لا يوجد خصم سهل... وسانت لوبوبو ليس نزهة**    برشلونة يحتفل بالكامب نو والريال يتعثر    عزمي عبد الرازق يكتب: ما الذي سيحدث بعد خطاب البرهان؟    ازدواجية أردول... صمت مريب حين ترتكب الجرائم    البرهان .. ورقة "الرباعية" عبر مستشار ترامب أسوأ ورقة يتم تقديمها    المريخ يفتتح مشواره في الدوري الرواندي بمنازلة كييوفو سبورت    الجيش السوداني يصدّ الهجوم الكبير    حاج ماجد سوار يكتب: خطة الدويلة المضادة    أزمة المسؤول السوداني بين تكليف الأمة وتقديس الكرسي    لماذا لا ينبغي التعويل على تصريحات ترامب    شاهد بالصورة.. الناشط البارز عثمان ذو النون يقدم مقترحاً لدمج كل القوات المساندة للجيش في قوة وطنية واحدة    شاهد بالفيديو.. اللاعب بلة جابر: (هيثم مصطفى دخل في خلافات مع مدرب المنتخب الوطني بسبب "الثلج" وعندما عرف قيمته وأهميته بعد سنوات أصبح يشتريه من ماله الخاص)    شاهد بالفيديو.. الحكم السعودي "القحطاني" يرقص ويتفاعل مع أغنية الفنانة ندى القلعة التي تشكر فيها خادم الحرمين وولي العهد وشعب المملكة ويكتب: (ابشروا الى حدكم السودان راجع وبقوة ان شاء الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تمنع الرجال من الصعود للمسرح لمنحها "النقطة" وأحدهم يسقط على الأرض بعد محاولته الوصول إليها    شاهد بالصورة والفيديو.. أحدهم وقف أمامه وأنشد قصيدة.. "تمثال" قائد الجيش "البرهان" يثير جدلاً واسعاً وسط تعليقات متباينة ما بين مشيدة ورافضة (الكاهن يستحق أكثر من ذلك ورجعنا لعبادة الأصنام)    من عامل يومية بسيط إلى رجل أعمال بثروة تقدر ب 7 مليار دولار.. قصة بداية رجل الأعمال والبر والإحسان أزهري المبارك صاحب مخيمات اللاجئين بالولاية الشمالية تثير تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل    فينيسيوس يسير عكس ريال مدريد    توثيق جرائم السودان ينتقل لمرحلة حاسمة.. والفظائع ترصد من الفضاء    شاهد بالصور.. المقرئ السوداني الشهير "شيخ الزين" يثير تفاعلاً إسفيرياً واسعاً بعد ظهوره بإطلالة شبابية ب"الجينز" والجمهور: (أنيق تبارك الله ما يسحروك وأعمل حسابك واتحصن من عين البنات)    أطباء ينصحون بتقوية المناعة قبل دخول الشتاء    لاعبو ليفربول "يفسدون" احتفال صلاح بليلته التاريخية    تواصل تسجيلات اللاعبين لأندية الإنتساب بحلفا الجديدة    تمثال الجندي العائد .. رمزية تتجاوز السياسة    شاهد بالفيديو.. في لقطة تصدرت "الترند" على مواقع التواصل السودانية.. محترف الهلال جان كلود يستعرض مهاراته ويهين لاعب المولودية ويتلاعب به ويسقطه على الأرض    تحديث «إكس» يفضح مواقع إنشاء حسابات قادت حملات سلبية ضد السعودية    زراعة الخرطوم ومنظمة الفاو تنفذان حملة تطعيم الماشية بولاية الخرطوم    ادارة مكافحة المخدرات ولاية النيل الابيض تضع حدا لنشاط شبكة إجرامية متخصصة في الإتجار وتهريب الحبوب المخدرة    أكبر هبوط شهري منذ انهيارات الكريبتو في 2022.. لماذا ينهار سوق العملات المشفرة الآن؟    إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    هذا المبلغ مخصص لتكملة مشروع مياه القضارف وتتلكأ حكومة الولاية في استلامه لأسباب غير موضوعية    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    تسيد السعودية للإقليم خلال العقد القادم    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    استئناف حركة المرور في معبر الرقيبات بين دارفور وجنوب السودان    البحر يبتلع عشرات السودانيين الهاربين من جحيم بلادهم    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    قرار لسكان الخرطوم بشأن فاتورة المياه    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الذكاء الاصطناعى وإرضاء الزبون!    شبح شفاف.. مفترق بين الترقب والتأمل    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياد بري ومواقف أسرة دينية .. بقلم: خالد حسن يوسف
نشر في سودانيل يوم 24 - 02 - 2020

ما بين الجبن والصدق أركان الأسرة المشار لها، الأب الشيخ علي صوفي وابنه الشيخ عبدالرشيد، كلاهما رجل دين عرفه الصوماليين، وسيرهم غنية عن التعريف لدى عموم هذا المجتمع، ينحدران من قبيلة اوجادين ومسقط رأس الأب في غرب الصومال اوجادينيا، والتي انطلق منها قبل مطافه الطويل بين البلدان والصومال ذاته،وصولا إلى استقراره في مقديشو.
- واقعة جبن الأب الشيخ علي صوفي.
في عام 1975 اصطدم عدد من طلبة حلقات إحدى مساجد مدينة مقديشو،والمعروف بمسجد عبدالقادر بالحكومة الصومالية، فالطلاب العشرة والذين شكلوا قلب ذلك الحدث والذي تبلور على خلفية اعتراضهم على قوانين الأحوال الشخصية التي أرادت الحكومة تعديلها.
حيث تم حشد المسجد بعد تعميم تلك التشريعات، وهو ما أسفر عن توجه السلطات لفض ذلك التجمع والاعتراض، وحدث أن تم إعتقال الطلبة العشرة من عداد رفاقهم وزملائهم، ومن ثم توجهت الحكومة للبث في أمرهم، حيث جمع الرئيس محمد سياد بري، عدد من رجال الدين الصوماليين.
وقد ورد ذلك في رواية رئيسة الاتحاد العام لنساء الصومال السابقة وزوجة النائب السابق لرئيس الصومالي العقيد اسماعيل علي أبوبكر, السيدة مريم الحاج علمي في تسجيل لها لتلفزيون Horn Cable في حوار مع الإعلامي محمود دعاله، وكان الشيخ علي صوفي من ضمن الحاضرين الذين دعاهم الرئيس سياد بري في اللقاء الذي جرى بالمسرح الوطني.
يومها تحدث الرئيس سياد لرجال الدين الحاضرين بشأن معارضة الشباب العشرة والذين احتجوا على قرارت حكومته، ووصفهم بأنهم أولاد شوارع ولا يدركون من الدين شيئا وشرح وجهة نظره المقتضبة عن موقفه منهم، ورؤيته لقضية تقسيم الميراث بصورة متساوية بين عنصري الذكور والإناث.
وذكرت السيدة بأن الرئيس سأل رجال الدين ثم أجاب مستدركا: بأن الدين لا يعترض أن تنال المرأة حقوقها، إلا أن ما يستدعي التوقف عنده هو أن مجموعة رجال الدين الحاضرين ومنهم الشيخ علي صوفي، لم يعترضوا إطلاقا على موقف الرئيس أو على الأقل لم يلطفوا حالة الاحتقان التي كانت قائمة، وبذلك اختاروا الصمت عن التفاعل مع الحدث أو مجرد مساهمتهم في إيقاف إعدام الحكومة لتلك المجموعة.
السؤال هو لماذا صمت رجال الدين يومها؟ رغم أنهم كانوا قد جاءوا بدعوة من الرئيس الصومالي والذي كان يرغب في أن يعرف وجهة نظرهم بغض النظر عن اتفاقه معهم بشأن ذلك، لقد سألهم وصمتوا!
يبدو أنهم خافوا من مواجهة سياد بري، ولم يحدث أن عرف المجتمع مبرراتهم لسكوت فيما بعد، وبالنسبة لشيخ علي صوفي فقد كانت علاقته مبدئيا مع رجال السلطة جيدة، فأخوال الرئيس الصومالي يعود انتمائهم إلى قبيلة اوجادين، كما أن العديد من المسؤولين الصوماليين المدنيين والعسكريين انحدروا من غرب الصومال ولا سيما الاوجادين، ناهيك عن أنه كان عضو سابق في جبهة تحرير الصومال الغربي.
وفي المحصلة فإن كل تلك المعطيات كانت كفيلة بأن تدفعه لكي يساهم في تجاوز تلك المعضلة، إلا أنه لم يتحدث عند الضرورة وآثر أن ينجو بحياته، متخوفا من دفع الرئيس للعدول عن موقفه.
- تجربة الفنانة باحسن علي مع الشيخ علي صوفي.
وفي حوار مع الفنانة الصومالية زينب الحاج علي باحسن لوسيلة إعلامية لا يحضرني إسمها الأن، ذكرت أنها شاركت في إحدى حفلات الأعراس في مقديشو وخلال أدائها لفقرتها الغنائية وجدت ذاتها وجها لوجه أمام الشيخ علي صوفي، والذي دخل على الحاضرين في الصالة وهو رافعا عصاه، مما أسفر عن هروبهم.
استحضار تلك الواقعة يأتي من باب المقارنة بين تعاطي رجل الدين المذكور مع المواقف المختلفة ومدى اتسام سلوكه بالتناقض، فواقعة تهديد حياة الشباب العشرة لم يتخذ تجاهها موقف مشرف، بينما أفرد عضلاته لشأن ذو قدر أقل أهمية، ناهيك عن فضاضة أسلوبه تجاه الناس الذين كانوا يقدروه!
الرئيس سياد بري كان صاحب وجهة نظر وقد دافع عن رؤيته، في حين أن الشيخ علي صوفي كان جبان، ولم يعلن عن قناعته وموقفه تجاه مدى صحة موقفي الشباب المشار اليهم والرئيس من جهة أخرى،خاصة وأنه يمثل رجل دين كان عليه أن يدلي بموقفه الشرعي تجاه المسألة.
- دور الشيخ عبدالرشيد في انتفاضة مقديشو عام 1989.
أما الإبن ممثلا بالشيخ عبدالرشيد فقد كان أكثر جراءة من والده، إذ حدث وأن شارك بالمساهمة في الانتفاضة التي اندلعت في ظهر 14 يوليو 1989 في مدينة مقديشو، والتي انطلقت من مسجد الشيخ علي صوفي في مديرية هذن بمدينة مقديشو، وكان رد فعل الحكومة أن واجهتها بالقمع المسلح، حيث أطلقت النيران على المتظاهرين من قبل جنود الشرطة العسكرية.
وعقب التظاهر توجهت السلطات للقبض على الكثير من شباب حي كاسا بلبلالري الذي وقعت الأحداث في نطاقه، وكان الشيخ عبدالرشيد علي صوفي من ضمن المجاميع التي ألقي القبض عليها.
لقد حدثت تلك الانتفاضة بفعل تردي الأوضاع العامة في البلد والتدهور المستمر لشتى مناحي الحياة، وهو ما دفع الجماهير بأن اتخذت من المسجد المذكور كموقع لتلاقي والحديث عن واقع الصومال، وفي ذلك الإطار جاءت خطب الشيخ عبدالرشيد التي واكبت نبض الشارع المحتقن آنذاك.
ومن تداعيات انتفاضة 14 يوليو 1989 جريمة ساحل الجزيرة والتي تم فيها إبادة 47 شاب تم القبض عليهم ليلا من الحي الذي شهد الإنتفاضة تحديدا، وقد تبادلت بعض مراكز القوى فيما بعد اتهامات عن مسؤولية ذلك، إلا أن نائب رئيس الوزراء الصومالي السابق محمد عبدي يوسف، فند وجود أوامر من قيادات، وذكر بأن خشية الجنود الذين تعطلت سيارتهم من تخوف هروب الشباب، دفعهم لقتلهم.
- صدق الإبن عبدالرشيد علي صوفي.
وعلى خلفية تلك الأحداث والسجن الذي تعرض له الشيخ عبدالرشيد، تحدث في ظل لقاء مصور أجراه معه الإعلامي عبدالمالك موسى عولدون،في فبراير 2019 بالعاصمة القطرية الدوحة، وشرح تجربته في السجن وذلك في سياق تطرق الإعلامي المذكور لنقاش معه عن أحوال السجون في اوجادينيا الصومالية.
وتطرق إلى حديثه مع الرئيس محمد سياد بري، حينما خرج من السجن، وعن تردي أوضاع السجون وأن المساجين الذين كان الكثير منهم قد تم جلبهم من المحافظات الأخرى، لم يكونوا يمنحوا الطعام وكان يتم نسيانهم واهمالهم، وأنهم ظلوا يتقاسمون معهم الطعام خلال فترة وجودهم معا، ناهيك عن ان ملفاتهم كانت تضيع وبفعل ذلك ظلوا في واقع نسيان في السجن.
الشيخ عبدالرشيد قاوم الواقع الذي كان قائما، كما أنه أستطاع أن يطرح على سياد بري قضية حقوق الانسان وذلك من مدخل المساجين الذين كان منهم لفترة قصيرة، وبالمحصلة كان أكثر مصداقيتا من أبيه المتخادل والذي لم يستطيع أن يسجل موقف لتاريخ.
- تجنب الشيخ عبدالرشيد لشأن العام.
وفي ظل إنهيار الصومال واستهداف اوجادينيا ومعاناتها من الاحتلال، لم نجد لشيخ عبدالرشيد مواقف تذكر وتواكب الأحداث والواقع الصومالي، فالرجل قابع في قطر وقناعته أن الصلاة وقرءاة القرأن هما أدوات التعاطي مع هذا الواقع، لن تجد له دورا بارزا في السعي لحلحلة السقوط الصومالي، والمناسبات التي يظهر خلالها لا تتجاوز السياق الاجتماعي.
المعضلات والاستحقاقات الصومالية لا ينخرط فيها، وتعاطيه معها يؤكد أن ذلك ليس بالنسبة له من الأولوية، نموذج لرجل الدين الغير متفاعل مع قضايا شعبه، ومن المخجل أن يذكره عبدالمالك موسى عولدون بسجن اوجادينيا هو وأمثاله في الأراضي الصومالية، وأن ينتهي مع الشأن الصومالي على غرار تجربة أبيه في عام 1975.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.