"1" على سرير المستشفى وجدتها هناك ، نهضت بتثاقل وفي عينيها فرح خاص باللقيا ،تتحدى قسوة المرض ، قلت لها مداعباً : ماذا هناك ؟ اشرق وجهها بإبتسامة عجيبة واجابتني : إنه الموت يا ولدي .. رحم الله أمي في رحيلها البديع ، لم أشعر بوجل ولا وطأة مرض ، وتترآى لي دوماً تلك اللقطة في عينها لمعان مدهش ، ولحظة الرحيل .. عجبا ، ان الموت الذي يثير مشاعر الخوف ، في كل العالم ، ولحظات العبرة والاعتبار ، يشكل هنا في هذا الوطن الجميل ، مواسم للفخر والتباهي ، وقد قال شاعرنا صلاح أحمد ابراهيم في ملحمة "نحن والردى": يا منايا حوّمي حول الحمى واستعرضينا واصطفي كل سمح النفس بسام العشيات الوفي الحليم العف كالأنسام روحا وسجايا أريحي الوجه والكف إفتراراً وعطايا فإذا لاقاك بالباب بشوشا وحفي بضمير ككتاب الله طاهر انشبي الاظفار في أكتافه واختطفي وأمان الله منا يا منايا كلما اشتقت لميمون المحيا ذي البشائر .. شرّفي تجدينا مثلاً في الناس سائر نقهر الموت حياة ومصائر ويسجل أكثر بيت شعر عن ساعات الرحيل بلاغة حين يقول: آخر العمر قصيراً أم طويل كفن من طرف السوق ، وشبر في المقابر وتذكرني هذه الابيات بما قاله الارجاني وهو يرثي ويبكي ابنة صديقه: نبالى بالمصائب نازلات وتبصرنا كأنا لانبالى فكم نطوي المنازل في هوانا واخر منزل تحت الرمال وربما نحن الوطن الوحيد الذي يتضمن نشيده الوطني ذكر الموت صراحة ، وكما صاغ تلك المفردات الشاعر أحمد محمد صالح: نحن جند الله جند الوطن ان دعا داعي الفداء لن نخن نتحدى الموت عند المحن نشتري المجد بأغلى ثمن بل ان بنونة بت المك لم ترض لاخيها عمارة ميتة طبيعية ، وهو فارس النزال ، واسد المواقف وقالت : ما هو الفافنوس ، ما هو الغليد البوص ود المك عريس خيلاً بجن عركوس أحيّ على سيفه البحد الروس ما دايره لك الميتة أم رماداً شح دايراك يوم لُقى بدماك تتوشح الميت مسلوب والعجاج يكتح أحيّ على سيفه البسوي التح وطه ود الشلهمة يودع شقيقه عمر ، في طريقه الى منصة الاعدام ، يصنع للموت صورة اخرى ومشهداً آخر ، وكأن الموت لحظة فرح يشرق لها الوجه: قَلبَكْ مُو لَحمْ مِنْ الدَبَادِبْ طَائرْ صِنديدْ وَقْعَةْ العَركَة الخِيولاَ دَمَائرْ المَوتْ يا جَليسْ أُم رُوبَه كَاساً دَايِرْ سَمَاحتُه عَليكْ مِتِلْ نَورْةَ العَريسْ السَائرْ "2" دخل أبو العتاهية على أمير المؤمنين هارون الرشيد حين بنى قصره و زخرف مجلسه و اجتمع اليه خواصه ، فقال له الرشيد صف لنا ما نحن فيه من الدنيا ، فقال أبوالعتاهية: عش مابدا لك سالماً في ظل شاهقة القصور فقال الرشيد احسنت ثم ماذا:فقال ابو العتاهية: يسعى اليك بما اشتهيت الرواح و في البكور فقال الرشيد أحسنت ثم ماذا؟ فأضاف أبو العتاهية: فاذا النفوس تغرغرت في ضيق حشرجت الصدور فهناك تعلم موقناً ما كنت إلا في غرور فبكى الرشيد بكاءً شديداً حتي رحم، فقال الوزير لابي العتاهية بعث اليك أمير المؤمنين لتسره فأحزنته فقال له الرشيد دعه فانه رآنا في عمى فكره ان يزيدنا عمى وحين وصل خبر رحيل الناظر محمد حمد أبوسن ، للشاعر أحمد عوض الكريم أبوسن رثاه بشكل خاص ، عالج فيه ميقات الرحيل ، وصفات الراحل وتأثير الحدث في محيطه وقال: بي يوم الجمعة بي قدرة كريماً كافي راحت مقدرة وتقوى وثباتا مافي الرجل العظيم من قومته صادق وصافي رب العزة بالعاملها ليه يكافي وكت جاءني الخبر قالوا لي حاصل موت قت ليهم منو ؟ قالوا لي صاحب الفوت محمد ود حمد ليه الفضل مثبوت في البدو والحضر جضن عليهو بيوت وكان الحردلو قد رثى احد قيادات الشكرية بالقول: يا طيرا تطير سلم على القافات قول ليهن أبو فاطنة المنفل مات الموت مو بدعة ما يفرح الشمات قبالك رسول الله المكرم مات وقد بكى الشاعر أحمد الفرجوني صديقه الشاعر حسان أبو عاقلة بشعر تبكي أحرفه ، ويقول : مفقود يا خَرِيفْ دَارْنَا ال بمِهل النَّجعة ببكي عليك بكاياً فِيه كمِيَّن وجَعة آخرهن فُراقاً لا خبَر لا رجْعة وأولهِن رحِيلاً سَيتُه مِننا فَجْعَة ببكِي عليك بُكاياً في ضَمايري جرُوحُو بي حُزناً كتير غَلَبَن لِسَاني شروحو درَّاج الضَّعيف ال خيرُو مُو دُوب رُوحو مَفقودَاً بشاشُولُو الضُعَاف وبنُوحُو ود أبْ سن وكاملَ الحِن رَحَل فَارقْنَا ماهل الدَّار وراحة الجار ، رحيلو حَرَقنَا قَمر اللِّيل ، وصَمَد الخيل ،كفوفو دَرَقنا مُونَتنَا وخَريف عَامُنا العَليهُو مَرَقْنا وتلك أقدار الله ، نمضي اليها ، وتسرقنا اللحظات والغفلة ، وكما قال أمير المؤمنين ، الإمام علي بن أبي طالب «كرم الله وجهه»: لا دارَ للمرءِ بعدَ الموت يسكنُها إِلا التي كانَ قبلَ الموتِ يبنيها فإِن بناها بخيرٍ طابَ مسكنها وإِن بناها بشرٍ خابَ بانيها لكلِّ نفسٍ وإِن كانت على وجلٍ من المنيةِ آمالٌ تقويها فالمرءُ يبسُطها والدهرُ يقبضُها والنفسُ تنشرُها والموتُ يَطْويها اللهم أحسن خاتمتنا إليك ، فإنه لا ملجأ منك إلا إليك .. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.