بسم الله الرحمن الرحيم تخبط جل الأحزاب التي تسمي نفسها معارضة فالأحزاب التي كانت تطالب حكومة الوحدة الوطنية بإنجاز مستحقات اتفاقية نيفاشا وتنفيذ ما نصت عليه الاتفاقية منذ توقيعها وتطالبها باستعجال تنفيذ الخطوات المتعلقة بإجراء الانتخابات، خاصة العام الماضي، هي نفسها الأحزاب التي تنادي بتأجيل الانتخابات الآن وذلك قبيل أيام قليلة من الموعد الذي حدد العام المنصرم للانتخابات !!!!!!!!!! وهي لنا كمواطنين سودانين أن نتساءل: لماذا كانت هذه الأحزاب تطالب بتنفيذ نصوص نيفاشا وخاصة تلك المتعلقة بإكمال العملية الانتخابية إذا كانت لا تريد أن تشارك فيها؟ هل كان الأمر مجرد محاولة للضغط على المؤتمر الوطني ظنا منها أنه لا يريد إجراء أي انتخابات وعليه لن يوافق على تنفيذ استحقاقات العملية الانتخابية وما قبلها وما يليها؟ وبالتالي تكون هذه الأحزاب المعارضة – التي تظاهرت بدعم العملية الديمقراطية- قادرة على تحريك الشارع ضد الحكومة والمؤتمر الوطني فيما يعرف في أدبياتها بإشعال الشرارة الأولي؟ والآن وبعد أن اتضح لها جليا بأن الحكومة والمؤتمر الوطني جادين في اتمام العملية الديمقراطية عبر إجازة كل القوانين ذات الصلة وتشكيل مفوضية قومية للانتخابات من شخصيات - وطنية لا شك في قوميتها وحيادها- أول من وافق عليها أحزاب المعارضة، وبعد أن شعرت هذه الأحزاب الهزيلة التي استهلكت ليس فقط فرصها في الحكم بل استهلكت حتي أسباب وجودها واستمراريتها، بدأت هذه الأحزاب تبحث لها عن سبيل! وكان أن اجتمعت فيما يعرف بمؤتمر جوبا بحثا عن وسيلة للضغط على الحكومة، ولكنها تفاجئت بإصرار الحكومة المضي قدما في العملية الديمقراطية وتنفيذ كل ما نصت عليه اتفاقية نيفاشا لإكمال العملية الانتخابية من قوانين وتعديلات. ثم اجتمعت الأحزاب مرة أخري، وجاءت هذه المرة بحيلة جديدة لم تنطلي على الحكومة مطالبة بتأجيل الانتخابات ورفعت الأمر إلى رئاسة الجمهورية للنظر به. ولكن هذه الأحزاب التي استنفذت أسباب وجودها فات عليها إن ما تقوم به لا معني له وأن مذكرتها التي رفعتها لرئاسة الجمهورية كان قد رد عليها بالرفض حتي قبل أن تسلم لجهتها. وذلك ليس تعنتا وغلوا من المؤتمر الوطني، ولكن لأن الحركة الشعبية التي حسمت أمر الاستفتاء قبل إجراءه، تحاول جاهدة لخلق ظروف معينه في الشمال لفترة سودان ما بعد الانفصال، وذلك بمحاولة نفخ الروح مرة أخري في أحزاب صارت جسدا بلا روح، وتسخيرها لتنفيذ مراميها ومرامي من يعملون وراء الكواليس من القوي الدولية. ولكن هيهات فالروح من أمر ربي! فجل ما يسمي بأحزاب المعارضة يعلمون علم اليقين بأن الشعب السوداني لم يعد هو كما كان – وما زال- يريد له هؤلاء.. فالجهل قد حل محله العلم .. والجسد قد تعافي من بعد سقم .. والفقر قد سد رمقه الازدهار الاقتصادي .. والذاكرة الخربة للوطن حل محلها فكر متقد وبصيرة نافذة وقدرة كبيرة على التمييز واتخاذ القرار .. أما التبعية العمياء التي كان يستغل صهوتها هؤلاء وصولا إلى كراسي الحكم قد ذهبت بلا رجعة.. فيعلم هؤلاء أن من يريد أن يحكم هذا الشعب اليوم فليبرز له قائمة إنجازاته.. نحن نقدس كثيرا الآباء والأمهات والأجداد – تماما كما نقدس الأخوة في الدم والعقيدة والوطن في علاقاتنا الاجتماعية والخاصة.. ولكن حين تصير القضية هي الوطن .. وحين تصبح المهمة مصير أمة .. وحين يكون الأمر دفعا عن العقيدة.. فحينها فلا نعرف الاستغفار لمن عارض كتاب الله وشرعة ورفض قبول دعوة رسوله (ص) حتي لو كانوا اباءنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا.. ولا نكترث كثيرا لمن يعيش على ماضيه وماضي أجداده .. فالنار تلد الرماد .. والمقياس هو الإنجاز .. الرأي لإنسان هذا الوطن الذي لم يعد- بحمد الله وفضله- كما يشتهي أولئك. أستعجب لمن مازال يرتمي في أحضان الخونة والمارقين والقوي الغربية.. ويطمع أن يمنحه إنسان السودان صوته وثقته.. بالله قولوا لنا ماذا فعلتم في الماضي حتي نعيدكم مرة أخري إلى كرسي الحكم؟؟؟ بالله أرونا إنجازاتكم لشعب هذا الوطن حتي يمنحكم ثقته مرة أخري؟؟؟ بالله تحدثوا إلينا بأفعالكم وليس بأفواهكم فزمان الكلمات قد مضي.. من المعروف أن الديمقراطية عملية طويلة ومعقدة.. ومن المعروف أيضا أن ترسيخ مبادئ الديمقراطية يحتاج إلى فترة طويلة وعمل دؤوب وصبر ويقين.. وكل من له صلة بالسياسة ولو ضعيفة يدرك تماما أن الانتخابات ليست سوي مرحلة من مراحل العملية الديمقراطية.. وأنها ليست أهم مراحلها على الإطلاق، كما يقول بذلك دهاقنة السياسة من الغربيين أنفسهم! فجل أحزاب المعارضة إن قد فعلت خيرا بعودتها لممارسة نشاطها من الداخل.. وجل هذه الأحزاب قد عاد بسينين عديدة قبل ميلاد نيفاشا وقليل منها من عاد بعدها. ونحن الآن في العام الأخير لهذه الاتفاقية التي من المفترض – بجانب وضعها حد للاقتتال الذي كان دائرا في الجنوب- أن تضع اللبنة الأولي لعملية التحول الديمقراطي في البلاد.. وجل هذه الأحزاب – التي عادت قبل أو بعد نيفاشا- قضت عمرا في البلاد، بل وكانت تتابع – وفي أحيانا كثيرة تشارك - خطوة بخطوة عملية التحول الديمقراطي. وكثيرا منها إنداح في البلاد بعقد المؤتمرات المختلفة داخل وخارج العاصمة – عمدا نتفادى هنا استخدام كلمة مؤتمرات عامة، وهي واضحة نصب عينيها مطلع العام 2010م الذي قيل قبل سنين عددا أنه سيشهد إجراء أول انتخابات (حرة ونزيهة) في البلاد – رغم تحفظي الشخصي على ذلك- ولكننا نسوقه هنا على فهم هذه الأحزاب. ثم بحث هذه الأحزاب عن أسباب أخري تتحجج بها للحيلولة دون إقامة الانتخابات فتداعت على بطلان البطاقات الانتخابية بحجة طباعتها داخل البلاد.. وهي نفسها التي كانت قد تابعت عملية العطاء لطباعة هذه البطاقات الذي أعلنت عنه المفوضية القومية للانتخابات .. كما تابعت أيضا كيف أن العطاء كان من نصيب مؤسسات أجنبية أوروبية وأفريقية وكيف أن الاختيار وقع على مطبعة العملة بعد ثبوت عجز أحدي المؤسسات الغربية – التي لا يثقون إلا بها- في الالتزام بتوفير العدد المطلوب من بطاقات الاقتراع في الوقت المحدد. ألم أقل لكم إن هذه الأحزاب قد استنفزت واستهلكت أسباب وجودها!! أيها السادة الذين يظنون أنهم كبار – ولا كبير لدينا إلا الله- لا يغرنكم بالله الغرور .. عودوا إلى ثوابكم ورشدكم.. أجعلوا من المواطن قضيتكم ومن راحته هدفكم تفحوا بإذن لله في الدنيا والأخرة.. أما عن سؤالكم لماذا اختار الشعب السوداني الانحياز للإنقاذ فالإجابة أوضح من أن يرد عليكم.. ألا ترون أن مستوي التدين قد زاد؟ وأن الرفاهية أصبحت السمة السائدة لغالبية شعب السودان؟ ألا ترون أن البلاد قد ربطتها الطرقات المعبدة والكباري المعلقة ومن قبلها وسائل الاتصال الحديثة المختلفة من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها؟ ألا ترون المصانع؟ والشركات؟ ألا ترون عدد المستثمرين الأجانب؟ ألا ترون أنهار النفط نجري أمامكم؟ ألا ترون نعمة السلام الذي تحقق بالجهاد والصبر والتقوي وبالتفاوض والمحافظة على مصالح الوطن العليا؟ وليس كما كنتم تدعون بالتخاذل والتراجع عن المقدسات والقيم وبيع العقيدة؟ وغيره كثير والقائمة تطول ولا ينكر إنجازات الإنقاذ إلا مكابر أو معارض جاهل!!! المهتمون بالسياسة يعملون علم اليقين أن عشرين عاما ليست شيء يذكر في تاريخ الأمم الذي يقاس بالقرون.. ونحن لا ننكر أن هنا الكثير الذي مازال علينا إنجازه.. ولكن الناظر لما كان وما هو كائن لا يمكن أن يصدق أن ذلك قد تم في ظرف عشرين عام فقط!! عشرون عاما عانت فيها البلاد ما عانت من قطيعة ومقاطعة ومعاقبة وعزلة ونزاعات وحروب أشعلها من أشعلها ونفخ فيها من نفخ فيها!! إن أقيم من بين ما قامت به الإنقاذ خلال هذين العقدين بعد تحقيق السلام في الجنوب ودارفور – وأعتقد شخصيا إنه أقيم من استخراج النفط – هو اهتمامها بالتعليم.. حيث أن لا دواء للجهل إلا العلم.. فبالعلم تتقدم الأمم ... وبالعلم يستقل الإنسان.. وبالعلم تحارب التبعية!!! إنني أشكر للإنقاذ اهتمامها بهذه القضية الحيوية وإنشائها لرياض الأطفال ودور العلم المختلفة في كل بقاع السودان.. حتي إن جاءت ما تسمي نفسها أحزاب المعارضة لم تجد ممن تركت جهلاء شيء.. بل كسراب بقيعة.. فالمؤتمر الوطني قد حسم أمره الذي هو أمر الله، واختار طريقه الذي هو طريق المصطفي عليه أفضل الصلاة والتسليم، وحدد هدفه الذي هو الإنسان السوداني، واختار وسيلته التي هي – ما تنادون به- الطريق الديمقراطي، والآن موعدنا السبت .. بلا رفث أو فسوق أو نكوص أو تراجع.. والله المستعان على ما تصفون!!!