حملت الأنباء من جوبا اتفاق وفدي مفاوضات السلام على تقديم المخلوع عمر البشير ومعاونيه للمحاكمة أمام محكمة الجنايات الدولية عن جرائم نظامه في دارفور. إننا إذ نثمن هذه الخطوة فإننا نؤكد أن تقديم المخلوع وبقية المطلوبين للمحكمة الجنائية لا يقدح بأي حال في قدرة وكفاءة القضاء السوداني الذي أثبت في مناسبتين راهنتين أنه على قدرٍ عالٍ من النزاهة والكفاية، إحداهما محاكمة المخلوع في قضية سوء التصرف في المال العام، والأخرى في قضية الشهيد الأستاذ أحمد الخير، رغم ما اعترى مؤسسات العدالة فى السودان من ضعف وتضعضع بسبب سياسات التمكين وتوظيف القانون لخدمة سياسات ومصالح النظام البائد. لابد من التوضيح بأن السبب الأساسي لترحيبنا بهذا القرار يُعزى لاستحالة محاكمة البشير وزبانيته في السودان عن جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في دارفور، بسبب أن القانون الجنائي السودانى لسنة 1991 لم يكن يعاقب على جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، وأن التعديلات التي طرأت على ذلك القانون بإضافة بعض النصوص والتي من ضمنها جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في العام 2010 لن تكون سارية المفعول بأثر رجعى، مما يعني أن كل الجرائم الواقعة في الفترة مابين العام 2003 وحتى العام 2010 بدارفور لن يخضع مرتكبوها لأي مساءلة قانونية. لذلك ورغم التحول الجاري فى البلاد فإن القضاء السوداني لن يكون قادرا (قانوناً) على محاكمة البشير بشأن الجرائم التى ارتكبها فى دارفور رغم توفر الرغبة فى ذلك، مما يجعلنا نطالب بالمضي قدمًا في التنسيق مع المحكمة الجنائية الدولية وقيام الحكومة الانتقالية بدورها في تسليم جميع المطلوبين إحقاقاً للعدل وتكريساً للمفهوم القانوني العالمي الداعي لمنع الإفلات من العقاب. لا نرى انتقاصًا لسيادة السودان بتعاونه مع العدالة الدولية في هذه القضية في ظل غياب النص القانوني الذي يُمكن الأجهزة العدلية الوطنية من أداء واجبها، فالسودان جزء من المجتمع الدولي ودولة عضو بالأمم المتحدة ونحن ملتزمون باحترام قرارات الشرعية الدولية خاصة المتعلقة بحفظ الأمن والسلم الدوليين؛ وندعو مجلسي السيادة والوزراء إلى المصادقة على معاهدة روما وعضوية السودان في نظام المحكمة الجنائية. العدالة المرجوّة من أهم شعارات الثورة، ولا يمكن مواصلة أخطاء الماضي ورهن البلاد لتصورات نخبوية تتجاهل أصحاب الحق ومن تقع عليهم الغوائل، تعاون السودان مع المحكمة الجنائية الدولية لا ينبغي أن يحول دون مواصلة إصلاح القوانين والأجهزة العدلية كافة، فما يزال لشعب السودان في رقبة البشير الكثير ليقتصه؛ ومتى فرغت المحكمة الجنائية الدولية من قضيتها معه، وجب تسليمه مجددًا لقضاء السودان ليستكمل معه ومع زبانيته الحساب. #تسليم_المطلوبين_للجنائيه #استكمال_هياكل_السلطه إعلام التجمع. 12 فبراير 2020