23- الحَرَامِيْ فِيْ رَاسُوْ رِيْشَة يُحكى أن مُزارعاً إشتكى سرقةَ دجاجاتِهِ إلى شيخِ القرية، فجمع الشيخُ أهلَ القريةِ، وقال لهم: - إن دجاجاتِ هذا المزارع قد سُرِقت، وإنَّني أعرفُ من سرقها، ويجب عليه أن يعيدها فوراً، و إلا فإنني سأفضحَهُ على الملأ. فبدأ أهلُ القرية يهمهمون، ويتسآلون عن من فيهم السارق، ونعتوه بأقبح الصفات، وهمهمَ، من ضمنهم، السارقُ نفسه، طبعاً... وسألَ أحدُ المتجمهرين الشيخَ: - هل تعرفت على سارق الدجاجات؟ أيها الشيخ! فأجابه الشيخ، بنبراتٍ واثقة: - نعم، لقد عرفته! فسأله الرجلُ: - وهل هو موجودٌ بيننا، الآن؟ فأجاب الشيخ: - نعم، هو الآن هنا، بيننا! فسأله الرَّجُلُ مرّةً أخرى: - وهل تمكنتم من رؤيته؟ - نعم! لقد رأيته... - صِفْهُ لنا! يا شيخ. - لقد علقت على رأسه ريشة من الدجاج، عندما دخل في القفص! فما كان من اللَّص إلا أن تحسَّسَ رأسه، بحثاً عن الريشةِ الوهميَّةِ، العالقة براسهِ، مُصدِّقَاً الشيخُ. وبذلك، إنكشفَ أمرُ سرقتِهِ لجميعِ الحاضرين. ويقال في وصف المذنبين، الذين يشعرون، من داخل أنفسهم، بأن حالُهم مكشوفٌ، وخطيئتُهم بائنةٌ. ********** 24- الحُمَار، شَكَّرُوُهُوُ، رَقَدْ! والحِمارُ حيوانٌ مُضطهدٌ، بطبيعة الحال، ولكن، حمارَنا، بطلُ هذا المثل، إجتهد، وأبلى بلاءً حسناً، وقرّظ الجميع أداءهُ، وشكروهو ... وجازوه بأن أعلفوه علفاً مغذيّا، لذيذاً. فاستمرأ الحمار الأكل، والراحة، فصار سميناً، وضعف أداؤهُ، وعجز عن العمل وترك الإجتهاد، فرقد. و فقد، بالتالي، إهتمامَ الناسِبه، وزالت أسبابُ شُكرِهِ. ويُقال عن الشخص الذي يوقف مسيرَهُ، في طريقِ النجاح، و ينيخ في منتصفِ الطريق، وتجدُر الإشارة إلى أنَّهُ من غير المُستحب، في الوجدان الشعبي في السودان، أن تثني على أحدٍ وتشكره في مجلسٍ ما في وجوده، فقيل - الشكَّروهو في وِشُّو، نبذوهُو. - إن شاء الله يُوْم شُكرَك مَا يِجِي. ورغم الاقتناع بأن الموت مصير الجميع، إلَّا أنَّ المثلَ يحملُ أيضاً نوعاً من الدُّعاءِ المُبطَّن، بِطُولِ العمر للمشكُور. و قيل في هذا الشأن أيضاً، شِعراً: - ألهى بني تغلبٍ عن كل مكرمةٍ قصيدةٌ قالها عمرو بن كلثوم و في المثل: - بخيت شكَّرُوهُو، قَال: دَاك شَهَر تاني!