صحيفة الديمقراطي 2 فبراير 2021 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. لم أستغرب أبدا لاعتراض البرهان وحميدتي والنائب العام تاج السر الحبر على التحقيق في قضية وداد بابكر حرم الرئيس المخلوع التي أثارها عضو لجنة إزالة التمكين صلاح مناع مؤخرا. ولم يقف الأمر على اعتراض هؤلاء المجرمين، بل عملوا على توقيف ضابط شرطة بتهمة تصوير حرم البشير أثناء التحقيق معها. وقد كشف مناع كذلك أن تاج السر الحبر أبلغهم بصدور قرار من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، الذي لا يختشي، بإطلاق سراح التركي اوكتاي اروجان!! وقد أطلق كذلك إبراهيم محمود حامد وزير الداخلية السابق الفاسد. كنت سأستغرب لو لم يفعل البرهان وحميدتي ما فعلوه. لأنهما وبقية المكون العسكري ارتكبا مجزرة اعتصام القيادة العامة البشعة التي راح ضحيتها أعداد كبيرة من الشباب، الذين تم قتلهم بصورة وحشية، وأغرقت جثامين أعداد منهم في النيل، واغتصبت النساء، وروعوا الجميع. فمن يفعل ذلك لن يتورع في التدخل لحرف العدالة عن مسارها. ولم أندهش لموقف النائب العام تاج السر الحبر لأن تعطل العدالة طوال الشهور الفائتة، وعدم الجدية في التعامل مع قضايا الضحايا، يكشف عن كنه الرجل. كما أن لجنة البرهان الأمنية هي التي فرضت الحبر نائبا عاما. فقد تدخل المجلس العسكري بسفور في الشأن القضائي منذ الوهلة الأولى، بالعبث في الوثيقة الدستورية. وقد كلفت الحرية والتغيير المدعو ساطع الحاج ليكون المسئول الأول عن الوثيقة الدستورية. ويبدو أن المكون العسكري كان يفاوض نفسه الأخرى، لتخرج علينا الوثيقة بتعديلاتها المشوهة لتمنح المكون العسكري حق تعيين النائب العام ورئيس القضاء. وقد اكتشف حزب ساطع الحاج مؤخرا، أن ساطعه يلعب بديلو، لم يستطع أن يكتشف حقيقته طوال السنوات الماضيات. يبدو أنه لم ينتبه إلا بعد بروز ساطع الساطع مدافعا عن بقايا النظام البائد!! فقد تولى ساطع الحاج قضية الدفاع عن وزير الإسكان السابق والمتهم بالاستيلاء على مئات القطع السكنية ، ويترافع عن الكيزان في أكثر من خمس قضايا فساد . ولكن لم يستطع تحالف قوى الإجماع طوال السنوات الماضيات اكتشاف حقيقة ساطع، ولا تحالف المحامين الديمقراطيين، ولا قوى الحرية والتغيير، فكيف يستقيم ذلك؟! والغريب في الأمر انتشر مؤخرا فيديو لساطع يردد شعار الإسلاميين (في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء .. ما لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء.. الخ) بأسلوب خطابي حماسي أثار كل الإسلاميين المجتمعين فهللوا وكبروا!! إنه التغويص إذا!! . وأذكر أن ساطع قد جاء إلى القضارف في العام 2015 ضمن حملة ارحل المقاطعة للانتخابات وقتذاك، وشارك في ندوة بدار الحزب الشيوعي مع عدد من قيادات الأحزاب، فألقى خطبة شديدة الحماس، وختمها بأن حلّف الحاضرين القسم بألا يصوتوا في الانتخابات! استغربت لمُخرج الخطبة الحماسية المتواضع بألا يصوت الحاضرين، ولم يطلب منهم أن يوعوا أهلهم، وأصدقاءهم، وزملاءهم، بمقاطعة الانتخابات! حلّفهم على الحد الأدنى والذين يخاطبهم هم النشطون سياسيا الذين يرتادون الندوات! بعد أن تم العبث بالوثيقة الدستورية وتثبيت الحق للمكون العسكري في تعيين النائب العام ورئيس القضاء، رفض المكون العسكري تعيين مرشح الحرية والتغيير محمد الحافظ نائبا عاما. إن محمد الحافظ المرفوض، لا ينتمي لحزب بعينه، وله سيرة مهنية ونضالية ناصعة. جهر الرجل بصوته إبان الحكم المايوي بلجنة القضاة التي قادت ثلاثة إضرابات، وساهمت في إنهاء حكم جعفر النميري عبر الإضراب الذي قاده القضاة في العام 1985م.. وأحال نظام الإنقاذ محمد الحافظ للصالح العام بعد الإنقلاب مباشرة في العام 1989. اضطر محمد الحافظ للعمل بالمحاماة، فتعرض للاعتقال مرات ومرات لدفاعه عن الحقوق، كان أول اعتقالات الإنقاذ له في العام 1996م، عندما قدمت لجنة القضاة مذكرة لنائب رئيس الجمهورية وقتها الزبير محمد صالح في القصر الجمهوري، فتم اعتقاله والزج به في السجن ليفرج عنه لاحقا ، ليتجدد اعتقاله عدة مرات، واعتقل في العام 2001م، وفي 2007م و2009م، كما تم اعتقاله في 2018 حيث ظل لأكثر من شهر داخل المعتقل . بسبب هذه السيرة الناصعة رفض المكون العسكري تعيين محمد الحافظ، ورضي بتاج السر الحبر نائبا عاما، الذي لا يمكن أن تضاهي سيرته سيرة محمد الحافظ. ولو كانت سيرة الحبر مقبولة، فإن قبوله من قبل المكون العسكري يشكك فيه. وقد كشفت أفعاله كل المستور. إذا ليس هناك غرابة في أن يتدخل البرهان وحميدتي والحبر لتعطيل العدالة. وإن كان ثمة استغراب فيتمثل في تأخر صلاح مناع في الجهر بهذه المعلومات المهمة، وصمت الآخرين المريب. إن سكوت أعضاء لجنة إزالة التمكين على هذه الأفاعيل النكراء، يندرج فيما يمكن وصفه بالتستر على الجريمة. وشكرا لمناع لكشف هذه الحقائق، وأن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي! أرى أن الصراع الآن أضحى واضحا ما بين مكون عسكري يمثل امتدادا لنظام الإنقاذ ببطشه وفساده وكذبه، وثوار أحرار يلتفون حول قضايا الشهداء التفاف السوار بالمعصم ، وبينهما أمور مشتبهات هي قوى إعلان الحرية والتغيير الضعيفة والفاسدة بنسبة تتزايد. وما يكشف ضعف قوى الحرية والتغيير وانهزاميتها تصريح البرهان الأخير الذي هدد فيه بتشكيل حكومة طوارئ برئاسة حمدوك ، يتجاوز فيها الأحزاب السياسية والقوى المشاركة في الحكومة . وأرى أن وعيد البرهان هذا يمثل إهانة مباشرة لحمدوك، واستخفاف مذل بقوى الحرية والتغيير. يتعلل البرهان بالأوضاع المعيشية التي هو أول مخربيها، بسيطرته على موارد البلاد وحمايته للفساد والمفسدين، مثل تدخله لحماية حرم الرئيس المخلوع. إن بروز هذه الحقائق ينبئ بأن منحنى الثورة قد بدأ الخروج من نهايته الصغرى، صاعدا نحو ذرى ثورية جديدة في اتجاه القصاص للشهداء وتحقيق أهداف الثورة الظافرة بلا أدنى ريب.