الصحوة بعد فوات الأوان لن تنقذ السودان ما جدوى العنترية لمن لايملك صوتا فى الإستفتاء الموقف الحرج الذى اجمعت القوى السياسية اليوم على ان السودان يواجهه لهو دليل قاطع على عدم نضوج هذه القوى على مستوى القيادات وهاهى تقدم المزيد من الأدلة على سقوطها وعلى ضيق نظرتها و تنقلب على نفسها وتتبدل مواقفها 360 درجة بعد عشرة سنوات من الممارسات السياسية التى تهددت الوطن بالتقسيم.. فالخارطة السياسية لكل القوى الأحزاب حاكمة ومعارضة إذا ما إستعرضناها تؤكد انه ليس بينها من ثبت على مبدأ وليس بينها من لم يتناقض مع مواقفه وتوجهاته وان الضحية لهذه التناقضات السودان. فهل كانت هذه القوى فى غيبوبة وغفلة واصابته صحوة فجأة فتحسست طريقها لتقف بنفسها شاهدا على ما ارتكبته فى حق الوطن ام انها يومها كانت تحركها المطامع فى السلطة ومزاياها فعصبت عيونهم وما كانوا يرون غير الوصول اليها لمن يريد العودة اليعا او المحافظة عليها لمن يرفض ان يتراجع عنها مهما تكلف السودان وكلاهما إرتكبا جريمة فى حق الوطن. فإن كانت صحوة فلقد فات اوان الصحوة والصحوة بعد فوات الأوان لن تنقذ السودان لإن مصيره لم يعد بيد اى منهم فمن لايملك صوتا فى الإستفتاء الذى يحدد مستقبل السودان لا كلمة له و كلما يصدر عنه ليس إلا فرفرة مزبوح وجعجعة خطب وتصريحات قيادات لا تقدم او تؤخرولا دافع لها إلا التنصل من المسئولية.. اما إن كانت غفلة فمصيبة السودان اكبر فالمستهدفين وحدة السودان من القوى الأجنبية لهم المعرفة والخبرة الكافية والسوابق فى توظيف القوى السياسية وتحريكها كيفما يريدون لإنهم قادرون على تحريك القيادات بالريموت كونترول لهذا فانهم قطعا سيكونوا اليات لتحقيق المخطط الذى يستهدف السودان. حقيقة إنه وضع مأساوى سببه غياب الإرادة الشعبية فالشعب ظل مغيبا من كل القوى حاكمة ومعارضة عن شأن الوطن حتى فى الأحزاب التى تلتحف ثوب الديمقراطية وتغيب عها المؤسسة الديمقراطية. فهى حكر على قيادات طائفية وقبلية ونفعية تصنعها الأحداث وليست هى التى تصنعها إلا ما يؤمن المصلحة فى السلطة. فيما عدا احزاب هامشية لا وذن لها رغم وجودها الظاهرى فهى مسميات بلا مضمون. ويذكرنى هذا الواقع بمقالة تحليلية كتبها صحفى لبنانى فى النهار البيروتية عقب هزيمة العرب الكبيرة فى 1967 وكان يعقب على تساؤل طرحه صحفى مصرى إستنكر ان يهزم بضعة ملايين إسرائيلى لايصلون اصابع اليد الواحدة ان يهزموا مائة مليون عربى فكان ان كتب الصحفى اللبنانى ردا عليه وقال لإن الملايين الذين لايبلغون اليد الواحدة كانو فى مواجهة عشرين مواطنا عربيا فقط لإن الإسرايليين كلهم شركاء فى حكم اسرائل بينما الأمة العربية يتحكم فيها عشرون حاكما متسلطين على المائة مليون عربى لايشركون معهم احد فى القرار واظنه اصاب الجزء الأكبر من الحقيقة . هكذا حالنا نحن فى السودان حيث ان كل القرارات المصيرية التى شكلت أزمة السودان اليوم لم تكن تمثل راى الشعب السودانى وان قلة لا تصل اصابع اليد الواحدة هى التى قررت باسم الشعب دون ان يفوضها احد ودون ان ترجع لإصحاب الحق. قيادات نصبت نفسها وصية على الشعب تقرر وحدها فى مصيره. هى التى سكتت فى مطلع التسعينات عن الإعلان الأمريكى الذى جاهر بالعداء لوحدة السودان وصنفه دولة إستعمارية لابد من تحرير الجنوب منها ومع هذا لم يرتفع صوت واحد من هذه القيادات معبرا عن رفض ومواجهة هذا الإعلان ولم يتوحدوا فى موقف للدفاع عن السودان اولا بل تسابقوا نحو تقديم الولاء والطاعة لإمريكا طمعا فى ان تدعم من يريد ان يبقى فى السلطة رغم انف الشعب ومن بريدون ان يعودوا للسلطة ايا كان الثمن. فهل كان موقف من فى الحكم او المعارضة ممثلة فى التجمع هل كان يعبر عن راى الشعب؟ ثم جاء منتصف النسعينات لتتراجع قيادات التجمع عن ميثاقها الذى جمع بينها والحركة الشعبية فى اول خطوة جادة لتامين الوحدة عندما نص الميثاق الذى ارتضته الحركة بقيادة الدكتور قرنق والذى امن على السودان دولة واحدة تقوم على حقوق المواطنة المتساوية دو تميز عرقى او دينى او جنسى(مؤتمر القضايا المصيرية اسمرا) ولكن هذه القيادات إنقلبت فجأة على ما إتفقت عليه لتنساق وراء المخطط الأمريكى الذى اقحم حق تقرير المصير(الذى يستهدف تحرير الجنوب من الإستعمار العربى) الذى تم فرضه على الدكتور قرنق رغم مقاومته ثم تم فرضه على التجمع الذى سارع وتسابق قادته كل يريد ان يكون اسبق لكسب ود امريكا بتأييد أجندنها لينقلب ميثاق التجمع من تامين للوحدة القائمة على المواطنة لتهديد البلاد بالإنفصال(إستقلال الجنوب كما تسميه امريكا) وتسابقت نفس القيادات لتقدم تبريرات لهذا التحول الذى شكل جريمة فى حق الوطن ولم يكن ذلك إلا لكسب دعم امريكا ليعود قادة التجمع للسلطة ظنا منهم ان طاعة امريكا ستطيح بالإنقاذ لحسابهم ولكن الإنقاذ عرفت كيف تفوت الفرصة عليهم عندما سارعت لتوقيع إعتراف بحق تقرير المصير ومع فصيل لم يكن يخف دعوته للإتفصال بل كانت دعوته هذه سببا فى إنشقاقهم عن الحركة ز هكذا إكتمات المؤامرة على السودان بعد ان بصمت كل القيادات المزعومة على حق تقرير المصير ولم تكن بصمتهم نابعة عن ارادة حرة سواء على مستوى المعارضةاو الحكومة ولكن حبا فى السلطة ولم يكن الشعب يومها طرفا فى اى قرار كهذا لإنه لم يرجع له احد فى هذا الشأن.. ثم جاءت المرحلة الثالثة والأخيرة عندما تحول حق تقرير المصير لشراكة بين الإنقاذ القابضة على السلطة بالقوة والحركة الشعبية وليتحول الحق لضمانة دولية من المخططين لتقسيم السودان بعد عزل قيادات التجمع وتغييبهم عن اى دور فى الإتفاق ومع ذلك تسابق قادة التجمع للتهليل للإتفاق دون ان يواجه اى منهم نفسه بالسؤال عن مستقبل هذا الإتفاق بحجة التعلل بانه وضع نهاية للحرب مع انه وضع فى نفس الوقت نهاية لوحدة السودان بعد ان ضمن لهم الإتفاق مقاعد المتفرجين وفرق الكمبارس.وبهذا بلغ المخطط ذروته ولم يعد بيد اى قوى سياسية سودانية شمالية ان تفعل شيأ تجاه مستقبل الوطن. وماحسبت اطراف القوى السياسية حاكمة ومعارضة ان الزمن سيسرع والأيام ستمضى والحقيقة ستسطع بعد ان اخذت هذه القيادات نصيب فى السلطة مهما قل فكل اخذ نصيبه ختى لو كان الفتات لقادة التجمع فركنوا للسلطة حتى حان موعد الإستفتاء ليفاجأ القادة بان ما كانوا يحسبونه (لعب عيال) واقع واصبحت الخطوة الأخيرة الإستفتاء. هنا لم يكن بينهم حكومة ومعارضة من توسم خيرا فى الإستفتاء وكلهم ارغموا على إدراك الحقيقة بانها بضعة اشهر ستضى ويمضى معها السودان مقسما وقابلا لمزيد من التقسيم. هنا(صدقوا او لا تصدقوا) إنقلبوا على نفسهم: كانوا جميعا يتسابقون نحو امريكا كسبا لودها وتأييدا لها فلم يابهوا لما تضمره للسودان وكان واضحا امامهم إلا انهم اغمضوا عيونهم وألأن يتسابقون نحو إدانة امريكا والتامر الأجنبى لتقسيم السودان كأن هذا المخطط كان خافيا عنهم عندما كانوا يتسابقون نحو كسب امريكا. نفس القادة الذين لم تصدر عنهم كلمة واحد عن المؤامرة وعن مخاطر تقرير المصير وما رمى اليه بل وعن إتفاق نيفاشا ومصادرته عن ابناء الوطن حقهم فى ان يكونوا اصحاب الكلمة, هاهم اليوم يتسابقون لإدانة امريكا والمخطط الأجنبى بعد ان لم يعد بيدهم ما يفعلون. الأن كثر نواحهم ونحيبهم عن الوطن الذى شاركوا فى تمذيقه بموافقتهم وهاهم يرفعوا راية الوحدة بعد ان خفقت رايتها ولم يعودوا حكومة ومعارضة اصحاب كلمة فى شانها بعد ان اصبحت الكلمة لمن يملك صوتا فى الإستفتاء وليس بينهم واحد من الشمال. كل هذا فعلته القيادات السياسية حاكمة ومعارضة بنفسها بسبب حب السلطة والتشبث بها باى سبب وصاحب الحق الشعب الضخية الذى لم يحترم احدهم رايها ولم يرجع اليها. الأن عدنا نطالع لهم تصريحات يرفضون فيها الإستفتاء ونطالع لهم تصريحات برفض الإنفصال والتمسك بكل شبر فى الوطن ولا احد فيهم يقول من هو وماذا يملك ان يفعل وقد اصبح ماض فى (الرف) لاحول له ولا سلطان. الأن البحر امامكم والعدو خلفكم إن نكصتم عن العهد فهى الفتنة الكبرى مدعومة بعالم اقوى ضامن لحق الإستفتاء وإن إلتزمتم بما قطعتم من عهد فالوطن فى (الباى باى) ويبقى فقط للشعب ان يحكم عليكم جميعا بانكم المسئولين عن ضياعه ولا احد يعلم كيف للسودان ان يتجنب التقسيم او الفتنة التى تعيد البلد لإسوا مما كانت فيهقباتقرير المصير وقبل إتفاق نيفاشا بل وقبل إنقلاب الإتقاذ.. alnoman hassan [[email protected]]