خرجت جماهير الشعب السوداني في 30 يونيو 2020 وزرافات ووحدانا في ظروف صحية معقدة جدا ، متحدية الحظر الصحي وضاربه بالإشتراطات الصحية عرض الحائط ، مفضلة الموت و الكارثة الصحية دون تحقيق أهداف ثورتها و التي ترى أن المكون العسكري ممثلا في لجنة البشير الأمنية كما يحلو للبعض تسميته ، يقف عائقا و سدا منيعا لوصول الثورة إلى مراميها. لا ينبغي ان تتوارى سلطة الحكم الإنتقالى خلف ستار المكون العسكري و تعلق كل إخفاقاتها الواضحة و غير الواضحة في شماعة المكون العسكري.. لقد وضعت الوثيقة الدستورية الأمر في يد سلطة الحكم الإنتقالي و بالتالي أصبح أمر تحقيق أهداف الثورة في ملعب المكون المدني... ايضا ينبغي على الجماهير أن تدرك جيدا أن الصراع الوهمي الذي يحاول أن يخلقه البعض مع المكون العسكري لتبرير إخفاقات المكون المدني لن يدفع بتحقيق أهداف الثورة... على الجماهير أن ترجع بذاكرتها قليلا إلى تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري و تحالف قوى الحرية و التغيير و تتذكر الاحتفالات الضخمة و أهازيج الفرح التي عمت معظم أرجاء البلاد... وخروج الملايين الشارع احتفالا بالشراكة بين المكون العسكري و المكون المدني... و هكذا يصبح العداء للمكون العسكري أمر مصطنع لا يعبر عن حقيقة الأزمة التي يعاني منها المكون المدني في ترجمة أهداف الثورة إلى واقع ملموس... شجاعة المكون المدني تكمن في الإعتراف بالصعوبات التي يواجهها في حل الأزمة الإقتصادية و توفير الخبز و المحروقات المدعوم و العجز في سد احتياجات الناس من الكهرباء والإمساك بلجام التضخم و الأرتفاع اليومي في سعر الدولار مقابل الجنية السوداني ..هذا الإعتراف يجلي الموقف أمام الجماهير حتى تكف عن ممارسة سياسة النعامه بدفن رأسها في التراب... أذن العلة ليست في العسكر كما يدعي البعض بل حكومتنا فقدت البوصلة و أصبحت تائهة وسط أمواج الملفات الكثيرة و أولها ملف السلام الذي خلق أزمة كبيرة في تحقيق أهم أهداف الثورة وهي إستكمال هياكل السلطة... الحركات المسلحة في دارفور و جنوب كردفان و النيل الأزرق و محاولاتها هضم حقوق المجموعات السودانية الأخرى بمطالبها غير المنطقية حول نصيبها من السلطة داخل هياكل الحكم المركزي و الولائي تلغي أدوار المكونات الاخرى في الولايات المذكورة نفسها و تتجاوز بنصيبها في هياكل الحكم المركزية بقية الكونات في الولايات الأخرى.. عدم جدية هذه الحركات و عجز الحكومة المدنية في تحقيق تفاهمات منطقية و عادلة مع هذه الحركات هو العامل الرئيسي في عدم استكمال هياكل الحكم الانتقالي و ليس للمكون العسكر يد في ذلك.. فبرغم كسر الحظر الصحي و تجاوز الاشتراطات الصحية في 30 يونيو 2020 بشكل سافر ، و خروج جماهير الثورة ضد المكون العسكري لتمكين المكون المدني من السلطة كما يدعون و تحقيق أهداف الثورة.. فاجأهم المكون العسكري صبيحة اليوم التالي من المواكب، بتقديم الولاة العساكر استقالاتهم من مناصبهم.. فكيف كانت ردة فعل المكون المدني بقيادة رئيس الوزراء.. كانت ردة الفعل صادمة لكل من دفنوا روؤسهم داخل رمال 30 يونيو حيث طلب المكون المدني المفترى عليه أن يواصل الولاة العساكر في مناصبهم إلى حين أن يستقر المكون المدني في تحديد ولاة مدنيين خلفا لهم.. علما بأنه قد فات سمعنا قبل أكثر من 5 أشهر أنه قد وضعت أمام رئيس الوزاراء قوائم بأسماء مرشحيين من المدنيين لشغل هذه المناصب فلا أدري ماذا يعجب المكون المدني في الولاة العساكر المعوق الاساسي في تحقيق أهداف الثورة كما هو رائج عند الكثيرين... كيف يعجز رئيس وزراء السلطة الانتقالية في تعيين ولاة مدنيين بدلا عن الولاة العساكر الذين خاطرت الجماهير بحياتها لعزلهم عندما ضربت بالحظر الصحي و الإشتراطات الصحية عرض الحائط و خرجت للشارع في مواكب هادرة و بمباركة رئيس وزراء السلطة الإنتقالية نفسه.. إذا كان المكون المدني قد فشل حتى هذه الحظة في تعيين الولاة المدنيين فكم من الزمن سيأخذ أن شاء الله في استكمال اهم هياكل السلطة المدنية وهو المجلس التشريعي... ثم ماذا فعلت حكومة المكون المدني في موضوع العدالة و الشهداء و القصاص الخ... ما فهمته من لجان المقاومة و من الثوار و من كل من يدفنون رؤوسهم في وحل السطة المدنية أن العسكر يقفون بالمرصاد في تحقيق العدالة و كشف المجرمين المتورطين في فض الإعتصام و ما ترتب عليه من سقوط قتلى و جرحى و مفقودين... فبرغم أن لجنة التحقيق في هذا الموضوع كونتها السلطة المدنية و أوكلت رئاستها لمحامي مدني ضليع ووطني من الطراز الاول لا يخشى في الحق لومة لائم .. محامي ثوري كان له دور كبير في الثورة و رصيد وطني فاحش من الوقوف بشموخ و عزة و شجاعة دفاعا عن مظلومي النظام البائد.. إلا أن البعض ممن يجيدون الصيد في الماء العكر دفعوا بالثوار و اهالي الشهداء و المفقودين أن يتعاملوا مع حقائق الواقع بنهج عينك في الفيل تطعن في ظله... فأعترضوا على اللجنة و رئيسها و كالوا له الإتهامات الخ ... ثم ماذا بعد مواكب ال30 من يوينو .. أصدر رئيس وزراء السلطة الإنتقالية (المكون المدني) تمديد عمل اللجنة 3 أشهر أخرى لإكمال تحقيقاتها... علما بأن رئيس لجنة التحقيق الإستاذ أديب نبيل المحامي لم يتهم المكون العسكري بعرقلة عمل اللجنة و كذلك لم يفعل رئيس الوزراء المدني الذي منح اللجنة 3 أشهر أخرى لتقديم تقريرها النهائي... ثم نأتي لمسألة اللجان الاقتصادية و اللجان الأمنية التي فضت كثير من النزاعات القبلية في الشرق و في جنوب كردفان.. هل يدري الثوار أن الدعم السريع هو الخيار المفضل للمكون المدني .. و قد لجأ إليه مكوننا المدني كأفضل خيار لتحقيق أفضل النتائج في كل ما أوكل إليه من مهمتم أمنية أو إقتصادية... و لم يطلق المكون المدني أي إتهامات تقاعس ضد الدعم السريع بل دائما كان يجد الإشادة و الدعم من المكون المدني و الثقفة المطلقة التي يوليها رئيس السلطة الإنتقالية لقائد الدعم السريع و اجمل إشادة و إطراء للدعم السريع سمعتها من المكون المدني كانت للإستاذ وجدي صالح العضو الفاعل قي لجنة إزالة التمكين و تفكيك النظام و استرداد الأموال... ما زال الأمل كبيرا في حكومة الفترة الإنتقالية رغم التحديات الجسام و لكن بتتضافر الجهود و الإلتفاف الصادق حول الحكومة الانتقالية بشقيها المدني و العسكري و إعادة ثقة الشعب في المكون العسكري و عدم الإلتفات لدعوات التخوين التي يطلقها البعض ضد المكون العسكري و الإلتزام بما جاء في الوثيقة الدستورية التي رحبت بها الملايين لتحقيق اهداف الثورة. أ. غازي محي الدين عبد الله سلطنة عمان عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.