كامل إدريس إلى مصر في آول زيارة رسمية إلى خارج البلاد    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    سلطة الطيران المدني تصدر بيانا حول قرار الامارات بإيقاف رحلات الطيران السودانية    القائد العام يشرف اجتماع اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمات بولاية الخرطوم – يتفقد وزارة الداخلية والمتحف القومي    لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    هل تدخل مصر دائرة الحياد..!!    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    بدء برنامج العودة الطوعية للسودانيين من جدة في الخامس عشر من اغسطس القادم    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأزق المراحل الانتقالية في جنوب السودان .. بقلم: ماد قبريال
نشر في سودانيل يوم 21 - 01 - 2021

لم تكن التصريحات السابقة التي أطلقها السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية ويك في بحر الأسبوع الأول من الشهر الجاري، عن "اتفاق الحكومة وشركاء اتفاقية السلام على تمديد الفترة الانتقالية لعامين متتالين حتى العام 2023". معللا بأن المتبقي من عمر الفترة الانتقالية ليست كافية لتنفيذ المصفوفة الزمنية المتعلقة بالأنشطة المتوقع تنفيذها، "فقد ضاع وقت طويل في تنفيذ مطلوبات الفترة ما قبل الانتقالية التي تم تمديدها مرتين".
في الواقع لم يكن هذا التصريح مفاجئً للمتابعين، نظرًا إلى الإشكالات التي تعتري تنفيذ اتفاقية سلام سبتمبر. وكما يُقَال فإن الشيطان في التفاصيل، وبعبارة أخرى، فإن التحدي الحقيقي الذي يواجه تطبيق بنود اتفاقية السلام ليست في نصوصها وجداولها الزمنية، بل متعلقة بالأساس بالكيفية التي يرى فيها قادة الأحزاب والكتل مصالحها الذاتية، بغض النظر عن تكذيب القوى السياسية الأخرى الموقعة للاتفاقية والشريكة في الحكم الآن في بيانات رسمية لتصريحات سكرتير الرئيس، قوى سياسية مثل الحركة الشعبية في المعارضة والحركة الوطنية الديمقراطية، في مقابل صمت القوى الأخرى في انتظار حسم مقاعدها السلطوية في الولايات واسترضاء للرئيس الطرف المتحكم في المشهد.
لم تتوقف خلافات الأطراف في أعقاب توقيع اتفاقية سبتمبر 2018، وحتى فبراير من مطلع العام المنصرم، أي نحو خمسة عشرة شهرا، استهلت جل الوقت في الحوار والاختلاف حول ثلاثة قضايا رئيسية. الأولى التي حتم على الطرفان الوصول لتسوية هي عدد الولايات ل 32التي أنشأها الرئيس بقرار جمهوري آحادي عقب توقيعه اتفاقية سلام أغسطس 2015. إذ تجادل الشركاء الموقعون وقتئذ على الرغم من وضوح الخرق القانوني بعدم دستورية قرار الرئيس، وفشل وساطة الإيغاد بالإقرار بهذا الأمر، بل شرعنة الوضع حتى إيجاد تسوية في مرحلة لاحقة في إحدى قممها، وحث الرئيس لإلغاء قراره السابق مثار الجدل، والعودة إلى نظام الولايات العشرة، مع إنشاء ثلاث إداريات جديدة، والتي هي أيضا خرق آخر للاتفاقية!
المسألة الثانية التي حتم على شركاء الاتفاقية تتعلق بإنفاذ بنود الترتيبات الأمنية المشار عليها في الفصل الخامس من الاتفاقية. إذ لازم الخلاف الأطراف حيال تطبيق هذا البند، ووضعت عراقيل إدارية ولوجستية للحد من عدم إحراز أي تقدمٍ يساهم في إعادة إصلاح المنظومة النظامية العسكرية في البلاد، ابتداءً بإطالة النقاش عن حجم وتنظيم الجيش وإدماج القوى المقاتلة لكل كتلة، إضافة إلى الشروع في ترجمة المبادئ التي وضعتها الاتفاقية في شأن معالجة الخلل في هذه المؤسسة وغيرها من الأجهزة الأمنية التي صارت المتحكمة في الفضاء العام، جهاز الأمن على سبيل المثال. وفي هذا السياق، تتعذر الحكومة، أو بالأحرى فصيل الرئيس بانعدام الموارد المالية اللازمة، وقلة الدعم الغربي لهذا الإطار، وكأن الدول الغربية تتولى قيادة الدولة وليس نحن بأنفسنا. يتبادر للذهن عزيزي القارئ سؤالا ملحًا كيف استطاعوا، أي قادة الحرب، تمويل جيوشهم طيلة السنوات السبعة الماضية، وشراء أسلحة حديثة فتاكة، ومع ذلك، نرى الشكوى من نقص المال في هذه المرحلة!
المأزق الثالث والأخير، وهي جوهر هذا المقال، يتعلق بغياب الإرادة السياسية. الأزمة الرئيسية التي تواجه بلادنا هي في تقديرنا، تتركز في فشل النخبة السياسية والعسكرية وانعدام حسها الوطني، وغياب بصيرتها تجاه حاضر ومستقبل البلاد. بهذا الفهم يمكن النظر إلى تصريحات السكرتير الصحفي المذكورة آنفا، ضمن إطار أوسع يتعدى التوافق على تمديد الفترة الانتقالية لعامين قادمين أو عدمه. هذا الأمر يعني غياب أولوية الديمقراطية، محاربة الفساد، تطبيق القانون والحقوق وإتاحة الحريات السياسية. سبق وأن أشير إلى هذه الخلاصة، من قبل محللين ومراقبين، الذين قالوا بأن الإشكال الحقيقي لتجربتنا منذ 2005، هو تعثر تجربة الانتقال السياسي. هذا الطرح نجده في آراء الباحث والأستاذ الجامعي الأوغندي محمود ممداني ضمن آخرين، ممن أشاروا إلى استشكال المراحل الانتقالية وعثراته ضمن الأسباب الرئيسية لعدم الاستقرار السياسي في البلاد.
باختصار، إن أزمة المراحل الانتقالية، موضع المقال، هي جزءا من استراتيجية النخبة في استدامة السلطة واستخدامها مختلف السياسات للحفاظ على الوضع الراهن (Status quo) منها العرقية السياسية كما أشار إليه الدكتور بيتر أدوك نيابا في ورقته الموسومة اعوجاج الفكر السياسي وفشل تشكيل الامة وبِناء الدولة بجنوب السودان – ترجمة يدجوك آقويت، إذ يوضح نيابا حقيقية فشل هذه النخبة الأمر الذي يعكس جانبا واحدا من جوانب الأزمة في وطننا.
يماثل هذا التحليل الأوضاع الراهنة التي نشهدها، في ظل سعى هذه النخبة المتحالفة إلى تمديد آجال الفترة الانتقالية لتجاوز الإقرار وإخفاقاتها الوطنية وضمان الإفلات من العقاب، وكسب مزيد من الوقت عبر نهج التلكؤ في إفشال تنفيذ تعهداتها المصاغة في بنود اتفاقية سلام سبتمبر. لذا يمكننا القول بأنه من الصعب جدا حل الدائرة الشريرة النخبة، الحرب الأهلية واتفاقيات السلام والفترات الانتقالية التي لم نخرج منها حتى الآن.
بعد أكثر من خمسة عشرة عاما من الحكم، ما زال السؤال يتجدد، ما هو مشروع النخبة الحاكمة بالدولة. ما هي أطروحاتها النظرية والسياسية؟ وما تصورها لحاضر ومستقبل الوطن. الإجابة بكل تأكيد على هذه الأسئلة لن تكون إيجابية بأي حالٍ من الأحوال، فالانقطاع الفكري بين مشروع السودان الجديد الذي بشرت به الحركة الشعبية طوال حرب التحرير الثانية، وحتى توقيع اتفاقية السلام نيفاشا 2005، أصبح من الماضي والحلم المؤجل الذي طال إنجازه. يمكن ملاحظة تلاشي هذا الخطاب بصورة في أعقاب اندلاع صراع رفقاء الأمس وأعداء اليوم في الخامس عشر من ديسمبر عام 2013. وهي الأزمة التي أقعدت البلاد وجعلتها حبيسة أطماع ذات النخبة التي تدعي تمثيلها لإرادة التحرير!مهما يمكن من أمر، لا نتوقع جديدا من ذات النخبة التي أشعلت الحرب نتيجة خلاف حزبي داخلي! وانطلقوا منذئذ في نشر الأكاذيب هنا وهناك ودفع الرشاوي والتهديد والقتل وإلى ما ذلك من أفعال موثقة دون استطاعة تجاوز أكاذيبها إلى إحداث نقلة في حياة المواطنين.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.