لقد أثبتت الانتخابات والتزوير الذي تم فيها وبما لا يدع مجالاً للشك أن المؤتمر الوطني لن يحترم اتفاقاً ولن يرعي عهداً أو ميثاقاً بل سيواصل السيطرة علي الحكم وعلي كل مفاصل الحياة في السودان تصديقاً لشعارهم " الزارعنا يجي يقلعنا " وما هكذا تكون شعارات التداول السلمي للسلطة. وألان وبعد تأكد فوز المؤتمر الوطني بالتزوير بالرئاسة وبأغلبية ساحقة في البرلمان القومي و المجالس التشريعية والولائية وبكل مناصب الولاة ماعدا النيل الأزرق ها هو المؤتمر الوطني يعيد ويكرر ألاعيبه القديمة بالحديث عن حكومة قومية أو حكومة ذات قاعدة عريضة لمجابهة التحديات والمخاطر التي تواجه الوطن وكأن هذه المخاطر جديدة وحدثت بعد الانتخابات. يراهن المؤتمر الوطني في دعواه علي ضعف الأحزاب خاصة الحزبين الكبيرين وعلي التهاون الذي أبدته قيادات الحزبين في معارضتها وعلي فرضية أن قيادات هذين الحزبين أصبحت في حالة عجز عن تحريك الجماهير. وهذه الفرضية لم تأتي من فراغ بل تعود إلي أن قيادات الحزبين ظلت تحاور المؤتمر الوطني وتصل معه إلي اتفاقيات لا ينفذ المؤتمر الوطني منها شيئا ورغم معارضة قواعد وكوادر الحزبين ورفضهم لهذا الحوار ظلت هذه القيادات تصر على استمرار الحوار ً وعلى توقيع الاتفاقيات التي لا تنفذ. وفي كل مره يسمع السادة كلاماً معسولاً ووعوداً كاذبة وحديثاً وشعارات جوفاء عن المهددات الخارجية والوفاق الوطني ولكن لا يحدث تغيير بل تستمر هيمنة المؤتمر الوطني وسيطرته الكاملة علي السلطة. وبدلاً من التركيز علي التواصل مع الجماهير وعلي تنظيم أحزابهم وإعادة هيكلتها أصبح الشغل الشاغل والهم الأكبر هو مواصلة الحوار مع المؤتمر الوطني واستجدائه لتنفيذ الاتفاقيات التي وقعها معهم وذلك علي الرغم من انه كان واضحاً أن المؤتمر الوطني ليس بعازم علي تنفيذ ما يوقعه من اتفاقات وقد قالها نافع بصراحة عند بدء المفاوضات لاتفاق القاهرة بأنهم غلي أتم استعداد لحل المشاكل المالية ودفع التعويضات وإرجاع الممتلكات ومنح المناصب ولكن ليسوا علي استعداد للحديث عن المشاركة الفعلية في السلطة وعلي الرغم من ذلك تم الاتفاق معه علي بيع القضية و تسريح القوات الموجودة في الجبهة الشرقية ودخلت بعض القيادات المجلس الوطني بينما شارك الحزب الاتحادي في الأجهزة التنفيذية ولم تكن المشاركة ذات فعالية تذكر فقد ظل المؤتمر الوطني هو المسيطر واستطاع تمرير كل ما يريده باستخدام أغلبيته الميكانيكية وصولاً إلي تزوير الانتخابات التي فصلها علي مقاسه وحسم نتائجها سلفاً وألان وبعد أن سيطر المؤتمر الوطني بالتزوير علي الرئاسة وجل مقاعد المجلس الوطني القومي وكذلك المجالس التشريعية الولائية وجميع مناصب الولاة ماعدا والي النيل الأزرق فإننا نطالب بوقف الحوار معه فوراً وتركه وحيداً ليتحمل وزر أفعاله ويحصد ما زرعه ولتلتفت قيادات الأحزاب إلي التواصل مع قواعدها وتنظيم احزابها وإعادة هيكلتها علي أسس الديمقراطية والمؤسسية وان سارت هذه القيادات علي السير في هذا الطريق الذي أودي بنا إلي الكارثة فمن واجب كوادر الأحزاب ومتعلميه ومثقفيه تخطي هذه القيادات والقيام بواجبهم تجاه وطنهم للنهوض بالأحزاب من كبوتها. إن قواعد الأحزاب قد أثبتت أنها علي درجة كبيرة من الوعي وقد ظلت طوال العشرين عاماً الماضية رافضة لنظام الإنقاذ وبرنامجه رغم التهديد والوعيد والترغيب ولجوء النظام إلى القمع والعنف وقد وضح ذلك في رفض عضوية حزب الأمة للمشاركة في الانتخابات وفي التفاف الاتحاديين من كل الفصائل حول بعض المرشحين رغم تشرذم الحزب إلي فصائل متعددة ولكن تفتقر هذه الجماهير إلي القيادات وتفتقر إلي التنظيم والي وضوح الرؤية ولاستراتيجيه الأمر الذي يتطلب كما أسلفنا قيام المثقفين والمتعلمين في الأحزاب بدورهم في تحديث الأحزاب ووضع الاستراتيجيات والبرامج فلم يعد مقبولاً انتظار القيادات التي أثبتت عجزها عن القيام بهذا الدور. ملخص القول أن دعوة المؤتمر الوطني لقيام حكومة "قومية" ليست سوى دعوة يهدف من و رائها إلى أن تغسل عنها صفة الشمولية وتنظيف سمعته الملطخة بدماء بنات و أبناء شعبنا، وتناسي جرائمه و الحفاظ على مكتسباته الحزبية و الشخصية، وما هي إلا محاولة لتحميل الآخرين المسؤولية عند فصل الجنوب وتفكك البلاد رغم أن المؤتمر الوطني يتحمل وحده مسؤولية الوصول بنا إلى هذا المصير ولذلك فإننا نناشد قيادات الأحزاب بعدم التفكير في طرح المؤتمر للوطني لقيام حكومة قومية ففي ذلك إعادة إنتاج للازمة ومشاركة في جريمة فصل الجنوب. دعوا المؤتمر الوطني يتحمل وزر أفعاله وحده فقد ارتكبها وحده وليحصد ما زرع. وركزوا على إصلاح أحزابكم وإعداد البرامج الكفيلة بحل مشاكل الوطن فالإنقاذ لا يمكن هزيمتها إلا بالفكر والبرامج والتنظيم والقيادات التي تؤمن بذلك ali alhedai [[email protected]]