إن قضية التطبيع قد عكست خللا واضحا في جسد الثوره وأزعم أن جزء مهما هو نتاج لغياب للرؤية العلميه التي تؤسس لمفهوم الثوره واسلوب القياده. في قلب هذه الرؤيه قضية الوعي وأهمية سايكولوجية الشعب والقياده. بغض النظر عن صواب القرار من خطئه ومن أهمية التطبيع من عدمه.. ومن شرعية الحكومة وحقها ام لا فالحقيقة إن الأزمه في تناوله هي أكبر من أزمة التطبيع. إن التطبيع إن كان صوابا فهو خيرا وبركة على شعبنا وإن كان خطأ فما أسهل على الحكومة المنتخبه أن تقفل السفارات وتقطع العلاقات... لكن أزمة التناول للقضية والتعامل معها يعكس شرخا في جسد الثوره وأسلوبا في مفهوم التغيير إذا لم ننتبه له فمصيره أن يصيب قلب الثورة في مقتل... هذه هي الطامة الكبرى التي ستقودنا الى مزالق التردي والإنهيار. إن الثورة قامت على أساس متين وقرآن مقدس يستند على حروف من نور بأن الشعب هو التغيير.. وإننا أغنياء بشعبنا.. وإن أي تغيير وإن كان إيجابي الملامح إذا تم بمعزل عن شعبنا لهو ركعات نفل بلا وضؤ لمن سهى عن فروضه لن تقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. أحبتي إن قضية فلسطين ليست معضلة فكريه ليتم حسمها في كلمات ومقابلات في آخر لحظة لتشرح أهمية السلام مع إسرائيل وموقعنا منه. إنه من خطل الرأي ان يظن قادتنا بأن حلو الحديث والوعود بالخير الوفير سيجد اذانا صاغيه وستنتهي هذه الأزمه في ساعات لتصبح رصيدا من الذكريات. إن قيادتنا لم تقرأ واقع الثورة بالعمق الذي يستحقه فوقعت في سلسلة من الأخطاء والسلبيات التي يجب الوقوف عليها أولا تجاوزت الشعب وتجاهلت حقيقة إن الشعب هو التغيير فتم تغييبه بصورة تدعو للإحباط والألم. حيث إعترف البرهان بأنها كانت عملية طويله تم فيها نقاشات في المجلسين والشعب فيها غائب لا يشاور ولا يناقش حتى وإن قبلنا بضرورة بعض السرية فلا موجهات عامة تطرح ولا شفافية ووضوح بعد ان تم الإتفاق. ثانيا.. عدم الإنتباه لحقيقة معلومه وبداهة لا تغيب على أحد إن قضية التطبيع هي واقع معقد عليه تجاوز تراكم أكثر من ست عقود من الحروب والثقافه الموجهه ضد الظلم والتعاطف مع الضحايا.والبعد الديني. ليتشكل وعي شعب كامل بمفاهيم دولة الإحتلال والكيان الصهيوني والحق المشروع للشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى.. هذه ليست كلمات بل أعمدة راسخة من الوعي والذكريات شكلت عقول شعب ووجدانه ورسمت حاجزا نفسيا لايمكن هدمه بخطاب مقتضب ووعود في الهواء.. ثالثا التناقض في التصريحات بين عدم التطبيع وبعد ذلك السير في دروبه.. إنكار معرفة التفاصيل للبعض... من تحركات البرهان ومن خطوات أخرى وإنكارها.. كلها قد أصابت مصداقية الحكومة في مقتل.. بل والأسوأ من ذلك فتحت الباب لنظرية المؤامره وطرحت الأسئله عن الأصابع الخفية التي تحرك كل هذا المشهد. رابعا إن الدعم الذي وجده القرار عند قطاعات من شعبنا كان في معظمه ليس دعما لإيمانهم بأهمية التطبيع في جوهره ولكن لإرتباط التطبيع بإنفراج إقتصادي قريب. ولا يخفى على أحد خطورة هذا التأييد المشروط والدعم الذي لا يخفي توقعات وأمال.. حيث سنجد وقوفا ضد القرار إذا لم تتحقق ما كان متوقعا منه وسيكون هؤلاء أكثر الغاضبين والرافضين للتطبيع بل والغاضبين على حكومة الثوره التي باعت لهم السراب. هذه السلبيات قد خلقت واقعا مأزوم لا يمكن تجاهله والسير للأمام بدون معالجة تداعياته.. حيث نجد شروخا وجراحا في جسد الثوره يجب الوقوف عليها لإيقاف النزيف المتمثل في أولا تجاهل الشعب ودوره من حيث إتخاذ القرارات والرجوع اليه ليبصم عليها فقط متجاهلا إرثا من التاريخ والدين و المشاعر المرتبطه بقضية التطبيع. ثانيا تناقضا في التصريحات والمواقف هزت عروش الثقه وجسور الشفافية والوضوح. ثالثا. وهي أم الكبائر المتمثله في ربط التطبيع بالمنح والمعونات لتصبح صفقة نبيع فيها مواقفنا و ارائنا وعقولنا وأمام أعيننا شحنات القمح والبترول. هي سقطة لم تحترم كرامتنا وكبريائنا وليس من السهل ان نتجاوزها..حتى وإن كان التطبيع صوابا ختاما لن نبكي على اللبن المسفوك.. لن نندب حظنا على قيادتنا التي تظن أن التغيير يعتمد على ذكائهم في غرف مغلقه وأن الشعب شريك صامت عليه البصم والتهليل.. لن نبكي على قيادتنا السياسيه المتشرذمه التي ليس لها وجود وسط الجماهير ولا سلطة على الحكومة التي أنجبتها.. لن نتحسر ولكن سنأخذ التغيير بأيدينا ونطلب من حكومتنا أن تسمع لشعبها وان ترفع رأية الشفافية والوضوح وأن تقوم بالآتي أولا الخروج لشعبنا وتمليك الحقائق فقد سئمنا من التصريحات المقتضبه والتبريرات الفجه. ثانيا. الخروج للعالم والتأكيد بأن التطبيع ليس صفقة وليس مرتبطا بقائمة الإرهاب.. فشعبنا يستحق ان ترجع له بعض كرامة فكفي صورة التطبيع المرتبط بالعطايا والمنح. ثالثا بدء حملة لقاءت مع القوى السياسيه وحملة إعلاميه للجماهير لتطرح رأيها في التطبيع.. حتى يصل شعبنا لقاعدة اتفاق نسبي نستطيع الاستناد عليه. رابعا.. التأكيد بأن الخطوات العمليه والتنفيذيه للتطبيع لن تطبق حتى يتم إجازتها بالمجلس التشريعي.. صوت الشعب ولسانه. هي خطوات نزعم إنها قد تعيد بعض الأمور لنصابها... نعم.. لم نركز على جوهر التطبيع سلبا وإيجابا.. ولكن هاجسنا كان ومازال سايكولوجية القياده التي تتجاهل إن الشعب هو التغيير وإن الشفافية هي الترياق لكل العقبات .. إن على شعبنا ان ينظر للمستقبل وفي باله أنه هو التغيير مفارقا دروب السلبية و الإحباط وان يقوم بترتيب صفوفه فأما سمعت قيادته لصوته وإما خرج من رحمه من يحمل الراية لا يهاب الحقيقه يؤمن بالشفافية ولا يخشى رفع راية التطبيع أو من عدمها لا يربطها بالمنح والهبات بل يلتزم برأي الشعب.. يسير به ومعه كل الصعاب حتى يحقق فجر الثوره ولو كره المرجفون..