الامارات .. الشينة منكورة    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحيطة العالية .. بقلم: شهاب طه
نشر في سودانيل يوم 12 - 02 - 2021

فقط الحيطة العالية، أي السور، هي التي تخلق الجار الممتاز وإنفصال دارفور هو سلام وأمان لاهل دارفور في المقام الأول، وبقية السودان والمنطقة كلها، وبعدها يتوجب النظر في حال بقية الأقاليم .. الإنفصال لا يجب أن يعني عداوة وحرب وكراهية ولكنه يعني دولتان جارتان شقيقتان تعيشان في وئام وسلام وتساندان بعضهما البعض .. البيت الذي تسكنه أسرة واحدة أكثر أماناً وهدؤاً من ذلك الذي تسكنه أسر متعددة .. بالطبع ستكون جاراً طيباً أن كان جارك أيضاً طيباً.
العنصري ليس شخص طبيعي غيرته الظروف بل هو شخص مريض تفضحه الظروف والذي حدث في مدينة الجنينة في دارفور حيث الجار يقتل جاره بسبب خلاف حول الأولوية في الخدمة المقدمة من ست الشاي هو عنصرية بغيضة تفاقمت من معركة بين شخصين لتصبح كارثة تنكب السودان المنكوب أصلاً بسبب القبلية القميئة التي يستحيل معها بناء وطن أو حتى مجتمع معافى ولكن هؤلاء البسطاء السذج لا ملامة تقع عليهم طالما كان هناك عنصريون من المتعلمين نشأوا في ذلك الواقع المرير ولكن بدل العمل على تغييره آثروا أن يزيدونه نكاءة وقماءة وتخلفاً وذلك بخداع أهلهم في دارفور بأن أهل الشمال والوسط النيلي هم سبب ذلك الحقد والغبن القبلي القاتل الذي يمنع التعايش بين مكونات أهل دارفور .. عنصريون رعاع وأشد فتكاً من سذاجة الذي يقتل جاره لا لسبب غير الإختلاف القبلي .. العار هو عار هؤلاء العنصرييون الحاقدون الذين ليس لهم أي عطاء لأهلهم في دارفور غير التحريض على كراهية أهل الشمال والوسط بحجة دعاوي كاذبة، ولو أنهم وجهوا هذه الطاقات الهائلة والسالبة، من حقد وغبن وكراهية، تجاه مشكلاتهم الحقيقية لنسفوها تماماً .. هؤلاء العنصريون الرعاع الذي ينعقون ليل نهار هم الكارثة الكبرى على دارفور وهم أزمتها الحقيقة وهم العار على أهل دارفور بإصرارهم على تقزيم وتحقير وتصوير دارفور كضحية عاجزة وكغابة يرتع فيها التآمر وبذلك ينسفون أصولها وحضارتها ويجتهدون في تجهيل أجيالهم الجديدة وتغييب حقيقة أن دارفور كانت دولة مستقلة لها سيادتها وعراقتها حتى ضمها المحتل البريطاني للسودان المأزوم في العام 1916م والأخلاقية تحتم أن يكون الإحتجاج والغبن، ومعركة رد الكرامة، ضد المحتل البريطاني الذي هد عروش سلطنة دارفور وضمها لمشروعه النفعي فيما يسمى بالسودان المصنوع، ثم بعد ذلك يكون اللوم على الجلابة .. وحقيقية لا نعرف من هم الجلابة المتهمين بزعزعة سلطنة دارفور والتسبب في سقوطها على يد المحتل وحتى اليوم، مع العلم أن 99٪؜ من شعب الشمال والوسط النيلي لم تطأ قدمه أرض دارفور ولم يراها مطلقاً .
ما بعد إتفاقية جوبا المعيبة وبعد حديث جبريل إبراهيم، بالأمس، وهو رئيس حركة العدل والمساواة، الزغاوية الدارفورية، وليست القومية، أصبحت هناك ضرورة قصوى لإنفصال دارفور حتى يتم إغلاق الباب تماماً أمام الذين يتاجرون بقضايا شعوب دارفور وهم قد حملوا السلاح من أجل مصالح قبلية وشخصية وهم الآن يتنكرون لأهلهم ويتشبثون بنعيم العاصمة بعيداً عن دافور ومشكلاتها .. يسكنون القصور ويركبون الفارهات في نفس العاصمة التي تعج بمئات الآلف من النازحين من البسطاء المظلومين من أهل دارفور والذين يعيشون على هامش الحياة تراكين خلفهم ثروات مهولة، في أغني أقاليم السودان، ليسكنوا في الرواكيب والبيوت تحت البناء والأمهات يبعن الشاي والقهوة وأطفالهن شبه مشردين وخارج منظومات التعليم والصحة والتطعيم ولا يحظون بغذاء جيد والبنات يعملن في المنازل والأولاد يشتغلون في مهن مذلة ومهينة للطفولة .. المسئولية الأخلاقية تقع على عاتق قادة الدعم السريع وقادة الحركات المسلحة ويتوجب عودتهم فوراً لدارفور بكل عدتهم وعتادهم والعمل على بسط الأمن بترسيخ الصلح المجتمعي ونزع السلاح بدون أي تلكؤ ومبررات والكف عن درع العار على المركز والجلابة والنخب النيلية وما شابه ذلك من هيافات لن يصدقها العالم أجمع ولن تفيدهم في أي تبرير للتنصل من مسئولياتهم بإعادة بناء دولة دارفور الأفريقية النموذجية لتنافس رواندا .. يقول د. جبريل أنهم يريدون أن يحكموا هذا البلد وهي مقولة تتردد على ألسنة قادة الدعم السريع الرزيقاتية، وكذلك ألسنة الكثير من قادة في حركات مسلحة مناشئها قبيلة بحتة وحقيقة تلك النوايا تؤكد تخلف هؤلاء عن مفاهيم عالم اليوم حيث لا يعقل أن تسمع أن هناك قبيلة بعينها تدعي أحقيتها بحكم وطن متعدد الأعراق والثقافات وذلك يؤكد انهم لا زالوا يعيشون في عصور مندثرة لا زالت خيالاتها تعشعش في عقول مواطني قاع التخلف البشري
كل العنصريين وقادة الحركات المسلحة الدارفورية وقادة الدعم السريع وناشطي العمل السياسي في الإعلام والسوشيال-ميديا، وبأساليبهم تلك، نرى لديهم ملايين الأسباب للفشل ولكن ليس لهم عذر واحد مقبول للفشل .. ولكن وقبل أن يضيفوا أي عذر جديد لأعذارهم الهايفة الرخوة، وأن الجلابة هو أسباب مشكلاتهم، عليهم سؤآل أنفسهم: "ما هو المطلوب منهم لخلق السلام الحقيقي في إقليمهم بمعزل عن المركز وبقية السودان والعالم أجمع؟ وإعادة بناء سلطنتهم التاريخية والتمتع بثرواتهم؟ .. نطرح الإنفصال كعلاج جذري وبالطبع قد نجد الحقائق مرة وغير مستساغة ولكن الحقائق ستظل هي الحقيقة وحتماً ستواجه بتلك العواطف الجياشة الجوفاء الساذجة الهايفة وأن دارفور هي السودان والسودان هو دارفور وفي حقيقة الأمر لا دارفور هي السودان ولا السودان هو دارفور وليس هناك أي إقليم في السودان وهو السودان، ولا السودان هو ذلك الإقليم .. لا الشمالية ولا الشرق ولا كردفان ولا الوسط ولا النيل الأزرق هو السودان وسنعرف تلك الحقيقة القاسية يوم أن نعي أن أهم أسباب مشكلاتنا هي ما فعله فينا الإحتلال البريطاني والذي فرض سطوته علينا وهو الذي حدد من نحن وكيف نكون نحن وهو الذي رسم ملامح صراعاتنا وهويتنا المهزومة وكل إخفاقاتنا التي نعيشها حتى اليوم .. خرج المستعمر في العام 1956م وترك لنا ما يسمى بالدولة السودانية المدنية الحديثة، وبغض النظر عن هويتها ومكوناتها فقد كانت وليد معوق ومشوه للإستعمار البريطاني الذي جمع التباينات العرقية والقبائلية والجهوية والعقائدية والثقافية ورصها في الخارطة التي رسمها وسمّاها السودان .. رحل الإنجليز لتؤول إدارة الدولة للكوادر الوطنية والتي لم تكن مؤهلة بالقدر المناسب ولم تنل الحظ الكافي من التعليم الأكاديمي والمعرفي إضافة لقلتهم ولكن كانت ثروتهم الكبرى تلك العواطف الجياشة الساذجة واهزوجة جدودنا زمان وصونا على الوطن ولا نعرف أي وطن يقصدون؟ وبذا يقع اللوم على سذاجة الرعيل الأول وليست بشاعة الإنجليز .. إنفصل الجنوب كما يجب أن يكون بعد كوارث تاريخية كان بالإمكان تجنبها منذ العام 1955م بفصله أو بطرح خيار الكونفدرالية، لو لا تلك العواطف الساذجة .. ولنا أن نتخيل حال الجنوب إن نال حريته بمجرد خروج الإنجليز وبدون تلك الحروب التي أقعدت السودان كله طيلة خمسة عقود، بالطبع كان سيكون بلد أفضل مما هو عليه الآن .. فقد كان الأجدر تفكيك كل السودان لدويلات متجانسة في مكوناتها وثقافاتها إن أرادت تلك الشعوب أن تعيش في سلام وتنعم بثرواتها وذلك هو العلاج الحقيقي والمُر والمجدي والمؤلم لمشكلات سوداننا المأزوم أمنياً وإقتصادياً والممزق سياسياً ومجتمعياً ووجدانياً .. لن تفلح أي حكومة مركزية في حل مشكلات سوداننا ولو حاولت لمئات السنين
الحيطة العالية (2)
فقط الحيطة العالية، أي السور، هي التي تخلق الجار الممتاز وإنفصال دارفور هو سلام وأمان لاهل دارفور في المقام الأول، وبقية السودان والمنطقة كلها، وبعدها يتوجب النظر في حال بقية الأقاليم .. الإنفصال لا يجب أن يعني عداوة وحرب وكراهية ولكنه يعني دولتان جارتان شقيقتان تعيشان في وئام وسلام وتساندان بعضهما البعض .. البيت الذي تسكنه أسرة واحدة أكثر أماناً وهدؤاً من ذلك الذي تسكنه أسر متعددة .. بالطبع ستكون جاراً طيباً أن كان جارك أيضاً طيباً
كان من الطبيعي أن تسهب حركة العدل والمساواة في وصف وتصوير معاناة أهل في دارفور ولكن ليس من المعقول أن تسميها هولوكوست مماثل لمحارق اليهود من قبل أدولف هتلر، في ألمانيا النازية، وتطالب بتعويضات لأهل دارفور على غرار تعويضات اليهود .. ذلك ما ورد في ميثاق الحركة وأجندتها وهو ما أكده زعيمها، خليل إبراهيم، في لقاء مع تلفزيون قناة الجزيرة الفضائية في 16 يونيو 2008 م وأن حملهم للسلاح كان دافعه مناهضة العنصرية الواقعة عليهم .. ولذا دعوني أحدثكم عن العنصرية الحقيقة: أدولف هتلر رئيس الحزب النازي الألماني National Socialist German Workers Party
عين مستشارا لألمانيا العام 1933 و سرعان ما أنشأ نظام حكم شمولي سمي بالرايخ الثالث، وفي العام 1935، ومن خلال البرلمان الألماني القومي، أجاز الحزب ما عرف بقوانين نورمبيرج (Nuremberg Laws) في مدينة نورمبيرج، و هي قوانين عنصرية تهدف إلي تحديد و تمييز من هو المستحق للجنسية الألمانية من الدرجة الأولى، وهو الإنسان الآري و يجب أن يكون أجداده الأربعة من العرق الآري ألماني الخالص .. والدا الأب ووالدا الأم .. أما البقية الباقية بما فيهم اليهود فهم أصحاب الوضعية الدونية في الدولة الألمانية
حظيت قوانين نورمبيرج بقبول شعبي كبير بجانب الإجماع النيابي ورجوعاً لذلك النموذج كان يتوجب على حركة العدل والمساواة الانتظار حتى يجيز البرلمان السوداني قوانين مماثلة لقوانين نورمبيرج لتشرعن تأسيس حركتها ولتصبح المطالبة بتعويضات الهولوكوست النازية مقبولة وموضوعية .. وجب التنويه بأن مؤسس حركة العدل والمساواة، الدكتور خليل إبراهيم، كان أميرا من أمراء طالبان السودان، كما قالها بعظمة لسانه، في نفس اللقاء التلفزيوني، وأنه كان أميراً مسئولاً عن الحاج عطا المنان، والي ولاية غرب دارفور آنذاك .. وفي نفس اللقاء نوه خليل لأنهم ظلموا ظلما شديدا بعد العام 2003 و بذلك يؤكد علي رعونة العمل المسلح وأن الأوضاع في دارفور، ما قبل 2003، لم تكن تستحق كل تلك الدموية والتفلتات الأمنية وهي التي حولتها لتكون مرتعاً خصباً لعصابات النهب المسلح وجاذبة لبعضها القادم من دول الجوار .. للأسف الشديد كان الكتاب الإسود هو المرجعية الغبية لهذا المنطلق
وأيضاً دعوني أحدثكم عن العنصرية الحقيقة، وفي أبشع صورها، وهي: في العام 1902 دعى الرئيس الأمريكي ثيودور روزافلت الزعيم الزنجي بووكر تي واشنطن (Booker T. Washington) لإجتماع في البيت الأبيض، و كانت هي المرة الأولى التي تطأ فيها قدم سوداء بساط ذلك البيت الأبيض الذي تتباهى به أمريكا كصرح و رمزا للحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة وكان قد مضى على إنشائه ما يفوق المائة عام .. وقتها كان بووكر واشنطن أول عميد لأول معهد للمعلمين السود والناطق الرسمي بتجمع منظمات السود، الآفروأمريكان .. طال زمن الاجتماع مما إضطر الرئيس روزافت لدعوة بووكر لمائدة العشاء .. قامت الدنيا ولم تعقد في مجتمعات البيض واعتبرت الصحف في الجنوب العنصري أن ما حدث كارثة قومية، وحتى صحف الشمال المعتدل، لم تنتقد، و لكنها لم تكن مؤيدة لتلك الدعوة .. تمادى الرئيس روزافلت وتجرأ بتعيين Dr. Crum في هيئة المواني البحرية في ولاية كارولاينا الجنوبية، والسيدة ميني كوكس رئيسة لمكاتب البريد في إنديانابولس، فهدد البيض بقتلهما وحتي الشرطة تنصلت عن حمايتهما .. ولذا يجب علي كل الفصائل المسلحة في دارفور أن تتوحد ثم تستعرض و بكل الأمانة الأوضاع وما كانت عليه دارفور قبل فتنة 2003 ومن ثم الإجابة على أسئلة منطقية تطرح نفسها و هي:-
1- ما الذي كان متاحا من إمكانيات، منذ الاستقلال و حتي 2003 فصرفت على الشمال وأحدثت فيه تنمية ما وحرمت منها دارفور؟
2- ما الذي كان من الممكن إنجازه في دارفور و لم يتم إنجازه لأسباب عنصرية وبقصد التهميش؟ أي مشابهاً للحالة الأمريكية حيث البيض هم كل شيء والسود ليس لديهم أي شيء
3- هل حدث أن قامت ثورة شعبية أو إعلامية ضد تعيين أي وزير أو مسئول حكومي من دارفور أو الجنوب أو جبال النوبة في أي حقبة زمنية ما بعد الاستقلال وحتى اليوم؟ و هل كتبت أي من الصحف السودانية نطفة مما كتبته، The Memphis Scimitar، صحيفة ممفس سشميتر إحتجاجا وإمتعاضاً من دخول الزعيم الأسود للبيت الأبيض ودعوة العشاء الرئاسية؟
4- هل حدث أن تجمهر الطلاب في أي من الجامعات أو المدارس في الشمال لمنع طلاب من دارفور أو الجنوب أو جبال النوبة من دخول قاعات الدراسة كما كان يحدث في أمريكا حتي وقت قريب؟ .. عن أي عنصرية تتحدثون وأهل الشمال النيلي يسكن بينهم كل عنصر أفريقي دون أي تمييز أو تحديد لمناطق سكنية مميزة كما عند أهل الغرب؟
الحيطة العالية (3)
إلغاء الهامش ضرورة أخلاقية وإنسانية .. فقط الحيطة العالية، أي السور، هي التي تخلق الجار الممتاز وإنفصال دارفور هو سلام وأمان لاهل دارفور في المقام الأول، وبقية السودان والمنطقة كلها، وبعدها يتوجب النظر في حال بقية الأقاليم .. الإنفصال لا يجب أن يعني عداوة وحرب وكراهية ولكنه يعني دولتان جارتان شقيقتان تعيشان في وئام وسلام وتساندان بعضهما البعض .. البيت الذي تسكنه أسرة واحدة أكثر أماناً وهدؤاً من ذلك الذي تسكنه أسر متعددة .. بالطبع ستكون جاراً طيباً أن كان جارك أيضاً طيباً
لماذا لا يتم إلغاء الهامش الذي صنعه المحتل البريطاني؟ الآن وجب تفكيك قوة السلطة المتراكمة في المركز وإعادة توزيعها لمكانها الطبيعي وإنتمائها الحقيقي حيث تكون في يد شعوب الرقعة الجغرافية صاحبة الحق وتنال حريتها في إنشاء كيان يجعلها غير هامشية ولذا يكون إنفصال دارفور ضرورة إيجابية لينعم أهلها بتجريب ممارسة السلطة الوطنية الذاتية بموجب رؤية خصوصية لما يناسب أهل الإقليم من خلال دستور ذاتي ينبع من مكوناتهم الثقافية والعقائدية والتركيبة المجتمعية التي حتماً تختلف إختلاف مهول عن مجتمعات الشمالي النيلي والوسط، حيث لا قدسية للزعامة والنظارة القبلية ولا إنتماء وطيد لها ولا تعصب عرقي، كما هو حال دارفور .. مجتمعات الشمال والوسط قد نجحت في التخلص من تلك الظواهر منذ زمان طويل، وعليه؛ نجد أن الإنفصال يكفل البيئة الطبيعية لأهل دارفور لينعموا بالنمط الحياتي بموجب المعطيات الثقافية والوجدانية التي تخصهم دون مؤثرات من سلطة مركزية جائرة تفرض عليهم غير ما يناسبهم .. وإيضاً الإنفصال هو العدل الإنساني المطلوب حيث يتاح لأهل دارفور التمتع بثروات إقليمهم العظيمة دون منازع مجحف
عجز أهل دارفور عن تحمل مسؤولياتهم في حفظ أمنهم لا يعني، بالضرورة، أنها مسئولية أحد غيرهم غيرهم، وليعلم أهل دارفور أنهم إذا فشلوا في صنع السلام سيلاحقهم الفشل في خطة غيرهم أن سعى ليحقق لهم السلام ويجب عليهم أن لا يهدروا الوقت في الإستماع للعنصريين الساذجين الذي ينعقون باليل والنهار ليخدعونهم بأن الجلابة هم سبب كوراثهم .. فليعلم أهل دارفور أن كل مشكلاتهم نابعة من طبقة مستنيرة تتاجر بإختلافاتهم العرقية وان عطائها الأوحد لهم هو التحريض على كراهية أهل الشمال والوسط بحجة دعاوي كاذبة والدليل هو ما حدث في الجنينة، وما قبلها، ويحدث في غيرها يؤكد أنها صرعات قبلية والواجب الأخلاقي يحتم الإعتراف بتلك الحقائق ومن ثم العمل على معالجتها بكل تجرد وإمانة وبدون إيقاع اللوم على عاتق آخر .. وبذلك يتحتم على أهل دارفور السعي لعقد مؤتمر عاجل جامع للإدارات الأهلية والقوى السياسية والمجتمعية من نقابات وإتحادات مهنية وشبابية ورياضية ومنظمات المجتمع المدني الدارفورية لترسيخ مفاهيم السلام والتعايش ما بين كل المكونات وذلك لن يتم إلا بمراجعة أصل دارفور وسيادتها وحتمية بناء كيانها الخاص وإعادة وجودها الأممي كدولة لها تاريخها وحضارتها وأن يعلموا أن مشاريع الإنتقام الوهمية لن تخدم قضايا الجوع والفقر والجهل والتخلف والقتل والسلب والنهب ولن تكفل الأمن والسلام عندهم
في العالم المتقدم نجد الشعوب المتطورة تعيش في تصالح كبير ما بين طبقاتها الثلاث: أولى وثانية وثالثة، حيث ينظر مواطني الطبقة الثالثة لقاطني الطبقة الأولى بعين الرضا كونهم الدرع والأمان الإقتصادي للبلد والمكلفين بشيل الهموم القومية الكبرى وكونهم يوفرون فرص العمل والإنتاج ويدفعون الضرائب الباهظة التي تخدم كل الدولة، وخاصة البسطاء والمعدمين، وفي المقابل يبادلهم مواطني الطبقة الأولى نظرة أشد تقديراً وتبجيلاً كونهم الشعب العامل الكادح والمنتج والمستهلك في نفس الوقت .. أما الطبقة الثانية أو الوسطى فهي الرابط والقلب النابض للأمة وتحظى بتبجيل الجميع .. أما المتميزون فوق كل هذا المجتمعات فهم النخب وهم الموهوبين في كل المجالات حيث يستيقظ الناس كل صباح متشوقين لإبداعات النخب .. ليضطلعوا على إبداعات النخبة السياسية وإنجازاتها ومجهوداتها فيما يخدم مصالح أوطانهم وأيضاً ليتابعوا إبداعات النخبة الإعلامية فيما تنتج من صحف وفضائيات وراديوهات وفي المساء يتابعون النخبة الرياضية والفنية والأدبية والموسيقية وغيرها .. كل هذه النخب لها تمجيدها وتقديرها عدا في سوداننا حيث نجد النخبة السياسية النيلية مصنفة كمجرم مطلوب القبض عليه، حياً أو ميتاً، من قبل عنصريون يدعون أنهم المدافعون عن الهامش .. الآن وجب إلغاء العامش بإسترداد الشعوب لسلطتها المسلوبة مركزياً حتى تصنع مراكزها وذاتيتها وكينونتها ولا تكون هامشية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
11 يناير 2021


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.