بايرن ميونخ يتغلب على تشيلسي    نادي دبيرة جنوب يعزز صفوفه إستعداداً لدوري حلفا    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يصلح الصابون للوقاية الفعالة من فيروسات الكورونا؟ .. بقلم: محمد زين علي/جامعة القضارف
نشر في سودانيل يوم 17 - 03 - 2020

علي الرغم من الغموض الذي يلف الخصائص الدقيقة لفيروس الكورونا الجديد المعروف بالرمز (COVID-19)، فإن الإعتقاد العلمي السائد حاليا بأن طريقة إنتقاله، تشبه إلي حد بعيد، مجموعة فيروسات الكورونا الأخري. وهذه مساهمة في توضيح فوائد الغسل بالصابون المتيسر لمعظم السودانيين كطريقة بسيطة نسبيا للوقاية من فيروس الكورونا. ويهدف المقال أيضا لإلقاء الضؤعلي العلاقة الكيميائية بين الصابون وبين فيروس كورونا، بهدف أن نصلإلي تفسير علمي سهل الفهم، دون الدخول في تفاصيل معقدة، لشرح الآلية والكيفية التي تخلصنا وتقينا من مثل هذه الفيروسات.والغسل بالصابون هي الطريقة المثلي التي تنصح بها معظم الجهات العلمية والوسائط الإعلامية معا. ولا شك أن الكورونا من الفيروسات المستجدة الممرضة والقاتلة، والتي تزعج كل بلدان العالم في هذه الأيام. بل، وتحدد إنتقال الإنسان من مكان إلي آخر. وكلنا يعيش الآن هالة الهلع المريع التي تمثلت في تحديد حركة السفر من بلد إلي آخر أيضا. وهذا مدخل للوقاية للجميع، في حالة إنتشار فيروس الكورونا عندنا أو في البلدان المجاورة لنا، لا قدر الله.
تبني كل أشكال الحياة والجمادات في هذا الكون من مركبات كيميائية. وتحكم قوانين الكيمياء كل التفاعلات التي تتم في هذه الدنيا التي نعيش فيها. وتتنوع هذه التفاعلات بين كل المركبات الكيميائية الموجودة حولنا، في تدرج وتنوع بديع. وتتدرج هذه التفاعلات الكيميائية من البسيط إلي المعقد، حتي تصل الي درجات بالغة التعقيد. وتشترك الفيروسات مع الصابون في كونها مركبات ذات طبيعة كيميائية محددة. ومن الناحية الكيميائية البحتة، تنتمي الفيروسات إلي مجموعة من المركبات الحيوية التي تسمى بالجزيئات العليا ((supramoleculesذات الطبيعة الفائقة في الدقة والتركيب. وتصنف الفيروسات ضمن هذا النظام الكيميائي الذي يتركب من عدد من الجزيئات المحددة في طبيعتها. وفصيلة الجزيئات العليا هذه شائعة في الأنظمة الحيوية التي تتمثل في الجزيئات التي يتركب منها خلايا النبات والحيوان والميكروبات، وهكذا. والإنزيمات من الأمثلة الحيوية الأخري التي تنتمي إلي هذه الفصيلة الحيوية.
من ناحية ثبات أو تحلل الأنظمة الحيوية، نجد أنها تختلف في شدة القوي التي تساعد جزيئاتها الداخلية علي التماسك والترتيب والتنظيم، كمكونات ذات طبيعة حيوية. وتحافظ عدد من الروابط الكيميائية علي شد مكونات هذه المركبات أو "الجزيئات العليا" إلي بعضها البعض. وتختلف الروابط الكيميائية في طبيعتها في الأنواع المرتبطة بالحياة، إذا ما قورنت بالمواد الجامدة، التي تكون المعادن والصخور والرمل. وتتدرج الروابط الكيميائية في أنظمة هذا الكون إبتداءاً من الضعيفة والهشة إلى الأنواع الكهروستاتيكية المشحونة، أو من نوع الرابطة الهيدروجينية الأضعف نسبياً، مقارنةً بالروابط الكيميائية التساهمية. وتعتبر الروابط الكيميائية التساهمية من الأنواع الأقوى في مدي تماسكها وجذبها لمكونات الجزيئات الحيوية الداخلية لكي تحفظها وتشدها مع بعضها.
يساعد هذا الفرع من كيمياء الجزيئات العليا على فهم التراكيب الحيوية في داخل الفيروسات. كما يساعد في فهم طبيعة تركيبها، الذي يعتمد في الغالب علي الروابط غير التساهمية في بناء هذه الهياكل الدقيقة الحيوية. وتعمل الروابط غير التساهمية في بناء الفيروس الذي يتكون أساسا من الأحماض النووية والبروتين والدهون. وتتجمع هذه المكونات ذاتياً في حبكة عجيبة لتشكل هذا الفيروس. وفي المقابل، يتكون الصابون من أملاح وتراكيب دهنية. ويوجد في جزيئات دقيقة تقاس بوحدة النانوميتر. والنانومتر، عبارة عن وحدة لقياس الأطوال الصغيرة جداً في النظام المتري، وتساوي واحد من مليار جزء من المتر. وبذا، تستطيع جزيئات الصابون الدقيقة التغلغل في الفجوات والأماكن متناهية الصغر. ووجه الشبه بين الفيروسات والصابون احتواء كليهما علي الدهن. كما تتشابه الفيروسات مع الجزيئات الدهنية أو الغنية بالدهون. ومثلها مثل الأوساخ الدهنية التي تلطخ سطح الأواني المنزلية والملابس. وتستطيع الفيروسات الثبات على الأسطح المختلفة، مثلما تلتصق الأوساخ علي الجلد والثياب. ويمكن نقل الفيروسات هنا عبر اللمس من مكان إلي آخر. وقد تنتقل من الأسطح أو اليدين إلى الوجه والجلد والجهاز التنفسي وغيره، خصوصاً إذا كنت ممن يكثرون اللمس على وجهه بغرض الدلك أو غيره .
يذيب الصابون الدهون ويغسلها. ويستطيع الصابون فصل أو نزع الدهون من النسيج أو السطح الذي توجد عليه. وعلي سبيل المثال، عندما تغسل يديك بعد وجبة دسمة غنية بالدهون، يساعدك الصابون في التخلص من الدهن العالق باليد. وهنا يذيب الصابون غشاء حبيبات الدهن. ولكل حبيبة دهنية غشاء رقيق مثل الذي تراه في فقاعة الصابون. وتدخل جزيئات الصابون "النانومترية" إلي داخل تراكيب الفيروس وتشتت أجزاءه وتفرقها. وبالتالي يتفكك الفيروس، و يصبح غير فعال. والفيروسات ليست كائنات حية،ولا تظهر عليها بعض علامات الحياة الا عندما تكون داخل الخلايا الحية. وقد تظل الفيروسات نشطة وفعالة في مقدرتها علي العدوي لساعات وأيام في بعض الأحوال، عندما تكون خارج الخلايا الحية، علي الأسطح مثلاً.
لماذا يعمل الصابون بكفاءة عالية للوقاية والتخلص من فيروس كورونا ؟
ولنبدأ بالسؤال المركزي: لماذا يعمل الصابون بكفاءة عالية للتخلص من فيروس كورونا أو فنائه ؟ ببساطة لأن الصابون مكون من جزيئات دقيقةnano-particles)). وتستطيع جزيئات الصابون الدقيقة ترتيب تركيبها وإعادة شكلها في حركة كيميائية نشطة في حالة دورانها في الوسط المائي. ويعمل الصابون بشكل جيد جداً علي فيروس كورونا وعلي كثير من الفيروسات الأُخرى المرضية. ويتركب الصابون من تراكيب دقيقة،تحتوي علي الدهون. وتشكل الدهون أضعف الحلقات في الصابون. وتوجد دهون الصابون في طبقة ثنائية. ويشارك الصابون الفيروسات عموماً في وجود هذه المكونات التي تنتمي لفصيلة الدهون.
تتوفر أيضا بدائل أخري تجارية تعمل كمنظفات، مثل المطهرات والمناديل المجففة والجل وأنواع من الكريمات التي تحتوى علي الكحول (أو قليل من الصابون). وتعمل هذه الأنواع من المنظفات مثل عمل الصابون في خفض نشاط الفيروسات، ولكنها لا تماثل الصابون الطبيعي في الكفاءة والجودة العملية. وبالمقابل، إذا تركنا الصابون والكحول جانباً وذهبنا إلي المضادات البكتيرية، تجد أنها لا تؤثر علي التراكيب الفيروسية بأي شكل من الأشكال. وتظل مثل هذه المضادات البكتيرية كمنتجات قد تكون بديلة للصابون. ولكنها غالية الثمن وغير فعالة في التخلص من الفيروسات. ويظل الصابون سيد المنظفات للتخلص من الفيروسات، من ناحية الكفاءة. ويليه الكحول والمناديل المبللة، مثل التي تقابلك في صحون الوجبات الجاهزة التي تقدم هذه الأيام في المناسبات السعيدة.
ولماذا يعتبر الصابون مادة ممتازة للتخلص من الفيروسات؟
للإجابة علي هذا السؤال، لابد من شرح مبسط عن تركيب الفيروس والتركيب الجزيئي للصابون. ويرى الناظر بعين الكيمياء إلي الجزيئات الدقيقة التي يتركب منها الفيروس والصابون، هياكل متناهية الصغر، تقاس بوحدة النانومتر. وتقاس أبعاد الفيروسات عموماً ما بين 50 إلي 200 نانومتر حسب كبر الحجم. وهنا تظل هذه الكيمياء هي الرابط بين مكونات الفيروس وجزيئات الصابون. ويتكون هيكل الفيروسات عموماً من ثلاثة أجزاء رئسية، وهي:
1/ الأحماض النووية (DNA/ RNA) التي تشكل المادة الوراثية . وهي الآلية الأساسية التي تأمرببناء مكونات الفيروسات.
2/ البروتينات التي تعمل مثل طوب البناء لجسم الفيروس. وتساعد أيضا في دورة العدوى وإختراق الخلايا الحية المصابة بالفيروسات وتكاثر جزيئاتها.
3/ الدهون التي تشكل طبقة خارجية لحماية الفيروس. كما تساعد في إنتشار الفيروس وعملية إختراقه للخلايا الحية لإصابتها.
ولا تنقسم الفيروسات أو تتكاثر، مثلما يحدث في الخلايا الحيه الأخرى. بل تقوم الفيروسات عندما تدخل الخلايا الحية بتركيب وبناء هذه الجزيئات الثلاثة وهي المادة النووية والبروتين والدهون. وتتجمع هذه المكونات الثلاثة لاحقاً لتكون الفيروس الكامل، فيما يعرف بعملية التجميع الذاتي. وتتم عملية التجميع الذاتي في داخل الخلايا الحية، التي تتفجر لاحقاً عندما يتكاثر عدد الفيروسات. وعلي كل حال، يتم تجميع جزيئات الفيروسات بواسطة البروتين الذي يشكل روابط هشه وضعيفة غير تساهمية، لتجمع بين هذه المكونات الثلاثة
يصير هذا التركيب الفيروسي المجمع من المكونات الثلاثة صلباً جداً. وتتشكل الفيروسات،مثل الكورونا، في أبعاد تتراوح بين 50 إلي 200 نانومتر. ولذا، تعتبر من الجزيئات الدقيقة. وفي هذه التركيبة (النانو) تتفاعل الفيروسات بطريقة معقدة مع الأسطح التي تحط عليها. وتختلف درجة الإلتصاق بالسطح بحسب نوع المادة والشكل الهندسي الدقيق للسطح. ونجد فرقاً وأضحاً بين أسطح الجلد والخشب القماش في مقابل الزجاج والسيرميك والطلاء، بوصفها مختلفة جدا. عندما يغزو الفيروس الخلية الحية، تختطف المكونات الوراثية (الأحماض النووية) كل الآليات الحيوية في الخلية الضحية مثلما يختطف الفيروس أجهزة الحاسوب. بل، ويأمر الفيروس عبر مكوناته الوراثية، الآليات الموجودة في الخلايا الحية المصابة بإنتاج متكاثر من المكونات الفيروسية آنفة الذكر. وتتكون نسخ جديدة عديدة من المادة الوراثية الفيروسية أيضاً. وهنا تتجمع هذه المكونات الثلاثة مثلما تتجمع قطع السيارة الجديدة في سير التجميع لتولد نسخاً جديدة وطازجة من الفيروس. وبعبارة أخرى، لا يستطيع الفيروس نسخ نفسه كاملا مثل الكائنات الحية. بل ينسخ أجزاؤه الثلاثة التي تتجمع لاحقاً لتكون فيروسات جديدة. وعندما تتكاثر هذه الفيروسات الجديدة. تنفجر الخلية المصابة أو تموت. وتنطلق الفيروسات لتسبب دورة شريرة من عدوى أخرى في خلايا حية جديدة. وعلي سبيل المثال، تتجمع فيروسات الكورونا من مصادر العدوي إلي داخل الجهاز التنفسي في الممرات الهوائية، وعلي الأنسجة والأغشية المخاطية المحيطة بالرئة. ومن هنا تبدأ دورة الإصابة في الجهاز التنفسي.
عندما يكح الإنسان المصاب بالكورونا أو يعطس، تنتشر ذرات دقيقة في الممرات الهوائية المندفعة لمدى قد يصل إلي عدة أمتار. وفي حالة فيروس الكورونا الثقيل نسبياً، قد يقذف إلي مدي لا يقل عن المترين. ولذا، لابد من تغطية الأنف عندما يعطس الإنسان أو يكح. علي كل حال، تحط الفيروسات علي الأسطح بعد العطس. وقد تجف سريعاً. ولكنها ما زالت نشطة رغم جفافها. وما يحدث لاحقاً، مشهداً متكرراً من قابلية الفيروس لبناء أجزائه وتجميعها وإعادة دورة العدوى، أو بقائه علي السطح الذي نزل عليه.
لماذ يختلف نوع السطح الذي تنزل عليه الفيروسات؟
لابد من ملاحظة أن المركبات المتشابهه أكثر قابلية للإلتصاق مع الأسطح المشابهة لها في التركيب العام. والجلد والخشب والقماش، وكلها من مصادر حية، أكثر كفاءة لإلتصاق الفيروس بها، إذاما قورنت بالزجاج أو السيراميك أو البلاط أو سطح المعدن. علي كل حال، لا ترتبط الجزيئات علي سطح المعدن والسيراميك والبلاط بأي روابط هيدروجينية، مثلما يكون الحال مع الأنسجة الحيوية، مثل الجلد والخشب والقماش. ويلتصق الفيروس بالأسطح لمدة طويلة، في حالة غير نشطة أو فعالة.
ترتبط جزيئات الفيروس مع بعضها بما يعرف بالروابط الهيدروجينية الضعيفه العديدة، كالتي توجد في الماء بجانب روابط أخرى محبة للدهون. ويستطيع الجلد والقماش والألياف والخشب تكوين الروابط الهيدروجينية مع الفيروسات بطريقة أسرع من الأسطح الأخري. بينما لا توجد مثل هذه الروابط الدقيقة في أسطح المعدن والسيراميك والبورسلين والتيفلون. ولذا، لا ترتبط مثل هذه الأسطح بالفيروسات ولا تستطيع أن تثبت عليها، بل تحط علي هذه الأسطح مثل الغبار. ولذا يكون وجود الفيروس فيزيائياً فقط علي المعدن وما يشبهه، بينما لا تستطيع فيروسات الكورونا الإنتظار لنفس المدة علي الأسطح التي تتكونمن المصادر الطبيعية مثل الجلد والخشب والقماش.
إلي متى يظل الفيروس نشطاً علي الأسطح المختلفة؟
تعتمد خاصية نشاط الفيروس هذه علي عدد من العوامل. وعلي سبيل المثال، يظل فيروس الكورونا نشطاً علي الجلد لعدة ساعات، وقد تمتد إلي يوم كامل. وتؤثر عليه عوامل مثل نسبة الرطوبة أو الماء كمادة مذيبة، ومعدل الطيف فوق البنفسجي الموجود في الضؤ، بجانب الحرارة والتي تخفض من نشاط فيروسات الكورورنا.وعموما، يلاحظ قلة نشاط فيروس الكورونا في الجو الحار نسبيا. ويشكل الجلد بيئة مناسبة جداً لانتقال فيروس الكورونا، لأنه مكون من مركبات عضوية. وتتفاعل البروتينات والدهون التي تكثر في الخلايا الميتة والمنتشرة بكثرةً علي سطح الجلد مع الفيروسات عبر الروابط المحبة للماء والروابط الهيدروجينية، وتعمل علي تثبيتها.
إذا لمس الإنسان سطحاً معدنياً به فيروس، سينتقل إلي اليد ومنها إلي أعضاء الجسم. وإذا لمس الإنسان وجهه، سينتقل فيروس الكورونا من اليد إلي الوجه، وهكذا. ولا يعتبر الإنسان مصابا حتى هذه اللحظة من الإنتقال. ولكن يكون فيروس الكورونا في هذه الحالة قد إقترب بدرجة خطيرة للممرات الهوائية والتنفسية والأنسجة المخاطية التي تغطي الجهاز التنفسي والفم والعينين. يعتبر الإنسان مصاباً عند دخول الفيروس إلي داخل أنسجة الجسم، مثل الرئة. وهنا، قد يستطيع نظام المناعةفي الإنسان التدخل والحماية وتحييد الفيروس، ولا تحدث الإصابة. وفي حالة فشل نظام المناعة، ستستمر الإصابة إلي حين ظهور الأعراض في خلال إسبوعين، خصوصا عند كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة مثل الضغط المرتفع والسكري.
وإذا كان الفيروس علي يديك، ستمرره إلي من تصافحه أو من تقبله أيضا. ولذا، ينصح بعدم التقبيل الشائع عند كثير من شعوب المنطقة عند السلام علي بعضهم البعض في حالة الأوبئة الفيروسية التنفسية، مثل الكورونا. وتعتبر فيروسات الكورونا محبة لتجمعاتنا في المناسبات أيضا. وبالطبع، إذا عطس أحدهم في وجهك مباشرةً، ستمتلئ أجزاء كثيرة من جسمكبما يحمله ذلك الشخص من فيروسات. وقد ترش الفيروسات علي وجهك او سطح جسمك أو جلدك أو يديك أوعلي ملابسك.
ولنعرج قليلا علي حكاية اللمس والصابون. يلمس الإنسان وجهه كثيراً دون الإنتباه لذلك. وقد يلمس بعضنا وجهه بمعدل مرة كل خمسة دقائق، في حالة الصحو. ولذا يظل الإنسان في وضع الخطر إذا كانت يديه ملوثة بالكورونا. ويزول مثل هذا الوضع الخطر بسرعة إذا غسلت يديك بالصابون. وعند الغسل، يذهب الفيروس النشط إلي البالوعة أو غيرها. برغم قلة كفاءة الماء لوحدها في غسل الفيروسات، إلا أنها لابأس بها. وهنا تتنافس الماء علي الروابط الهيدروجينية التي تساعد على إلتصاق الفيروس بالجلد. وقد يزيل الماء بعضاً من الحمولة الكلية للفيروس. ولكن، قد يكون الفيروس ملتصقاً بشدة، ولا يكفي الماء في هذه الحالة لغسله. والماء المصوبن أو الغسل بالصابون والماء مختلف جداً عن الماء لوحده. وذلك لأن الصابون غني بالروابط والمكونات الدهنية التي تشبه الدهون الموجودة في أغشية الفيروسات الدقيقة.
تتنافس جزيئات الصابون الدقيقة مع الأغشية الدهنية التي تغطي فيروس الكورونا. كما تتنافس جزيئات الصابون الفعالة مع العديد من الروابط غير التساهمية الموجودة في الفيروسات. وتساعد الروابط غير التساهمية في هيكل الفيروسعلي تماسك الأحماض النووية والبروتينات والدهون معاً في مكون واحد.
وتعمل جزيئات الصابون في الوسط المائي وبكفاءة عاليةفي حالة الغسيل. وتعمل على تحلل هذا التماسك بين جزئيات ومكونات الفيروس وتفككه.ويساعد الماء في عملية الغسل أو الإزالة للأجزاء المتفككة من الفيروس. وبنفس المنطق، تساعد جزيئات الصابون علي فك الإرتباط بين الفيروس والجلد. وينزلق الفيروس ويسقط جانباً، مثل ورق اللعب "الكشتينة"، عندما ينزلق ويتشتت وذلك بفعل المشاركة بين جزيئات الصابون والماء. وهنا نحمد الله ببعد ذلك البلاء.
ما هي خواص تراكيب الجلد التي تتفاعل مع الكورونا؟
أما تراكيب الجلد فلها خواص أخرى. توجد بالجلد تعرجات ومنخفضات ومرتفعات دقيقة لا ترى بالعين المجردة. وقد يكون خشناً بعض الشئ. وتتطلب مثل هذه التضاريس الجلدية الدقيقة في تركيبها الكثير من الدلك في وسط البلل بالماء والصابون، حتى تتأكد من دخول جزيئات الصابون والماء في تلك المنعرجات السطحية الدقيقة في الجلد الخارجي. وقد تشكل هذه (الحفيرات) الدقيقة ملجأ آمناً للفيروس، إذا لم تغسل بالصابون بدقة. ونجد درجة أقل من الكفاءة في التخلص من الفيروسات، عندما نستعمل المنظفات الأخري والمطهرات الكحولية. وتستطيع هذه المركبات التخلص الجزئي من الفيروسات، ولكنها لا تماثل كفاءة الصابون أو تصل إلى جودته في إزالة الفيروسات.وعلي كل حال، يعمل الكحول منفرداً كمادة مذيبة للدهون، بجانب تفاعلاته على الروابط الهيدروجينية. وتعمل أيضاً المناديل المبللة بالكحول على التخلص من الفيروس ولكنها لا تصل إلي كفاءة الغسل بالصابون والماء أو بالماء المصوبن. وعند إستعمال الكحول كمطهر أو منظف، لابد من أن لا يقل التركيز الكلي عن 60% على الأقل ليصير فعالاً ضد الفيروسات. والكحول أكثر كفاءة من الماء في قابليته لإذابة الدهون الفيروسية. بل يساعد أيضاً في تفكيك جزيئات الفيروس عبر مقدرته علي التفاعل مع المركبات المحبة للدهون بداخل تراكيب الفيروسات.
وفي خلاصة القول، قد تحتوى بعض المنظفات والمطهرات البكتيرية علي الكحول والمواد الصابونية، ولذا تساهم جزئياً فى التخلص من الفيروسات. ولكن، كل المواد القاتلة للبكتيريا قد بنيت علي فسلفة كيميائية أخرى، غير فعالة في التخلص من الفيروسات. ولذا لا تنفع المضادات الحيوية في هذ الإصابة الفيروسية. كما أن الماء ليس فعالاً بالدرجة الكافية للتخلص من الفيروسات، إلا إذا خلط بالصابون وجزيئاته الساحرة. كما يعمل الكحول أيضاً في النظافة من الفيروسات. ولكنه لا يستطيع أن يعلو علي الماء والصابون والدلك المتكرر في التخلص فيروس الكورونا.
أ.د. محمد زين علي - جامعة القضارف
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.