الهلال يعود للتدريبات استعدادًا لمواجهة الشمال    المريخ يرتاح اليوم و ينازل لكصر وديا الأربعاء    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    المريخ يواصل عروضه القوية ويكسب انتر نواكشوط بثنائية    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    شاهد بالفيديو.. قائد لواء البراء بن مالك يهدي الطالبة الحائزة على المركز الأول بامتحانات الشهادة السودانية هدية غالية جداً على نفسه إضافة لهاتف (آيفون 16 برو ماكس) ويعدها بسيارة موديل السنة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحيي حفل من داخل مياه (حوض السباحة) وساخرون: (بقينا فاطين سطر والجاتنا تختانا)    494822061_9663035930475726_3969005193179346163_n    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية يقدم تنويرا للبعثات الدبلوماسية والقنصلية وممثلي المنظمات الدولية والاقليمية حول تطورات الأوضاع    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    السعودية تستنكر استهداف المرافق الحيوية والبنية التحتية في "بورتسودان وكسلا"    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    بورتسودان .. مسيرة واحدة أطلقت خمس دانات أم خمس مسيّرات تم اسقاطها بعد خسائر محدودة في المطار؟    المضادات فشلت في اعتراضه… عدد من المصابين جراء سقوط صاروخ يمني في مطار بن جوريون الاسرائيلي    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين الشيخ الاكبر والسلطان ... حكايات تتكرر بين بلة الغائب وآخرون .. بقلم: د. محمد عبد الحميد
نشر في سودانيل يوم 23 - 02 - 2020

اقرأ هذه الأيام بنهم مفرط وتأنيٍ مثابر ، وتلذذ مؤكد رواية (موت صغير ) للكاتب محمد حسن علوان... حكاية عن حياة الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي ( 1240- 1164). كلما أوغل الكاتب في سيرة الشيخ تتراءي أمامي عوالم وخيالات لم يسردها الكاتب ولم يعشها الشيخ. دافعي في ذلك شهوة عرفانية أتوق إليها وأخاف منها، فإذا ما رام المرء من فُصوص حِكم أحوال الشيخ قبساً أُضطر لقرائته مرتين، مرةً في حالة الشهود ومرة في حالة الغياب. فبختم سيرة حياة الشيخ الاكبر تُستجلي معالم أوجه الهزيمة ، هزيمة الحقيقة أمام الشريعة، حيث ضُرب بينهما بسلك شائك تتنزّ من بين ثنياته المعقوفة دماء الواصلين الذين دُمِغوا بالزندقة والهرطقة والمروق .إيذانا بأفول التصوف الفلسفي لصالح التصوف الطقوسي وتلك قصة أخرى.
من لطائف ما رواه الراوي عن الشيخ. حواره مع الخليفة الموحدي (يعقوب بن يوسف) في إشبيلية بُعيد زواج بن عربي وهو دون الخامسة والعشرين من عمره. إذ استدعاه الخليفة ، فدار بينهما حوار عن الكشف الإلهي، وعلاقة الحاكم بالفقهاء والفلاسفة ... فقد روي في ص 166:( ومد رجليه علي كرسيّ أمامه وراح يملي علي الكاتب رداً على كل رسالة. ثم استولت علي إهتمامه رسالة ما راح يقرأها بتمعن. ثم وضعها جانبا وقال:
- يا محيي ما بال الفقهاء لا يطيقون الفلاسفة ؟
- الناس علي دين ملوكهم.
- كيف هذا وماذا تعني ؟!
- انظر إليهم يشكون إليك ابن رشد ولم يكونوا يفعلون ذلك في عهد ابيك.
- سبحان ربي ! وما ادراك أن البريد الذي في يدي شكاية في ابن رشد؟
- إن الله يكشف لي.
- فازاح الخليفة البريد جانبا. وراح ينظر لي بريبة وقال .
- حقا . أيكشفُ لك الغيب.؟
- اومأت برأسي بالإيجاب وانا اتوجس من ردة فعله المفاجئة. وبقيت صامتا حتي سألني.
- فهلا كشف لك ما يكون من أمر قشتالة ؟.
- لا علم لي .
- ولماذا لم يكشف الله لك ذلك ؟
- يا أمير المؤمنين إن الله يكشف ما يريد لا ما أريد، انه كشفٌ ، لا تنجيم ولا عرافة ولا كهانة. فلا انا استرق السمع ولا اخطف الخطفة ، إنما اكون علي حالي ومنوالي فيكشف الله لي أمرا دون أن اسأله ذلك وهذا شأن الأولياء وطريق المتصوفين.
أسند الخليفة ظهره الي كرسيه وقال بلهجة فيها استسلام:
- انا لا أفهم كل كلامك يا محيي. هل الصوفي فيلسوف ام فقيه؟
- لا هذا ولا ذاك با أمير المؤمنين.
- ما الفرق بينهم؟.
- الفلاسفة أصحاب فكر واستدلال، أما الفقهاء فاصحاب اتباع وامتثال.
- والمتصوفة ؟
- فاصحاب ذوق وأحوال.
- وكيف تفرق بينهم ؟ كلهم يردون مجلسي هذا ويجلسون معي ويكتبون لي رسائل ، ويرفعون لي شكايات ، وانا لا اعرف مشاربهم ولا ألوانهم ، قل لي يا محيي كيف تفرق بينهم ؟
- إن الفقيه يقرأ فيقول ما فهمه من مقروئه ، و الفيلسوف يفكر فيقول بما استنتجه من استدلاله. أما الصوفي فيخلو الي ربه فيقول بما كشفه الله لي.
- ولماذا يكشف الله للمتصوفة ولا يكشف لغيرهم ؟
- لا يكشف الله الا لمن يتوكل عليه حق توكله ، و يخلو به حق خلوته ، ويكون ذا ذوق يمكنه من فهم الكشف والتجلي.
- حسنا ، لا تدخلني في هذه المتاهات. قل لي بوضوح. أيهم أنفع للخليفة ؟
- انك اذا ركنت للفقهاء عطلوا عقلك، وإذا ركنت للفلاسفة عطلوا قلبك وإذا ركنت للأولياء جعلوا قلبك تحت نور الله المبين.
- انت تتعصب للمتصوفة لأنك منهم؟
- يا أمير المؤمنين ، لقد فقهت من الدين فوق فقه الفقهاء ومن الفلسفة فوق فلسفة الفلاسفة. ولو شئت أن أكون فقيها كابن حزم لكنت ، أو فيلسوفا مثل ابن طفيل لكنت ، أو كلاهما كابن رشد لكنت. ولكن الله اختار لي أن أكون من أهل الطريق فكنت لأنه قال لي كن. ص 168.
وهكذا في سيرة الشيخ الأكبر تتداعي الذاكرة من ذلك الماضي الي واقع الحال القريب ، فتتجاذب السلطان فتاوي الفقهاء فيقبل عليها. وتستهويه تنظيرات الفلاسفة فيضيق ماعونه عن النهل من معينها الرقراق. وتجمعه الصدف بأهل الكشف فيغم عليه الخفاء بشدة الظهور فيعرض اعراضا بعيدا.
إن مَنْ يستدعي مِن الماضي القريب صورة الرئيس البشير وقد توسط رهطا من (العلماء الفقهاء ) في باحة قصره إبان محنته عندما كانت الأرض تميد تحت قدميه طالبا الفُتيا والمشورة . او تراءت امام مخيلته صورة بلة الغائب وهو يرهف بخطرفات التيه في زمن العقل. أو يتذكر مَنْ وصفوا أنفسهم بأبناء السادة متحلقين حول القصر الرئاسي كمستشارين يكون قد أصاب الحقيقة ، لأن التاريخ شانه شان نهر الفلاسفة يتكرر بكيفيات مختلفة دون أن يعيد نفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.