روسيا ترفض لتدخلات الأجنبية في السودان ومخططات تمزيقه    البرهان يودع سفيري السودان لمصر واثيوبيا "الفريق أول ركن مهندس عماد الدين عدوي والسفير الزين إبراهين حسين"    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الناشط صلاح سندالة يسخر من المطربة المصرية "جواهر" بعد ترديدها الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله) خلال حفل بالقاهرة    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    السودان..البرهان يصدر قراراً    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاشتراكية الإسلامية ومذاهبها .. بقلم: د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم
نشر في سودانيل يوم 15 - 02 - 2020

تعريف الاشتراكية الاسلاميه : هي مذهب في الفكر الاقتصادي والاجتماعي الاسلامى الحديث والمعاصر، يدعو إلى الالتزام بنظام اقتصادي اشتراكي، يتسق – أو لا يتعارض- مع مفاهيم وقيم وقواعد الدين الاسلامى الكلية ، فهو يقوم ضمنيا على أساس انه لا يوجد تعارض " مطلق" بين الإسلام كدين ، والاشتراكية كنظام اقتصادي.
تعدد دلالات مصطلح الاشتراكية: لكل مصطلح دلالات (معاني)متعددة : فهناك دلالته العامة اى المصطلح كمفهوم مجرد ، وهناك دلالته الخاصة اى ما يكتسبه المصطلح من معنى كمحصله لتطبيقه في واقع اجتماعي معين زمانا ومكانا، وهناك دلالته المشتركة اى المعنى الذي تشترك في فهمه كل الفلسفات والمناهج ( بصرف النظر عن أوجه الاختلاف بينها) وهناك دلالته المنفردة اى المعنى الذي تنفرد بفهمه فلسفه ومنهج معينين وبالتالي تتعدد بتعدد هذه الفلسفات والمناهج.فإذا تناولنا مصطلح الاشتراكية نجد أن له دلاله عامه- مشتركه تتمثل في الاشتراكية كمفهوم مجرد ، تشترك في فهمه كل الفلسفات والمناهج، ومضمونها التحرر من القهر الاقتصادي وسيطرة الشعب على وسائل الإنتاج، والتخطيط الاقتصادي والملكية العامة لوسائل الإنتاج الاساسيه....كما أن له دلاله خاصة - منفردة تتمثل في تطبيق مفهوم الاشتراكية في واقع اجتماعي معين زمانا ومكانا، وطبقا لمعنى تفهمه فلسفه ومنهج معرفه معينين من مصطلح اشتراكيه.
المواقف المتعددة من الاشتراكية: استنادا إلى ما سبق ذكره، من تعدد في دلالات مصطلح الاشتراكية، فان هناك ثلاثة مواقف أساسيه من الاشتراكية، تقوم على موقف معين من هذه الدلالات المتعددة .
أولا: القبول المطلق (التغريب): هو موقف يقوم على القبول المطلق للاشتراكية ، اى قبول كافه دلالات مصطلح الاشتراكية، دون تمييز بين دلالاتها المتعددة،سواء كانت ايجابية أو سلبيه . وهو موقف يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة لا يمكن أن يتم إلا باجتثاث الجذور وتبني قيم المجتمعات الغربية ، وبالتالي فهو موقف يستند إلى التغريب الذي مضمونه أن تستبدل المفاهيم والقيم والقواعد التي جاء بها الإسلام بمفاهيم وقيم وقواعد أخرى.
ثانيا:الرفض المطلق (التقليد): وهو موقف يقوم على الرفض المطلق للاشتراكية، اى رفض كافه دلالات مصطلح الاشتراكية، دون تمييز بين دلالاتها الايجابية والسلبية . وهو موقف يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة، يكون بالعزلة عن المجتمعات المعاصرة، وبمنظور علم أصول الفقه هو موقف يقوم على الوقوف عند أصول الدين وفروعه، فهو لا يميز بين أصول الدين النصية الثابتة وفروعه الاجتهادية المتغيرة ...وهنا نلاحظ أن الموقف الثاني " الرفض المطلق " كان أساسا رد فعل على الموقف الثاني" القبول المطلق"، .إلا أن الموقفين- رغم تناقضهما في المقدمات إلا إنهما ينتهيان إلى نفس النتيجة ، وهى أن هناك تناقض "مطلق" الإسلام والاشتراكية ،ولا يمكن إلغاء هذا التناقض إلا بإلغاء الأول " كما في الموقف الأول" ، أو إلغاء الثانية "كما في الموقف الثاني".
ثالثا: الموقف النقدي (التجديد): وهو الموقف الذي يتجاوز موقفي الرفض المطلق أو القبول المطلق إلى موقف نقدي من الاشتراكية، يقوم على التمييز بين الدلالات المتعددة لمصطلح الاشتراكية ، فيرى أن الإسلام كدين - لا يتناقض مع الدلالة العامة المشتركة لمصطلح الاشتراكية، اى التحرر من القهر الاقتصادي وسيطره الشعب على وسائل الإنتاج والتخطيط الاقتصادي والملكية ألعامه لوسائل الإنتاج الاساسيه، لأن الإسلام كدين قائم – على مستوى أصوله النصية الثابتة – على أن الله تعالى هو المالك الحقيقي للمال ( وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ )(المائدة: 17)، وأن الجماعة هي المستخلفة – أصلا- في الانتفاع به، أما الفرد فوكيل عنها في الانتفاع به على وجه لا يتناقض مع مصلحتها (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين
فيه)(الحديد: 7) ، أما الدلالة الخاصة المنفردة لمصطلح الاشتراكية، فيرى هذا الموقف أن الموقف الصحيح منها هو على اخذ وقبول ما لا يناقض أصول الدين وواقع المجتمعات المسلمة، ورد ورفض ما يناقضهما. هذا الموقف يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة، يتم باستيعاب ما لا يناقض أصول الإسلام ،التي تمثل الهيكل الحضاري للمجتمعات المسلمة سواء كانت من إبداع المسلمين ، أو إسهامات المجتمعات المعاصرة الأخرى.وهذا الموقف هو الموقف الذي تستند إليه الاشتراكية الاسلاميه بمذاهبها المتعددة ، لأنها- كما سبق ذكره - مذهب في الفكر الاقتصادي والاجتماعي الاسلامى الحديث والمعاصر ، يقوم ضمنيا على انه ليس ثمة تناقض "مطلق" بين الإسلام والاشتراكية،اى تناقض بين الإسلام وكل دلالات مصطلح الاشتراكية، وان كان من الممكن وجود تناقض "محدود" بينهما ، اى تناقض بين الإسلام وبعض دلالات مصطلح الاشتراكية ، وهو ما يمكن إلغائه بأخذ الدلالات إلى تتناقص مع الإسلام، ورد الدلالات التي تتناقض معه.
الاشتراكية الاسلاميه بين الوحدة والتعدد: و الاشتراكية الاسلاميه مذهب يتصف بالوحدة ، من جهة دعوته إلى الالتزام بنظام اقتصادي اشتراكي، يتسق – أو لا يتعارض- مع مفاهيم وقيم وقواعد الدين الاسلامى الكلية ، فانه يتصف بالتعدد من جهة تحديد خصائص هذا النظام الاقتصادي الاشتراكي، وبيان كيفيه اتساقه - أو عدم تعارضه- مع الإسلام كدين، فهي هنا تتضمن العديد من المذاهب ،وفيما يلي نعرض لأهم هذه المذاهب:
مذهب الإمام جمال الدين الافغانى: يعبر الإمام جمال الدين الافغانى عن موقفه الايجابي من الدلالة العامة المشتركة لمصطلح الاشتراكية، من خلال تقريره في خاطراته أن الاشتراكية هي التي ستؤدي حقاً مهضوماً لأكثرية من الشعب العامل. واتساقا مع هذا الموقف الايجابي يقرر أن هذه الدلالة لا تتعارض مع الإسلام كدين من خلال تقريره أن الاشتراكية منبعها الإسلام كثقافة ودين، حيث يشير إلى الإخاء الذي عقده رسول الله بين المهاجرين والأنصار، و أن الدولة العربية الإسلامية الأولى في عهد النبي وخليفتيه أبو بكر وعمر كانت بمثابة تجربة اشتراكية (أول من عمل بالاشتراكية بعد التدين بالإسلام، هم أكابر الخلفاء من الصحابة، وأعظم المحرضين على العمل بالاشتراكية كذلك من أكابر الصحابة أيضا (الأعمال الكاملة للأفغاني، ج,1 ص.107)، كما يشير إلى أن البداوة أحد أصول الاشتراكية في الإسلام ( الاشتراكية في الإسلام.. ملتصقة في خلق أهله عندما كانوا أهل بداوة)(الخاطرات ص 234) .كما يعبر عن موقفه النقدي من الدلالة الخاصة – المنفردة لمصطلح الاشتراكية ، من خلال رفضه لكل من موقفي القبول المطلق و الرفض المطلقين ، من خلال تحفظه على الاشتراكية الغربية ، مع اتخاذه موقفاً رافضا للذين يكفرون مناصري الاشتراكية ويخرجونهم من الملة، حيث يجيب على سؤال لأحد مجالسيه عن تكفير مشايخ الإسلام للاشتراكية، بأن الاشتراكية وإن قل ناصروها اليوم فإنها ستسود العالم عندما يعم العلم الصحيح ويشعر البشر بأنهم إخوة، وأن التفاضل بالأنفع للمجموع وليس بالسلطان السياسي أو المالي أوالعسكر وإنما يحتاج الأمر إلى الشجاعة والبسالة والجهر بالحق ...) (جمال الدين الأفغاني – حسن حنفي ص.113).
مذهب الإمام حسن البنا: أشار الإمام حسن ألبنا إلى وجوب التزام المسلمين بالعدل الاجتماعي في الكثير من النصوص ،حيث يقول ( لم يقف أمر النظام الاقتصادي الإسلامي عند هذا الحد، ولكنه رسم الخطط الأساسية للتقريب بين الطبقات، فانتقص من مال الغنى بما يزكيه ويطهره وينقيه ويكسبه القلوب والمحامد، وزهّده في الترف والخيلاء، ورغّبه في الصدقة والإحسان، وأجزل له في ذلك المثوبة والعطاء، وقرر للفقير حقًّا معلومًا، وجعله في كفالة الدولة أولاً، وفى كفالة الأقارب ثانيًا، وفى كفالة المجتمع بعد ذلك. ثم قرر بعد هذا صور التعامل النافع للفرد الحافظ للجماعة تقريرًا عجيبًا في دقته وشموله وآثاره ونتائجه، وأقام الضمير الإنساني مهيمنًا عليها من وراء هذه الصور الظاهرية. كل هذا بعض ما وضع الإسلام من قواعد ينظم بها شأن الحياة الاقتصادية للمؤمنين، وقد فصلت الحياة التقليدية الممسوخة التي يحياها الناس في هذه الأعصار بين الاقتصاد والإسلام، فقمتم أنتم ومن أهدافكم وأغراضكم الإصلاح الاقتصادي بتنمية الثروة القومية وحمايتها، والعمل على رفع مستوى المعيشة، والتقريب بين الطبقات، وتوفير العدالة الاجتماعية، والتأمين الكامل للمواطنين جميعًا، وإقرار الأوضاع التي جاء بها الإسلام في ذلك كله) ( مؤتمر رؤساء المناطق والشعب عام 1945 ). كما يقرر اسبقيه الإسلام للنظريات الاشتراكية الغربية في الدعوة إلى العدالة الاجتماعية (... وإذا كانت الثورة الروسية قاربت بين الطبقات، وأعلنت العدالة الاجتماعية في الناس؛ فإن الثورة الإسلامية الكبرى قد أقرت ذلك كله من قبل ألف وسبعمائة سنة، ولكنها سبقت سبقًا لن تلحق فيه في أنها جملت ذلك وزينته بالصدق والعمل؛ فلم تقف عند حدود النظريات الفلسفية، ولكن أشاعت هذه المبادئ في الحياة اليومية العملية، وأضافت إليه بعد ذلك السمو بالإنسان واستكمال فضائله ونزعاته الروحية والنفسانية؛ لينعم في الحياتين، ويظفر بالسعادتين، وأقامت على ذلك كله حراسًا أشداء أقوياء من يقظة الضمير، ومعرفة الله وصرامة الجزاء وعدالة القانون)، اتساقا مع ما سبق يرى الإمام حسن ألبنا أن روح الإسلام توجب علينا القيام بعدد من الإجراءات، التي لا تخرج عن إطار الدلالة العامة المشتركة للاشتراكية، كاعاده النظر في الملكيات وتنظيم الضرائب الاجتماعية... حيث يقول في ص
349 من رسالة مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي ( توجب علينا روح الإسلام الحنيف وقواعده الأساسية في الاقتصاد القومي أن نعيد النظر في نظام الملكيات في مصر ، فنختصر الملكيات الكبيرة ونعوض أصحابها عن حقهم بما هو أجدى عليهم وعلى المجتمع)، ويقول( وتوجب علينا روح الإسلام في تشريعه الاقتصادي أن نبادر بتنظيم الضرائب الاجتماعية وأولها الزكاة (.
بالاضافه الى ما سبق فقد استخدمت وثائق جماعه الإخوان المسلمين في عهد الإمام المؤسس مصطلح" الاشتراكية الاسلاميه" ،ورد فى الاجتماع السنوي العاشر جمعية الإخوان العمومية عام1946 يعلن المجتمعون أن الإخوان المسلمين ليسوا حزبًا غايته الوصول إلى الحكم، ولكنهم هيئة تعمل لتحقيق رسالة إصلاحية شاملة ترتكز على تعاليم الإسلام الحنيف، تتناول كل نواحي الإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي، وتسلك إلى كل ناحية سبيلها القانونية شكلاً وموضوعًا. يقرر المجتمعون أن الوضع الاجتماعي في مصر أمام التطورات العالمية والضرورات الاقتصادية وضع فاسد لا يحتمل ولا يطاق، وأن على المركز العامل للإخوان المسلمين أن يعلن برنامجه المفصل لإصلاح هذا الوضع، ولرفع مستوى الشعب أدبيًّا بالتربية والثقافة، وروحيًّا بالتدين والفضيلة، وماديًّا برفع مستوى المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية التي تفرضها الاشتراكية الإسلامية، والتي يحيا في ظلها العامل والفلاح والزارع والتاجر وكل مواطن حياة مريحة كريمة، ويعمل على تنفيذه في حزم وإسراع ) ( الإخوان والعدالة الاجتماعية/ السعيد رمضان /موقع الموسوعة الإخوانية "أخوان وبكى ) مذهب الشيخ محمد الغزالي : يقرر الشيخ محمد الغزالي عدم تناقض الدلالة ألعامه المشتركة لمصطلح الاشتراكية مع الإسلام كدين من خلال تقريره (إن الإسلام أخوة في الدين واشتراكية في الدنيا ((الإسلام والاشتراكية ، ص 183)،وكذلك تقريره ( أن أبا ذرٍّ كان اشتراكيا وأنه استقى نزعته الاشتراكية من النبي صلى الله عليه و سلم )( الإسلام المفترى عليه ، ص
103) . كما يتخذ موقفا نقديا من الدلالة الخاصة المنفردة من الاشتراكية، يتمثل في قبول ما وافق أصول الدين، وواقع المجتمعات المسلمة ورفض ما خالفهما ، حيث يقوله (وأرى أن بلوغ هذه الأهداف يستلزم أن نقتبس من التفاصيل التي وضعتها الاشتراكية الحديثة مثلما اقتبسنا صورا لا تزال مقتضبة - من الديمقراطية الحديثة - ما دام ذلك في نطاق ما يعرف من عقائد وقواعد، وفي مقدمة ما نرى الإسراع بتطبيقه في هذه الميادين تقييد الملكيات الكبرى وتأميم المرافق العامة)( الإسلام المفترى عليه، ص 66 (..
مذهب الشيخ محمد السباعي: أما الشيخ مصطفى السباعي فيقرر عدم تناقض الدلالة العامة – المشتركة لمصطلح الاشتراكية من الإسلام كدين من خلال استخدامه لمصطلح" اشتراكيه الإسلام " حيث يقول( لقد سميت القوانين والأحكام التي جاءت في الإسلام لتنظيم التملك وتحقيق التكافل الاجتماعي باشتراكية الإسلام) (مصطفى السباعي ، اشتراكيه الإسلام)، وكذلك من خلال تحديده خصائص اشتراكية الإسلام حيث يقول (...ان اشتراكية الإسلام ليست اشتراكية الدراويش والزهاد، كبعض الصوفية وفقراء الهنود، الذين ينفرون من المال والتملك، جبنًا منهم عن تحمل أعباء الحياة ومسؤولياتها، وإنما هي اشتراكية حضارية إيجابية بناءة، تقيم أكمل مجتمع حضاري متمدن. وان اشتراكية الإسلام تحارب الفقر والجهل والمرض والخوف والمهانة. وان مستوى المعيشة في اشتراكية الإسلام مستوى مرتفع. وان اشتراكية الإسلام تشرك الشعب مع الدولة في تحقيق التكافل الاجتماعي، كما في نظام نفقات الأقارب.
وان اشتراكية الإسلام تحارب الترف والبذخ واللهو الماجن في السلم والحرب.
وان اشتراكية الإسلام تُخضع الحكومة لإرادة الشعب، لا العكس. وان اشتراكية الإسلام توسّع دائرة التكافل الاجتماعي، ومن ثم فهي أكثر ضمانًا لكرامة الإنسان وسعادته. وان اشتراكية الإسلام ليست نظرية ولا عاطفية، بل هي عملية. كما يحدد الفرق بين اشتراكية الإسلام وبين الرأسمالية فى انهما يتفقان في إعطاء الفرد حق التملك، والتنافس في الإنتاج. ويختلفان في أن حق التملك في اشتراكية الإسلام يخضع لمصلحة الجماعة، وفي الرأسمالية تخضع الجماعة لمصلحة رأس المال. كما يختلفان في أن التنافس في الاشتراكية الإسلامية يشيع الحب والتعاون في المجتمع، وفي الرأسمالية يشيع العداء والخلاف والاضطراب. وان الرأسمالية ملطخة بدماء الشعوب، والاستعمار، والاستعباد، واللصوصية، والاستغلال، ولاشيء من هذا في اشتراكية الإسلام).. أما موقفه النقدي من الدلالة الخاصة المنفردة للاشتراكية فيتمثل في تحديده الفرق بين اشتراكية الإسلام وبين الشيوعية والتي حددها في النقاط التالية: ان اشتراكية الإسلام تنسجم مع الفطرة الإنسانية في إباحة الملكية الشخصية. وان اشتراكية الإسلام تبيح التنافس، أما الشيوعية فترى أنه يجرّ البلاء على المجتمع. وان اشتراكية الإسلام تقوم على التعاون، والشيوعية تقوم على الصراع وحرب الطبقات، مما يؤدي إلى الحقد.
وان اشتراكية الإسلام تقوم على الأخلاق،بخلاف الماركسية. وان اشتراكية الإسلام تقوم على الشورى، والشيوعية تقوم على الاستبداد والدكتاتورية والإرهاب مذهب سيد قطب: أما سيد قطب فيرفض موقفي الرفض المطلق و القبول المطلق للاشتراكية ،ويتبنى موقفا نقديا منها ، قائم على اخذ ما وافق الإسلام ورد ما تعارض معه ، حيث يقول(فإذا انتهينا من وسيلة التوجيه الفكري ، بقيت أمامنا وسيلة التشريع القانوني لتحقيق حياة إسلامية صحيحة تكفل فيها العدالة الاجتماعية للجميع . وفي هذا المجال لا يجوز أن نقف عند مجرد ما تم في الحياة الإسلامية الأولى، بل يجب الانتفاع بكافة الممكنات التي تتيحها مبادئ الإسلام العامة وقواعده المجملة. فكل ما أتمته البشرية من تشريعات ونظم اجتماعية ولا تخالف أصوله أصول الإسلام ، ولا تصطدم بفكرته عن الحياة والناس ، يجب أن لا نحجم عن الانتفاع به عند وضع تشريعاتنا، ما دام يحقق مصلحة شرعية للمجتمع أو يدفع مضرة متوقعة . ولنا في مبدأ المصالح المرسلة ومبدأ سد الذرائع ، وهما مبدآن إسلاميان صريحان ما يمنح ولي الأمر سلطة واسعة لتحقيق المصالح العامة في كل زمان ومكان) (العدالة الاجتماعية، ص 261 ، الطبعة الخامسة) .وقوله في كتابه( معركة الإسلام والرأسمالية ، ص44 ) ( بل في يد الدولة أن تنزع الملكيات والثروات جميعًا، وتعيد توزيعها على أساس جديد، ولو كانت هذه الملكيّات قد قامت على الأسس التي يغترف بها الإسلام ونمت بالوسائل التي يبررها لأن دفع الضرر عن المجتمع كله أو اتقاء الأضرار المتوقعة لهذا المجتمع أولى بالرعاية من حقوق الأفراد). وقوله فى نفس الكتاب (ص 61 ) ( ولابدَّ للإسلام أن يحكم لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معاً مزيجاً كاملاً يتضمن أهدافهما جميعاً ويزيد عليهما التوازن والتناسق والاعتدال) مذهب عبد المنعم محمد خلاف : أما عبد المنعم محمد خلاف فيقرر أن الاشتراكية كلمه إسلاميه لفظا ومضمونا ، وأنها اشتقت من لفظ عربي استعمله نبي الإسلام والمسلمون من بعده ، في المعنى الذي يريده من نفس التسمية الغربيون والشرقيون ، وهو الملكية المشتركة للمصادر الاساسيه للأموال، وذلك في قول الرسول(صلى الله عليه وسلم)(الناس شركاء في ثلاثة الماء والكلاء والنار)، وفى قول أبى عبيد صاحب كتاب الأموال( أن عمر رأى أن كل المسلمين في هذا المال شركاء)(عبد المنعم محمد خلاف ، المادية الاسلاميه وأبعادها، دار المعارف، طبعه ثانيه، ص130)).
الاشتراكية الإسلامية عند المفكر الاسلامى السوداني الأستاذ / بابكر كرار:
استمداد النزعة الاشتراكية من الإسلام: يرى الأستاذ / بابكر كرار( أن التيارات التقدمية والثورية في بلادنا تستمد نزعتها الاشتراكية من الإسلام ومن ثورتنا الكبرى ومن الثورة الاشتراكية العالمية، فالإسلام يقوم في أصوله الأولى على الإيمان بالله والحرية الفردية ووحده البشرية و احترام العمل و مساواة المراه و رعاية اليتامى والفقراء وتحريم الاستغلال والاحتكار والسرقة..)(ميثاقنا والنهوض الثوري ببلادنا).
التمييز بين الاستخلاف والملكية : وعند إشارة الأستاذ / بابكر كرار إلى الفكر الاسلامى وموقفه من المال يميز بين نظريه الاستخلاف"الاسلاميه"
وانطوائياتها الفكرية والروحية والاخلاقيه والتشريعية، ونظريه الملكية "الراسماليه" وانطوائياتها الفكرية والروحية والاخلاقيه والتشريعية ( ميثاقنا والنهوض الثوري ببلادنا، ص 185).ولعله بهذا التمييز يعتبر ان نظريه الاستخلاف تشكل الأساس الفكري للاشتراكية الاسلاميه .
دلالتا مصطلح الاشتراكية العلمية: وقد استخدم الأستاذ بابكر كرار مصطلح الاشتراكية العلمية في العديد من كتاباته ، فعلى سبيل المثال لا الحصر يتحدث في كتاب (ميثاقنا ونهوض الثوري ببلادنا) عن اللقاء التاريخي بين الاشتراكية العلمية والشريعة الاسلاميه ( ميثاقنا ،ط2، 1986، الخرطوم ، ص178)، وهذا الاستخدام لهذا المصطلح أدى إلى اتهامه من قبل البعض بأنه يتبنى الشيوعية "الماركسية " ،وهو غير صحيح ، حيث أن للمصطلح دلالتين:الدلالة الأولى: تعنى الماركسية مقابل الاشتراكيات الطوباوية السابقة عليها لأنها كانت خياليه وغير واقعيه ، وهى دلاله تاريخية، الدلالة الثانية تعنى انتهاج البحث العلمي سبيلا إلى الاشتراكية فكرا وتطبيقا)(د.عصمت سيف الدوله ، النظرية، ج2، ص254)، وهى الدلالة التي كان بقصدها الأستاذ بابكر كرار عند استخدامه لهذا المصطلح.
الموقف النقدي من الماركسية: فقد تجاوز الأستاذ/ بابكر كرار موقفي الرفض المطلق والقبول المطلق للماركسية - باعتبارها إحدى الدلالات الخاصة لمصطلح الاشتراكية – واتخذ منها موقف نقدي ، يأخذ ايجابياتها ويرفض سلبياتها، ويعبر عن ذلك بقوله :ان فضائل الماركسية موجبات في الإسلام (ندوة بنادى العروبة بطرابلس عام 1975م).
مواقع النقص فى التيار الاشتراكي: كما يرى الاستاذ / بابكر كرار ان
مواقع النقض في التيار الاشتراكي هي :عدم تشبع التيار الاشتراكي بالوعي الاسلامى ، وضعف وعى هذا التيار بضرورة توطيد الديموقراطيه وحكم القانون، عجزه عن رؤية القضايا الاساسيه في الثورة السودانية رؤية موضوعيه تقدمه ذات أفاق قوميه)( ميثاقنا والنهوض الثوري ببلادنا ،الخرطوم 1986، طبعه ثانيه، ص 14 -34) أوجه الاختلاف بين الاتجاهات الاشتراكية والشيوعية"الماركسية" :كما يشير الأستاذ/ بابكر كرار إلى أوجه الاختلاف بين الاتجاهات الاشتراكية المتعددة – ومنها الاتجاه الاشتراكي الديني / الاسلامى - والشيوعية"الماركسية" ويحددها في الاتى:أولا: الشيوعيين يستندون عقائديا إلى المادية الفلسفية، والتي يستخرج الشيوعيين منها بالضرورة نتائج الحادية، تجعلهم تلقائيا في موقف عدائي للأديان كلها ، بينما الاشتراكيون يرفضون المادية الفلسفية، ومن ثم لا يجعلون الإلحاد ومعاداة الأديان شرطين جوهرين لإيمانهم بالاشتراكية . ثانيا: الشيوعيين يؤمنون بالتغيير المادي وحده للتاريخ ،والاشتراكيون لا يرفضون المؤثرات الماديه، وإنما يفسرون التاريخ فى ضوء الأسباب المادية والنفسية معا . ثالثا:الأحزاب الشيوعية تؤمن بالدور الطليعي الحتمي للحزب الشيوعي في قياده الطبقة العاملة...أما الاشتراكيون فيرفضون حتمية الدور الطليعي للحزب الشيوعي ودكتاتوريه البروليتاريا...ويرون أن الطرق المؤدية للاشتراكية متعددة.
رابعا :الشيوعيين يؤمنون بان الطريق الاساسى للاشتراكية هو الثورة ألمسلحه والعنف. أما الاشتراكيون فإنهم يرفضون طريق الثورة المسلحة، ويؤمنون أن الطريق الاساسى للاشتراكية هو الطريق السلمي –الديموقراطى (الاختلافات الاساسيه بين الاشتراكية الديموقراطيه والشيوعية/ الخرطوم / مطبعه مصر "سودان" /1966 ) الموقف الايجابي من الحركة العمالية ومنظماتها
النقابية: انطلاقا من موقفه الاشتراكي الإسلامي اتخذ الأستاذ بابكر كرار موقف ايجابي من الحركة العمالية ومنظماتها الديموقراطيه "النقابية " ، حيث يرى أن الوعي الجديد بالإسلام، في مواقفه من القضايا الاجتماعية
الاساسيه: قضايا الفكر والعمل والقيم الاخلاقيه والعدالة والتشريع ، عندما ينتقل هذا الوعي الجديد من المعاهد والمحاكم ، إلى القاعدة الجماهيرية العريضة ومنظماتها الجماهيرية والديموقراطيه ،يتحول هذا الوعي إلى قوه سياسيه جديدة، تحبط كل الأساليب التي درجت الدوائر الاستعمارية والرجعية على استخدامها لتضليل الجماهير ، وتصدع وحدتها ، ويسلح هذا الوعي الجديد الجماهير بطاقات جبارة، وبوعي عميق بضرورة القيم الروحية والاخلاقيه ، التي يجب أن يرتفع إليها التخطيط الاقتصادي والاجتماعي والتشريع والقوانين وأحكام القضاء (ميثاقنا ، ص 1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.