، لأن معاني الحكومة الديمقراطيّة هو تمثيلها لثقافة المجتمع وقيمه وتطلعاته. * لذا فإن حزب المؤتمر الوطني ربما لا يوصف بأنه إسلامي صرف ولكنه مزج بين الإلتزام الأخلاقي العقدي والأخذ بالديمقراكية تحتاج لهذا الإلتزام حتى تحقق ما يرجوه المجتمع فإن قيل إن هذا الحزب لم يكن إسلامياً فهو في الأدني ذو إتجاهات إسلامية منفتحة وأن رموزه لا يمكن لنا إلا أن نقول بحبهم للإسلام مثل الذي قيل عن حزب العدالة والتنمية التركي وما قيل عن رموزه كما ذكرت سلفاً نفس القول. فالتجارب السابقة لنا مع الديمقراطيات الثلاثة كانت ممعنة في السلبية لذا لم يدم عمر أي مرحلة من مراحلها عن الثلاث سنوات . والآن علينا أن نعيش تجربة جديدة هي المواءمة بين الإسلام والديمقراطية في إنتخابات حرة نزيهة ستفرز برلمان قوي وقوته مستمدة من الشعب وسيكون قوي في رقابته على الحكومة إن بعدنا عن المكايدات والمزايدات الحزبية الرخيصة وهكذا سلوك وممارسة لا تفرز غير إجهاض الديمقراطية.!! abubakr ibrahim [[email protected]]