في ندوة أقامتها جمعية الصحفيين السودانيين بالسعودية كمال الجزولي: الكونفدرالية شعرة معاوية لإبقاء السودان موحدًا لو صدقنا مع الجنوبيين من البداية لتجاوزنا ما نحن فيه دخلنا كل ما هو عربي وتركنا بخفة البعد الإفريقي الرياض – محمد عبدالجليل: استضافت جمعية الصحفيين السودانيين بالمملكة العربية السعودية الأستاذ كمال الجزولي المحامي والكاتب الصحفي المعروف في ندوة كبرى تحت عنوان: "السودان.. تحولات الواقع والمصير - محددات الفرصة الأخيرة لبقاء الدولة موحدة"، وذلك في مساء الأربعاء 24 مارس 2010م بقاعة النجمة بفندق القصر الأبيض في مدينة الرياض. وقد تقاطر أبناء الجالية السودانية بالرياض وممثلو القوى الوطنية ورؤساء وأعضاء منظمات المجتمع المدني وأعضاء الجمعية لتبدأ الندوة في الساعة العاشرة، ونتهي في الواحدة من فجر اليوم التالي. في بداية الندوة رحب الأستاذ حسين حسن حسين رئيس الجمعية بالحضور، وقال: نحن حقيقة أمام منعطف تاريخي، وتأتي هذه الفعالية في إطار متابعة الجمعية اللصيقة لما يجري بأرض الوطن العزيز، والتفاعل معه إيجابياً، والمساهمة في فتح آفاق للخروج من أزماته المتصاعدة، ثم قدم نبذة عن سيرة الأستاذ كمال الجزولي.. ومن ثم قدمه للحضور. قال الأستاذ كمال الجزولي بعد أن حيا الحضور: عندما طرح عليّ الإخوة في جمعية الصحفيين السودانيين بالسعودية، هذه الجمعية المعروفة بحضورها القوي وتفاعلها مع قضايا الوطن، التحدث حول (السودان – تحولات الواقع والمصير) أوضحت لهم أن هذا موضوع كبير، وقلت: دعونا نختار عنوانًا فرعيًا من هذا الموضوع، واقترحت أن يكون: محددات الفرصة الأخيرة لبقاء الدولة السودانية موحدة. وأضاف: المتابع لما يجري الآن يلاحظ أن الناس يهتمون بالانتخابات بشكل كبير، والانتخابات مهمة بلا شك، غير أنها ليست أخطر ما يمر بالبلد في اللحظة الراهنة، فبقاء السودان موحداً أصبح في خطر، ومن هنا أناشد الصحفيين والحضور جميعاً (القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني) أن يقيموا الندوات وجميع أشكال الأنشطة الثقافية المتاحة للعمل على تعزيز الوحدة هذا الحلم الممكن. ومضى قائلاً: في مؤتمر جوبا عندما تقدمت لإلقاء مقترحي حول (الكونفدرالية) في قاعة مكتظة بالانفصاليين، قال لي د. منصور خالد: (بهوهوو فيك)، وفيما أرى فدولة الجنوب المستقلة هي الحد الأدنى للاستفتاء، إزاء قوة صوت الانفصاليين، وقد سألت قادة الحركة، ولكن لم أجد إجابة واضحة في هذا الشأن .. ولا حتى من سلفاكير نفسه، فالحديث عن الوحدة أصبح حديث الشماليين داخل الحركة وحدهم.. وقد سبق أن قال لي أستاذ جامعي صديق: إن تيار الانفصال في الحركة ليس جديداً فقد نشأ فيها منذ انطلاقتها، كان قرنق وسلفا مع الوحدة ووليم نون وآخرين مع الانفصال، وسبق أن خاطب قرنق الانفصاليين في الحركة قائلاً: نحنا عايزين نوحد السودان كلو.. وانتو عايزين انفصال، أمشوا معانا لحدي كوستي وافصلوا، ودعونا نحن نواصل. واصل الأستاذ كمال حديثه: قيادة الحركة ممثلة في دكتور جون قرنق أبقت على هذه الوضع مجمداً لعشرين عاماً، وقد حدث خلال مسيرة الحركة انشقاق الناصر واتفاقية السلام من الداخل، ثم عاد المنشقون إلى للحرك، ودخلوالنيفاشا موحدين. إن قواعد الديمقراطية تلزم الحركة أن تسمح لكل أفرادها بالتعبير عن رؤاهم، ولكن: الديمقراطية لا تعني أن يسمح للانفصاليين أن يفعلوا ما يريدون (تصفيق). وأرجو أن تلاحظوا وجه الشبه بين الانفصاليين الجنوبيين والشماليين من حيث التجهم والسباب والاتهامات، فالانفصاليون الشماليون يعتقدون أنهم لا يستطيعون أن يقيموا دولتهم الانفصالية في ظل وجود الجنوب كجزء من السودان، ولا مانع لديهم حتى إذا تقزمت دولتهم الإسلامية واقتصرت لتقوم في حدود مثلث حمدي. لقد كان صوت الانفصاليين عالياً في مؤتمر جوبا، وعندما أبرمت اتفاقية نيفاشا التقطوا منها جزئية تقرير المصير، والتي لا تعني لهم غير الانفصال. ثم انتقل أستاذ كمال لمحور آخر قائلاً: ما يعانيه الوطن نتيجة لتراكم أخطاء ارتكبناها (نحن الشماليين) نحن قمعنا غير المستعربين وغير المسلمين منذ مملكة سنار قبل خمسة قرو،ن قمع واستعلاء عرقي وثقافي وديني ولغوي .. ينبغي أن نعترف .. هنالك زيادة في عدد المعترفين بهذا الواقع، فقد قال السيد الصادق المهدي: على السودانيين الشماليين الاعتذار للجنوبيين وغيرهم من السودانيين من غير العرب. ومع أن المسألة واضحة فهنالك من يحاولون بكسل ذهني شديد تصوير ما يجري في السودان بأنه مكيدة استعمارية، واستدرك بقوله: لا إنها مشكلة حقيقية وموجودة، ربما زادها الاستعمار ولكنها كانت موجودة وحاضرة، الاستعمار أضاف لها فقط بسياساته (المناطق المقفولة/أيام الأجازات .. الخ)، ولكنه أسس على مشكلة موجودة، وقد قام مؤتمر جوبا 1947م كاعتراف بفشل سياسات المستعمر. كان يمكن أن نعبر من دون كوارث، ولكننا في العام 1953م وعدنا الجنوبيين بمطلبهم (الكونفدرالية)، ولكن تعاملنا مع العقل الجنوبي بتحقير، لقد صوت الجنوبيون معنا من داخل البرلمان للاستقلال، ولكننا نكصنا عن عهدنا معهم، لينطلق صوت واحد (حسن الطاهر زروق – ممثل الجبهة المعادية للاستعمار) مناديًا بالالتزام تجاه الجنوبيين قائلا: دعوهم يطوروها لغاتهم .. ونظر لصوته ذاك ككفر إلا من قبل القوى الديمقراطية.. فماذا حدث؟! انتقل الأستاذ كمال الجزولي لمحطة المائدة المستديرة (بعد ثورة أكتوبر) متناولاً تلك اللحظة في تاريخ السودان، وما تمدد فيها من أمل للوفاق، ولكنه أوضح أنها مرت كغيرها دون حدوث شيء جدي حتى حدث انقلاب 25 مايو 1969م، وما تمخض عنه من اتفاق بدأ في 9 يونيو 1970م لينتهي باتفاقية 1973م والتي استمرت حتى 1983م قبل أن يتراجع النميري عما أبرم بتقسيم الجنوب لينفجر الوضع وتبدأ الحرب من جديد. وقال الأستاذ كمال: علينا أن نعمل لدرء الانفصال عبر الممكنات، فالانفصاليون ينظرون للاتفاقية كآلية صممت لفصل الجنوب، وهؤلاء يمكن مجابهتهم بنص في الاتقاقية جاء فيه: لا يقوم الاستفتاء إلا فيما لو عمل الشريكان ليقود الاستفتاء إلى الوحدة. فإذا كان الاستفتاء حق، فهو حق مشروط بعمل الشريكين أن تكون الوحدة جاذبة. ثم قال: لقد دخلنا في كل ما هو عربي بلا تبصر .. الجامعة العربية،و منظمة المؤتمر الإسلامي .. ألخ ، وقال الراحل محمد أحمد محجوب – يرحمه الله – ميزة الثقافة السودانية اللغة العربية والدين الإسلامي .. ألخ ، وهو بهذا يصوغ قوميته وهويته، وظل هذا مستمراً إلى أن قال السيد الصادق المهدي: التعصب حرمنا من صيانة سودان موحد. ينبغي أن ننظر لهذه الأطروحات نظرة نقدية، فخلف كل أزمة سياسية توجد أزمة ثقافية، والسودان هامش وسط العرب وشرق افريقيا امتداد.. لن نخسر فيه شيئاً وفي السودان ليس كل مسلم عربي (دارفور، البجه) وهذا كثير في إفريقيا مثل شمال نيجيريا، كان يمكن أن نعبر بالقضية لبر الأمان، ولكننا بخفة شديدة أهملنا البعد الأفريقي. وقال الأستاذ كمال الجزولي: ينبغي أن نعترف فرغم كل البشاعات التي ارتكبت فلا زال هناك من يردد: ديل حاقدين .. ما دايرين الخير للسودان .. ديل انفصاليين .. هل هذا جائز؟! فذاكرة الرق التاريخية لم تمنع الدينكا من الانخراط مع الإمام المهدي ضد الاتراك، فقد كانوا ينظرون للمهدي حسب معتقداتهم أنه ابن الإله دينج، وقد استطاع الإمام المهدي أن يوحدهم تحت قيادته. وسياسة (قفل الجنوب) لم تمنع النواب الجنوبيين من التصويت لصالح سودان واحد، وحتى أحداث 1955م لم تسكت الأصوات الوحدوية داخل الجنوبيين، وظل د. قرنق يردد: دعونا نعطي الوحدة فرصة. ووعن البعد اللغوي، أضاف: رغم اعتماد مثقفي الجنوب للإنجليزي، فقد ظل د. قرنق يخاطب جنوده بالعربية، ولا يمكن أن ندمر لغة التواصل بيننا، ففي المؤتمر الذي عقد في سويسرا قرروا استبدال اللغة العربية بالإنجليزية، والحركة الشعبية بحاجة لعقل نقدي وأن يسمعوا كلام الببكيهم، وفي الثقافة لا ينبغي الاعتساف لنأتي بنصوص فوقية، بل عبر التعايش التلقائي وانسياب الفكرة، فليس أصدق من الثقافة في التعبير عن الناس، وترون في أكثر لحظات الحرب كان أبناء الجنوب ينزحون نحو الشمال بنسبة لا تقارن مع نزوحهم إلى أي جهة أخرى في العالم، وهذا مؤشر دامغ أن الجنوبي لا يشعر بغربة في الشمال، ولكنه يشعر بها في أي مكان آخر في العالم. وواصل كمال: هنالك إشارات ثقافية مضيئة كثيرة يمكن استثمارها لدعم صوت الوحدة في الجنوب هنالك أغنية مشهور ضمنها: ما تقول لي شمال .. وما تقول لي جنوب .. لا يستسيغها الانفصاليون. وقد ساهمت سياسات الإنقاذ سلباً في مسألة ترسيخ الوحدة غير أن على الوحدويين في الجنوب والشمال أن يعملوا لتحقيق الوحدة ، ولا يكتفوا بالانتظار السلبي بل الدفع في اتجاه الوحدة، عبر نشر ثقافة تعقيدات ما يمكن أن يتمخض عن الانفصال سواء في الشمال أو الجنوب، وحتى لا يتأسف من يصوت للانفصال عندما يجد نفسه في يوم ما يبكى على الوحدة، واسشتهد: بكيت على أمسي فلما مضى بكيت عليه، وقال: بالطبع هناك اتفاقية ترعاها دول ينبغي تنفيذها، وهذه الاتفاقية تتضمن الاستفتاء إلا إذا اتفق الشريكان على تعديلها، فالاستفتاء روليت روسي. وقد قمت في إطار السعي لتجنب الانفصال بطرح الكونفدرالية للإبقاء على شعرة معاوية وسبق أن تم طرح الكونفدرالي، فقد طرحتها الحركة الشعبية في بعض الوقت، وطرحها أبوالقاسم حاج حمد، ومركز الدراسات الإستراتيجية بواشطن بواشطن، وحزب الأمة القومي قبل فترة، وطرحت من داخل مؤتمر جوبا في ثلاث أوراق من ضمنها ورقتي، والاتحاد الكونفدرالي يعني أن يكون فيه للجنوب علم وجيش وعملة ودفاع وخارجية واقتصاد، وليس من شيء موحد إلا بما يتفق الطرفان على أنه من اختصاص الكونفدرالية .. تبقى وحدة هشة أفضل من الانفصال، وعلى عقلاء الحركة أن يفكروا في مآلات الانفصال، وأطماع دول الجوار كينيا/يوغندا/أثيوبيا، ومن جهة أخرى جيش الرب، ويمكن تصعيد الحروب الداخلية في الجنوب ، وينبغي ترسيخ فكرة الوحدة بكل الأشكال المتاحة ومجابهة المؤتمر الوطنيوتحميلهم المسوولية التاريخية إذا حدث الانفصال، وسؤالنا لهم: ماذا تفيد الجسور وسد مروي إذا كنتم قد قسمتم البلد، ولا ينبغي أن يطرحوا فكرة أن الاتفاقية قد نصت على كذا وكذا، فحكاية زيادة المقاعد يعد تعديلاً للاتفاقية يعني المؤتمر والحركة يستطيعان تعديل الاتفاقية متى شاءا، فاعملوا ما تستطيعون ليبقى السودان موحداً والسلام عليكم. بعد ذلك شكر مقدم الندوة حسين حسن حسين الأستاذ كما الجزولي على كلماته الضافية والتي أضاءت الموضوع، وتحليلاته العميقة التي كشفت للحضور أين يقف سيناريو الوحدة والانفصال، ومن ثم أعطى الفرصة للمعقب الرئيس الأستاذ محمد جميل الأمين الثقافي للجمعية ، الذي قال: أرى أن قضايا السلام والوحدة والديمقراطية قضايا إستراتيجية تتطلب إجماع القوى السياسية لضمان الاستمرار والاستقرار، وللأسف هذا ما لم يحدث في نيفاشا. والمؤتمر الوطني والحركة الشعبية توصلا للاتفاقية عبر شرعية الأمر الواقع، ولم يفوضهما الشعب ولم يأتوا عبر صناديق اقتراع، ومثل هذا الوضع قد يقود إلى إعادة إنتاج الأزمة. وانفصال الجنوب عن الشمال لا يعني بأي حال من الأحول ضمان الحقوق لا في الشمال ولا في الجنوب .. فالقضية الأساسية هي ضمان شروط المواطنة وحقوق جميع المواطنين ودون ذلك لا أرى أي أي أفق لانفراج الأزمة .. فوضى بناء الأمة السودانية الراهن هو واقعتحكمه قوانين، والشعب السوداني متفرج صامت حتى الآن على الأقل. بعد ذلك قام الأستاذ حسين حسن حسين بإعطاء فرص التعليق والأسئلة لعدد من الحضور، هناك من اتفق مع الطرح، وهناك من رآه الطرح انهزامية، وطالب كثيرون بضرورة اعتذار الشماليين للجنوبيين عما ارتكبوه في حقهم من انتهاكات. وقد نادى بعض الحضور بأهمية تنفيذ بنود الاتفاقية والإسراع في الانتخابات والاستفتاء. علق المستشار القانوني ميرغني الشايب قائلاً: تحدث الأستاذ كمال عن التيارات الانفصالية الشمالية والجنوبية ولكنه غيب القوى السياسية التي ظلت تصارع منذ يونيو 1989م، وأتساءل أين القوى السياسية التي ظلت ترفع شعار الدولة المدنية. وعلينا ألا نتخفى خلف الإخوة المسيحيين في الجنوب وجبال النوبة، فقد فشلت الدولة الدينية خلال تجربتها على الأرض، ويلاحظ أن الحركة الشعبية تعول فقط على المؤتمر الوطني لجعل الوحدة جاذبة .. ماذا عن القوى السياسية الأخرى ما دور الحركة الشعبية نفسها في هذا الشأن؟ ما هو دور التيار الوحدوي داخل الحركة لجعل الوحدة جاذبة. أما الكونفدرالية فهي نفصال مبطن، والفكرة التي طرحها كمال عن الكونفدرالية وإجراء استفتاء كل عشر سنوات تتوقف على النظام الحاكم سواء في الشمال أو الجنوب، ومدى للتزامه ذلك. ثم قال الأستاذ عبدالله الخليفة: ينبغي أن تتضافر الجهود للمحافظة على السودان موحدً، وتساءل: أين كنتم أيام اتفاقية الميرغني/قرنق، وحذر من أن الاستعمار يعمل على فصل جنوب السودان. الاستاذ أحمد بشير قال: هل المآلات هي شمال تحت سيطرة المؤتمر الوطني وجنوب تحت سيطرة الحركة الشعبية. وأوضح الاستعلاء سيظل قائماً ما ظل هنالك من يسيطر اقتصاديا، ونوه بأن مشكلة الجنوب لها جذور تاريخية أنتجت أزمة تاريخية، وينبغي لأي معالجة أن تقرأ المسألة من جذورها. وقال: لا ينبغي في تناول هذه المسألة التعامل مع الشمال ككل واحد فالشمال ليس شيئاً واحدًا،اولاستفتاء هو إعادة لإنتاج للأزمة، ثم تساءل:ماذا فعل الوحدويون الجنوبيون من أجل الوحدة؟ وقالت د. شيراز عبد الحي: التحية واجبة لجمعية الصحفيين التي تثابر لتجرنا إلى قلب المشهد الثقافي والسياسي في الوطنو ولجعل الغربة واحة نتنسم فيها قليل من نسائم السودان.... والتحية والاحترام الكبير للأستاذ كمال الجزولى أن مثلنا خير تمثيل فى مهرجان الجنادرية الثقافي فرفع رأس الشعب السوداني، وهو المفكر العظيم والكاتب الأصيل... قبل الولوج في المحاور الأساسية أريد أن أعبر عن تأثري بجزئية محددة وهي ضرورة الاعتذار للجنوبيين...فالاعتذار ضروري للإخوة الجنوبيين لسنين من القهر الثقافي والسياسي الواقع عليهم، والذي مارسناه كلنا بوعى وبدون وعى بأشكال متعددة، فابتداء من المناهج الدراسية كنا ندرس عن أمل وبدر ومحمود ومريم وسعاد وليس ماري وجون وملوال وشول....فكنا ومازلنا نمارس الاستعلاء الثقافي والسياسي ...وليس هذا فحسب بل الاعتذار واجب عن الاستعراب والأسلمة القهرية لبلد متعدد الأعراق والثقافات واللغات واللهجات .... فالهيمنة العربية والدينية على هذا الوطن الشاسع الملون هي التي خلقت الأزمة التي نعانى منها الآن.... تخيلت أن تكون الندوة أكثر اتساعا فتتناول ما يدور في السودان والسيناريوهات المتوقعة الآن وبعد الانتخابات....ولكن اختيار الحديث عن جزئية الوحدة والانفصال وتقرير المصير أيضا موضوع شديد الأهمية والحساسية في الفترة القادمة، حيث تناول الأستاذ فيما تناول موضوع تقرير المصير وضرورة الضغط لتأجيله لأسباب عدم تنفيذ موجبات قيامه من حريات وشروط وحدة جاذبة، ولكني أقول لم التركيز على حق تقرير المصير في اتفاقية نيفاشا، والحديث عن عدم استيفاء شروط تنفيذها، فاتفاقية نيفاشا في حقيقة الأمر لم ينفذ منها إلا اليسير من البنود، فالقوى السياسية وتحديدا الحركة الشعبية الشريك الآخر والطرف الأصيل في تلك الاتفاقية أغفلت أن الاتفاقية نصت على حل الحكومة وتكوين حكومة انتقالية لتنفيذ بند الانتخابات لضمان نزاهتها وحياد الجهاز التنفيذي المنوط به مراقبتها، ثم هناك القوانين المقيدة للحريات وغيرها من بنود أغفلت عنها الحركة والقوى السياسية عنوة وجرت جرا من قبل المؤتمر الوطني للدخول إلى انتخابات مزورة مسبقاً بشروط الحكومة ودخلنا بكل خنوع! ناسين تماما كل التهديدات ومظاهرات الاثنين التوأم وغيرها من شعارات ذهبت أدراج الرياح..... إذا، لو كان هناك ضغط ما، فلم لا نضغط لحل الحكومة وتنفيذ بنود نيفاشا لضمان انتخابات نزيهة؟ ولم لا تتفق القوى السياسية على وضع الحكومة فى مأزق جماهيري واسع للتنازل عن عنجهية تنفيذ الانتخابات بشروط المؤتمر الوطني؟! ربما وربما فقط عندها، لن نحتاج إلى الحديث عن وحدة جاذبة أو حل كونفيدرالى بديلا عن الانفصال، فانتخابات نزيهة، تعنى تحولاً ديمقراطياً وتنمية متوازنة وتوزيعًا عادلاً للسلطة والثروة، وهنا ستصبح الوحدة بلا شك هي نتيجة تقرير المصير. قال الأستاذ: عبدالعزيز أبوعاقلة: درجنا على ترحيل مشاكلنا، وفشلنا في السودان بشكل كامل في إقامة دولة مواطنة يحترم فيها المواطن، فالمشكلة الرئيسة في السودان هي مشكلة الهوية،وبدون حلها لا يمكن تحقيق أماني الوحدة . وأضاف: على القوى السياسية أن تسأل نفسها ماذا عملت لتكون جاذبية الوحدة واقعاً معاشاً ثم أكد أن تقرير المصير حق ديمقراطي لا يقبل التأويل ولا التأجيل، وما يفرق أبناء السودان هو ما قاله فرانسيس دينق (ما يفرقنا هو ما لا يقال). وقال الأستاذ محمد عثمان محجوب: الخيار للإخوة الجنوبيين، من حقهم أن يصوتوا للانفصال، ومن واجبنا أن نساعدهم في اختيارهم مهما كان، والتطلع في هذه الحالة للمستقبل والجوار الجيد، فمؤازرتنا لاختيارهم هي ضمان حسن الجوار، وتبقى المسؤولية الأولى هي بناء الدولة الديمقراطية في الشمال والجنوب، والدولة التي تضمن حقوق المواطن. وقال الدكتور أحمد الخليفة: (ده حار وده ما بنكويبوا) أضعنا الفرص حتى وجدنا أنفسنا بين أمرين أحلاهما مر .. الإةانفصال والكونفدرالية كيف نقنع أصحاب الشأن بعد أن أضعنا في المماحكات عمرا. وعلق الأستاذ الصادق عبدالباقي بقوله: ما هي آلية حمل فكرة الكونفدرالية لأصحاب القرار في السلطة، مشيرًا إلى أن المشكلة الرئيسة تكمن في اتفاقية نيفاشا غير المتوازنة، وتعلل الحركة بضعف نسبتها في الاتفاقية، ومن ثم، تقول إنها غير مسؤولة عن أي فشل يحدث في ترتيبات الوحدة الجاذبة، كأنما إرادة الإنفصاليين هي التي صاغت بنود نيفاشا، وقال: مع رحابة الثقافة إلا أنها لا يمكنها أن تمهد للوحدة مع ضيق أفق السياسة. ونوهت الأستاذة منال عبدالله إسحقبأن لدينا مشكلة حقيقية في السودان، فنحن لو (حلينا) مشكلة الجنوب ستنفجر دار فور والشرق، فالمشكلة في السودان موجودة في كل أطرافه، لوا أرى أن تناقش المشكلة باعتبارها مشكلة شمال – جنوب، فجميع اطراف السودان تعاني وقد تنفجر. الأستاذ : طاهر بدر، قالك: علوق الشدة ما بنفع، نحن نعيش حالة من تراكم التوتر والمشاكل المؤجلة حتى أصبحت المسألة غاية في التعقيد، حتى فيما لو تم ابتداع الحل النظري الجيد فكيف تضعها موضع التنفيذ وهناك من يحتكر الخيارات الراهنة والقادمة؟! وعقب بعد ذلك الأستاذ كمال الجزولي: ينبغي أن نبني كلامنا على الواقع،و ما يمكن تسميته توازن الضعف لذي جعل القوى السياسية مستضعفة والمؤتمر الوطني ما قادر ينفذ مشروعه، لو اتفقنا أن المرأة وهي أكثر الفئات المستضعفة فنجدها قد علقت النظام، ولم يستطع قمعها، فهو لم يستطع قمع أضعف المقموعين. - أنا لم أبن مقترحي حول الكونفدرالية إلا على قاعدة ما أراه في الواقع.. قلت أن الكونفدرالية هي وحدة بشعرة معاوية فأحسن شعرة معاوية أم الانفصال العديل!! الشعب السوداني لم يرفض اتفاقية الميرغني – قرنق توازن القوى أخرجه من معادلة سير الأحداث . التعويل على مصر لمنع الانفصال لا قيمة له فهو لا يهدد مصالح مصر، لكونها تعرف ما يجري وترتب له، ومن يذهب للجنوب الآن يرى كيف أن مصر حاضرة هنالك، وأيضا ليبيا، توثق في علاقاتها مع الجنوب انفصل أم بقي. ونيفاشا هي التي تحدثت عن الشمال والجنوب، وهذا لا يفيد في موضوع الوحدة وشخصيا أتمني أن أموت قبل أن أرى السودان يتمزق. آلية الكونفدرالية يمكن أن تحمل بمعاهدة دولية، بالنسبة لمن يقول إن الاستفتاء يكون لكل أهل السودان لو حصل فلا بأس، ولكن دائماً يستفتى المظلوم . تقرير المصير لم يكن خطأ الانفصاليين، فهم لم يبرموا نيفاشا، كان الثقل لفكرة السودان الجديد وفي وجود جون قرنق وهو وحدوي ما كان لأحد أن يجرؤ للترشح مع د. قرنق ولكن كنا ناسيين الموت. وتم منح فرص أخرى للحضور، فتحدثت الأستاذة حليمة محمد عبدالرحمن قائلة: بونا ملوال قال صوتوا للبشير لأنه الوحيد الذي قال إنه سيعطيكم حق الانفصال، وكل المؤشرات تؤكد أن الانفصال واقع لا محالة، فما العمل في ضوء هذا الواقع. وتساءلت الأستاذة عزاز شامي: كم عدد الجنوبيين في هذه القاعة، هل نقرر لهم مصيرهم الآن لنطرح عليهم مقترحاً؟! وأضافت: أرى أن الطرح على مثاليته وسلميته وما يحمله من رغبة في حفظ الوطن من الانفصال إلا أنه يستبطن نوعًا من الوصاية على الجنوبيين، ونخبوية شماليين يناقشون انفصال جزء لا يوجد من يمثله في هذه المداولات، وبعيدا عن العاطفية والتشبث بما لم نصنه يوما، الجنوب ممثلا في حكومته المنتخبة وإرادة شعبه من حقهم تقرير مصيرهم ولو قالوا انفصال ياهو انفصال وليهم علينا بعد يحصل حق الجيرة علنا نعوضهم عن القتل والتشريد الذي تسببنا فيه .. وقالت: لا أعتقد انه من الملائم طرح فكرة الكونفدرالية، بغض النظر عن اتفاقي معها كطريقة مثلى تحفظ للطرفين حقهما في الاستقلال، ولكن الطرح في ظل هذه الظروف يرسخ للصفوية والنخبوية الشمالية التي مورست وظلت تمارس على مدى سنوات، وأكملت: حقو نرمي لقدام ونشوف بنود اتفاقية المياه المترتبة على الانفصال ده لانو بعدين باقي لي الموية حتمر بينا ونعاين ليها ساي ولا نقدر نشيل منها كوز.