نقرأ في الصحف المحلية بين الحين والآخر عن مطالب فئوية ونقابية عديدة، وتجنح بعض هذه المطالب بالتهديد والتوقف عن العمل في حال عدم الاستحابة لمطالبها ...كما فعل تجمع سائقي الشاحنات والبصات واللواري السفرية مؤخرا بإعلانه عن الاضراب الشامل عن العمل بكل ولايات السودان بكل قطاعات النقل البري...ولا ادري بقراءة هذا المقال ان كان التجمع قد نفذ ما هدد به ام تم احتواء الموقف .... ولا ادري ان كان التجمع يعاقب نفسه واهله ومواطنيه بمثل هذه التهديدات والاضرابات الفجائية فيحرم الناس من الحركة والتواصل وإنقاذ المرضي وتوصيل السلع والتواصل الاجتماعي بين المواطنيين وذويهم خارج المدن وبطبيعة الحال، نقول ان من حق مثل تلك التجمعات المهنية ان تطالب بتحسين اوضاعها من اصحاب العمل كما علي الدولة ان تبسط سلطتها علي اجهزتها الرقابية ووقف الجبايات والرشاوي وسحب الرخص من قبل المرور السريع....وكل هذه المطالب قابلة للنقاش والحوار وبرعاية الدولة كوسيط وأداة فاعلة لرد المظالم اما التهديد بالاضراب والتوقف عن العمل فهو حق دستوري وقانوني ولكننا كثيرا ما نسيء استخدامه..فالتوقف عن العمل في التجارب السودانية السابقة كان من أشد وسائل التهديد قسوة علي الوضع الديمقراطي بل كان اداة استخدمها الخصوم في اغتيال الديمقراطية الاولي والثانية والثالثة...وسوف يحدث ذات الشيء للديمقراطية الرابعة والخامسة والسادسة ، اذا سرنا علي ذات المنوال والنظرة العدائية المتوهمة بين الدولة وقطاعاتها الخدمية ممثلة في نقاباتها وتجمعاتها المهنية...وهي نظرة قاصرة ويجب تصحيحها . ان ماكان يطالب به تجمع سائقي الشاحنات( كمثال) لم يكن وليد الفترة الحالية بل هو ارث تراكمي للمظالم طالت كل قطاعات الشعب السوداني من حكم الانقاذ..وبالتالي يجب العمل علي معالجته بالمشاركة وليس المشاكسة.. وفي تقديري فان الحكومة الانتقالية لن تلجأ الي تكميم الافواه وحرمان المظلومين من المطالبة لحقوقهم..ولكن الصحيح ايضا فإن علي النقابات والهيئات والمؤسسات في القطاعين العام والخاص ان تدرك حساسية الموقف السياسي والاقتصادي والأمني للبلاد وهشاشة البني التحتية للمارسة الديمقراطية وان تدرك ايضا ان الحكومة المؤقتة لا تملك عصي موسي حتي تغير بين يوم وليلة ما خلفته حكومة الانقاذ من تراكمات يصعب حصرها ناهيك عن معالجتها بتلك السرعة التي يتوهمها اصحاب المطالب. اتمني الا تقع النقابات والتجمعات المهنية في ذات المستنقع الذي وقعنا فيه من قبل فكان وبالا علي الديمقراطية وكل الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والإقتصادية في السودان..وكأننا لا نعي الدرس ونحتاج في مل مرحلة إخفاق للديمقراطية البحث عن منقذ والي ثورة جديدة ...ثم نغتالها مجددا بأيدينا وتلك المطالب التعجيزية قبل ان يستوي عود الوطن والممارسة الديمقراطية فتصبح المطالب مشروعة وقابلة للتحق.. ولكن الخوف وكل الخوف ان نكون مثل ملوك الطوائف في الاندلس فيأتي ذلك اليوم الذي نبكي فيه ملكا قد ضيعناه بأيدينا. د.فراج الشيخ الفزاري عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته..