يؤسفني أن أقول، أن الثورة الشعبية السودانية العظيمة التي سطرها شعبنا، وقدم من أجلها الغالي والنفيس، الدماء والشهداء، ظهر إنها ثورة بلا أفق سياسي ..! تحقيق السلام في بلد مثل السودان لا يتم بهذه الطريقة، التي وضح أنها لم تتجاوز أحلام زلوط بعد ...! الأمن والإستقرار والتنمية الإقتصادية والإزدهار والرفاه، التي عجزت الدولة الوطنية عن تحقيقها خلال الستون سنة الماضية، ستبقى مجرد أحلام، مثل السراب في عز الهجير الذي يحسبه الظمآن ماءا ...! بعد عام من نجاح الثورة حتى الآن لم يتم تشكيل المجلس التشريعي، ولا تعيين الولاة المدنيين . . ولو سألت لماذا ... ؟ الإجابة الجاهزة هي : إنتظار نتائج مفاوضات السلام في جوبا ...! والسلام المنتظر، يبدو إنه سيكون بعيد المنال رغم التصريحات المبذولة هنا وهناك . . بإقتراب ساعة بلوغه، والسبب هو غياب المشروع الوطني المتفق عليه من قبل الأطراف المشاركة في المفاوضات، كل طرف متمسك برأيه ومتحصن بثقافته، حتى لو كانت ثقافة القرون الوسطى...! تطلعات شعبنا ستبقى بعيدة المنال، وتحركات حكومة الثورة ستكون بلا جدوى ومعنى اذا، ظلت الثورة العظيمة بلا أفق سياسي براغماتي يقرأ الواقع قراءة موضوعية، ويسبر أغواره، بغرض تصحيح الأخطاء الواردة في إعلان قوى الحرية والتغيير. الخطأ المنهجي الذي وقعت فيه قوى الحرية والتغيير هو تأجيلها عقد المؤتمر الدستوري، حتى نهاية الفترة الإنتقالية، بدلا من جعله أولوية، مقدمة على غيرها من الأولويات. اي عاقل وصاحب مصلحة حقيقية في التغيير، سيكون مع خيار عقد المؤتمر الدستوري . لكن أصحاب المصالح والأجندة الضيقة تجاهلوا هذا الأمر رغم أهميته، وإستعاضوا عنه بمفاوضات عبثية قسمت إلى مسارات ، كرست القبلية والجهوية والمناطقية، التي تجاوزتها الثورة بشعاراتها وأهدافها ...! عقد المؤتمر الدستوري، كان سيكمل الناقصة، ويغنينا عن هذه اللفة الطويلة، ويختصر الطريق على الشعب السوداني الذي عانى ما فيه الكفاية. الإسراع في عقد المؤتمر الدستوري أيضا كان سيشكل ملتقا جامعا لكل الشرفاء من بنات وأبناء الوطن الذين تحملوا النضال ودفعوا فاتورته، لمناقشة جذور المشكلة السودانية، وقطع الطريق على المؤامرات الداخلية والخارجية. لكن يبدو أن زلوط ليس ديكا واحد، بل هناك مجموعة من الديوك، تملأ المشهد، لذلك التغيير الذي حدث لم يتعدى رموز النظام، إذ بقت ذات العقلية والثقافة القديمة هي المسيطرة والموجهة للفترة الإنتقالية . . ! المدة التي إستغرقتها محادثات السلام في جوبا حتى الآن كانت كفيلة بعقد المؤتمر الدستوري، وحل المشكلة السودانية من جذورها. لذلك أتساءل، ويتساءل الكثيرون غيري ما هي الوجهة التي سترسو عليها سفينة الثورة إذا استمرت الأمور تسير بهذه الوتيرة ...؟ زلوط في الثقافة الشعبية السودانية، هو ديك تعود ملكيته للحاجة ( أم الحسن) كان دوما ينام على حبل مشدود في داخل الغرفة التي تسكنها، وفى إحدى الليالي رأى زلوط في الحلم، إنه أصبح ديكا وسيما، وتزوج من دجاجة جميلة، تمشي الهوينا، هي وكتاكيتها الصغار ... وفي ذات الحلم، رأى نسرا كبيرا يهم بإختطاف أحد فراريجها، فما كان منه إلا أن قفز عليه مدافعا عن مملكته فوقع من الحبل على رأس الحاجة أم الحسن، التي صحت من نومها مفزوعة، وضربته ونتفت ما تبقى له من ريش، كان يداري به جسده، ليكتشف زلوط أن الأحلام والأوهام لا تغير من الواقع شيئا. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.