هل صدق السفير الاثيوبي حين عبر عن ثقته بانه" لن يأتي الينا شر من قبل الحكومة السودانية" ؟ وذلك عقب مناورات نسور النيل التي تمت كأول مناورة قتالية مشركة بين الجيشين المصري والسوداني في سماء شمال السودان؟ في تقدير معظم المحللين والمتابعين للمشهد السياسي ان توقيت هذه المناورات لم يأتي عبثا في هذا التوقيت وحتي قبل انفجار التوترات في الحدود مع الدولة الجارة. بل اذهب ودون مبالغة للزعم بأن تسمية المناورات " بنسور النيل" قصد منه ايصال رسالة للشقيقة اثيوبيا ذات صلة بسد النهضة. فقد صرح قائد القوات الجوية السودانية الفريق عصام سعيد كوكومن ضمن ما صرح" أن تسمية التمرين المشترك بنسور النيل جاءت دلالة علي الرابط الأزلي بين السودان ومصر وهو النيل الخالد" انتهي . في تقديري انه ومنذ مناورات نسور النيل كان هناك شئ يحاك وشبح حرب بالوكالة يدور في الافق. يبدو أن الشق العسكري يسعى بظلفه ونابه الي حرب مع الشقيقة اثيوبيا. واهم من ظن ان حرب مع اثيوبيا ستكون حرب سهلة كحروب العصابات التي خاضها النظام السابق لمدة ثلاثين عام. أن اي محاولة لجرجرة الوطن في حرب جديدة ستقود لحرب ضروس تقضي على الأخضر واليابس في شرق السودان والنيل الازرق ولا يعلم الا الله مدى مأساتها في حياة المدنيين من الطرفين. دعونا نبحث قليلا في الاسباب التي ربما اغرت الشق العسكري بكيزانه لخوض هذه الحرب التي لا يفتأ يصعد لها: أولا: مع تصاعد الحركة الديمقراطية المدنية الان خاصة وسط الشباب سيري الشق العسكري أن حرب دولية الان هي افضل الطرق لفرض دكتاتورية عسكرية للحد من تصاعد المد الثوري وربما استيعاب جزء من طاقات الشباب بحملات تجنيد ضخمة ومغرية خصوصا مع معدلات البطالة التي يشهدها السودان الان. ثانيا: لقد تضررت سمعة الجيش السوداني بعد فض الاعتصام تضررا كبيرا وفقد رصيده في الوجدان السوداني اضافة لوجود الرتب- حتى رتبة الفريق دون تأهيل أكاديمي. لابد من حدث إقليمي فادح لاستعادة سمعة الجيش وإعادة ترميمها.وهم في أمس الحوجة لهذا الان وليس بعد ثالثأ: حرب خارجية فرصة نادرة لشرعنة واستدامة سيطرة الجيش على 82% من اقتصاد وموارد البلاد. رابعا: فقد الإسلاميون قدرة العمل الجماهيري لانحطاط سمعتهم بعد تجربة الثلاثين عام في الحكم وسيظل الامر هكذا لسنوات وعقود قادمة ولا يجدون اية مؤسسة قادرة على تمثيلهم غير الجيش فهو آخر أمل تبقى لهذه الحركة على الأقل لسنوات قادمة. خامسا: قوى اقليمية على رأسها مصر ذات مصلحة اساسية في هذه الحرب لايقاف سد النهضة. وأقل كلفة بالنسبة لمصر خوض حرب بالوكالة بدلا حرب مباشرة مع إثيوبيا. واقع الأمر لا سبيل لمصر لخوض حرب مع إثيوبيا غير السودان. وربما يبعث شبح اتفاقية الدفاع المشترك في ظل هذا الظرف. سادسا: ضباط النظام وقادة الحركة الاسلامية في اذهانهم مساهمتهم الكبيرة في اسقاط نظام مانغستو هلا مريم ، خاصة فيما يبدو ان مصر وعدت بغطاء جوي. ولكن قصور هذه الرؤية يتجلي في الاتي: أن حرب كهذه لن تكون حرب خاطفة كالحرب ضد نظام منغستو. نظام منغستو أسقطته جميع القوميات الإثيوبية إضافة لكفاح الشعب الإرتري من أجل الاستقلال، اضافة لان الشعب الاثيوبي متوحد خلف قيادته الان وسد النهضة عدا قومية واحدة. اضف لذلك أن إحباط الشباب السوداني وخيبة الأمل في الحكومة الانتقالية وتزايد حدة القمع المحتمل من اندلاع حرب اقليمية وانغلاق طريق التغيير المدني ، يزيد من احتمال نشوء حركات مسلحة جديدة سيكون هذه المرة انطلاقها من المركز والشمال عكس الحركات الاقليمية. وسترحب إثيوبيا باستضافة مثل هذه الحركات وتسعى لتسليحها وتدريبها. ويجب ان لا يفوت علي العسكر أن الجيش السوداني والمليشيات الرديفة له ليس لها تجربة حرب دولية بل انحصرت تجربته في حرب العصابات والصحراء والأدغال مع حركات ضعيفة التسليح والإمداد على أحسن الفروض بالاضافة الى طيران لم يواجه بمضادات. هذا المرة الاولى التي يخوض فيها الجيش السوداني حرب مع جيش نظامي يملك سلاح جو عريق وقد تكون العواقب غير حميدة. فوق كل هذا لقد قاد قصور نظر السيسي ونظيره البرهان للاعتقاد انه وتحت مظلة التوازنات الدولية الحالية فان امريكا ستتخندق مع مصر كما في السابق وفات عليهم أن الجيش الإثيوبي جيش حديث ذو علاقات وثيقة مع الجيش الأمريكي منذ أحداث 11 سبتمبر 2001. لقد تم تدريب فرق منه على ايدي الأمريكان ويحظى بعطفهم بينما الجيش السوداني موضع شكوك بواسطة الإدارة الامريكية والكونغرس خاصة بعد توقيع اتفاقية لا معنى لها مع موسكو، اللهم إلا ضمان إمداد قطع غيار لطاقم عتيق من الدبابات وناقلات الجنود. في صراع مثل هذا لا تشكل مصر حليف يركن له مع دعم شبه مضمون لأثيوبيا. هذه كارثة جديدة ذات عواقب وخيمة على المدنيين السودانيين تجنبها بكل السبل. لابد من التدخل الفوري للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لإنهاء حرب لا طائل منها ولابد من نهوض حركة معادية لحرب الاخوة في كل من السودان وإثيوبيا. هذه سياسة فاسدة قصيرة نظر لا تأبه إلا بمصلحة شرذمة صغيرة على استعداد للتضحية بالوطن كله من أجل مصالحها الضيقة. اتمنى من كل قلبي تجنبها. إن لعنة الإخوان المسلمين لن تغادر البلاد بسهولة فبعد أن فصلوا جنوبها وارتكبوا المجازر في غربها وأشعلوا شرقها ها هم يتهيأون لوصول الحرب الى بورتسودان وكسلا ومروي والخرطوم. دعونا نقف صفا واحدا ضد الحرب .. دعونا نكون جبعة عريضة ضد اي حرب باسمنا كشعب سوداني ضد اخوة لنا نحبهم ويحبوننا نحترمهم ويحترموننا. #جبهة_عريضة_ ضد الحرب الهام عبد الخالق هاملتون- اونتاريو 25 ديسمبر 2020 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.