جاء في الأنباء أن السيد رئيس الجمهورية أصدر قرارا بإعفاء المهندس الصافي جعفر من إدارة مشروع سندس الزراعي وتعيينه أمينا عاما للمجلس القومي للذكر والذاكرين، وتكليف مسئول آخر بإدارة المشروع في إطار ما وصف بإعادة التركيبة الإدارية للمشروع وذلك لحين قيام الجمعية العمومية للمشروع التي تضم 850 مساهما. والخبر يحمل أكثر من بشرى، وإن جاءت متأخرة، أولها ترجّل الفارس الصافي جعفر بعد أن ظلّ سنين عددا في نفس الموقع يناطح الطبيعة بالإصرار على الزراعة في واد غير زرع ، فمنطقة مشروع سندس بتربتها "الرقيطة" و"العزاز" غير صالحة للزراعة كما أكدت تقارير الخبراء البريطانيين قبل أكثر من ستة عقود من الزمان ، وإذا زرعت فإنها ستكون زراعة غير اقتصادية بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وضعف المردود، ولهذا اتجه مشروع الجزيرة، طيب الذكر، للتوسع جنوبا في امتداد المناقل بدلا من التوسع الطبيعي شمالا، فضلا عن أن انحدار الأرض الطبيعي في منطقة سندس يتجه من الشرق إلى الغرب ،أي من النيل الأزرق إلى النيل الأبيض، وإذا كان لابد من زراعة سندس رغم كل هذه المحاذير فكان من الأفضل أن تروى بترع مشروع الجزيرة التي تنتهي في الشمال بدلا من المضخات العملاقة التي ركبت أكثر من مرة لرفع الماء من النيل الأبيض في اتجاه الغرب. المعروف أن المشروع قد أفتتح أكثر من مرة واحدة خلال السنوات الماضية التي تقارب العقدين في مشاهد تلفزيونية مثيرة دون أن يرى الناس طحنا في نهاية اليوم. السيد الصافي جعفر عراب المشروع لن يذهب في "استراحة المحارب" التقليدية، وهي فترة الانتقال الخاصة بأهل النظام من مناصب رفيعة إلى مناصب مماثلة أو أرفع، فقد تضمن قرار الإعفاء قرارا آخر بتعيينه أمينا عاما للمجلس القومي للذكر والذاكرين ،وهو مجلس لم أسمع عنه من قبل، ولكني أتصور أن المنصب الجديد سيكون رفيعا برفعة منصب مدير عام مشروع سندس الزراعي ويليق بالسيد المهندس الصافي جعفر بغض النظر عن تخصصه الأصلي في مجال الهندسة. البشرى الثانية هي التحضير لاجتماع الجمعية العمومية للمساهمين في المشروع، وهي الجهة التي يفترض أن تضع وتجيز السياسات والميزانيات العامة وتعين المدير العام ، ولا أذكر أن هذه الجمعية العمومية قد اجتمعت في يوم من الأيام. اجتماعها في حد ذاته يعتبر حدثا كبيرا. البشرى الثالثة هي إقرار مبدأ إعادة هيكلة المشروع أو إعادة التركيبة الإدارية كما جاء في القرار أو الخبر ، وهذا يفتح باب الأمل في النظر في الجدوى الاقتصادية الحقيقية للمشروع برمته، فليس أسوأ من ارتكاب الخطأ سوى الإستمرار في ارتكابه. أما البشرى الرابعة فهي أمنية أكثر من كونها بشرى.. أمنية المغتربين المساهمين في هذا المشروع، في هذا المولد الانتخابي وأيامه المفترجة، برد مساهماتهم لهم، بعد أن زهدوا في جنة سندس، وهذه المساهمات دفعوها بحماس شديد قبل نحو عقدين من الزمان ،أي مع بداية المشروع، مهرا لوعود جميلة أطلقها لهم المهندس الصافي جعفر ولم يستطع هؤلاء آنذاك ، رغم أنهم الحلقة الاضعف من بين كل المساهمين، مقاومة سحر الرجل ونداوة كلماته. (عبدالله علقم) [email protected]