ومرَّة أخرى بدأت الحيواناتُ المُساجلة، أتسبقُ وحدةُ الحيوانات الفعلَ المُناهض لسلطةِ اللبوة؟ أم الفعلُ المُناهض، ذات نفسِهِ، هو مصدرٌ لوحدة الحيوانات الضرورية والمُنشودة... و في خِضَم إحتدام نِقاشُ الفصائل عن: أيها يسبق الثاني؟ لم تحتمل أفيالُ جبلِ الحَدِيد الإنتظار... لنها كان قد توصلت إلى قناعةٍ بأن: - (العلاقة بين وحدة قوى الثورة و الفعل الثوري إنَما هي علاقة (جدليَّة) بحيثُ يُغذي كلٌ منهما الآخر.)! ومَرَقتْ، فشَرَقت قممُ وسُفوحُ جبلِ الحديد! وسُرُعانَ ما سرت الثورةُ الغاضبةُ في جميعِ أرجاءِ الغابة، كسريانِ النَّارِ في الهشيم، وصارت تُخومُ، ومضارب الغابة، كما أطرافها، ووسطها: مِرجَلاً يغلي وُركاناً يَفُوُر. وعضَّدت بعضُ الطيور، والقرود العاملة في حقول التعليم، وتطوير القدرات مروق حيوانات جبل الحديد الداوي بالإضراب الناجح عن العمل، والذي سيصير منذ ذلك الحين، وإلى الأمام، أسلوباً نضاليّاً فاعلاً، وتقليداً ثوريّاً أتبعته حيواناتٌ أخرى، من بينها تلك العاملة في الحقل الصحي، والتطبيب. وواجه العرين ذلك كله بالرفض والإستخفاف باديء الأمر، ولكنه سرعان ما لمس جدية وخطورة ما يجري، وكونه بوادر ثورة حقيقية، لا تغيير جزئي أوإصلاحي، كما كان يؤمل البعضُ ويشتهي. وسرعان ما ابتدرت سلطة اللبؤة حملات كاسحة من العنف والقمع المفرط، تجاه الحيوانات المارقة، وسقط بموجبها قتلى من الثائرين ابتدروا مسيرة الشهداء الظافرة فاق عددهم الخمسين شهيداً في الشهور الأولى، ماتوا لأن سلطة اللبؤة استخدمت وسائل جديدة غير الخنق بالدخان كما هومعتاد في مواجهة التظاهرات، وأنما أطلقت عياراتٍ ناريةً مُلتهبةً، من ثمرة اللالوب المُحمَّص، على صدور ورؤوس المارقين، فأردتهم شهداء، أذكت دماؤهم نار الغضب وأشعلت الثورة بحيث بات الآن يتقدمها: تجمع مهنيي الغابة، من الحيوانات، بأقتدارٍ وكفاءة كانت مصدراً لحيرة مخيفة وقلق بالغ لسلطة العرين وكلاب اللبؤة. كان من السهل على بعض حكماء الغابة، معرفة دنو أجل العرين، وآوان زوال حكم اللبؤة، لأن الحيوانات المتطفلة على مخازن ومهمات وموائد العرين، لم تعد تجد الفتات الذي تقتات عليه: - (لأن فساد العرين، وعلاقاته التي وسمتها المحسوبية، جففت منابع الموارد القابلة للنهب، بواسطة السماسرة، والمنتفعين، من عملاء بنك القُرَاد، وإخوانه، وكبار الحيوانات المتطفلة، وفصائلها الدنيئة). فأنفضت، وولت الأدبار. وألتقط الحكماءُ تلك الإشارة الخافتة، التي تكاد لا تُرى، لينفذوا من خلالها للحقيقة الجَوْهريَّة، الناصِعَة: - (إن الأرضة والسوس قد نخرت عميقاً في هيكل العرين، وتصدّعت مبانيه، بحيثُ بات زواله أسهل من شرب الماء القراح). وعوت ذئابٌ ونبحت كلاب، منتقدة استحواذ العرين على كل شيء، وأدانت ثم شجبت تحكمه في سريان (أوراق النقد) الساحرة، لوحده، لا شريك له. ولكن، هدُفت تلك الإنتقادات، بسبب قصر نظر، وأنانية ذئاب السمسرة، والنهب، هدفت لنيل جزءٍ من الثروة التي تخص للغابة، لا التقسيم العادل لها، بحيثُ يشملُ الخيرُ جميعَ الحيوانات. لذلك، فقد إنحصرت مساهمتها في كون أنها كانت: مؤشراً، وعلامة في طريق الثورة، لا رافداً لها، وأن إعتلت المنابرَ العالية، وتحدَّثت من فوق المنصَّات التابعة للعرين، وأرغت وأزبدت.