عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه قال فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض." وعن سهيل بن أبي صالح قال كنا بعرفة فمر عمر بن عبد العزيز وهو على الموسم فقام الناس ينظرون إليه فقلت لأبي يا أبت إني أرى الله يحب عمر بن عبد العزيز قال وما ذاك قلت لما له من الحب في قلوب الناس فقال بأبيك أنت سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر حديث أبي هريرة. ومعنى يوضع له القبول في الأرض, أي الحب في قلوب الناس , ورضاهم عنه , فتميل إليه القلوب , وترضى عنه . وقد جاء في رواية - فتوضع له المحبة. و نحن نحسب أن الله يحب محمد سيد حاج. فقد كان الناس, شيباً و شباباً و نساء, يتسابقون, من فرط حبهم له, لحجز أماكن لهم في مسجد المؤمنين بالصافية شمال تمكنهم من السماع و الرؤية. فقد خط الرجل منهجاً قوامه الاعتدال و الهم بإصلاح الأسرة و علاقاتها المتشابكة لخلق مجتمع يسوده خُلق المصطفى صلى الله عليه و سلم. على الرغم من أن الرجل محسوب على جماعة أنصار السنة المحمدية, إلا أنه كان لوحده جماعةً متفقاً عليها من كل الطوائف باعتداله و حلاوة لسانه و طلاوة بيانه و غزارة علمه و ملاحة قوله حتى و هو على المنبر. فقد أجاد فن الخطابة و الدعابة و كسر أسلوب الرتابة حتى جعل خطبة الجمعة ظلاً ظليلاً يتفيأه كل من عانى عنت الحياة فيخرج بدفقات إيمانية تعينه على مساغب الدنيا و تهديه إلى سواء السبيل. لقد حقق محمد سيد حاج في حياته القصيرة ما لم يحققه كثير من شيوخه و من سبقوه في مجال الدعوة. فقد نجح الشيخ الراحل في جذب كثير من الشباب إلى الطريق الالتزام بل كان مفتاح معرفتهم بشيوخ هم من السابقين له في مجال الدعوة, و هو ما يفسر بزوغ نجوم من الدعاة صارت مساجدهم قبلة للشباب على وجه التحديد. لقد كان مفتاح هذا التحول الكبير ما استطاع شيخنا تحصيله من علمٍ في وقت وجيز مكنه من امتلاك ناصية الفصاحة و القدرة على الإقناع بالإضافة إلى إتباع أساليب تقوم على المنهج العلمي كإجراء استبيان بين المصلين, و غالبهم من المستنيرين, حول موضوع معين قبل التعرض له في خطبة الجمعة. لقد أدرك شيخنا الراحل ضرورة استخدام مناهج علمية في الدعوة و الإصلاح كان نتاجها سلسلة من الخطب الروائع التي تحولت إلى شرائط دعوية يتداولها الناس بشغف لفائدتها و روعة أسلوبها. كان محمد سيد حاج مؤسسة اجتماعية تسعى بين الناس, حققت الكثير من المقاصد و الخيرات باريحةٍ و طيب نفسٍ حتى صار الرجل بنهجه قبلة السائلين في أمور الدين و الدنيا, و الطامعين في دعاء مقبول و رجاء لا يرد. فقد توسموا فيه الخير و الإخلاص الذي لا يشوبه رياء و لا سمعه. سقطت شجرةٌ ظليلة و بستان علمٍ و خُلُق كان قبلة كثير من الشباب الصالح لم يبخل بعلمٍ أفاض الله عليه به فكان كالطل الخفيف يسكِّنُ زفرات الدواخل و يريح من كدر و هم. كان لا يرد مستغيثاً و إن بعدت الشقة, و إن تأخر الوقت و الناس نيام, حتى فاضت روحه إلى بارئها و هو خارج في سبيل الله. اللهم أجعله في سدر مخضوض و طلح منضود و ظل ممدود و ماء مسكوب وفاكهةٍ كثيرة لا مقطوعة و لا ممنوعة . . و اجمعنا به في أعلى عليين . . آمين