خضرعطا المنان -الدوحة [email protected] كنت هناك .. زرتهم عدة مرات كانت غنية بالحوار والتعرف عن قرب على رؤاهم وتفكيرهم وهمومهم باعتبارهم أصحاب قضية أنا من المؤمنين بها تماما وبعدالتها .. كانت لقاءاتي بهم متفاوتة ومتقطعة بحكم طبيعة عملي التي لا تسمح لي بكثير من الوقت .. ولكني التقيت بهم أفرادا وجماعات على اختلاف (انتماءاتهم الحركية) .. وجدت بينهم من أعرفه ويعرفني ويقرأني ومنهم من لم يسمع بي مطلقا ولم يرد اسمه بمسامعي يوما .. بل منهم من تكرم بزيارتي بمنزلي ... خاصة وانني كنت صديقا للكل كاعلامي حر بصرف النظر عن رأيي في الحركة التي ينتمي اليها أي منهم . عموما كنت شاهدا على ماجرى في باحة (شيراتون الدوحة) وكذا فندق (موفنبيك) المواجه عند منحنى (كورنيش الدوحة) حيث توافدت حركات دارفورية مسلحة وغير مسلحة وكذا أفراد من نساء ورجال من تنظيمات مدنية .. أي واحد – من كل هؤلاء - يرى في نفسه أنه الأجدر بالتحدث باسم أهلنا في دارفورمشردين ونازحين ومطاردين وساكني العراء وملتحفي السماء .. الكل – من منتسبي هذا المولد الدارفوري المتخم - يرى أنه الأولى بهذا الشرف العظيم .. لايهمه من هو ذلك الدارفوري الآخر القادم سواء من أقاصي الدنيا ( أمريكا – كندا- أوروبا ) أو جاء من الخرطوم أو من الميدان أو طرابلس أو أديس أبابا أو القاهرة أو أي بقعة أخرى في هذا العالم الفسيح !!!. المهم توالت هذه الجماعات حتى قارب عدد افرادها – في مرحلة من المراحل التفاوض الذي لايزال مستمرا حتى كتابة هذه السطور- التسعين شخصا تقريبا توزعوا في غرف ( شيراتون الدوحة) وملأوا باحته بسحناتهم السمراء جلوسا ووقوفا وتجوالا .. بعضهم بملابسه شبه المنزلية وبعضهم بملابس أشبه بملابس الرياضة أو تلك التي يلبسها المتنزهون على الشواطئ في أوروبا أو امريكا .. وقليل منهم من كان مهتما بهندامه وبعضهم كان كذلك حين يهم بالخروج للتسوق أو السياحة أو تزجية الوقت في المنطقة المحيطة بالفندق . بعضهم هؤلاء الاخوة تحاشى – لا سيما في أيامهم الأولى بالفندق - حتى مجرد السلام على أخوانه من الحركات الأخرى حين يلتقون في ممر أو باحة من الشيراتون الفسيح أو المطعم .. وهي (الأزمة) التي أخذت في التلاشي رويدا رويدا مع مرور الايام .. واستطاع القليل منهم كسر(الحاجز النفسي) بينه واخوانه وربما كان لوجودهم جميعا - لبضعة ايام قبل بداية التلاقي أو التفاوض أو التحاور في ما بينهم - في ذات المكان هدفا مقصودا من الوسيط القطري وهو يعلم نفسية وتركيبة السودانيين مهما بلغت العداوات حدا بينهم .. وقد سجل هدفا رائعا هذ ا الوسيط بهذه الطريقة في مرمى دارفور الجريحة وحقق نجاحا أوليا كان له مابعده دون شك . المهم ان لقاءات جرت وامتدت الأيام و( شيراتون الدوحة ) يعج بالوجود الدارفوري وعلى الجانب الآخر هناك ممثلو وفد حكومة الانقاذ التي هي أشبه بمعزولة وحيدة في معسكر وكل أهل السودان – يتقدمهم هؤلاء الدارفوريون - في المعسكر المقابل .. احساس ينتابك وانت تدلف من مدخل الفندق الرئيسي الى باحاته الداخلية .. فهناك – من هذا الوفد الانقاذي المعزول – من لا صلة له بالموضوع أصلا بحكم مسمى وظيفته .. ولكأني بهم جاءوا قسرا أو فرضوا أنفسهم فرضا على وسيط فتح ذراعيه لكل قادم باسم دارفور حتى لو كان مجرد موظف بسفارة سودانية بدولة خليجية أخرى بخلاف الدولة المضيفة .. وهو أمر لم أفهمه ولا أدري ما المغزى منه .. ولكنها دولة الانقاذ حيث لا فرق – في قاموسها - بين موظف أمن بسفاراتها أو سفيراو قنصل او خلافه !!!. هناك كانت سريالية المشهد : * حركات لا تدري لماذا حضرت الى الدوحة وكأني بها جاءت على غير هدى أو رمت بها الاقدار في درب هذا المشهد !!! * أفراد يسعون للتفاوض أملا في حل لأزمة أهلهم في ذلك الاقليم المنكوب .. ولكنهم لا يدرون من أين يبدأون وكيف وماهي نقاط الالتقاء أو الاختلاف مع الآخرين من اخوانهم الذين جاءوا للغرض نفسه !! . جاؤوا من كل حدب وصوب .. بعضهم يحمل على عاتقه أجندة من أوفده وظل يصرف عليه ويستحسن فيه ويسمح له بالاقامة الحرة على أرضه .. وبعضهم جاء متبوعا بمراقب ( عين ) تحصي حتى عدد أنفاسه وترصد كل تحركاته . * حركات تخبرني بان كل فرد فيها هو قائد ميداني وقد حضر لتوه من هناك .. وأخرى تحدثني عن جماعات متفقة معها في بلد ما ولكنها لم تحضر وستحضر لاحقا للمشاركة في حوار السلام بغية تحقيقه . * حركات لم يسمع أحد بها ولكنها (ممثلة لجميع أهل لدارفور!!!) كما يقول لي منتسبوها !!!.. * حركات مؤتلفة وأخرى مختلفة وثالثة بين الحالين ورابعة لا تعترف لا بمختلفة ولا مؤتلفة ولا حتى بتلك التي بين الحالين ولكنها ترى في نفسها ( الممثل الشرعي الفعلي والوحيد لكافة أهل دارفور !!!). مسميات تلك الحركات – بتعددها وتكاثرها وتوالدها – يكاد يصيبني بالدوار كلما نظرت الى قائمته أمامي .. أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : حركة العدل والمساواة / الدكتور خليل ابراهيم / الذي كان حتى الأمس القريب واحدا من قادة هذا النظام قبل المفاصلة الشهيرة بين عراب الانقاذ و(مشيره ) الحاكم اليوم .. وخرج عن بيت الطاعة / الزوجية الآمن !!!. حركة العدل والمساواة الديمقراطية حركة العدل والمساواة القيادة الجماعية حركة العدل والمساواة القيادة الثورية حركة جيش تحرير السودان / التسوية والتغيير حركة تحرير السودان ( عبد الواحد محمد نور ) الجبهة الشعبية الديمقراطية الجبهة الثورية السودانية حركة جيش تحرير السودان / قيادة الوحدة جبهة القوى الثورية المتحدة حركة جيش تحرير السودان / وحدة جوبا ثم أخيرا – وليس آخرا – حركة التحرير والعدالة برئاسة الدكتور التيجاني سيسي حاكم اقليم دارفور سابقا والذي ظهر فجأة - كلاعب جديد - في واجهة أحداث ومساعي السلام في دارفور والذي يمكن أن يطلق عليه ( كرزاي دارفور ) تيمنا ب (كرزاي أفغانستان) الذي جاءت به الولاياتالمتحدة – وهو الحامل لجنسيتها – رئيسا على شعب تلك الدولة الملتهبة بعد أن أصبحت مرتعا خصبا للقاعدة بزعامة السعودي الهارب من السودان ( اسامة بن لادن ) . ودارفور التي تعادل مساحتها مساحة فرنسا ذات الستين مليونا من الأنفس تم اختزال قضيتها في حفل توقيع اطاري حضره لفيف من الوسطاء الدوليين والاقليميين كان طرفاه حكومة كانت هي سبب النكبة بهذا الاقليم المكلوم وحركة ولدت ولادة قيصرية من العدم بعد أن تم جمع أفرادها على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم ومن 14 حركة دارفورية مسلحة لتكون ممثلا حقيقيا لشعبنا الكريم في دارفور كما يدعون أو يزعم قادتها العائدون من خلف جدار الصمت ( الدكتور التيجاني سيسي ) الذي ظل متخفيا عن الانظار منذ تفجر الازمة في دارفور العام 2003 دون أن يسمع له صوت .. أو كما أظن !!. وهذا هو ماقصدته في العنوان ب ( كرزاي الجديد ) .. فهل الرجل قادر حقا على انتزاع السلام من بين مخالب نظام كان سببا في الأزمة المستفحلة في دارفور ؟؟ يتبع ........