تقاسم السلطة والثروة والسعي لها، كان في قديم الزمان تهمة وسبة .وما في الساحة السياسية السودانية اليوم وإفرازاتها وان كانت قاسية على الأنفس، فليس هي بمستغرب إذا ما تيقنا بان كل القوى السياسية (موالاة ومعارضة) تعمل تحت عنوان خاطئ ومستفز تتلخص فحواه ومضمونة " من أجل تقاسم السلطة والثروة " إن عنوان العمل السياسي الأشمل في السودان هو تحرك الطامعين نحو السلطة والثروة للتقاسم . فعندما نجحت "جهة ما " بعد أن استغفلت القوى السياسية والشعب السوداني في تأطير الهدف وإعلانه دون مواربة موضحين للجميع بأن أهدافهم الحقيقية تتلخص في السعي للوصول إلى السلطة والثروة ليتقاسموها. فكان من الطبيعي أن تركض القوى السياسية والمتمثلة في الأحزاب السياسية وقياداتها خلف الأهداف المعلنة تحت ستار " مسمى المعارضة" التي لا ترفض ولا تعارض ( تقاسم السلطة والثروة) !! حيث كان في سالف العصر والأوان سبة وتهمة ومن المغلظات المرفوضة أن تسعى القيادات والساسة إلى السلطة والثروة. ولكن بعد أن أرست حكومة الإنقاذ دعائم إباحية السعي لتقاسم السلطة والثروة، وخلقت لاتفاقيات مشاكوس ونيفاشا قدسية مزعومة. رأت القوى السياسية السودانية الطامعة في الوصول إلى السلطة أن في تبني الأطروحة ومن تلك الزاوية مصالح لها . فعقدت الصفقات المعلنة منها والغير معلنة ، وسعت مع الركب لكي تتقاسم السلطة والثروة وفق اتفاقيات لا تخدش حياها وتبقيها في صورة بعيدة عن أعين المتطفلين من القوي السياسية المنافسة لها ، وفي الوقت ذاته نجحت حكومة الإنقاذ في مسايرتهم مع تأمين الأوضاع وفق هواها فساقت قوى المعارضة الطامحة في تقاسم السلطة وفق أجندة وبأساليب مدروسة لتبقيها في ظاهرها كقوى معارضة ، لها مصالح مشتركة وأمال وطموحات مرهونة. تلك القوى السياسية التي مارست الحكم في عهد يطلق عليه مجازا " ديمقراطية مرقمة بالأولى والثانية والثالثة " وكذا القوى السياسية اللاحقة أو المنشطرة ، فكل تلك القوى تعلم جيدا أنها في العهود البائدة فشلت في الإعلان عن أطماعها صراحة، بل استشعروا بأنهم أضاعوا جل وقتهم في نفي ما يوجهه إليهم من تهم قد تشير من قريب أو بعيد أن لهم أهداف وأطماع غير معلنة للوصول إلى السلطة ، ومن خلالها إلى الثروة . فكان في نجاح قوى سياسية مدعومة بقوى خارجية " إقليمية ودولية " وفي إعلانهم الواضح أن مسعاهم إلى تقاسم السلطة والثروة . وتلك التي استثمرتها حكومة الإنقاذ في الوصول إلى مبتغاها وفق خطط أعدتها جيدا وبدعم غير معلن من القوى السياسية الطامعة في التقاسم..! وفي غياب وعي سياسي شعبي مدرك لخطورة الأمور ! فالساسة وقوى الأحزاب السياسية لهم حساباتهم الغير معلنة دوما . لان في اعتقادهم وتجاربهم السابقة رصيد يكفي ويؤكد غفلة الشعب السوداني عن محاسبتهم عن أخطائهم وممارساتهم التي يمكن أن يسهل تبريرها عندما يصلون إلى الكراسي السلطوية !.. بأي وسيلة كانت . مباحة أو غير مباحة . ولكن للقوى السياسية أن تدرك بان هنالك ثروة حقيقية كامنة في القيم! ولا يمكن تقاسمها، وستبقى تلك القيّم باقية في مكامنها إلى أن تستدرك القوى السياسية الطامعة في التقاسم أنها أخفقت في تقديراتها ، وسعت مهرولة إلى تقاسم ما هو زائل . فبتلك الفرضية من حقنا كشعب مقهور ومغلوب على أمره لنا أن ندرك ونعي الدرس ولا نُأول كثيرا على الساسة وقيادتنا الطامعة في السلطة والتقاسم ولنا أن نحلم وندفع مقابل ذاك الحلم المشروع المزيد والمزيد من الكلفة العالية التي تؤمن للساسة والقوى السياسية ما يتقاسمونه. فبكل تأكيد ذاك هو الأفضل والأسهل والأقرب حتى لا تضيع القيّم . مع تحيات محمد سليمان احمد ولياب