شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    شاهد بالفيديو.. سخرية واسعة داخل مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان من مطرب "تاه" عن "مسرح" الحفل    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    كامل إدريس إلى مصر في آول زيارة رسمية إلى خارج البلاد    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    البرهان يتفقد مقر متحف السودان القومي    بيان من سلطة الطيران المدني بالسودان حول تعليق الرحلات الجوية بين السودان والإمارات    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعقيب على د. محمد محمود (2-2) .. بقلم: خالد الحاج عبدالمحمود
نشر في سودانيل يوم 24 - 02 - 2021


بسم الله الرحمن الرحيم
" أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ "
الفطرة السليمة:
يقول الدكتور: "والمواطن العالمي لا يحتاج لقراءة تاريخ الرِّقّ في الإسلام ليكتشف فساد وخطل ما يقوله طه إذ أن الفساد الأخلاقي للحجّة في حدّ ذاتها لا على صاحب الفطرة الأخلاقية السليمة".. هكذا، يجعل الدكتور من نفسه صاحب فطرة أخلاقية سليمة!! ويصنف الأستاذ بأنه صاحب قول فاسد، يقوم على فساد أخلاقي في الحجة، وعلى عدم السلامة في الفطرة، لا تجوز على الدكتور.. هذا قول صارخ الوضوح في بيان أدب الملحد.. فمن يتطاول على الله نفسه ويحكم عليه بعدم الوجود، لا شيء بمستغرب في تطاوله على خلق الله.. فمع الالحاد لا يوجد أي أساس لقيمة فاضلة.. والدكتور يتحدث عن الفطرة السليمة، فمن أين تأتي هذه الفطرة السليمة بالنسبة له؟! الفطرة تعني ما خلق الله عليه الانسان منذ البداية دون مثال سابق.. الفطرة تتعلق بخلق الله للأشياء (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، والدكتور على رأس هؤلاء الذين لا يعلمون، ولكنه لجهله هو يجهل أنه يجهل.. الفطرة متعلقة بخلق الله، والدكتور ينكر مجرد وجود الله، فالفطرة هي بالضرورة مما ينكره.. فما قال ما قال إلا بغرض السباب والتجني على الآخرين.. وفطرة الله التي فطر الناس عليها هي الاسلام.. والدكتور شريعة هو نقيض الاسلام، هو تجسيد لمعنى المعصية، ونموذج لمن طمست فيهم الفطرة.
هل يمكن أن يتحدث الملحد، حديثاً ايجابياً عن الأخلاق الفاضلة؟! هذا أمر مستحيل، ولسبب أساسي، هو أنه ليس له أي ثابت وجودي!! وحسب عقيدة عدم وجود إله عند الملحد تصبح الأشياء كلها نسبية، ولا يوجد أي ثابت وجودي تقاس عليه نسبيتها.. وبسبب تغييب الثابت الوجودي يصبح الملحد منذور الحظ من الفكر المستقيم، ومن الأخلاق الفاضلة، ومن الحرية وكل هؤلاء يعتمدون بصورة كلية على التخلص من الهوى، وهو إلهه هواه لا يرى الأشياء إلا من منظور رغبته الخاصة.
وبعد الحديث عن الفطرة، يذهب الدكتور ليقول: " وعندما يلمس المواطن العالمي هذا الخلل فإن هذه ستكون لحظة تساؤله: كيف سيقبل بالقرآن كدستور إنساني إن كان يبيح استعباد الإنسان للإنسان.. وكيف سيقبل بادعاء طه بأنه يقدّم له منهجا تحريريا إن لم يتحرّر هو نفسه، لأن من يدافع عن استرقاق الإنسان للإنسان في أي زمان وبأي حجّة لا يمكن أن يكون حرّ الفكر؟".. أساساً لا يوجد خلل إلا في ذهن الانسان العالمي الدكتور وشخصيته.. والانسان العالمي المزعوم لا يقبل بالقرآن كدستور، لأنه يرفض وجود الله رب القرآن ورب الانسان.. وفي حقيقة الأمر القرآن هو الدستور الانساني الوحيد، ولكن من عميت عيناه عن رؤية الله تعالى لا يرى الأشياء كما هي، وإنما يراها كما يريد، فإلهه هواه، ومن يكون إلهه هواه يكون عند نفسه هو الله، وصدق القائل: "من يقول أن الله غير موجود، عليه أن يتحمل مسؤوليته، فيكون هو الله".. القرآن لا يبيح الرق، وإنما يحرر الانسان من حيث هو، وقد تحدثنا عن فرية الرق.. أما حرية الأستاذ محمود، فهي مجال ليس لك فيه نصيب، حتى في مستوى الادراك النظري.. هي ليست الحرية في المجتمع، كما يفهم من تخريجك في موضوع الرق.. هي الحرية الفردية.. والحرية الفردية هي التخلق بأخلاق الله الذي تنكر وجوده هي العبودية لله، ومن المستحيل في حقك أن تشم شميمها، طالما أن دينك هو انكار وجود الله.. الحرية الفردية تقوم على وحدة الفكر ووحدة الحياة.. وحدة الفكر تعني: وحدة الفكر والقول والعمل.. ووحدة الحياة تعني: وحدة العقل والقلب والجسد.. هل فهمت شيء؟! هذا الذي قلته لا يشبه إلا ملحد، يقول ما يشاء دون ضابط من فكر أو قيم.
يقول الانسان العالمي: " مجتمعات الاسترقاق القديمة وأديانها عرفت العِتْقَ. إلا أنه لا بد من التمييز بين مفهوم العِتق ومفهوم تحرير العبيد الذي أدّى لإلغاء الرِّقّ. إن العِتْق هو فك أسر المسترَقّ وإعطائه حريته ولكن في إطار شرعية وتماسك مؤسسة الرِّقّ. وبالمقابل فإن تحرير العبيد عَنَى نزع الشرعية عن الرِّقّ ابتداءً باعتباره ممارسة غير إنسانية وغير أخلاقية ثم تحرّك لإلغائها في كل المجتمعات وتجريم من يمارسها. إن قصارى ما فعلته الأديان في الماضي هو أن حثّت المسترِّقين على أن يعاملوا عبيدهم بالحسنى وأن يعتقوا، مع اعترافها الكامل بشرعية استرقاق الإنسان".. كالعادة هذا تخريج شديد التحامل على الدين.. ابتداءاً هو يقارن بين الدين في الماضي (مجتمعات الاسترقاق القديم) وبين الحاضر، وبسبب هذه النظرة المسطحة للزمن لا يرى أي خلل في هذه المقارنة.. ماذا عن الزمن في المستقبل؟! عنده لن يكون هنالك دين في المستقبل لأن لله غير موجود والدين ظاهرة ترتبط بالعقل القديم.. الدين ضد استعباد الانسان للإنسان بصورة مبدئية تقوم على التوحيد.. وفي التوحيد العبودية لله وحده لا شريك له وهذه نقطة خارج التكوين الفكري (للانسان العالمي) الذي ينكر مجرد وجود الله، فمن الطبيعي أن ينكر العبودية لله، ولا يستطيع أن يتصور معناها المبدئي، خل عنك أن يكون له نصيب في تحقيقها.. الدين لا يقوم على الغاء عتق الارقاء فحسب، وإنما يقوم على الغاء الحرب بصورة تامة، وتحقيق السلام، وهذا هو الالغاء الحقيقي للرق بتجفيف منبعه في العقول والقلوب بالنسبة للسلام الفردي، وفي المجتمع بالنسبة للسلام الجماعي.
طالما أنه أجرى المقارنة، فعلينا أن نذكره بالرق في الحضارة الغربية، وهي بعد الاسلام بزمن طويل، وهي سائدة إلى اليوم، ومعها الرق لا يزال موجودا، بل بصورة أبشع من الرق التقليدي.
لقد نقلت الحضارة الغربية الرق إلى مجالات لم يعرفها التاريخ قبلها.. ففي الحضارة الغربية، لأول مرة، أصبح الرق ممارسة تقوم بها الدول في مستويات واسعة جداً، تستخدم فيها الوسائل الحديثة، من أسلحة نارية، ووسائل نقل ضخمة جداً كالسفن في المحيطات.. لقد استمرت تجارة الرقيق الغربية لفترة ثلاثة قرون، وشملت هذه القرون الفترة التي وصلت فيها الحضارة الغربية إلى قمة نضجها وتطورها في القرنين التاسع عشر والعشرين.. وقد اشتركت في هذه التجارة معظم الدول الغربية الكبرى.. ولأول مرة أصبحت تجارة الرقيق من عمل الدول وليست من عمل التجار كما هو الوضع في السابق.. ويجب أن ننتبه إلى أن الدول الحديثة اختلفت عن الدول السابقة بصورة جذرية.. وارتبطت تجارة الرقيق باقتصاد الدول كما ارتبطت بالكشوف الجغرافية والحركة الاستعمارية.. وقد كانت تجارة الرقيق مربحة جداً، ومفيدة للنظام الرأسمالي خصوصاً في البدايات، في العمل في المناجم ومزارع السكر والقيام بالوظائف الدنيا في المصانع.. وكانت معاملة الارقاء سيئة جداً بصورة ليس لها مثيل في التاريخ.. هم كانوا يصطادون بالسلاح الناري وفي تجارة الرقيق عبر الاطلنطي كانوا ينقلون من افريقيا إلى الاراضي الجديدة الأمريكيتين وهم مجنزرون بالسلاسل الغليظة، يعاملون معاملة سيئة، والكثيرون منهم يموتون في الطريق، وتلقى اجسادهم في المحيط.. وبعد وصولهم إلى الاراضي الجديدة كانوا يباعون في الاسواق مثل البهائم، وهم لم تكن لهم حقوق.. ففي قضية ديفيد سكوت، ناضل ديفيد في المحاكم الأمريكية لفترة احدى عشرة سنة لنيل حريته، على اساس انه بعد وفاة مالكه الأخير أصبح يعيش في ولاية لا تسمح بالعبودية.. ووصلت القضية إلى المحكمة الفيدرالية العليا، وهي أعلى مرجعية قضائية في الولايات المتحدة.. وقد صدر حكم المحكمة عام 1857م، وكان القرار فيه ببقاء سكوت في العبودية.. ويقول الحكم: إن الاشخاصا المنحدرين من أصل افريقي، والذين تم استيرادهم كعبيد وكذلك المتجذرين منهم، ليسوا تحت حماية الدستور، وليس في استطاعتهم ان يصبحوا مواطنين.. ويضيف الحكم، أنه ليس للكونغرس الأمريكي حق في منع العبودية، وأن العبيد ليس لهم الحق في اقامة دعاوى في المحاكم لأنهم ليسوا مواطنين.. فالعبيد املاك منقولة خاصة، ولذا فإنه من غير المسموح اخذهم من مالكيهم دون اللجوء إلى الأصول القانونية.
أقر الكونغرس الأمريكي في عام 1886م في الملحق الثالث عشر تحريم العبودية في كل الولايات المتحدة.. وتبعه الملحق الرابع عشر 1868م.. وقد جعل هذا الملحق شروط الجنسية الأمريكية تشمل جميع الذين ولدوا في الأراضي الأمريكية أو حصلوا على الجنسية الأمريكية قانوناً بمن في ذلك السود".. اعطى الملحق الخامس عشر السود في عام 1870م حق الاشتراك في الانتخابات، ونص على عدم استبعاد أي أمريكي بسبب: العرق أو اللون أو حالة العبودية السابقة.. وفي عام 1906م عقدت عصبة الأمم مؤتمر العبودية الدولي الذي قرر منع تجارة العبيد والغاء العبودية بكافة اشكالها.
ومع جميع هذه القرارات، العبودية إلى اليوم لم تنته.. وتجارة الرقيق إلى اليوم لم تنته!! فاليوم في جميع أنحاء العالم يجري ما عرف بالاتجار بالبشر.. وهو افظع تجارة لأنه يؤدى لأغراض دنيئة جداً، منها الجنس وبيع الأعضاء.
ان الاستعمار هو ابشع صور الاستعباد.. وابشع من تجارة الرقيق بكثير جداً.. فتجارة الرقيق قاصرة على مجتمعات بعينها أما الاستعمار فيشمل كل الشعوب التي استعمرت، وأراضيها وممتلكاتها.. وهو في الغالب كان يتم عن طريق القوة المسلحة.. فالشعوب تستعمر بعد هزيمتها واخضاعها، وتفقد حقها في اراضيها، وثروة هذه الاراضي، وتستخدم هي لخدمة المستعمر.. ولنعطي صورة موجزة نورد معلومات الخريطة التي نشرتها صحيفة الاندبندنت، عن المستعمرات التي احتلتها الدول الاوروبية.. وعدد المستعمرات البريطانية 150 مستعمرة.. والمستعمرات الفرنسية 53 مستعمرة.. والبرتغالية 52 والاسبانية 44 والهواندية 29 والمانيا 20_ قبل التوحيد.. وروسيا 17.. والسويد 8.. والنورويج6 .. والدنمارك 9.. وبلجيكا 3.. ومستعمرة واحدة لكل من اليونان والنمسا.. والدول المستعمرة صغيرة جدا بالنسبة لمستعمراتها.. فمثلاً بريطانيا لا تساوي شيئاً بالنسبة لمستعمرتها الهند لا في المساحة ولا في تعداد السكان.. هذا بالاضافة للمستعمرات في الأراضي الجديدة وفي الجزر.. ولقد استمر الاستعمار حتى النصف الثاني من القرن العشرين.. ففي ديسمبر 1960م تم اعلان الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة.. ورغم هذا الاعلان لم تنل كل الشعوب المستعمرة استقلالها في ذلك التاريخ، فمثلاً استقلت موزمبيق عن البرتغال في 1985م، وسانت كيس ونيفيس 1983م عن بريطانيا، وسانت لوسيا 1979م عن بريطانيا.. جزر سليمان 1978م.. زيمبابوي 1980م...الخ
هل نحتاج لأن نذكر بالتفرقة العنصرية وهي قائمة إلى اليوم.. أم نذكر بدعوى التفوق العرقي خصوصاً عند هتلر وموسوليني.. واستغلال العلم في دعاوى التفوق العرقي، مثل الداروينية الاجتماعية؟!
ان د. محمد محمود منحاز بصورة عمياء للغرب، أو الأصح أنه منحاز ضد الدين، بصورة تخلو من الموضوعية والتفكير السليم.
بحسب مبدأ الدكتور في تجريم أي عمل ضد الانسانية في أي زمان ومكان، واعتباره وصمة دائمة، تكون الحضارة الغربية ومرجعيتها العلمانية من أكبر مؤيدي الرق، ومن أكبر من قاموا باستلاب الانسان وحريته وكرامته.. وعلى ذلك، وبحسب مبدأ الدكتور ينبغي ألا ينظر إلى الحضارة الغربية إلا بمنظار أنها ضد حرية الانسان وكرامته بصورة دائمة.. ولكن لأن للدكتور أكثر من ميزان، فهو يطبق مبدائه الأساسية ضد الدين بصورة جائرة ويعفي منها الحضارة الغربية والعلمانية، فالقضية ليست قضية فكر أساساً، وإنما هي قضية مزاج شخصي، يرفض كل ما له علاقة بالدين، ويقبل كل ما هو ضد الدين، مهما كان بشاعته.
البوصلة
يقول (الانسان العالمي) عن دكتور النعيم " ويتّضح من كلام النعيم أنه عندما أصبح أكاديميا متخصّصا في القانون العام مرّ بفترة اغتراب عن الفكر الجمهوري كان منسجما فيها مع قيم ومبادىء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما تفرّع عنه من معاهدات. إلا أنه أدرك لاحقا ما وصفه ب "نسبية" الإعلان العالمي ومرجعيته الليبرالية وخاصة أن القوى التي صاغته لم تشرك باقي شعوب العالم التي كانت غائبة. ولكن ما الذي يعنيه هذا — هل يعني أن الإعلان العالمي قد فقد قيمته وشرعيته وسقطت البشرية في وهدة مظلمة وانكسرت بوصلتها ولم يعد هناك ما يهديها لحقوق إنسان توحّدها كلها حول إنسانيتها؟ رغم أن النعيم لا يصرّح بذلك إلا أنه يقرّره بشكل غير مباشر".. لقد اخترت هذا النص المطول لما احتواه من النقاط التالية، التي توضح تفكير (الانسان العالمي):
1. قوله هل يعني أن الإعلان العالمي قد فقد قيمته وشرعيته وسقطت البشرية في وهدة مظلمة وانكسرت بوصلتها؟ واضح أن الدكتور (اللانسان العالمي) يعتبر أن الاعلان العالمي هو الذي يضيء حياة البشرية، ويعطيها البوصلة، التي تهديها إلى حقوق الانسان (وتوحدها كلها حول انسانيتها)؟! فهل لاعلان حقوق الانسان هذه القيمة المبالغ فيها؟! عند الدكتور الاعلان هو البوصلة التي تخرج البشرية من الظلام وتوحدها حول انسانيتها.. وهذا قول يدل دلالة واضحة على مستوى تفكير الدكتور، وتعامله مع الواقع.. أولاً البوصلة لا يمكن أن تكون شيئاً متغيراً مثل اعلان حقوق الانسان.. فقيمة البوصلة في أنها ثابتة في توجيهها للمسيرة، ولذلك لا يمكن إلا أن تكون أمر يتعلق بالوجود، وله صفة الثبات الدائم.. وبوصلة الدكتور تم الوصول إليها في منتصف القرن السابق، وهل قبل هذا التاريخ لم تكن للانسانية أي بوصلة تهديها لانسانيتها؟ والاعلان عبارة عن قوانين تحدد الحقوق، ولا يمكن للبوصلة أن تكون مجرد قوانين، تمت في تاريخ معين، يمكن تطبيقها او عدم تطبيقها.. هل قوانين حقوق الانسان الآن مطبقة على الجميع وبالتساوي؟ قطعاً لا!! هي فقط تطبق على الضعاف، ومن المستحيل أن تطبيق على الاقوياء، مهما فعوا.. فماذا فعلت حقوق الانسان في الولايات المتحدة عندما غزت العراق مثلاً؟ حقوق الانسان ليست اكثر من شعارات يستخدمها الأقوياء ضد الضعاف.. فهي موضوع سياسي!! وهي خليط من القيم الرفيعة، والقيم المنحطة.. وقد لخصتها هيلاري كلنتون- وزير الخارجية الامريكية الأسبق حين قالت: "المثلية هي حقوق الانسان، وحقوق الانسان هي المثلية".. هل فعلاً الدكتور يرى أن العالم يعيش وفق القيم الايجابية لحقوق الانسان؟ وأهم من هذا كله، إن من تكون حقوق الانسان هي البوصلة التي تهديه إلى انسانيته، انسان بعيد جداً عن تصور انسانية الانسان.. والعالم الآن ليس متوحداً حول انسانيته بسبب حقوق الانسان، هذا ادعاء أجوف، يقوم على عكس الواقع الفعلي.. الانسان نفسه غائب، وقد فشلت الحضارة الغربية في اعطاء التصور النظري له، خل عنك التحقيق الواقعي.. لقد ترك (الانسان العالمي) الانسان وحقوق الانسان، عندما اتخذ موقفا ضد الدين، ثم ذهب يبحث عنهما في غير مظانهما.. انك بقولك هذا عن حقوق الانسان، ارخصت عظيماً، وكذلك قولك عن البوصلة.. من الواضح جداً أنك تسير في ظلمة ظلماء، ودون أي هادي، ولا تملك أي بوصلة توجه مسيرتك المضطربة.
أنا هنا لا أكتب لدكتور محمد محمود، وإنما أكتب عنه.. فالكتابه له غير مجدية.. فالملحد الذي ينكر وجود الله ليس صاحب موقف فكري يمكن مناقشته لأنه يمكن أن ينكر أي شيء، وهذا عملياً ما يحدث من الدكتور، فقوام تفكيره هو انكار الواقع الفعلي، وتبني واقع افتراضي لا وجود له إلا عنده هو.. هذا أكبر ضياع اسمع به.. لقد سفه الدكتور نفسه بصورة تحير، وبصورة لا يمكن الخروج منها إلا بفضل الله، أو أن يسلط الله تعالى عليه من الجلال ما يحوجه إليه تعالى.. فالأمر كله عبارة عن ادعاء اجوف بالاستغناء عن الله، ويحتاج صاحبه لما يعرّفه بحاجته إلى الله.
ورغم كل هذا الادعاء الاجوف، لم يخرج (الانسان العالمي) من ارادة الله
كم إلى كم أنت عنه في التهاء بل به
أنت مشغول ولا تدري فقد الهاك هو
إن الله تعالى أخطر وأجل من أن ينكره أحد تمام الانكار.. فليس للإلحاد وجود في الحقيقة وإنما وجوده وجود شريعة، وجود ظاهر "فمن آمن فقد آمن بقضاء وقدر، ومن كفر فقد كفر بقضاء وقدر".
والله تعالى لا يتخلى عن عبيده، فهم سائرون إليه،سائرون إلى كمالهم، رضوا أم أبوا.. يقول الأستاذ محمود من اهداء كتاب (مشكلة الشرق الأوسط): "إذا كنت مؤمناً بالله، ثم بكرامة الإنسان كرامة الفكر فإن هذا الكتاب لك.. وإن لم تكن مؤمناً فمن الخير لك أن تؤمن، بل لا بد لك من أن تؤمن وسيكون هذا الكتاب لك".. أما اهداء كتاب طريق محمد، صلى الله عليه وسلم، فقد جاء فيه: "إلى الراغبين في الله وهم يعلمون، والراغبين عن الله وهم لا يعلمون.. فما من الله بد".. فعودة الدكتور، ومن هم على شاكلته، عندنا حتمية.. وإلى أن يحدث ذلك نتركه لرعاية الغفور الرحيم.
خالد الحاج عبدالمحمود
رفاعة في 21/2/2021م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.