عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. الإنجليز يعانون من تداعيات هجمة الكورونا على هيكل حياتهم الإقتصادية والإجتماعية وعموم أخطار الصحة العامة. ومع قدوم موسم إحتفالات عيد ميلاد المسيح تحدث رئيس وزرائهم بوريس جونسون مخففا عنهم وطأة هذا الإحباط نتيجة مرض الكوفيد 19 بأنه يمكنهم الإحتفال لكن بشرط الحذر الشديد وقال محذراً "الكورونا لا تعرف الكريسماس". حقيقة هذا الفيروس سريع العدوى وشديد الفتك بالأرواح لا يعرف المجاملات ولا يفرق بين البشر خفيرهم أو مليكهم وخطورته أنه يفرق بين الأحبة إلى الأبد عندما يسافر بمن يفتك به إلى دار الآخرة. فكم من أسر قد فقدت أكثر من شخص عزيز وفى نفس اليوم أو الاسبوع نتيجة هذا المرض كفاني الله وكفاكم شره. هكذا للأسف الشديد قد فجعت بيوت كثيرة فى السودان وكان الحزن يتنقل من بيت إلى بيت ومن شارع إلى شارع وفى ذلك عبرة لؤلي الألباب أن رحلة الحياة على قطار الزمن تتناقص عندما تقترب محطة النهاية حيث يخرج الراكب الخروج النهائي عبر باب ذلك القطار السريع الذى لا مفك من السفر عبره. ونحن نخوض فى عوالم الحزن الذى عم كل الدنيا فسوداننا منذ يومين قد عم الحزن على كل ربوعه بفقد الحبيب الإمام الصادق المهدي والد الجميع بحكم سنه والمعلم بل قدوة الكثيرين من مواطني السودان الذين يكنون لهذا الوطن الحب الصادق والإيمان بوحدة ترابه وتراثه وثرواته وموروثاته من قيم دينية وإجتماعية يتميز بها السودان، كل تلك القيم والمفاهيم كان ينادي بها المرحوم الإمام إينما سنحت له سانحة الحديث او الكتابة. لقد أثرى المكتبة بما سيستفيد منه الكثير من الأمم ليست فقط فى السودان بل فى كل بلاد العالم. سيفتقده السودان فى هذا الوقت الحرج الذى يحتاج إلى فكر وشورى العقلاء وذوي كفاءة الخبرة. لكن نسأل الله أن يبصر من سيخلفونه ويجمعهم على كلمة الوفاق وحمل الأمانة الثقيلة التى تركها لهم وللوطن من خلفه الإمام لكي يعبر كل أبناء الوطن بوحدتهم واتحادهم من هذه الورطة التى يعيشها الوطن إلى بر الأمان. العزاء من القلب لأسرته الكريمة وأتباعه ومريديه وأصحابه وتلاميذه ومعجبيه وكل من له به صلة او علاقة خاصة فكم كان هو رجلا متواضعاً ، سمحاً هيناً لطيفا إجتماعيا مجاملا ، ليس فظا. اللهم أرحمه واسكنه أعلى الفردوس . اللهم أجعل قبره روضة من رياض الجنة. اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره. و للسودان الوطن، أرجو من الله الحفظ من الجهل والفقر والمرض والعدوان الخارجي وأن نعيش ونراه شامخاً فوق هامة كل الأمم. واليسمح لي القاريء العزيز إعادة مقال سابق ، خاطرة حول إنطباع تأثري ببعض من سلوك الراحل الإمام الإجتماعي : دكتور عبدالمنعم عبدالمحمود العربي أعجبتني كلمة السيد الدكتور الصادق المهدي ... بقلم: د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي نشر في سودانيل يوم 24 - 08 - 2013 بقلم د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي - لندن عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. لم أكن أبداً سياسياً أو أنصارياً أو ختمياً أو إخوانياً أو شيوعياً أو صوفياً أوعلمانياً رغم أنني ولدت وعشت في كل تلك البيئات وتعاملت مع كل تلك الفئات (ولي منهم كثير من المعارف والأصدقاء) وحتي كذلك بين أهلي الذين يتصوفون حتي النخاع بالطريقة الختمية أو التجانية منذ أكثر من مائة عام فلم أتأثر. بقيت مسلم وبس (علي السكين)، ربما تأثرت بنصائح الوالدين رحمهما الله (لا تكن إمَِّعَة). لكن رغم ذلك يبقي يأثرني الجمال وحده في شكله وكمه ومعناه الكبير المطلق. جمال الطبيعة والفنون والإبداع والكلمة الجميلة والخلق والسلوك الحسن. في مجتمع سودان اليوم توجد ثلاثة إهرامات (حبيبان وشيخ). الأول الحبيب النسيب السيد محمد عثمان الميرغني والثاني الحبيب الإمام السيد الصادق المهدي والثالث البروفيسور الدكتور الشيخ حسن الترابي. لهم التحية والإحترام. ثلاثتهم معروفون بل حتي في خارج السودان. للأسف السياسة كانت الطريق الذي سلكوه وبالتالي حرمت المجتمع من الإستفادة من قدراتهم الأخري الكثيرة المتفردة وليتهم قد تفرغوا لتلك القدرات والمهارات وأولوها إهتمامهم فالمجتمع بجميع أطيافه لفي حاجة إلي مفكرين وهادين. بالنظر إلي البروفيسور الترابي كان يفكر ويؤلف ويحاضر في الداخل والخارج وكان له من المعجبين خارج السودان ما يفوق عدد من هم داخل السودان ولكن تغيرت تلك النظرة والإعجاب بعد أن تمكن داء السياسة في شخص البروفيسور وصار حاكماً وفي عالم السياسة شرار يتطاير كشرار نافخ الكور لا ينجو منه إنسان. ليت البروف يعود الي الإبداع الفكري . أما السيد محمد عثمان الميرغني فليته تفرغ إلي أمور الدين كرمز فأنا أكاد أجزم أنه سيهتدي به الكثير من الناس والشباب لأن الدين المعاملة وفي السودان نفتقد المرشد الديني الحق بمقياس ما يوجد في بلاد عالمية . الشيخ عبد الرحيم البرعي عليه رحمة الله لم يعمل بالسياسة لكنه ترك وراءه الآلاف من المريدين والشباب الذين تشربوا من هديه وطيب معاملته وحسن خلقه وتسامحه. أي إنسان في رأيي ممكن يدخل باب السياسة ويكون سياسي ومسؤول كبير ولكن ليس بمقدور كل سياسي أن يكون مُفكراً أو مُنَظِّرَاً خلاقاً، بل قد يفشل تماماً. أما السيد الصادق المهدي ليته تفرغ للأكاديميات من فكر وبحوث وتنظير لما يملك من قدرات عظيمة وحضور وذكاء إذا تحدث أو كتب في أي موضوع علمي أو أدبي أو ديني كان ، لا يهم ولا فرق عنده في سهولة هندسة الإتقان والإبداع. ليته يذهب ويحاضر في الجامعات والمعاهد لطلاب كل الكليات. اليوم ومع بداية عطلة الأسبوع البريطانية الطويلة (ثلاثة أيام) أثلجت صدري كلمته التي قالها في حفل زواج شابة سودانية حباها الله بصوت جميل فصارت تمدح. أعجبتني أنها كلمات وإن جاءت في مناسبة إجتماعية خاصة إلا أنها كانت كلمات نصح حقيقي ولفت نظر لكل السودانيين من شيخ تعتقت تجربته وخبرته عبرالسنين الطوال في كل مناحي الحياة بأن التطريب والطرب مقبولان وأن الصوت الجميل هبة ونعمة من الله يخص بها أشخاصاً دون الآخرين وأيضاً ينبه أن هناك سلوكيات دخيلة بدأ يسري سرطانها في مجتمعنا الذي كان حتي السبعينيات كان يوصف عالمياً بمجتمع البراءة والصدق والطيبة والعفة والكرم والإعتزاز بالتراث من زي وعادات وتقاليد ما هي إلا موروث حضارات قديمة كان لها شأن عظيم ودين سمح لا غلو وتشدد فيه. كلمة السيد الصادق في رأيي تستحق أن تُدَرَّسْ في المدارس وأن تناقش في الجامعات التي تدرس علوم المجتمع وأن يستفيد منها كل الناس الآباء والأمهات وحتي رجال الدين والمتشددين (لن يشاد الدين أحد إلا غلبه) . فالعادات الدخيلة علي الزي السوداني الجميل ومراسيم الأفراح وحتي الأتراح صارت جداً مكلفة ومرهقة في بلد يقل فيه دخل الفرد وترتفع بالموازي فيه الأسعار بجميع أنواعها نتيجة الضرائب الباهظة. كلمة السيد الصادق دعوة لمراجعة أمورنا الإجماعية سلوكية أو تراثية كانت للحفاظ عليها من الضياع مع إصلاح ما يمكن إصلاحه. هذا ما فهمته لك كل الشكر والتجلة الأستاذ الإمام الدكتور الصادق المهدي وأنت تمتعنا من وقت لآخر بالنصح والإرشاد في قالب سهل لكنه في الواقع يولد لوحة فنية راقية، وجمال الكلمة يبقي شاهداً وكالمرآة يحمل جمال وروعة كاتبها. حفظك الله د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي