أسماء كثيرة تستحق التأمل في السَودان... أرض الحكايات التي لم تروى بعد... ........ "أحمد شاويش" ... الصوت الذي يمطر كما الغيمة... و يتراقص في الوجدان كما قطعة حرير صيني... ولد في محلية "مروي" ... و تفقت موهبة الغناء لديه أثناء دراسته في مدينة الحديد و النار . و ما بين نشأته فيها و محاولته إتقان الهيب هوب في بلاد العم سام.. كان صلصال عالمه الفني يتشكل في ثقة..و ثبات... من بواكير صباه الفني.. عشق "شاويش" أغنيات الحقيبة.. بل و تغنى لاحقا ببعض دررها ، لعل أشهرها " رشقتني عيونو" للكبير " عتيق"... ..و ظل "شاويش" يؤمن ايمانا عميقا بأهمية الانفتاح علي تجارب الآخرين..بأن الفنان الحقيقي يبدأ من حيث ينتهي من سبقوه.. فيخلخل عوالمهم ليحجز وسطهم مكانا.... و لذلك استوعب الرجل أغنيات الكبار : وردي و الكابلي و محمد الأمين...و غيرهم... و الحق أن "شاويش" لم يكتف فقط بترديد أغنيات الكبار .. و لكنه فعل ذلك متقمصا أصواتهم نفسها.. و فلسفته في ذلك ان تجربة كهذه تجعل الحنجرة مطواعة و سلسة القياد.. تقدم "شاويش" لاختبار لجنة الأصوات في الإذاعة القومية و كان يرأسها زمانئذ الكبير " العاقب محمد الحسن".. فأجيز صوته بسهولة ... ثم التحق بمعهد الموسيقى و المسرح.. ليزامل وردي و عركي و خليل اسماعيل و زيدان و غيرهم .. و هناك أجيز صوته ثانية.. عمل "شاويش" في أقسام عديدة بالإذاعة مثل الدراما و المنوعات و الموسيقى و غيرها...مما ممكنه من الاحتكاك بكبار الشخصيات الأدبية و الفنية في السودان.. قدم" شاويش" شعارات الأعمال الدرامية التلفزيونية و الإذاعية .. غير ان التفاتة النقاد و الجمهور العادي لفنه جاءت قوية حين قدم أغنية " بتذكرك" للشاعر "النجيب محمد علي" : بتذكرك وكت الكلام يصيح صعب و الليل يودع في النعاس وكت النجم يتلالا زي عقدا بيضوي عليهو ماس يعتبر "شاويش" من الفنانين المقلين في الأغنيات - عددا -و ربما كان لانغماسه في عمله الوظيفي في الإذاعة السودانية دور في ذلك.. و هو من طينة أناس يترهبنون في معبد الفن.. لا يقصدون منه تكسبا و لا يركضون وراء أضواء الكاميرات... لدرجة أن الكثيرين من شباب اليوم يجهلون حتى إسم " شاويش"... تقفز علامات عديدة إلي ذهني كلما ذكر اسم هذا الفنان المختلف : - "شاويش" مدرسة صَوتية متفردة، مثلها مثل مدرسة أبو داؤود و الكابلي و وردي .. إذ يتمتع الرجل بخامة صوتية نادرة جدا .. و هو يسرج خيول صوته و يقودها في شتى الانحاء .. فيرفع صوته متى يشاء.. و يخفضه متى يشاء.. و قد يقوده إلى قرار يرهق الكثيرين .. و هو يلون صوته للتعبير عن شتى المشاعر الإنسانية حزنا و فرحا و عتابا .. و لعل صوت شاويش هو ميزته الكبري. - شاويش له مدرسة مختلفة في عزف العود.. ، مثلما لكل من برعي محمد دفع الله، و الكابلي و محمد الأمين مدارسهم في العزف.. . و عشق شاويش للعود يتضح حتى من طريقة احتضانه إياه... فيشعر المرء و كأن عود "شاويش" ليس قطعة من خشب و لكنه كائن حي يبكي مع صوت عازفه وطنا مفقودا... لينطلق شاويش في حالة كالجذب عند المتصوفة... - نصوص "شاويش عالية، باذخة الشاعرية، تنأى عن التقريرية و المباشرة.. و قد تتخذ من الرمزية أسلوبا.. و هي لذلك تحتاج قدرا عاليا من التامل.. يتغنى" شاويش" في رائعة " بتذكرك" : و عن عيونك كيف بتصدح فيها أحلام الأماني كيفن بتصبح لهجة تانية مع الأغاني و السفر خلاني أشتاق لي السفر لو ألقي لي خاطرا سمح أَو كلمة واحدة أقَولا بتادوي الجرح و يصدح في أغنية "كتاب الريد" : اتمعنت في كتابك لقيت الوانو سحرية ملون من خطوط الطيف غلافو سحابة وردية و لوحة تغازل الإحساس و مقطوعات موسيقية. و الأمثلة تترى.. - "شاويش" دوما يطارد حلما في أغنياته.. هو دائم الركض وراء بقعة ضوء......هنااااااك : تعالي معاي عشان نرسم خريطة جديدة لي الأيام يكون فيها الفرح شارع و تبقي العاصمة الأحلام و نرفع لافتات الشوق و نقدل نمشي لي قدام يعيش نبض الهوى و تحيا عيونك ليا خير و سلام و شاويش دوما في رحلة بحث عن فردوس ما : انا في المداين الضايعة ضايع لي زمن و غريب عيَون حزنان علي الأرض الغريبة و بسأل الشوق عن وطن و بسال الناس عن شوارع فيها سافرت و مشيت و عن كلاما داير أقولو و قلتا فيهو َ يا غنيتا و بكيت و شاويش يسود جل أغنياته تفاؤل استبشار عظيمان : جاييك فرحان الخطوة تسابق في الخطوة و البسمة تغازل في النسمة و الكلمة تناغم في الكلمة و الدنيا قمر ضو الضلمة و تتكرر في أغنياته مفردات مثل السحاب و الََورد و الصندل و الريحان . يصدح في أغنية " انا ما جاييك" : انا ما جاييك شال أفراح تملا الدنيا عطر الريحان.. شوق الحبان و أجمل غنية... و يترنم في أغنية " عن عيونك" : في صدى الأحلام بشوفك و من شذى الياسمين حروفك و يقول في " ست العينين ' : ست العينين عطر الصندل لو شفتها يوم عمرك يطول يمتدَ سنين .. و هذا التفاؤل لا يفارق" شاويش' حتي حين يفارقه حبيبه فيقول : عادي جدا إنت تقسى و عادي جدا نحنا ننسىى قدم " النجيب محمد علي" لشاويش أغنيات " بتذكرك" و" تعالي معاي " و أغنية شعرية فصيحة اسمها " قادمون".. و قد فازت في مهرجان الأغنية ااوطنية في تونس... كتب شاويش لنفسه أغنيتي " عطر الصندل" و " وصف الجميل" و تغني لابو القاسم عجاج بأغنية" كتاب الريد".. و تغني للعظيمة ليلى المغربي برائعة" انا ما جايك شايل أفراح تملا الدنيا" و تغني لمحمد أحمد سوركتي بأغنية " عادي جدا إنت تقسى".. بجانب شعراء آخرين.. و قد أشاد فنانون كبار بصوت شاويش و بمنهجه الفريد في الغناء.. لعل أبرزهم صاحب "الفراش الحائر" و" شجن".. صديقي شاويش.. مزيدا من الجمال ..... جدة 5/6/2020 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.