يناقش البرلمان المصرى هذه الايام قضية تمديد العمل بقانون حالة الطوارىء لعامين وهو الذى أمتد العمل به منذ أغتيال الرئيس السابق أنور السادات فى 1979 وحتى تاريخه , وان كان رئيس الوزراء أحمد نظيف (الذى أرجو أن يكون أسم على مسمى) قد نوه بأن ينحصر الامر فقط على محاربة الارهاب والمخدرات . ان الاستخفاف بعقول الشعوب , وفى حجم شعب مثل أبناء الكنانة ليدعو للحزن أولا , وهو البلد الذى ظلّ وعلى مر التاريخ أحدى أهم القلاع بالامة العربية والاسلامية التى تمتلك أرثا ثوريا وعلميا وثقافيا ضخما , ولكن ومنذ توقيع أتفاقية كامبد ديفد مع الكيان الصهيونى وبرعاية زعيمة الارهاب الدولى أمريكا , فقد كانت بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير , فمن وقتها , بدأ العد التنازلى وبوتيرة متسارعة لاجهاض أطروحات القومية والوحدة العربية , وبعد أنتهاء الحرب الباردة وأنهيار الاتحاد السوفيتى وحرب العراق الاولى وأحداث الحادى عشر من سبتمبر , لحقت بالركب انهيار دعوات الاممية الاسلامية , كل ذلك تحت شعار (محاربة الارهاب ) , وبدأ التعاون السرى والعلنى بين مختلف دول العالم فى التصدى لذلكم الارهاب المزعوم , وأبناء الامة وعلى مسمع ومرأى قادتها وزعماءها الافزاز يجرى استباحة الحرمات وسفك دماء المواطنين العزل بديار الاسلام ليل نهار, والامثلة كثيرة بدا بأفغانستان فالعراق فلبنان والصومال والقدس وغزة واخيرا اليمن السعيد , والشعوب قد أصابها الوهن وخرت عزيمتها , وعلماء الدين والمؤتمر الاسلامى وهلم جرا , وائمة المساجد , يعانون من حالة أشبه بالاستجداء منه بالانفعال, فممنوع عليهم الحديث عن الجهاد حتى يؤسس لتعريف جديد له وفق اهداف الالفية الثالثة والعولمة بمالايتعارض ومفهوم محاربة الارهاب فالتقاطعات كثيرة , فدعم عناصر المقاومة الفلسطينية بالسلاح دعم للارهاب , لذلك وجب بناء العوازل الفولازية بعمق 20 مترا تحت الارض على الحدود مع غزة , وعلى ذلك قس أخى القارىء . ولكن الذى يهمنا الان وعلى ضوء النقاش الجارى , ماهو المضمون الحقيقى لحالة الطوارىء , وهل تفرض حقا لدواعى أستباب الامن بالبلاد , أم لدواعى أخرى . ان المتتبع لاهداف ومرامى سن مثل هذه التشريعات , يجد أنها تصب فى دائرة كبح جماح القوى الحية بالبلاد , والعمل على شلّ أنشطتها التى تتعارض جوهريا واستمرار حالة الخنوع والركوع والانبطاح كما وصفها سابقا (القائد الاممى العقيد القذافى) الذى وصفه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بالامين على القومية العربية , هذا قبل التحول للاممية الافريقية . ويتبع ذلك تحجيم دور قوى الوعى والحراك بالمجتمع , فبعد أستمرار هذا الوضع المأساوى لعقود , بدأت هذه القوى فى الانهيار , فخمد صوت الناصريين والقوميين العرب , وتحول هيكل ليحجينا عبر قناة الجزيرة , والاخوان المسلمين وقد بلعوا طعم ماتسمى الديمقراطية , فساهموا بقسط وافر لاضفاء شرعية زائفة على النظام بأنخراطهم فى اللعبة المهزلة التى تدعى الديمقراطية , وقد سحرهم الاخطبوط الاعظم بجمال سحر بيانه بحديثه عن الشرق الاوسط الجديد واشاعة الديمقراطية والحكم الرشيد وصون حقوق الانسان , واقامة دولة العدالة الاجتماعية ...الخ الخ . فماهى النتيجة ؟ أمية تفوق نسبة ال50% وبطالة لاتقل عن هذه النسبة , ومجتمع يعيش أكثر من 70% منه دون خط الفقر , ومديونية بمليارات الدولارات , ونمو فى عدد السكان يناهز ال80 مليون نسمة , وهجرة للمثقفين والعلماء لمختلف بقاع الارض , وسجون تكتظ بالمعتقلين , أكثر من مأئتين الف دون محاكمة , وانتشار واسع لتجارة المخدرات , والعشرات من المليارديرات أعضاء بالبرلمان ويمسكون بأهم مقومات الاقتصاد بالبلاد , وانقراض جيل المفكرين والمبدعين , واخرهم الاسبوع الماضى المرحوم محمود السعدنى , وانتشار العشرات من القنوات الفضائية التى تبث عناصر الخور والهزيمة والاستلاب الثقافى والفكرى ومسخ الشخصية والهوية , وتحولت القاهرة لتقود صفوف مايعرفون بجبهة الاعتدال , من خلال تمرير استراتيجيات وسياسات الاخطبوط الاعظم , ولابد أنها اليوم فى انتظار الاجر بعد أن أجهزت تماما على مايعرفون بجبهة الممانعة , وفى فترة لا تتجاوز العام من مؤتمر غزة , وتحول الازهر الشريف , الى مؤسسة جلّ همها الغاء النقاب والاكتفاء بالحجاب , لان النقاب ليس له سند فى السنة . أما الافتاء فى الجهاد ومقارعة اولياء الشيطان , فهذه قضية خلافية , تتطلب بحثا معمقا من الفقهاء والباحثين , لمنع عناصر التضارب مع فقه محاربة الارهاب . الذى يحزننى حقيقة حال هذه الامة , وتناول مختلف أجهزة الاعلام لهذا الخبر وكأنه أمر عابر , لا وزن له , والتركيز على القضايا الانصرافية التى لاتشكل محورا أساسيا فى بناء الامم , وهنا لا أملك الا التزكير ببيت الشاعر التونسى الشابى: اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلى ولابد للقيد أن ينكسر عاطف عبد المجيد محمد عضو المنظمة الدولية لشبكة المعلومات والعمل لاولوية حق الغذاء-هايدلبرغ- المانيا عضو الجمعية الدولية لعلوم البساتين-بروكسلبلجيكا الخرطوم بحرى- السودان تلفون:00249912956441 بريد الكترونى:[email protected]