المرحلة التى تمر بها البلاد حاليا تستوجب من القوى السياسية جمعاء التحلى بقدر عال من المسئولية الوطنية والأخلاقية والدستورية ازاء ما نشهده من استعداد لاستحقاق الانتخابات ومطلوبات التحول الديمقراطى على نحو راقى وراشد لا هذا الهراء وحالة الارباك والتراجع التى تنتهجها أحزاب المعارضة بالتشويش على هذا الاستحقاق والناس بين يديه !. ولعل أخطر ما تسعى اليه الممارسة الديمقراطية الحالية من واقع نهج المعارضة السودانية وتحديدا ملتقى جوبا هو الخروج على ما تواضعت عليه الأطراف من دستور وقانون ومفوضية ولوائح تنظم هذه العملية استنادا لتجاربنا السابقة وتجارب الاقليم والعالم من حولنا !. التزمت هذه الأحزاب القواعد التى أرسيت والبرنامج الذى وضعته المفوضية حتى بلغنا مرحلة الحملات الدعائية لطرح برامجها اعتباراً من 13 فبراير 2010م ، ولكنها سرعان ما تنكبت الطريق وأرتدت على كل التزام بأسلوب مستحدث لاشاعة أجواء مستجلبة لا تمت للمارسة السياسية السلمية الراشدة بصلة القصد منها اضاعة حلم أهل السودان فى الأمن والاستقرار ، وبالأمس ظلوا يكثرون الصياح على عدم جدية الحكومة فى انفاذ مطلوبات التحول الديمقراطى !. وما أن حانت ساعة الصفر لبدء المران الحقيقى الا وانهالت الأعذار والهروب الى الخلف كل على نهجه وطريقته ، ليصبح من طرحوا أنفسهم لمنافسة البشير على منصب رئيس الجهورية ، اضحوا بمثابة فريق أو منتدى يلتقون ويتسامرون ويتآمرون دون توحد فى البرامج والرؤى هدفهم وبرنامجهم المطروح هو هزيمة الانقاذ وكنس آثارها من المشهد السياسى ، ولكن كيف ؟...هل عبر المضى فى المراحل الى نهاياتها وصناديق الاقتراع والنزول الى الشعب ورأيه ! ! كلا انهم يعولون على المماحكات والتسويف وتغيير أوراق اللعب عبر أكثر من آلية ومخطط ، لم تشأ أن تنجح فى أي منها حتى اللحظة ولم يتبقى سوى أسبوع واحد على حسم النتيجة التى أعيتهم حيلها من واقع ما رسمته الحملة المهيبة للمؤتمر الوطنى والاحتشاد والالتفاف الذى يجده البشير من المواطنين فى كل الولايات !؟. الذين ينادون بالتأخير والتاجيل عليهم أن يختشوا للمسوغات التى يرسلون بها لأنها لا تقوى على اقناع صبى يافع دعك عن جموع الشعب وتياراتهم الحية ونخبهم ومثقفيهم الذين كبر وعيهم وباتوا يدركون أهمية الحرية وممارسة حقهم فى انتخاب رئيسهم وواليهم فى الولاية المعينة وممثليهم للمجالس التشريعية والولائية !. لا يمكن مصادرة هذا الحق بنزعات الأحزاب التى تمارس التضليل على نفسها وأتباعها وتغير الحقائق والوقائع، كيف لنا بهذه التدابير التى اتخذت لتهيئة المناخ فى كل ما يلزم للعملية من اجراءات بدأت بالاحصاء السكانى وتنتهى بعملية الاقتراع !. ما هو مصير الأموال الطائلة التى صرفت على هذه المراحل وهى خصما على حقوق المواطن ومعاشه وراحته لينعم بالديمقراطية ؟ . كيف لنا بتبرير الوقت الذى أهدر فى الدعاية الانتخابية والوعود التى قطعت لمخاطبة اهتماماتهم والتحديات التى تواجه الأمة ؟ . أين هى البرنامج التى يمكن أن تدفع بأخذ البلاد الى مرافىء التطور والنماء عوضاً عن هذا الضجيج الذى لا يخدم قضية ولا يطفىء نيران الحرائق التى أشعلها التمرد فى الغرب وكادت أن تشل حركة البلاد وأهدرت ثرواتها ودمرت بنياتها التحية !. تجمع جوبا كما أعلن عنه أصحابه صمم لاسقاط البشير والانقاذ عبر تشتيت الأصوات عنه وعدم تمكينه من الفوز بالجولة الأولى ، ولكن سرعان ما تضعضع هذا الكيان وأحتدمت الخلافات داخله بما يحمله من تناقضات ، وتعذر التراضى على مرشح أو برنامج وبات لا يعتمد صيغة معينة ولا يدرى أى وجهة يسير وأى نتيجة يطمح، وليس بمقدوره الوقوف أمام المد المتمدد باتجاه البشير !. فى هذا الأثناء قطع كل حزب بأن مرشحه هو الفائز بالمنصب لا محالة وبنصر ساحق ، وان برنامجه وحملته فى الولايات كشفت عجز الوطنى وعدم رغبة الشعب فى اعادته للسلطة ... قلنا خيراً وليكن ذلك طالما هى رغبة المواطن وقراره ، كل ذلك كان ينبغى أن يكون حافزا لهم للبقاء داخل حلبة الصراع ومواصلة المسيرة لا اصدار القرارات المتعجلة والمواقف المرتبكة التى تدلل على حجم الفشل واليأس الذى تعيشه هذه القوى !. هذا هو الواقع الحقيقى داخل أبنية هذه الأحزاب خوف من مصير مجهول ، وتردد يعكس هشاشة البناء لديها وقناعتها بالمصير الذى ينتظرها عندما تفرز أصوات الناخبين ...لذا كان طبيعيا أن تجىء مقرراتها على نحو مرتبك تارة تستهدف المفوضية ، وأخرى تتهم الحزب الحاكم ، وثالثة تتهم بعض القوى الأجنبية وهى تدرك قبل غيرها مواقفها من الانقاذ منذ تفجرها وحجم الحصار والتضييق والضغوط والمواجهات التى مارستها القوى الخارجية عليها !. فان كان ذلك لا يبرر لأى من الأحزاب التى يضمها ملتقى جوبا أن تقرر بنفسها اعتزال ومقاطعة الانتخابات الرئاسية وسحب مرشحها فمن باب أولى الجهة التى استضافت ورعت وهيئت لهذا الكيان أن يلتئم ولمخططه أن يمضى !. كان واجبا أخلاقيا على الحركة الشعبية أن تمضى فى المسيرة الى نهاية أشواطها احتراما لاتفاق السلام وملفاته التى شارفت على الانتهاء بطى ملف الانتخابات والتوجه من بعده للاستفتاء ، لا التمترس عند الجنوب وحكومته والزهد فى الشأن القومى على نحو ما عكسه البيان الهزيل للحركة من جوبا قرارها سحب مرشحها للرئاسة والاكتفاء بالانتخابات الأخرى عدا دارفور بدواعى الأمن هناك، والكل يدرك ما صنعته آلة جيشها الشعبى بالجنوب ومواطنيه وهو يرزج تحت حكم الحديد والنار ..! اضطراب ومبررات واهية تعكس مدى افتقار هذا الكيان لأبسط مقومات الفهم السياسى وتداول السلطة ، وهى تدرك أن دافور آمنة أكثر من أى وقت مضى وبها حكومات مستقرة تقوم بكل مطلوبات الأمن وسلامة المواطن ، والحركات المسلحة تعيش خريف الدوحة وأجواء السلام التى تسيطر على المشهد هناك الا لمكابر لا يرى ببصره !، وخليل لا يملك قاعدة عسكرية تمكنه الآن من مخاطرة ثانية والذى يقرأ شروط حركته فى اقتسام الثروة والسلطة يعى أى واقع يعيشه وليس بمقدور أحد أن يمنعه الحلم !، وجبل مرة عاد الى حرز الدولة وقواتها المسلحة بعد خمسة أعوام ، وعبد الواحد ينال نقمة باريس وتبرمها منه ووصفها له بالرهان الخاطىء ، والوضع مع الجارة تشاد يمضى الى تقارب جوهرى تعكسه اللجان المشتركة التى تنعقد بعاصمتى البلدين فى أجواء مغايرة تجلى تبدل المواقف وتحول العداء والمواجهة لكن عرمان لا يرى ذلك ، وتحولات المشهد الدولى تحمل الكثير فى غير صالح قوى المعارضة التى آثرت السلامة بالهروب الى الخلف !. الحركة الشعبية امتطت صهوة هذه الحزاب وترجلت بمفردها لاعتبارات تخصها وتركت الجميع كل ينظر حوله ليرى كيف يمكنه القفز من هذا القارب الغارق لا محالة !. لزم أن نقول بأن الذى ظل ينادى بالتحول الديمقراطى ويمنينا بما ستراه البلاد وتشهده على يديه وحركته فاق الوصف والخيال وكدنا أن نصدقه لولا معرفتنا بتاريخه ومؤهلاته واختبارنا لنواياه من واقع ممارساتهم اليومية وتعاطيهم السياسى كان ذلك فى وحل الجنوب المعاش والفشل الذريع الذى منيت به ، ام قطاع الشمال الوهمى الذى يتزعمه ، أو رئاسته للكتلة البرلمانية لأعضاء حركته التى أرست ممارسة فجة ومزايدات رخيصة وكيد يسارى مفضوح ظل بعيدا عن النضج السياسى ، وقد كان سجاله فيه عبارة عن استعادة مشروخة لواقعه الطلابى على أيام جامعة القاهرة الفرع قبل فراره منها الى الغابة هاربا من العدالة !. وتابعنا كيف أنه كان مفتونا بقرنق ومشروع السودان الجديد قبل رحيله الذى اصابه فى مقتل ليطوى معه بقايا هذا الحلم ، بل رأينا كم هو مولع بالحالة الأوبامية واحتفائه بفوز أوباما بالمقرن بالخرطوم حيث حاول أن يتسربلها من واقع شعار (الأمل والتغيير) الذى اختطه لتدشين حملته الانتخابية من منزل البطل المناضل على عبد اللطيف بكل ما تحمل هذه الواجهات من رمزيات !. رأينا كيف كان يلتقى بالمجموعات المعارضة والمناوئة للانقاذ ويمنيها بالمن والسلوى ان جاءت به الأقدار للرئاسة ، وكيف كان حديثه لمن أصابتهم مواقف الانقاذ الأولى وجراحتها ، كيف كان يوغر صدورهم ويستسهل مصابهم فى المباعدة والفرقة على تقادم الأيام والأسباب والظلامات التى تجاوزوها اكراما وفضلا لا ضعفا واستسلاما !!. راينا كيف هو عرمان فى جولاته يتأبط النصر المزعوم وتصوره لنفسه أنه لا محالة رئيسا بدأ يتوعد بالقرارات والمواقف في كل شأن وكأنه وجد نفسه داخل القصر الرئاسى !. كلنا تابع نشوة الحلم والأمل الذى وعد به عشرات الآلاف من المواطنين ممن تبعوا مركب الحركة المعطوب ، كيف مناهم الأمانى وملأ جيوبهم دراهما ، وعقولهم بوعد كذوب وفجر الانقاذ الصادق كان يتبعه فى كل ساحة وميدان ...! لم يترك عرمان حتى أصحاب الهوى والرذيلة وأهل الخمر والميسر طالما هم عماد السودان الجديد والأمل الموعود والتغيير الذى ينشده بعد فناء الانقاذ وشريعة السماء !.بدأ هذا الحالم متفائلا وتقمص منصب الرئاسة من خلال الخيلاء التى بدت عليه وهو يكيل التهم ويتعرض للانقاذ وزعيمها ومسيرتها التى وصفها بالفشل والانهيار فى كل الميادين وكأنه هو المخلص الذى أرسل لانقاذ البلاد والعباد من وهدتها !. راينا كيف أخبرنا عرمان عن حلمه باعادة كتابة تاريخ وثقافة وهوية السودان فى مشروعه السراب ودعايته الرخيصة !. بعد كل هذه العنتريات المتوهمة سرعان ما أنهار جبل الجليد واسقط فى يده يوم ان تبين للمكتب السياسى للحركة الشعبية وضاعة التقارير التى ظل يرفعها قطاع الشمال عن مناصريه وحجم التاييد الذى تجده الحركة فى الشمال !. عندها أدركت الحركة كذب مرشحها ورأت ان تحفظ ما تبقى من ماء وجهها فحرقت مرشحها بسحبه من جوبا سياسيا لأن تاريخ الانسحاب القانونى انتهى فى يوم 12 فبراير الماضى !. وبالأمس كان أمينها العام باقان قد قطع بأن حركته لن تسحب مرشحها وأنها تعلق عليه آمالا عراضا فى تأمين وحدة البلاد التى ربطتها بفوز عرمان ... يا لها من مهزلة !؟ . رأينا كيف كان صرف الحركة الشعبية على حملة مرشحها والالتزامات المالية الكبيرة التى ترتبت عليها حتى بعد سحبه !. شهد الناس كيف أصاب هذا الانسحاب أوساط الحركة الشعبية بالحيرة وما هى الدوافع من ورائه ، وأربك حسابات كل من وقف الى صفها ممن شيدوا الأمال العراض وتهيئوا لمقدمه ، كان يلزمه حيال هؤلاء أن يضحى لأجلهم بالاستمرارفى المنازلة حتى وان استبان التزوير المدعى وخسر المعركة أن يمضى بهم الى وعده فى الأمل والتغيير ، لا الادعاء الأجوف والأحكام المسبقة على نتيجة الانتخابات , والخوف من الفشل والهزيمة المجلجلة التى تنتظره !.. لقد شهدتم كيف نفى مكتب سلفا كير ان يكون سحب عرمان كان لصالح البشير أو انه دعا أبناء الجنوب ومؤيدى الحركة للتصويت لصالح البشير ، ولا البشير بالذى ينتظر الدعم من اناس خبر مكرهم ومكائدهم عن تعامل وشراكة معطوبة ما استقاموا لها الابقدر ما يحقق رغباتهم فى الانفصال وتقطيع أوصال الوطن !. راينا كيف هى موالاة الحركة لأحزاب المعارضة لارباك الساحة السياسية واشاعة الفوضى وضرب الاستقرار والتردد الذى بات يلف مواقفها وقراراتها الى يومنا هذا !.. فالذى قضى على عرمان ومصيره هى الحركة الشعبية ومكتبها السياسى كيفما كانت اهدافها من وراء قرار سحبه ، الا أنه لا يمكن لعاقل أن يفسره أنه اتخذ لصالح البشير وحتى آخر لحظة فى رمق حملته لم يترك عرمان ولا الحركة الهاب الانقاذ بسياطهم وأسلحتهم ونيراهم دزن هوادة ، وما كالوه لها من تهم وافتراءات لن يمحوها قرار السحب ولو تبين أنها تود دعم البشير !.. الذين أجهزوا على الأمل والتغير ان كان سيتحقق هم قادة الحركة الشعبية وعرمان احدهم وياله من قائد !!!. والذين أضاعوا هذا الحلم فى سبيل ما يطمحون اليهم هم قادة الشعار الذين أجادوا الكذب واختلاق الشعارات الفضفاضة دون وعى ولا ادراك ولا منجزات ولا تاريخ يسنده !.هؤلاء القادة أرادوا أن يجعلوا من كل الذى بذل من جهد وعرق ومال لعبة أو نزهة عابرة يلزم من يتبعهم المساءلة والتحقيق فى ما أضاعوه من مقدرات الأمة والعبث بوجدانها عبر الهرج السياسى والتشاكس ...! لقد سقط عرمان وأتباعه ولم تسقط الانتخابات ولا الانقاذ ومشروعها الذى أرادوه قبره بشتى السبل !! فشلت الأحزاب وعرمان فى معركتها ولا بديل لها غير الانتخابات وستبقى الانقاذ عبر الصناديق وملحمة الشعب التى ستكتب البقاء للأصلح !. لقد سقط هذا الشعار وسقط قادته فى امتحان التحول الديمقراطى الحقيقى الذى قدر الله أن يبعد عنه أمثال عرمان ومن لف لفه بحكمته وتدبيره رأفة بشعبنا وتوجهه ، فسقطت بسحبه صفحة كالحة فى تاريخ السودان ، واستبان القوم كم هى سهلة هذه الشعارات عندما يكون السقوط على نحو مبكر وتاريخ المرشح الهمام لا يعرف نجاحا فى امتحان يذكر ،،، من كان يعول او ينتظر عرمان فان الرجل قد سحب ، اللهم لك الحمد والمنة والثناء الحسن ...!!؟؟ adam abakar [[email protected]]