سائقو الشاحنات واللوارى السفرية الذين يعملون في مجال نقل البضائع والمساعدات الإنسانية من مناطق السودان المختلفة إلى ولايات دارفور، يواجهون أوضاعاً صعبة، فرغم الخطر الدائم الذي يرافق كل رحلاتهم التي تمتد إلى آلاف الكيلومترات لا يتوفر لديهم تأمين اجتماعي أو صحي، وليست لديهم فوائد ما بعد الخدمة رغم الأعمال الكبيرة التي يقومون بها، فمنذ اندلاع أزمة دارفور في عام 2003م واجه العديد من سائقي الشاحنات واللواري السفرية مخاطر الموت بسبب انتشار فصائل الحركات المسلحة وقطاع الطرق الذين تكثف نشاطهم بسبب التعقيدات الأمنية، فتعرض السائقون إلى عمليات اختطاف منظمة، كما أن بعضهم قتل والبعض الآخر أصيب بإعاقات مستديمة رغم الجهود التي تبذلها الدولة لحماية قوافل الشاحنات واللواري السفرية من خلال الحراسات التي ترافق الرحلات الطويلة، فقضية سائقي الشاحنات واللواري السفرية تتطلب معالجات تشريعية من الدولة. التحقيق التالي يكشف الأوضاع المأساوية لسائقي الشاحنات واللواري السفرية. اختطاف السائقين آلاف من المواطنين يعملون في مهنة قيادة الشاحنات واللواري السفرية التي تشكل جسراً لنقل الخدمات والبضائع والمساعدات الإنسانية عبر مدن البلاد المختلفة، فهشاشة البنية التحتية وتدهور خدمات السكة حديد وارتفاع تكاليف الشحن الجوي ومحدودية الملاحة النهرية، جعل النقل البري أكبر قطاعات النقل أهمية، حيث يعتمد عليه غالبية السكان في الحصول على الخدمات الضرورية، ورغم ذلك لا يتمتع سائقو الشاحنات واللواري السفرية بمزايا خدمات اجتماعية تحمي حياتهم في مواجهة المخاطر اليومية المتصاعدة، كما لا توجد تشريعات ولائية أو اتحادية تنظم عمل سائقي الشاحنات واللواري السفرية، ولذلك ظل القطاع يعمل بصورة عشوائية وغير منظمة، الأمر الذي تسبب في ضياع حقوق أعداد كبيرة من المواطنين الذين يعملون في ظروف صحية ويقدمون خدمات إنسانية لا تقل أهمية عن القطاعات الأخرى، حيث يعول قطاع السائقين ملايين من أفراد الشعب السوداني. حركة الشاحنات واللواري السفرية التي تجوب المناطق الوعرة في كل بقاع السودان، توفر فرص عمالة كبيرة للمناطق التي تمر بها الشاحنات واللواري السفرية بسبب النشاط التجاري المصاحب لها وخصوصاً ولايات دارفور التي تأثرت مناطقها بصورة كبيرة بالأوضاع الأمنية، و مع ذلك ظل قطاع النقل البري يحتل المرتبة الأولى رغم المخاطر التي باتت تواجه السائقين الذين يسلكون مسارين للوصول إلى ولايات دارفور عبر طريق الخرطوم الأبيض النهود الضعين نيالا، وطريق الأربعين الذي يربط مدينة أم درمان بمدينة الفاشر، فهذين المسارين رغم استمرار العمل فيهما بصورة دائمة إلا أنهما من أخطر المناطق التي يواجه فيها السائقون أخطاراً حقيقية تتمثل في عمليات الاختطاف والاحتجاز من قبل الجهات الخارجة على القانون التي تستغل الظروف الأمنية الخاصة، ولذلك نقابة سائقي الشاحنات واللوري السفرية بدأت في بذل محاولات عملية لمعالجة المخاطر التي يواجهها سائقو الشاحنات واللواري السفرية عبر برنامج يهتم بأسر الشهداء والمفقودين والأسرى الذين وقعوا في مناطق النزاعات المسلحة. مفوضية العون الإنساني في العاشر من مارس لعام 2005م قدمت نقابة سائقي وعمال اللواري السفرية تقريراً إلى مفوضية العون الإنساني حول معاناة سائقي الشاحنات واللواري السفرية الذين يعملون بولايات دارفور، وتناول التقرير حالات المصابين الذين يحتاجون لعمليات جراحية عاجلة بسبب تعرضهم لأعمال عنف بولاية دارفور، والأسرى الذين تحددت مواقع اعتقالهم، والمفقودين الذين أقتيدوا إلى أماكن مجهولة بواسطة جهات غير معروفة، كما تضمن التقرير مخاطبة بعض زعماء الإدارة الأهلية بدارفور لمعالجة بعض المشاكل التي يواجهها سائقو الشاحنات أثناء المرور بأراضي بعض القبائل، فيما تعرض التقرير لعدم وجود تشريعات تنظم مهنة سائقي اللواري السفرية، بالإضافة لعدم تضمين سائقي اللواري السفرية في قانون الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي رغم أنهم من الفئات الضعيفة التي تحتاج لحماية الدولة، فعندما يؤسر أحد السائقين أو يصبح معاقاً أو يقتل، يتخلى صاحب العمل عن السائق وأسرته التي تواجه مخاطر الانهيار، ولذلك نقابة سائقي اللواري السفرية تطالب بإيجاد معالجات قانونية لأوضاع السائقين وفق دراسة أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وظروف العمل. بعد التقرير الذي قدمته نقابة سائقي وعمال اللواري السفرية إلى المفوضية اتجهت النقابة لمخاطبة والي شمال دارفور حيث يعتقد أن عدداً كبيراً من السائقين تحتجزهم الحركات المسلحة بولايته، لمخاطبته حول قضية المصابين والأسرى والمفقودين واستغلال جهات أخرى لسائقي الشاحنات واللواري السفرية، ولكن يبدو أن مخاطبة النقابة لوالي شمال دارفور لم تحقق أهدافها وظلت الأوضاع دون تغيير يذكر، واستمرت معاناة السائقين بكل مستوياتها. في عام 2008م تقدمت النقابة بخطاب رسمي إلى الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي، متضمناً تغطية شاملة لسائقي اللواري السفرية عبر نقابة سائقي وعمال اللواري السفرية من أجل توفير الحماية للسائقين في مواجهة المخاطر التي يعاني منها السائق بولايات دارفور التي تنشط فيها عصابات النهب المسلح، حيث هناك نسبة ارتفاع في عدد القتلى والمعاقين من السائقين، ولكن صندوق التأمينات لم يقم باتخاذ إجراءات عملية لضم قطاع سائقي اللواري السفرية ربما لصعوبة حصر هذه الفئات ميدانياً رغم أن تأمين حقوق المواطنين يكفله القانون الخاص بالتأمين الاجتماعي، كما أن السائقين أكثر حاجة للتأمين نسبة لعدم وجود مؤسسات يعملون بها ولا يخضعون لقوانين العمل السارية، مع ذلك استمرت مأساة السائقين دون حلول من قبل مؤسسات الدولة الاجتماعية. بعثة الأممالمتحدة: امتدت جهود النقابة في مجال البحث عن أعضائها المأسورين والمفقودين إلى إبلاغ بعثة الأممالمتحدة بالسودان عبر مفوضية العون الإنساني من أجل إيجاد حلول لعدد من سائقي الشاحنات واللواري متواجد بعدد من معسكرات الحركات المسلحة، حيث إن بعض السائقين أمضى عدة سنوات رهن الاحتجاز القسري بناءً على المعلومات التي توفرت للنقابة من بعض السائقين الذين تمكنوا من الفرار من معسكرات الاحتجاز بدارفور فلا زال هناك أسرى في معسكرات مزبد وحمراية وانكا ووادي هور وفوراوية ودونكي الحوس والوخام. رغم أن سائقي الشاحنات يقومون بأعمال مدنية تتعلق بالجانب الإنساني، فما زال هناك مائة واثنا عشر سائقاً محتجزاً بمعسكرات الحركات المسلحة بولاية شمال دارفور، كما أن هناك عدداً من السائقين أصيبوا بعاهات مستديمة، ولذلك تأمل النقابة من بعثة الأممالمتحدة بالسودان المساهمة في فك أسر السائقين كحالات إنسانية، ولكن يبدو أن خطاب النقابة لم يجد الإهتمام اللازم من بعثة الأممالمتحدة بالسودان والمنظمات التابعة، فظل الأسرى من سائقي اللواري قابعين في معسكرات احتجاز الحركات المسلحة، فيما أسرهم تواجه معاناة الفقدان وغياب عائل الأسرة، فيما تواصلت جهود النقابة دون انقطاع في البحث عن معالجات لأعضائها، حيث قامت بمخاطبة بعثة الاتحاد الأفريقي بولايات دارفور التي تتمركز فيها قوة الاتحاد الأفريقي التي قدمت لحماية المدنيين، ولكن الاتحاد الأفريقي لم يبذل جهوداً لمعالجة أوضاع الأسرى المدنيين لدى الحركات المسلحة، ولذلك أصبحت حياة سائقي اللواري أكثر تعقيداً بعد فشل جهود النقابة في إيجاد حلول لأسراها من قبل المنظمات الإقليمية والدولية. معسكرات الاحتجاز: لجأت النقابة إلى طرق أبواب المنظمات الدولية التي تهتم بقضايا الأسرى وضحايا الحرب كالهلال الأحمر السوداني والصليب الأحمر الدولي، طالبة منها التدخل لمعالجة أوضاع منسوبي النقابة الذين أسرتهم الحركات المسلحة بولاية دارفور منذ اندلاع الأزمة وهم يقومون بأعمال مدنية مثل نقل البضائع، الأدوية، الوقود والمساعدات الإنسانية، فالنقابة قدمت كشوفات موثقة لمنظمتي الهلال الأحمر والصليب الأحمر تضمنت أسماء المتحجزين ومواقع احتجازهم والمفقودين الذين تبحث النقابة عن معلومات عنهم بغرض مساعدة أسرهم الذين يواجهون أوضاعاً نفسية سيئة، ولكن يبدو أن المنظمات الإنسانية التي لجأت إليها النقابة فشلت في الاستجابة للنداءات التي أطلقتها نقابة سائقي الشاحنات واللواري السفرية، الأمر الذي جعل مأساة السائقين تتواصل دون حلول وأن تكون حياتهم مهددة بمخاطر الموت رغم العمل الإنساني الذي يقومون به في توصيل ضروريات الحياة إلى ولايات دارفور. وتواصلت جهود نقابة سائقي وعمال اللواري السفرية في إيجاد