السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول إستاطيقا الجّسد .. منظور إكسيولوجي .. بقلم: عوض شيخ إدريس حسن
نشر في سودانيل يوم 25 - 02 - 2020

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
حسب الآراء ، تتسبب بعض الأيديولوجيات والإعتقادات المتطرفة في تمجيد القبح عند الكثير من معتقديها وذلك بعدائها الفاضح أو المستبطن للجسد فيما يتعلق برؤيتها الإدعائية المبتذلة المختزلة له ، علي أنه مكمكن الخطيئة الإنسانية وذلك من خلال إطلاق صفات القذارة النجاسة الدنس الرّذيلة العار والعورة ، وكذلك تغالي في تمجيد الروح كمفهوم ميتافيزيقي متعالي يفهم على أنه شئ مستقل عن المادة ،عصي علي المعرفة الحسية والعقلية .
من منظور أكسيولوجي فلسفي ، تكتسب بعض المفاهيم ، خاصةً القيم الجمالية وإرتباطها غير المنفصم بالأخلاق ، نوعاّ من الإبهام بل الغموض الترانسندنتالي (transcendental) والقذف بها خارج جذرها المادي وإعتبارها نتاج لكيانات فائقة للطبيعة والتاريخ ويؤدي إلي الإعتقاد بأنّ هذه القيم هي هبة وعطاء من خارج الطبيعة كما في بعض الأساطير، أيضاً تعتبر هذه القيم متعالية في بعض المثاليات في تقسيمها وتمييزها لعالمين ، عالم الكمال الحقيقى المتعالي وعالم المحسوس المستنسخ من عالم الكمال ، وكذلك في إعتقاد أنواع من الميتافيزيقيا التي هي الأخري ، تنظر لهذا العالم بما فيه من حسي وقيم ومفاهيم عالم أسفل زائل بتوهم عالم خيرٍ مثالي أخر بديل خارج الإدراك والخبرة الإنسانية ، مجهّز للإنسان بعد الموت . يتمظهر كل ذلك في الصراع الأيديولوجي والتعارض مابين المادية والمثالية في شد وجزب هذه القيم . وسبب ذلك فيما أري يتعلق بطواعية هذه القيم ومرونتها وقابلية طابعها التجريدي وحساسيتها غير الصلبة على التأويل مما يجعلها قابلة للنزاع بين ماديتها أو الزّج بها في غياهب الغيب كما تبدو لنا في الكثير جراء محاولة فهمنا لها . لذلك ومن وجهة نظرنا، يمكننا القول بقدرٍ من الإنحياز الموضوعي ، تساعدنا حواسنا وحساسيتنا وقدراتنا الذهنية علي الخيال والتركيب والتأليف في علاقتنا مع الطبيعة وعناصرها ، علي صنع وإستخلاص المفاهيم والرموز من خلال تصورات وإمتثالات ظواهر واقعنا الطبيعي وإنعكاساتها علي وعينا وصياغتها في هذه المفاهيم والرموز ، مثال ذلك أسطورة (جمال أفروديت) وتكونها من الرغو كلؤلؤة داخل صدفة في البحر، أذ يبين هذا علاقة مفهوم الجمال وأستخلاصه من عناصرالطبيعة . كذلك وكما هو معلوم ، أنّ تلك المفاهيم لها دورها التواصلي الإجتماعي المشترك ، كما لها دورها أيضاً في إشباع نهمنا المعرفي الثقافي الفكري والنفسي في إرضاءً لأنانا النرجسية ونزواتها من خلال شحن محمولات ومدلولات هذه القيم والمفاهيم فكرياً ومعنوياً بما يطيب لنا . إن أمتلاكنا للذهن كملكة للتفكير وفعاليته الديناميكية مع الواقع من خلال مراحل تطورنا البيولوجي الفكري والنفسي ، ساعد في نموء قدراتنا علي الخيال كما أسلفت سابقاً ، حيث أتاح لنا إكتساب الكثير من الخبرات علي تجريد الواقع وصنع تلك المفاهيم والرموز بمختلف أنواعها وهي في واقع الحال ليست إلا واقعنا الحسي مصاغ بطريقة تجريدية إلي مفاهيم . كما تساعدنا قدراتنا الخيالية أيضاً علي فعل التركيب والتأليف ، أيضاً تساعدنا علي فعل الربط والحل والمزج وغير ذلك ، بين مانراه في الواقع وبين ما يتشكل في أذهاننا من تصورات وإمتثالات لإنعكاس هذا الواقع وجدليته في وعينا . من هذا المنطلق يمكننا القول بأننا (نخلق) الواقع ونسميه بأسماء نبتدعها وننظمه بما يكفل لنا التعامل مع هذا الواقع كما مع أنفسنا ، تساعدنا حواسنا أحاسيسنا ، حساسيتنا علي تفاعلنا مع ظواهر الواقع بشتى أنواعه . ذلك الواقع ينتقل من خلال حواسنا مترجماً إلي لغةٍ ومفاهيم ورموزوإشارات وغيرها إلي وعينا ، نختزنها في الذاكرة كي نستعيدها من جديد إثر حدث جديد من خلال التشابه والتماثل والتزامن . مع ذلك ، تلعب أيضاً أحوالنا السيكولوجية تجاه هذه المفاهيم دوراً هاماً من خلال إنطباعاتنا طموحاتنا رغباتنا شهواتنا وكل ما يتعلق بنا من جملة غرائز في تحقيق ذلك
عليه ، وتبعاً لما أوردناه أعلاه ، يتبدى لنا الجمال (الجسدي ) وتصورنا له وهو سيد موضوعنا هذا ، أننا بصدد ( حال ) مادية من حالات الطبيعة المختلفة فيزيائياً عن غيرها من أشكال الطبيعة وعناصرها الأخري ، نسقط عليها تجربتنا الإستاطيقية المكتسبة سابقاً بوصفنا لهذه الحال بالجمال من خلال ما يدور في أذهاننا ونفسياتنا من إحساس وإنفعال وتصور أمام هذه الحال (الجسد ). الجدير بالذكر إضافته هو سؤالنا عن مراحل كلمة جمال ( ج م ا ل ) وغيرها من الكلمات كيف يتم التحول من عيان حسي إلي تصور ذهني ثمّ إلي مفهوم ؟ بمعني أخر، ما علاقة كلمة (جمال) لمجسد مادي أعني الجسد في هذا الحال ؟ يمكن الرجوع إلي عالِم اللغة السويسري فرديناند دي سوسيرعن العلاقة بين المفردة ومعناها فيما أطلق عليه (علامة ) الدال والمدلول أي بين المفهوم والكلمة وكيف يتم ذلك . كذلك يمكن الرجوع أيضاً إلي الفيلسوف إيمانويل كانط فيما يخص التمييز بين الأحكام التحليلية والأحكام التركيبية في العلاقة بين الموضوع (subject) والمحمول (predicate) ، بين تصورنا للكلمة ومحمولها . وفقاً لذلك ، يمكننا أن نقول أن عبارة (جسد جميل) يكمن محمولها خارجها وليس في ذاتها بمعني أن كلمة جميل صفة مضافة للجسد وليست معنى مندغم في بنية الجسد ، بمعني آخرأيضاً ، يمكن القول أن كلمة جميل لا تعني شيئاً غير تجربتنا الحسية مبتدعة مفهومياً من خلال تشكيلنا لمجموعة من الصفات الجمالية المختزنة مسبقاً في وحدة كلية تمت صياغتها بقدراتنا الذهنية على أنتاج ما يتوافق مع طموحات ذواتنا الفكرية النفسية ، يساعدنا الخيال في نتاج ذلك كما أسلفت سابقاً . بمعني أخر نحن نبلور لغوياً ورمزياً عناصر الواقع المادي أيٍ كانت فيزيائيتها ، ليست في ذاتها بل في مظهرها، في ما نتصوره ويصل أذهاننا من الظواهر مترجمة بواسطة أذهاننا من خلال العلاقة والفعل المباشر مابين الواقع والحواس التي عليها أعني الحواس مهمة نقل الأشياء والتي تُرسَل مبعثرة إلي الذهن الذي عليه تصنيفها وتمييزها وترتيبها وفرزها وتحويلها إلي لغة ومفاهيم ورموز. إذاً تنتج معرفتنا في عملية معقدة من الترابط والتفاعل بين الحواس والذهن وفقاً للتجربة ، لذلك أري أننا ليس لنا طرق معرفية أخري نملكها غير قدراتنا الحسيّة والذهنية المتواضعة ونشاطاتها في واقع الحال ، أي مما هو متاح تجاه المعرفة بشكل عام . ولإشتراكنا ككائنات في هذه المعرفة يجدر بنا هنا أن نتحدث عن طبيعتنا البيولوجية البشرية المشتركة والتي تخول لنا بقدر ما إشتراكنا وتوافقنا في الكثير من الأحكام والرؤى المعرفية والأخلاقية وغيرها .
إذاً الجمال وفق إحساسنا في الوهلة الأولي نظن أننا نفهمه بديهياً بحكم العادة والترديد في ظل الثقافات الشعبية السائدة . في حقيقة أمر ما أعتقده عن الجمال وتقيمه أي كان ، ليس إدراكاً فطرياً قبلياً ، بمعني أنه سابق للتجربة والخبرة يولد به الإنسان تجاه مصنفات الطبيعة كمعرفة ماهو جميل وما هو قبيح كما يعتقد البعض ، بل هناك ما يمكن أن نقول عنه أستعداد طبيعي عام موروث يهيئ لنا التعامل والتفاعل مع الطبيعة وتوصيفها بشكل عام بما في ذلك إطلاق الأحكام من مثل الخير والشروغيرهما خلال ذلك التفاعل . نحن نقول هذا جيد وذاك ردئ ، هذا حلو وذاك مر ، هذا إنسان وذاك حيوان ، هذا جبل وتلك شجرة ، هذه زهرة وتلك عقرب ..ألخ . إذاً نحن الذين نصنّف ، نرتب ، نعدل ، ننظم الطبيعة ، بل نخلق الطبيعة بما أوتينا من خيال منتج مبدع له قدرة علي الأبتكار. نبتكر من قوانيننا الإنسانية مصطلحاً نسقطه علي حركة الطبيعة نسميه قوانين الطبيعة ، نبتكر مفهوم السببية ، العلة والمعلول ، التوالي ، المعيّة ، الجوهر الماهيات ، الكليات الإختلاف ، التّوقع ، نستطيع أن نتوقع ونتنبأ بالمستقبل بالموت بالمطر بالرياح بالفيضانات ..ألخ. إننا نفلسف الحياة بمعني أننا نفكرفيها وكل فكرة هي فلسفة لذا نخلق قيمنا رموزنا ومفاهيمنا ، إذاً ، مالجمال في أخر الأمر سواء فكرة ومفهوم أي ترجمتنا للطبيعة المادية . إبتدعنا هذه الترجمة بوحي من قدرتنا الذهنية الخيالية نعبر به عن موقف وحدث ، عن حاسة وإحساسات عن شعور معين تحت ظرف إنفعالي تأثيري إزاء واقعة ما . تعمل قدرتنا الحسية منها ( البصرية) التي قد تختلف من شخص لآخرفي قوتها وضعفها ، مصحوبة بإنفعالنا إزاء مانراه من قوة وشدة وتفاصيل مختلفة عن ماهو معتاد ومألوف .أعني بالشدّة هنا ضد الضعف في التناسق والبروز والتفاصيل وتقاطيع جسد المرأة كمثال لذلك والتي نطلق عليها صفة جميلة . ما أعنيه بالشدّة أيضاً تبيان الفرق وتفاوت في درجات مانراه من قوة وضعف كما في درجات اللون في لوحة فنية ودرجات الصوت في الموسيقى مثلاً ، كذلك في درجات التفاصيل فيما نراه أو نسمعه وتأثير ذلك علينا بدرجات مختلفة . أقول ذلك مثلما هناك لون قوي لافت ، هناك لون ضعيف باهت ، وشكل باهت وصوت باهت ، هناك جسد باهت التضاريس والتفاصيل لا يثير حواسنا وحساسيتنا وأهتمامنا .عكس ذلك تماماً، هناك جسد إستثنائي حافل بالتفاصيل اللافتة للإنتباه ، جسد يثير دهشتنا ويجبرنا على الوقوف أمامه مذعنين لهيبة تفاصيل صفاته الجمالية . يمكننا أن نستدعي ذلك بما يحفل به الأدب وفن الرسم والنحت الفني والشعر بصفة خاصة في جمال الجسد ووصفه بإمعان في الدقة والتفاصيل من الوجه ، العينين ، الشفتين ، العنق ، الصدر، الخصر، الأرداف ، الساقين القدم الأنامل ..ألخ وكل ماهو متناسق ( جمالياً ) وغير متوفر في جسد المرأة العادية من تلك الصفات المذكورة آنفاً ، إذ نورد بعض الأمثلة علي ذلك من أقوال بعض الشعراء " فرع بان إذا مشىَ لعب الردف بالحشا "..."لها فخذين حولهما كفل يجازب خصرها نهد" "الردف كسول بعينو وجيدو يسبي ظبي "هركولة فنق درم مرافقها كأن أخمصها بالشوك منتعل" أي المرأة ضخمة الأوراك مرتجة الأرداف .." بعاد حلماتك من كتفاكا (صفة جمالية لطول عنق المرأة )" الساق خرعبة منعمة فطوق الحجل ينسد (حسناء رخصة ناعمة) " هزاز صدرو ميل فدع الخصر النحيل " طبق الأرداف فوق الأكتاف غرود وعام " أدعج وأكحل وجميع منحل تيهاً دام " " وأمطرت لؤلؤ من نرجسٍ وسقت ورداً وعضت علي العناب بالبرد " قصيدة يزيد ببن معاوية والتي تحفل بتفاصيل كثيرة في وصف الجسد لا يتسع المجال لإيراد هنا كاملة . قد يصل الوصف إلي أعمق التفاصيل عند الشاعر دقلة المنبجي كما يقال عن وصفه الدقيق لجسد ( دعد) إبتداً من " بيضاء قد لبس الأديم أديم الحسن فهو لجلده جلد .. مروراً بما هو محظور كما في بعض الروايات المختلفة للقصيدة " لها هنٌ رابٍ مجسته وعرالمسالك حشوه وقد ،إذا طعنت طعنت في لُبدٍ وإذا نزعت يكاد ينسد" هناك الكثير من الشعر في هذا الخصوص بما لا يتسع المجال لتناوله . يجدر بنا هنا أن لا ننسي أيضاً تمجيد جمال جسد الرجل وتفاصيله المرغوبة للمرأة بالنسبة لرؤيتها الجمالية ولو أنه محكوم بالتابو (taboo) عدم البوح في الكثير من المجتمعات التقليدية بما يستعاض عنه برموز دلالية مستترة في الأغاني والفلكلور وغيرها عن جمال جسد الرجل . تتفاعل عناصر الطبيعة فيزيائياً ، كيميائياً ، بيولوجياً ، يعمل جمال الجسد كمحفز للإنتباه والإفتتان بالنسبة للطرفين الرجل والمرأة ، ثمَ إنبراء ما نطلق عليه التهيوء والإثارة والتحريض لشهوتنا أو رغبتنا من خلال مزاجنا النفسي كإنعكاس بدافع غريزي (جنسي ) كإستجابة غائية لطاقة فيزيائية نفسية تلك الطاقة والتي تتمثل في تلك الشهوة أو الرغبة متوشحة رؤيتنا للجمال ( قد يدافع البعض عن براءة الجمال عن الجنس فيما يخص فن الشعر) مدفوعة أيضاً بحب لإمتلاك ذلك الجمال . وقد تكون رؤيتنا الجمالية هذه في كثيرمن أحوالها متأثرة أيضاً بتجاربنا الذاتية أو خاضعة لمنظور ومقاييس إستاطيقية موضوعية إجتماعية عامة ترجع إلي البئة التي يعيش فيها الفرد والتي تعمل علي تكوينه الفكري والنفسي ، وقد يختلف حكمنا على الجمال كما هو معلوم من فرد إلي فرد ومن مجتمع لمجتمع أخر حتي في داخل محيط البئة الواحدة. يتسم الجمال عادة بطابعه الإيجابي الأخلاقي من خلال تأثيره النفسي المريح علي مشاعرنا الإنسانية بما يمنحنا من متعة ولذة روحية وتفاؤل وأمل ، كما أن له دور إيجابي معرفي أيضاً في تطور وتثقيف الفرد والمجتمع .
إضافة لما ذكرناه أعلاه عن الجمال فيما يتعلق به من سلوكيات جسدية ، يلعب الجمال دوراً نفسياً سلطوياً قاهرأ وقامعاً وكابتاً للآخر وكالخضوع والإستسلام له ، من منطلق فهمنا للغرائزكسلطة لها نفوذها في تسير سلوكنا النفسي من خلال رهبة إفتتان وأسر(captivation ) لأفكارنا ، لأرواحنا ومشاعرنا ، بسيطرة ذلك الإحساس الذي يتملّكنا إزاء مانراه جميلاً . نحس بسلطة الرغبة تدفعنا ً نفسياً تجاه الجمال ، نحس صراعنا النفسي من خلال تلك الرغبة في الإمتلاك وقمع رغبة الإمتلاك ،إذ يشكل الكبت معني لذلك القمع . نحس الضعف نحس الخضوع أحياناً وبشكل لا إرادي لذلك الشخص ذو السلطة الجمالية يتولد فينا إحساس دافق الإشتياق ، تتحرك فينا نوازع الهو(id) مصدر النزوات اللاوعية ، يتأرجح فينا الأنا (ego) في صراعه بين مطالب الهو ورقابة (الأنا الأعلى) (super-ego ) . من وجهة نظر أُخري يمكن أن يؤدي الجمال بصاحبه إلي (النرجسية ) اي مغالاة الشخص الجميل في حب ذاته كما الفتي الإغريقي نرجس الذي تعود إليه أسطورة النرجسية وما قد يترتب علي ذلك من تداعيات مَرضيّة متعددة كالإشتهاء الذاتي ( إتخاذ الفرد الجميل من نفسه موضوعا جنسيا أوكما في المثلية الجنسية التي أشارإليها عالم التحليل النفسي سيغموند فريد في تناوله للنرجسية ) ص 512 كتاب التحليل النفسي ..تأليف جان لابلانش .ج.ب . بونتاليس ..ترجمة مصطفي حجازي ). كما يمكن أن يكون للجمال دوره في السادية (sadism) من منظور بعض الحالات المرضية كالتلذذ والإستمتاع بحب تعذيب الآخرين بذلك الجمال في إستغلال سيطرته من منطلق الإغراء والغرور والتّمنّع والقمع والإزدراء المعنوي من سلطة الجمال علي الآخر وقد تصل الأمورفي علاقة الجمال بالآخر شبيه بالعلاقة الفوقية كما بين السّيد والعبد . أيضاً يعكس الشعر بعض الأحوال في أستهواء وإستطابة العذاب تجاه الجمال علي سبيل الأمثلة .. يقول الشاعرٌ
ود الضي ( أتلظى وأكظم الغيظ الوفر، ينعش روحي طيبك لو محيك سفر، زي مابي تفعل أمرك مغتفر ) الشاعرعمر البنا ( . زيدني في هجراني ، في هواك ياجميل ، العذاب سراني ، علي عفافك دوم ، سيبني في نيراني) عبد الرحمن الريح ( ياجميل يا مدلل ، كلما أطراك بالدموع أتبلل ...) والأمثلة كثيرعن أستهواء العذاب وراء الجمال لا يتسع المجال لها .في نفس الوقت يمكن للجمال أن يكون مشقة قلق وعبء ثقيل في تعذيب صاحبه من منطلق الإهتمام البالغ والخوف من فقدان الجمال ومن عدم إهتمام الآخرين بذلك الشخص الذي كان جميلاً في يومٍ ما ، لذا يعاني البعض كثيراً علي الحفاظ علي مستوي جمالهم الجسدي بإستخدام شتى الوسائل التي تمكنهم من ذلك كما يعاني البعض بأن يكون جميلاَ .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.