لقد أثبتت الانتخابات والتزوير الذي تم فيها وبما لا يدع مجالاً للشك أن المؤتمر الوطني لن يحترم اتفاقاً ولن يرعي عهداً أو ميثاقاً بل سيواصل السيطرة علي الحكم وعلي كل مفاصل الحياة في السودان تصديقاً لشعارهم " الزارعنا يجي يقلعنا. والآن بعد أن اكتملت جريمة فصل الجنوب عاد المؤتمر الوطني لممارسة الأعيبه القديمة بالحديث عن حكومة ذات قاعدة عريضة. وبعد أن كانت القيادات السياسية قد أطلقت تصريحات بأنها قررت العمل على إسقاط النظام عادت بعد أيام للتحاور مع النظام حيث التقى السيد الصادق المهدي بالرئيس البشير، كما التقى السيد محمد عثمان الميرغني بمبعوث للرئيس في السعودية. يراهن المؤتمر الوطني في دعواه علي ضعف الأحزاب خاصة الحزبين الكبيرين وعلي التهاون الذي أبدته قيادات هذين الحزبين في معارضتها، وعلي فرضية أن قيادات هذين الحزبين أصبحت في حالة عجز عن تحريك الجماهير. وهذه الفرضية لم تأتي من فراغ بل تعود إلي أن قيادات الحزبين ظلت تحاور المؤتمر الوطني وتصل معه إلي اتفاقيات لا ينفذ المؤتمر الوطني منها شيئا، ورغم معارضة قواعد وكوادر الحزبين ورفضهم لهذا الحوار ظلت هذه القيادات تصر على استمرار الحوار وعلى توقيع الاتفاقيات التي لا تنفذ. وفي كل مره يسمع السادة كلاماً معسولاً، ووعوداً كاذبة، وحديثاً وشعارات جوفاء عن المهددات الخارجية والوفاق الوطني ولكن لا يحدث تغيير بل تستمر هيمنة المؤتمر الوطني وسيطرته الكاملة علي السلطة. وبدلاً من أن تركز قيادات الأحزاب علي التواصل مع الجماهير وعلي تنظيم أحزابها وإعادة هيكلتها أصبح الشغل الشاغل والهم الأكبر لها هو مواصلة الحوار مع المؤتمر الوطني واستجدائه لتنفيذ الاتفاقيات التي وقعها معهم وذلك علي الرغم من انه كان واضحاً أن المؤتمر الوطني ليس بعازم علي تنفيذ ما يوقعه من اتفاقات، وقد قالها نافع بصراحته المعهودة منذ زمن عند بدء المفاوضات لاتفاق القاهرة بأنهم علي أتم استعداد لحل المشاكل المالية، ودفع التعويضات، وإرجاع الممتلكات، ومنح المناصب ولكن ليسوا علي استعداد للحديث عن المشاركة الفعلية في السلطة. ملخص القول أن دعوة المؤتمر الوطني لقيام حكومة "قومية" ليست سوى دعوة يهدف من و رائها إلى أن تغسل عنه صفة الشمولية وتنظيف سمعته الملطخة بدماء بنات و أبناء شعبنا، وتناسي جرائمه و الحفاظ على مكتسباته الحزبية و الشخصية، وما هي إلا محاولة لتحميل الآخرين مسؤولية فصل الجنوب رغم أن المؤتمر الوطني يتحمل وحده مسؤولية الوصول بنا إلى هذا المصير. لقد آن الأوان لكي تلتفت هذه القيادات إلى قواعدها الرافضة لأي حوار والعمل على تصعيد النضال الجماهيري لتغيير النظام وكفانا انهزامية وتردد فالحقوق تؤخذ ولا تمنح وكفاكم تجريب المجرب وإلا فإن الجماهير سوف تتخطاكم ولتأخذوا العبرة من تونس ومصر. ali alhedai [[email protected]]