مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    الزمالة يبدأ مشواره الأفريقي بخسارة أمام ديكيداها الصومالي    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    الارصاد تحذر من هطول أمطار غزيرة بعدد من الولايات    استشهاد أمين عام حكومة ولاية شمال دارفور وزوجته إثر استهداف منزلهما بمسيرة استراتيجية من المليشيا    المفوض العام للعون الإنساني وواليا شمال وغرب كردفان يتفقدون معسكرات النزوح بالأبيض    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    دعوات لإنهاء أزمة التأشيرات للطلاب السودانيين في مصر    د. معاوية البخاري يكتب: ماذا فعل مرتزقة الدعم السريع في السودان؟    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    الاجتماع التقليدي الفني: الهلال باللون باللون الأزرق، و جاموس باللون الأحمر الكامل    يا ريجي جر الخمسين وأسعد هلال الملايين    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد بالصور.. المودل السودانية الحسناء هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل وتستعرض جمالها بإطلالة مثيرة وملفتة وساخرون: (عاوزة تورينا الشعر ولا حاجة تانية)    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس لإفساد بهجة اليوم .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 15 - 11 - 2020

قيل البابا الصلح ندمان. وسلام جوبا ما بيتأبي. ولكنه من تلك الأشياء التي تخلي فيها نصك عاقل ونصك مجنون. فهو السلام المحفوف بالنذر حتى لكأنه مطلوب منك به أن تمشى على العجين ولا تلخبطه.
من مخافات هذا السلام أنه من تلك التي اشتهرت عندنا بنقضها لا بموالاتها وتنفيذها. ومن الموقعين مثل السيد أركو مناوى من ضاق لسع عقرب العهود المجهضة. وقس على ذلك تجمد اتفاق الشرق على الصورة التي جاءت في ندوة على التلفزيون قبل أيام. ويقع الحنث بالوعد لأنها اتفاقات انعقدت مع نظم عسكرية نظرت لها كصفقة لتأمين استمرار حكمها حتى تنقلب عليها عند أول سانحة متى ظهر عرض أفضل لبقائها في هذا الحكم. لم تسلم من ذلك اتفاقية أديس أبابا في 1972 التي أعطت الجنوب عقداً من السلام لم يشهده لا قبلها ولا بعدها.
خرج سلام جوبا من شهوتين سياسيتين. كانت الحكومة بحاجة إلى خبر سعيد ممن عدتهم حلفاء في الحركات المسلحة فلقوها خصماء. وكان العسكريون في قحت بحاجة إلى تعزيز قاعدتهم السياسية بحليف يرجح كفتهم في الحكم. وبلغت الحكومة من انتظار هذا الخبر السعيد المضمون أنها لم تأت لمائدة المفاوضات باستراتيجية حتى اختطفها العسكريون بصباح. واحتجت رموز من قحت في مقام الإمام الصادق المهدي والسيد إبراهيم والدكتور الأصم والحزب الشيوعي على غيبة تلك الاستراتيجية بعبارة عابرة لا تسمن ولا تغني من جوع. وبدا لي أنهم لم يريدوا إفساد الخبر السعيد أو، بعبارة أخرى، الإمطار على حفل قحت. وبلغ من غياب هذه الاستراتيجية أن كان من لاحظها من هم على الجانب الآخر من مائدة التفاوض مثل الدكتورين إسماعيل آدم أبكر ومحد جلال هاشم.
والمخافة أن يكون سلم جوبا من تلك التي تنعقد لتنقض لأنه تواثق بين حركات مسلحة وعسكريين مثقلين بشريك مدني قوى. فيدهم غير مطلوقة مثل النميري في اتفاق جوبا أو البشير في اتفاقاته التي بلا حصر. ولكن تلح على عسكر قحت بأكثر من نميري والبشير الرغبة في تأمين وجودهم السياسي. فتولد السلام عليه من شهوة العسكريين لسلم يكبر كومهم بوجه قحت ذات الغزارة الجماهيرية أو المرجعية الجماهيرية في أسوأ الأحوال. واضطرت عزلة العسكريين هذه كما رأينا إلى مغازلة قوى مختلفة بلا جدوى إلا لإنقاذيين لأن بينهما ما بينهما. ولكنهم وجدوا من الجانب الآخر في الجبهة الثورية استعداداً (بل شرها) لحلف معهم منذ لقاءات حميدتي بقادة منهم في تشاد بعد عكلتة قحت معهم في مفاوضات أديس أبابا. ناهيك من جهود الأمارات غير الذكية في تمتين ما بين الجبهة الثورية وحميدتي بالذات وهو الذي تراهن عليه ليستكمل المثلث الحفتري من مصر وليبيا والسودان.
ومما يرجح أن الاتفاقية لن تتنزل سلماً أنها انعقدت مع حركات ليست في خطر تلك التي غابت. ووضعت مع ذلك إطاراً شاملا لذلك السلم لا ننتظر أن تقبل به الحركات الغائبة. فبين هذه الحركات ضر حال دونها ومجرد الاجتماع في طاولة واحدة لتنسيق ما بينها برغم اتفاقها جميعاً على تشخيص مشكلة السودان كمركز وأطراف. ومن نظر في سيرة مؤتمر الدوحة لسلام دارفور في 2007 لوجد أن خصومة الحركات كانت فيمن سيحظى بالاعتبار دون غيره فيه. وقلت في كلمة قديمة إن عملية "الذراع الطويل" كانت فكرة العدل والمساواة لتقول لناس الدوحة إنهم "الملوك وهم الرعية".
فلا أعرف مثلاً إن كانت حركة الحلو ستقبل بنائب وال من حركة عقار على جبال النوبة على ثانوية المسألة ناهيك من استحواذ الجبهة الثورية بمقاعد مجلس السيادة والوزراء والمجلس التشريعي. و"كبرها" اتفاق جوبا حتى كاد يلغي نفسه بنفسه.
وغير خاف أن اتفاق جوبا هدد السلام في الشرق الآمن كما رأينا قبل أن يؤمنه حيث ينبغي في أقاليم الحرب. فضرج بورتسودان وكسلا بالدم والثورة احتجاجا على استصحاب الجبهة الثورية كيانات دون غيرها في التفاوض. فأسبغت عليها بحكم عضويتها فيها جاهاً لا لأنها ممثل الشرق بلا منازع. وتحاول الجبهة الآن احتواء احتجاج قوى مهمة في الشرق بالتلويح بانعقاد المؤتمر التشاوري للشرق المنصوص عليه في اتفاقية جوبا. ولا أعرف إن قبلت جماعات الشرق الأخرى أن تُشَاور فيما أمضاه غيرها جزافاً فصار مفاوضاً بينما ترك غيره ليُشاور فيما بعد وربما يخالف.
ولعل أكبر مخاطر هذا السلم إطلاقاً هي نزاع الموقعين عليه على الوظائف في ظاهرة اسميها "متوالية أبو القاسم إمام" بيني وبين نفسي. فما وقع أبو القاسم على اتفاق سلام مع الإنقاذ حتى عاد للحرب لأنه لم يحصل على الوظيفة المستحقة. والشواهد على دائرة التمرد فالسلم فالتمرد كثيرة. وسيجد كل محموق من حرمانه الوظيفة المستحقة عزاء في الانشقاق والانضمام لحركة عبد الواحد في حالة دافور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.