رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    العطا في استقبال كباشي .. بعد زيارة لدولة جنوب السودان    الرئيس التركي "اردوغان" يستقبل رئيس مجلس السيادة "البرهان" بأنقرة    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    الأحمر يتدرب بجدية وابراهومة يركز على التهديف    عملية منظار لكردمان وإصابة لجبريل    بيانٌ من الاتحاد السودانى لكرة القدم    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    الكتلة الديمقراطية تقبل عضوية تنظيمات جديدة    ردًا على "تهديدات" غربية لموسكو.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية    لحظة فارقة    «غوغل» توقف تطبيق بودكاستس 23 يونيو    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    وداعاً «مهندس الكلمة»    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زواج القاصرات في السودان اغتصاب يحميه القانون .. بقلم: المثني ابراهيم بحر
نشر في سودانيل يوم 24 - 06 - 2020

لا تزال مواقع التواصل الأجتماعي تضج بمشهد زواج طفلة سودانية عمرها 4 سنوات بولاية غرب كردفان الأربعاء الماضي بحسب مصادر الخبر , فمثار الدهشة ليس في زواج طفلة فهو أمر معتاد في مجتمع قائم علي بنية الوعي التناسلي , ولكن مصدر الدهشة في أن الضحية لم تتجاوز سني عمرها الرابعة , فكيف جاز لذويها أن يغدروا بهذه الضحية البريئة ان لم يكن الأمر معتادا بينهم وبالتالي تدق ناقوس الخطر بتفشي الظاهرة ان لم يلتفت لها ولاة الأمر بجزاء مغلظ ولكن علي ماذا أستند المأذون لأتمام هذه الزيجة الباطلة ّ اذ لم يكن هناك ثغرة نفذ من خلالها وبالتالي لم نسمع بتجريمه من خلال ما وصلت لنا من انباء !
المشهد أعاد للأذهان سيناريو الطفلة (أشجان) ذات الثمانية أعوام التي تم طلاقها في العام 2014 وتصدرت وقتها مانشيتات الصحف وو وكالات الانباء العالمية وخلفت وراءها العديد من الأسئلة حول تنامي هذه الظاهرة التي يتم التعامل معها (بالمسكنات) ولم يتم أجتثاثها جذريا بدليل المشهد أعلاه, ولم تجري اي مناهضة من القيادات النسوية بتيار الجبهة الأسلاموية بشأن تعديل تلك القوانين المعيبة طوال فترة حكم الكيزان , فسعاد الفاتح واخواتها من (الكوزات) لم يسعين الي الوقوف بجانب المرأة السودانية واعانتها بقدر ما كان دورهن موجه نحو تمكين أخوات نسيبة , فالمرأة الكوزة مجرد (ديكور) فمشاركتها في الحياة العامة مجرد مسرح وتمثيل , فهي يمكن أن تكون وزيرة أو نائبة ويتزوج عليها "بعلها" مثنى وثلاث ورباع. فهي لم تناضل لتعديل قانون الاحوال الشخصية او لتغيير وضع المرأة المغلوب علي أمرها , فهي لا تنافس بل تعمل علي القضاء علي الآخر حتى وإن لم تجلس مكانه.
المشاهد المأساوية أعلاه سلطت الضوء علي ظاهرة ( زواج الطفلات) فالظاهرة ضاربة في مجتمعاتنا منذ القدم وفتحت الباب واسعا لمعالجة واحدة من أكبر أشكال العنف ضد المرأة في المجتمع السوداني , وما اثار دهشتي أثناء الأستقصاء في تقرير ذو صلة بالظاهرة وجود نسبة مقدرة من المطلقات والارامل دون سن ال18 , وهذه مسألة سنفرد لها مقال لوحدها , ولكن ما يثير القلق أن منظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق المرأة والطفل تنشط غالبيتها في عاصمة البلاد وبالتالي يجب تعميم تجربتها علي الولايات خاصة الأكثر تضررا مقارنة بالخرطوم التي ترتفع بها نسبة الوعي , والملاحظ في حالة الطفلة (اشجان) التي تم تزويجها في عمر الخمسة سنوات ثم تطلقت في عمر الثمانية سنوات في العام 2014 تولي مركز سيما المدافع عن حقوق المرأة والطفل رفع الدعوي في المحكمة عن طريق احد اقربائها , وكذلك مناهضة منظمات المجتمع المدني في الحالة الثانية وهو ما يؤكد بضرورة ما ذهبنا اليه بتعميم مثل هذه المراكز التي تهتم بالتوعية والدفاع عن حقوق المرأة والطفل علي الولايات بأعتبارها اكثر المناطق المتضررة بالمقارنة مع العاصمة الخرطوم التي ترتفع فيها نسبة الوعي كما أشرنا .
بموجب قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لعام 1991 في السودان، المادة 40 من قانون الأحوال الشخصية لا تحدد حداً أدنى لسن الزواج وتقول في الحقيقة أن الفتاة التي تبلغ من العمر 10 سنة تستطيع أن تتزوج "بإذن من القاضي وهو سن التمييز وبالتالي أطلاق المسألة علي عواهنها لأن بطلة المأساة عمرها أقل من العاشرة وهذه هي الثغرة التي يستطيع أن ينفذ من خلالها ضعاف النفوس, فزواج الطفلات في السودان بضاعة رائجة منذ الازل بل و يجد مباركة اجتماعية , وقد تفتح وعينا الجمعي علي اغنيات شعبية راجت سابقا بشدة منها ( بنات العا م حاجة تمام , بنات العالي عرس طوالي , بنات الجامعة بنات بايرات يرقصوا دسكوا مع الاولاد ) فهي نتاج ثقافة مضادة تنادي بأعادة المرأة الي البيت ,وزواجها في عمر باكر في مجتمع قائم علي بنية الوعي التناسلي, وهذه النداءات المريضة والعاجزة موجودة في العقل النخبوي والعادي تنهض علي وعي اجتماعي وبنية نفسية تؤمن علي الزواج المبكر , وبالتالي تأسيس لقيمة النظرة الجنسية تجاه الطفلة التي يباركها العرف المجتمعي ويحشد لها المقولات التي تتلبس اشكالا زائفة من الحكمة كفكرة ( تزوجها طفلة حتي تربيها علي مزاجك) فهذه المقولة وغيرها تتردد احيانا علي مستوي النخب والمثقفين , فهي تخفي في طياتها العديد من المخاوف والاشكالات التي تعكس العقد العميقة والراسخة في الذات الشرقية علي وجه الخصوص لطفلة لا زالت تحبو وتتعلثم علي مستوي السلوك ولا تحسن لها فكاكا من ازمة صنعناها بأيدينا فغلبت اجاويدنا .
زواج الطفلات واحدة من اكبر اشكالات العنف ضد المرأة في المجتمع السوداني والمجتمعات المشابهة , وفي تقرير عن شيكة عاين 27مايو 2014 وبحسب المسح الاسري في السودان للعام 2010 كانت النتيجة في المناطق الريفية باكثر من 42% والحضرية 28% وتبلغ نسبة النساء الائي يتزوجن دون ال18 وتركن مقاعد الدراسة 24%ومن اكبر اسباب زواج الطفلات هو (فقه السترة) هذا المصطلح الرائج في المجتمع السوداني , بأعتبار ان السترة للفتيات ولشرف الاسرة بجانب الاعراف والتقاليد , واشارت الكثير من الفتيات اللاتي تم استطلاعهن انه تم اجبارهن من قبل اسرهن ( الاباء و الاشقاء , الاعمام , الخيلان) علي الزواج في سن صغيرة لأن في ذلك سترة لهن , واشار ذات التقرير في ولاية نهر النيل اشارت امينة مجلس الطفولة (كوثر محمد ابراهيم) ان الولاية تشهد ارتفاع ملحوظ في زواج القاصرات وصلت الي 27% من بين النساء المتزوجات, وقالت انه لا يمكن القضاء علي ظاهرة زواج القاصرات دون اتاحة فرصة التعليم للنساء في الولاية لان التعليم يزيد من الوعي ,وفيما يخص مخاطر زواج القاصرات اشار اطباء في التقرير بأن زيادة معدلات وفيات الامهات ومضاعفات عسر الولادة احد اسبابها تفشي زواج القاصرات, ومن المشاكل التي تواجهها القاصرات اثناء الولادة هي عدم اكتمال الجهاز التناسلي والحوض , والاجهاضات المتكررة مع الولادة الناقصة,اضافة الي كونها عرضة للاصابة بامراض( الناسور البولي وعنق وسرطان الرحم ) فضلا عن الاثار النفسية للطفلة بأعتبار انها تكون غير مهيئة نفسيا للمعاشرة الجنسية ومقدرتها علي تحمل المسؤلية الاسرية والاجتماعية .(المصدر تقرير عن شبكةعاين 27 مايو 2014 )
من الواجب علي الدولة ان تهتم بحماية هؤلاء الضحايا وتوفر لهم غطاء قانوني من ظلم المجتمع وهو يسحقهم سحقا ولا يعرف لهم شفقة او رحمة, وقضاته حاضرون واحكامه نافذة ولا تقبل المراجعة او الاسترحام , فنسبة كبيرة من الزيجات في مجتمعنا السوداني لا يندرج فيها التكافؤ العمري لصبيات صغيرات يتزوجن من شيوخ في اوج نضجهم الفاعل , وأكبر مفارقات هذا القانون انه يشترط الاهلية في أتمام المعاملات باكمال سن 18 وهي سن بداية النضج ,وبالتالي يكون الشخص اهلا للمعاملات , فأي شخص قبل ان يكمل 18 عاما مثلا لا تقبل شهادته في المحاكم ولا يكون معتدا بمعاملاته القانونية, وعلي سبيل المثال الذين يرتكبون جرائم دون ال18 عاما يسمون بالاحداث ويتم تجريمهم وفقا لقانون الاحداث و نقلهم للاصلاحية ولا تطبق عليهم عقوبات الاشخاص الذين تخطوا ال18 عاما, و علي سبيل المثال القانون لا يمنح لمن هم دون ال18 رخصة قيادة لعدم النضج, فكيف يجيز القانون لمن لم تكمل ال18 عاما بأن تتزوج وفي نفس الوقت لا يسمح لمن هم دون ال18 بقيادة السيارة , فكيف تكون مسؤلة عن قيادة اسرة في نفس الوقت الذي لا يمنحها ذات القانون الحق في أستخراج رخصة قيادة السيارات الا بعد اكمال ال عاما 18, فهؤلاء الطفلات يغرر بهن في هذه المرحلة العمرية الباكرة اللاواعية ولكن حتما سيكون رد الفعل عنيفا في المستقبل .
قياسا علي التمرحل التاريخي لواقع المرأة في المجتمع السوداني تدنت وضعيتها الي الاسوأ قياسا علي الماضي والسبب هو سيطرة التيارات السلفية والاصولية علي جهاز الدولة في السودان عقب أستيلاء نظام الجبهة الأسلاموية علي سدة الحكم ,وبالتالي اعاق تطور المرأة وكان من اكبر عقبات نموها الأيجابي وايجاد بيئة متسامحة تصان فيها حقوق الأنسان السوداني, فالاسلام السياسي بالرغم من ادعائاتهم القشورية بوقوفهم مع المرأة ودعمها الا ان موقفهم لا يزال غامضا تجاهها , اذ يسلكون طريقا دائريا بغية كسبهن كزيادة شكلية ولكن خالية من محتواها القيمي , فعلي الصعيد النظري ليس لديهم مانع في كل اشكال مناصرة المرأة ولكن يكذبه الواقع العملي اذ طوال حقبة الاسلامويين علي سدة السلطة تعرضن للأذلال بتسليط سيف قانون النظام العام علي رقابهن, وكذلك ظلت المرأة تتنقل في حقائب بعينها مفصلة عليها , وينطبق ذات الشيئ علي الواقع التنظيمي داخل حزب المؤتمر الوطني فالأمر يكشف عن حقيقة هذه العصبة التي تتمترس خلف حول مرجعية أصولية تكشف عن الأوضاع المختلة والمذرية والمهينة المتعلقة بأوضاع المرأة المغلوب علي امرها .
المرأة هي اكثر ضحايا تحالف المشروع السلفي/الاصولي , لأن الموضوع الاساسي لتلك التيارات وشغلهم الشاغل هو (المرأة) مع ملاحظة سيطرة هاجس المرأة والجنس عليهم لدرجة ان خطاب تلك الجماعات الاسلامية في كل المنابر موجه تجاه المرأة بأعتبارها (كائن جنسي ) او (مشروع عار مجتمل) وبالتالي تتركز ادبياتهم حول المرأة في ( تحتجب وتلتزم وتبتعد عن الاحتكاك والاختلاط , وهكذا ....) وبالتالي كانت اي خيارات لمحاربة الظاهرة موضوع النقاش من الجانب الديني في ظل هيمنة تلك التيارات ابان حكم نظام الجبهة الأسلاموية صعب جدا لانها لا تعترف بالاخرين وتنظر لنفسها بأنها التيارات الأكثر تمثيلا للدين الأسلامي .
فهي تتعامل مع الدين بما يناسب حوجتها ,وعلي سبيل المثال هناك ايات يتم التعامل معها بنصية علي خلاف ايات اخري ,ويلاحظ ذلك في مؤسسة الاماء والجواري التي تم اقرارها بواسطة الدين, ووافقوا علي اسقاطها بخلاف الموضوعات الاخري ذات الصلة بوضع المرأة , ولكن السؤال لماذا لا يوجد اليوم من يتحدث عن ضرورة سبي الاماء او شراء الجواري كما في السابق....؟ ولماذا تم القبول بأسقاط مؤسسة الرق كنتاج لضغط المجتمعات الانسانية .....؟ واصبح التعامل من منظور مؤسسة تاريخية مثلت ظرفا اجتماعيا وزمانيا بعينه من تاريخ المجتمعات الاسلامية , وكذلك رفضهم للتعامل مع التحولات الاخري ذات الصلة بقضايا المرأة , كأقرار المرأة في البيوت والنقاب وزواج الطفلات وشهادة المرأة , ولذلك فالنظام الاخلاقي داخل الفهم الاصولي والسلفي مختل , وينطبق ذات الامر علي فهمهم لمكارم الاخلاق, فأذا كان الاسلام يدعو الي تكريم الانسان ورفع شأنه , فهم لا يتمثلون هذه القيم فالأنسان كروح رخيص للغاية عندهم يمكن ان يضطهد او يهان وتصادر حريته ومكتسباته الاقتصادية , ولا ينظرون لكل هذا بأعتباره يخالف الذين , ولكن عندما يمس الامر هواجسهم الجنسية يركنون مباشرة الي النصوص الدينية .
مأساة الطفلة اشجان في العام 2014 اثارت الرأي العام اذ نبهت علي ظاهرة حقيقية متخلفة موجودة بيننا ثم بعدها لم نسمع أي ضجيجا الي أن تصدرت المأساة الأخيرة مانشيتات المنصات الأعلامية , فعلي مؤسسات المجتمع المدني الناشطة ان تستمر دون توقف لرفع الظلم عن هؤلاء الضحايا والسير في جميع الاتجاهات التي تساهم في الحلول , الدينية والتوعوية والقانونية , وقد أصبح الوقت حاليا أكثر ملائمة بعد انقشاع دولة الظلم والأستبداد والفساد الحاضنة للتيارات الأصولية والسلفية اذ كان واضحا سيطرة تلك التيارات علي جهاز الدولة ومركز القرار , وكدليل يغني عن المجادلات (هيئة علماء المسلمين ) المعروف بولائه للسلطان في العهد السابق ليس له اي اعتراض علي زواج الطفلات كما ذكر من قبل البروفسير (محمد عثمان صالح) الامين العام لهيئة علماء المسلمين الأسبق في ندوة نظمتها وزارة الإرشاد والأوقاف بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان عن (مخاطر زواج الطفلة) في العام 2013 احتدم فيها النقاش بين المؤيدين والمعارضين , أيّده المسؤول الأول بهيئة علماء السودان مبرراً عدم رفضه باعتبار أن زيجة الطفلة تحقق منافع كثيرة ويقول "إن الإسلام لا يمنع زواج الصغيرة وأنه مباح". ودعا الأمين العام لهيئة علماء السودان وقتها إلى عدم منع زواج القاصرات باعتباره يحقق منافع كثيرة، وقال إن "الإسلام لا يمنع زواج الصغيرة وإنه مباح"ويضف قائلا: "أن الإسلام يحث الشباب على الزواج لصونه من الانحراف ومن مخاطر تنجم عن العزوبية وتحقيقاً للسعادة وحفظا للنسل .
وبالتالي جلوس الاسلام السياسي علي السلطة قرابة الثلاثة عقود اعاق تطور المجتمع وكان من اكبر عقبات نموه الأيجابي وايجاد بيئة متسامحة تصان فيها حقوق الأنسان السوداني, فالاسلام السياسي بالرغم من ادعائاتهم القشورية بوقوفهم مع المرأة ودعمها الا ان موقفهم لا يزال غامضا تجاهها , اذ يسلكون طريقا دائريا بغية كسبهن كزيادة شكلية ولكن خالية من محتواها القيمي , فعلي الصعيد النظري ليس لديهم مانع في كل اشكال مناصرة المرأة ولكن يكذبه الواقع العملي اذ طوال حقبة الاسلامويين علي سدة السلطة تعرضن للأذلال بتسليط سيف قانون النظام العام علي رقابهن, وكذلك ظلت المرأة تتنقل في حقائب بعينها, وينطبق ذات الشيئ داخل الوعاء التنظيمي للحركة الاسلامية برمتها فالأمر يكشف عن حقيقة هذه العصبة التي تتمترس خلف حول مرجعية أصولية تكشف عن الأوضاع المختلة والمذرية والمهينة المتعلقة بأوضاع المرأة خلال حقبة الجبهة الاسلاموية .
ومن خلال الأدلجة الممنهجة التي تمت بأدمغة المجتمع السوداني يتضح صعوبة المضي في محاربة الظاهرة علي الصعيد الديني الديني طوال الفترة السابقة الي الوقت الحالي , ولكن رغما عن هذا لا بد ان تواصل المؤسسات الناشطة من تصعيدها في اتجاه رفع الغبن عنهن وتركز بشكل أكبر علي جانب التوعية ,وفي رأيي ان رفع الحد الادني للزواج الي سن 18 فمن السهولة في ظل المناخ السائد ان يكون هناك احتيال لاخفاء العمر الحقيقي كما يحدث في مجتمعات اخري مثل الهند التي أهتمت بالجانب القانوني وأهملت التوعوي , ورهاني علي التوعية لسببين اولا استنادا علي رأي امينة مجلس الطفولة بولاية نهر النيل( كوثر محمد ابراهيم) لشبكة عاين 2914 حيث قالت : انه لا يمكن القضاء علي الظاهرة دون اتاحة فرص التعليم للنساء للمساهمة في رفع نسبة الوعي , والسبب الثاني الذي جعلني اراهن علي الوعي ففي العام 1945 اوصت الادارة الانجليزية ابان حكم الاستعمار قانون يمنع الخفاض ترافقه عقوبة قاسية جدا الا ان عادة الخفاض لا زالت تمارس وقتها رغما عن وجود القانون الصارم, ورغما عن انها عادة سيئة لم يتم التخلي عنها لان التوعية لم تتم بالشكل الكافي عن قبح العادة ومضارها, وموقف علماء الدين المخزيء منها , لان مثل هذه العادات المتأصلة في المجتمع لا يقتلعها القانون وحده , وما ينبغي له ان يقتلعها نهائيا هي التربية والتوعية ثم يأتي بعدهما القانون , والنجاح فيها يتطلب الجرأة في اقتحام ساحات المسكوت عنه , فهذه القضية لا بد ان تتصدر اجندة منظمات المجتمع المدني الناشطة لادراج القضية مثار النقاش ضمن اولوياتها .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.