مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان و مصر علاقات متشابكة و استراتيجيات متعارضة (8-8) ... بقلم: زين العابدين صالح عبدالرحمن
نشر في سودانيل يوم 25 - 05 - 2010


الحلقة الاخيرة السياسات الاستراتيجية المتعارضة
رغم العلاقات التاريخية بين مصر و السودان حيث كانتا دولة واحدة تحت حكم التاج المصرى التابعة للسلطنة العثمانية بالاضافة الى خضوع السودان بعد سقوط الدولة المهدية الى الحكم الثنائى البريطانى المصرى ثم دعوة النخب الاتحادية الى وحدة وادى النيل الا ان العلاقات بعد استقلال السودان لم تتجه فى رباط استراتيجى يخدم المصالح المشتركة للشعبين حيث كل دولة انشغلت بمشاكلها و التحديات المفروضة عليها و كانت مصر فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر لها علاقات و طيدة جدا فى افريقيا لوقوفها مع حركات التحرر الافريقية و مساندتها المعنوية و السياسية ثم الدعم المادى الذى كانت تقدمه بقدر ما تستطيع و لكن مصر لم تلتفت الى قضية الجنوب التى تفجرت من قبل ان تخرج قوات دولتى الحكم الثنائى " بريطانيا و مصر" من السودان و تركت الحكومة الوطنية التى تسلمت الحكم بعد خروج الاحتلال تواجه تلك المشكلة رغم ان مصر كان من الممكن ان تستخدم نفوذها فى افريقيا الى انهاء ذلك التمرد و تكون قد كسبت عواطف كل الشعب السودانى و لكن مصر رغم اعتقادها ان السودان يمثل لها العمق الاستراتيجى و لكن جعلت هذا العمق يشكو من امراض الحرب الاهلية التى اعاقت كل فرص التنمية و التطور و الاستقرار فيه و الاستفادة من امكانيات و ثروات السودان الطبيعية
فى 18-19 يوليو 2007 اثناء الحرب الاسرائيلية مع حزب الله عقدت محادثات مصرية امريكية ناقشت قضايا استراتيجية للقضايا الاقليمية فى منطقة الشرق الاوسط و المنطقة العالمية تلك المحادثات ركزت على الدور الايرانى فى منطقة الشرق الاوسط و كذلك الدور التركى حيث ان هناك لاعبين جدد دخلوا المنطقة نتيجة للصراع العربى الاسرائيلى الامر الذى سوف يفرز واقعا جديدا ثم تم التطرق الى قضية التطرف و حركة القاعدة فى منطقةالقرن الافريقي وشرق افريقيا الامر الذى لا يساعد على عملية الاستقرار فى المنطقة و تنسحب مشكلاتها على منطقة الشرق الاوسط و كانت ترى الولايات المتحدة ان السودان اذا تمت معالجة مشاكله سوف يلعب دورا كبيرا فى استقرار القرن الافريقى و شرق افريقيا خاصة ان السودان يمتلك مقومات ذلك لكن كانت الرؤية المصرية ان السودان غير مهىء الان ان يلعب هذا الدور و ان مصر سوف تستطيع اذا توفرت لها الامكانيات ان تلعب هذا الدور بجدارة خاصة ان لها علاقات تاريخية مع دول تلك المنطقة رغم ان مصر تعرف ان دورها فى افريقيا قد تقلص تماما بعد توقيعها على اتفاقية السلام مع اسرائيل و اصبحت علاقتها هامشية مع تلك الدول كما ان مصر لا تستطيع ان تلعب دورا مهما فى منطقة القرن الافريقى و شرق افريقيا بمعزل عن السودان و لكن مصر دائما تحاول ان تتجاهل تلك الخاصية للسودان لذلك تتعارض المصلحة الاستراتيجية للبلدين فى المنطقة.
اثناء محاولات اعادة العلاقات السودانية المصرية بعد ازمة اغتيال الرئيس المصرى محمد حسنى مبارك فى اديس ابابا و بدا الحوار حول القضايا الامنية بين الجانبين و كانت مصر حريصةجدا ان تعرف حركة العناصر المصرية التى كانت تحارب فى افغانستان و دخلت السودان بعد ما فتح السودان ابوابه لكل العرب و المسلمين للدخول الى الاراضيه دون تاشيرة دخول قد طلبت مصر ليس حركة هولاء فى السودان انما فى القرن الافريقى كذلك و معرفة شبكة العلاقات بينهم و كيف يستطيع السودان ان يقدم معلومات تساعد على كشف تلك العناصر و الطلب له مغزيان الاول ان السودان ضالع فى تلك القضية او له صلة بطريق مباشر او غير مباشر او انه قادر ان يسهم من خلال معرفته بالمنطقة فى كشف حركة تلك العناصر الامر الذى يجعله مهىء ان يلعب دورا استراتيجيا فى استقرار المنطقة اذا تمت معالجة مشاكله.
لم ترفض مصر الرؤية الامريكية ان السودان من المفترض ان يظل بعيدا من قضايا الشرق الاوسط باعتبار انه ليس من دول المنطقة انما السودان هو دولة تابعة لمنطقة شرق افريقيا و يجب حصر اهتماماته فى تلك المنطقة لذلك عندما كانت تعقد جلسات اجهزة المخابرات و وزراء الخارجية لما يسمى دول المحور الامريكى 6+1 و تناقش القضايا الاستراتيجية كان السودان بعيدا حتى لا يبلغ بعد تلك الاجتماعات من خلال الدولة المصرية حول الخطوط العامة اذا كانت مصر فعلا ترى ان هناك امكانية لقيام علاقات استراتيجية بين البلدين.
رغم تصور النخب فى كل من السودان ومصر ان تكون علاقة البلدين اذات ابعاد استراتيجية الا ان الفكرة لم تناقش على المستوى السياسى بين البلدين الا فى عهد الرئيس السابق جعفر محمد نميرى حيث انحصرت فى مشروعات التكامل التى لم تكون بالصورة المطلوبة لانها تنقصها العزيمة و خاصة من الجانب المصرى الامر الذى ترك انطباعات سالبة عند بعض النخب السياسية السودانية فى عدد من الاحزاب ان مصر لا تريد اية تطور يحدث فى السودان لاشياء تخدم مصالحها هى فى المستقبل و لكن ربما يكون عدم الرغبة عند البلدين و اذا كانت الرغبة متبادلة يعنى ان العلاقة بين البلدين لم تصل الى مرحلة بناء علاقات استراتيجية لانه ينقصها الثقة المتبادلة كما ان العلاقات السودانية المصرية لم يزيد ميزان التبادل التجارى بينها الى 500 مليون دولار حسابى فى احسن الاحوال و كان الميزان التجارى دائما مايل ناحية مصر و ذلك باعتبار ان الصناعة متطورة عندها نوعا ما عن السودان اما فى العلاقات العسكرية رغم ان السودان كان يرسل اعدادا من الضباط السودانيين فى دراسات الاركان حرب و الدراسات الاستراتيجية الا ان العلاقات السودانية المصرية فى هذا المجال لم تتوسع للتشكل نواة لعلاقات استراتيجية فى المستقبل هذه المحدودية فى العلاقات العسكرية ادت الى توسيع علاقات السودان مع بعض الدول العربية فى هذا المجال و التى اصبحت فى فترة ما افضل من العلاقات مع مصر مثلا العراق ثم توسع السودان فى التعاون العسكرى مع دول اخرى مثل روسيا والهند و باكستان و اخيرا الصين بسبب اكتساب خبرات متنوعة فى جميع المجالات العسكرية و ظلت العلاقات السودانية المصرية محصورة جدا فى الجانب الامنى و تبادل معلومات تحتاج اليها مصر اكثر من السودان و رغبة مصر هى ان تكون العلاقة فى القضايا الامن و الشؤون العسكرية محصورة فى العلاقة بين جهازى المخابرات فى البلدين و النقاش حول الاحداث التى تفرض نفسها على البلدين و تؤثر فى عملية الاستقرار فيهما و العلاقة لم تتقدم قيد انملة انما ظلت تراوح مكانها.
ان مصر ترغب فى ان يتعامل العالم مع السودان و خاصة الغرب من خلال البوابة المصرية و حتى العمل من اجل تحسين علاقة السودان مع العالم تاتى من خلال القنوات المصرية هذا الامر يعقد قضية تحسين العلاقات و تطورها فاذا قبل السودان هذا الوضع الان و فى الماضى ربما لان هناك العديد من المشاكل التى تواجهه و بالتالى لا يريد ان يفتح جبهات جديدة فوق طاقته السياسية و الدبلماسية و لكن اذا تهيأت اجواء الاستقرار للسودان فانه لن يقبل هذه الوضع الذى كانت قد عبرت عنه الانقاذ بصورة عنيفة جدا فى منتصف التسعينات عندما اقدمت على تجفيف منابع المعلومة لمصر فى السودان حتى لا تكون لها القدرة على المتابعة السليمة لسياسات السودان الامر الذى يجعل الدول الاوروبية و الولايات المتحدة الامريكية تتعامل مباشرة مع السودان قد نجحت نوع ما فى هذه السياسة و خاصة ان الولايات المتحدة الان تفضل التعامل المباشر مع السودان دون وساطة و كذلك بعض الدول الاوروبية الامر الذى جعل مصر الان هى بعيدة جدا فى عدد من قضايا السودان الا ماتيسر و حتى فى قضية دارفور هى قوة مساعدة و ليس اساسية فى ذلك مهما تحدثت عدد من قيادات الانقاذ عن العلاقات الاستراتيجية بين البلدين باعتبار ان مصر جزء اصيل فى الشأن السودانى و لكن الاحداث و حركة مصر تبين ان الدور المصرى ضعيف فى الشأن السودانى و لا اريد ان اسوق تبريرات لها ولكن تراجع مصر اليس فى العلاقات الثنائية انما فى المنطقة العربية و الافريقية حيث كانت مصر فى السابق هى التى تصنع الاحداث من خلال دورها المحورى فى المنطقة و لكن الان مصر هى تعلق فقط على الاحداث و اصبحت الاحداث تصنها جهات اخرى و هذا الشىء لا اعتقد سوف يسعدنا فى السودان لاننا كنا نريد ادوارا لمصر بقدر عظمتها التاريخية و تكون هى المرجعية فى المنطقة و لكن تنازلت عن ذلك ربما يكون طوعيا او من خلال اتفاقيات كبلت حركتها و تاكيدا ذلك عندما كانت المعاركة على اشدها بين القوات الاسرائيلية ضد حزب الله قام الرئيس المصرى بزيارة الى المملكة العربية السعودية التى كانت قد اعلنت موقفها الذى يتلاءم مع مصالحها من الصراع الدائر قال الرئيس المصرى عقب الزيارة فى طريق عودته الى القاهرة و نشر فى جريدة الاهرام الصادرة 27\7\2006 " ان مصر لن تدخل فى محاور مع احد ضد احد و شدد على ان جيش مصر يقوم بواجبه تماما فقط لحماية مصر و ان مهمته الاساسية الدفاع عن التراب الوطنى المصرى و ليس غير " و بكلمات الرئيس المصرى تكون مصر قررت الانكفاء على ذاتها و تتعامل مع الخارج بالطريقة التى لا تجعلها تتحمل اية مسؤولية خارج حدودها اذن مصر تخلت عن دورها الرائد فى المنطقة طواعية و فى مثل هذه الحالات لا يستطيع المرء ان يقرأ ما هو فى داخل مخيلة القيادة المصرية كما ان العلاقات الاستراتيجية تحتاج الى ذهنية مفتوحة تقبل الحوار فيما هو مطروح من قضايا بثقة كاملة و لكن استغلال الاحداث فقط لطرح شعارات اعتقد انها لا تخدم المصالح الاستراتيجية والتى من المفترض ان تكون متبادلة بين دولتين.
تنظر النخب السياسية فى السودان و على مختلف اتجاهاتها السياسية ان العلاقة مع مصر يجب ان تكون علاقة استراتيجية فى كثير من القضايا " العسكرية و الاقتصادية – و الامنية " و ليس فى حدود البلدين انما فى المنطقة الاقليمية و الافريقية و العربية رغم ان احساس النخب السودانية ان مصر لا تريد لبعض الدول ادوارا فى المنطقة العربية الا ما تسمح به فقط لذلك حصرت الحكومات السودانية فى كل تاريخ السودان المعاصر العلاقات فى الجانب العربى من خلال العلاقات الثنائية و النشاط المحدود فى جامعة الدول العربية نزولا للرغبة المصرية و عدم الدخول معها فى مشاكسات تسىء للعلاقات بين البلدين و لكن هذا التنازل الطوعى لن يدوم لانه محكوم بمصالح كما ان النخب التاريخية التى كانت تضع اعتبارا للعلاقات التاريخية و الاخوية و الروابط الاجتماعية قد عقبتها نخب جديدة اخرى تنظر للعلاقة فقط من خلال المصالح و بالتالى يحتاج من النخب السياسية المصرية و صناع القرار فى مصر اعادة قرأته بشكل جديد.
يمتلك السودان اراضى زراعية شاسعة جدا و هناك اكثر من مئتى مليون فدان صالحة للزراعة غير مستغلة و لا تحتاج الى اصلاحات زراعية كما هو فى بعض ارضى الدول العربية كما ان المياه متوفرة فى السودان ان كانت مياه رى و مياه الامطار و المياه الجوفية و لكن القيادة فى مصر لم تدخل تلك الاراضى فى العلاقات الاستراتيجية بين البلدين و حتى اذا فتح ملف العلاقات الزراعية بين السودان و مصر نجده لا يتعدى بضعة مشروعات محدودة جدا تتركز فى زراعة عباد الشمس و ان العلاقات المصرية فى الزراعة مع اسرائيل اضخم مما هو عليه مع السودان رغم ان مصر تستور 80% من حتياجاتها من القمح من الخارج و لكن لم تفكر مرة واحدة فى التفاهم مع السودان بان تستغل تلك الاراضى لزراعة سلعة تعتبر سلعة استراتيجية لمصر و تصل فيها البلدين للكتفاء الذاتى و ضيعت فرصة كبيرة حيث ان السودان اتجه الى دول اخرى من اجل استغلال تلك الاراضى القضية الثانية موقف مصر من تعلية خزان الرصيرص و رفض موافقتها فى المحافظ المالية العربية و العالمية لدعم هذا المشروع.
ساهمت مصر فى حل مشكلة التعليم العالى فى السودان من خلال جامعة القاهرة فرع الخرطوم التى اهتمت بالدراسات الاجتماعية ثم كان هناك اكثر من الفى فرصة اتاحتها للطلاب السودانيين فى الجامعات المصرية فى الدراسات الاجتماعية و التطبيقة سنويا من خلال اتفاقية التكامل بين البلدين فى عهد الرئيسين جعفر نميرى و انور السادات و قد تخرج الالاف من السودانيين من تلك الجامعات المصرية و كنت قد سألت عددا من الاخوة المصريين صحافيين و سياسيين عندما اصدرت حكومة الانقاذ قرارات بمصادرة المؤسسات المصرية فى السودان لماذا لم يخرج شخص واحد من هولاء الذين تخرجوا من الجامعات المصرية يعترض على تلك القرارات؟ فقلت لهم اليست هذه القضية تحتاج لوقفة مع النفس و مراجعة و قرأة لمعرفة اين تكمن المشكلة لانه بالفعل هناك خلالا يحتاج الى روية فى الدراسة بعيدا عن العاطفة و لا اقول الخروج من باب العمالة اى ان تشترى مصرى ولاء بعض الخريجين و لكن من باب رد الجميل ان يخرج بعض من هولاء يعترضون على تلك القرارات.
ارادت مصر ان تحصر كما ذكرت اعلاه العلاقة بين البلدين فى القضايا الامنية فى حدود احتياجات مصر و ما يضمن لها الامن و الاستقرار و لكن ظلت تلك السياسية نفسها عرضة لللانتقادات من قبل النخب السياسية السودانية بسبب ان العلاقة اذا حصرت نفسها فى الاجندة الامنية سوف تكون علاقة عرجاء لانها تقوم على معلومات و ربما تكون المعلومات نفسها غير صحيحة لانها تنقل بواسطة مخبرين و تجمع من عدد من المصادر كما ان المخبر يمكن هو نفسه يكون مصدرا لمعلومات تخدم مصلحته الذاتية الامر الذى لا يجعل العلاقة تتقدم خطوة واحدة من قاعدتها الامنية لان الثقة نفسها لم تتمكن فى القلوب الامر الذى يعرض العلاقة بين البلدين الى هزات مستمرة بسبب تيارات ضعيفة من الهواء قادمة من اية اتجاه لذلك نجد ان اية زيارة يقوم بها مسؤول مصرى الى السودان مهما كان حجمه لا بد ان يتبعه عنصر استخباراتى للتاكيد ان العلاقات لم تخرج من شرنقتها و فى ذات الوقت ان السودان حريص فى زيارة قادته السياسيين ان لا تتبعها عناصر امنية الا بسبب الحراسة فقط كما هو معروف فى البروتكولات هذه العلاقة اذا لم تصحح فان العلاقات سوف تكون فى مستوياتها المتدنية بعيدا عن التفكير فى القضايا الاستراتيجية كما ان اطلاق التصريحات بين الجانبين فى ان العلاقة المصرية السودانية علاقة استراتيجية دون ان تتحول الى الورق فى شكل مشروعات و قوانيين و لوائح تخدم مصالح البلدين ببعضهما البعض فانها سوف تكون شعارات جوفاء ليست لها علاقة بالواقع.
ان المشكلة التى تواجه مصر الان فى قضية مياه النيل و توقيع اغلبية دول المنبع على اتفاقية اطارية تحاول بها تجاوز الاتفاقيتن الموقعتين فى عام 1929 بين بريطانيا التى كانت تمثل مستعمراتها و الدولة المصرية و اتفاقية 1959 الموقعة بين مصر و السودان والتى تنص على توزيع مياه النيل 85% لمصر و 18,5% للسودان قد فجرت واقعا جديدا و سوألا مركزيا هل هناك ضرورة لعلاقات استراتيجية بين السودان ومصر؟ و قبل الخوض فى الاجابة على السوأل نقف موقفا تسأوليا عن اتفاقية 1959 هل ان الاتفاقية قد نفذت كل البنود التى تقوم عليها؟ حيث ان الاتفاقية كانت تعطى السودان حصة من كهرباء خزان اسوان فى مناطقه الشمالية الشىء الذى لم تف به مصر حتى الان كما ان حقوق السودان فى خيرات بحيرة ناصر غير معروفة رغم ان البحيرة تقع فى اراضى تابعة للسيادة السودانية فالدفاع عن الاتفاقية يجب ان يكون بكل جوانبها و تاخذ استحقاقاتها كاملة حتى يكون هناك تبادل للمصالح و لا تشعر جهة انها قد ظلمت من خلال الاتفاق و القضية الثانية بقدر ما ان السودان هو حريص على مصالحه ايضا هو حريص ايضا للحفاظ على مصالح مصر و لكن يجب ان يكون الحرص متبادلا و ليس من جهة واحدة.
لمصر كل الحق فى الدفاع عن مصالحها و استقرارها و تستطيع من خلال مؤسساتها المدنية و العسكرية و الدبلماسية ان تدافع و تصون مصالح شعبها كما ان السودان يجب ان يتعامل مع القضايا بما يخدم مصالح شعبه بالصورة التى تحفظ حقوقه و سياسة المصالح هى التى تجعل ان تكون هناك مقاربات بين البلدين او ابتعاد بينهما و التعامل مع لغة المصالح قد تفك السودان من قيود كثيرة تاريخية كان يراعيها فى تعاملاته مع بعض الدول و خاصة مصر كما ان لغة المصالح هى التى تحكم العلاقات الدولية الان.
ان التعارض الكبير الاستراتيجى بين البلدين ان مصر هى جزء اصيل من المحور الامريكى فى المنطقة و هذا المحور له تقاطعات متعددة فى الامن و الاقتصاد و حركة الدول العظمة و السودان قد فرضت عليه ان يكون الى جانب الصين بحكم مصالح الاستثمار و الاقتصاد كما ان الصراع الاستراتيجى للدول الكبرى فى افريقيا اخذت تتحدد معالمه و هو سوف يلقى بظلاله فى المستقبل على العلاقات السودانية المصرية الامر الذى لم ينظر اليه بشكل جاد انما يتم التعامل معه بهامشية كأنما القضية تخص الدول الكبرى و يجب على الدول الصغيرة ان لا تدخل انفها فيه.
من كل ماسبق يطرح سؤلا مهما هل هناك وجوب لعلاقات استراتيجية بين البلدين؟ و اذا كانت الاجابة بنعم ما هى الركائز التى تقوم عليها تلك العلاقة الاستراتيجية؟
جواب السوأل الاول اعتقد هناك ضرورة حيوية جدا من اجل بناء علاقات استراتيجية بين مصر و السودان من اجل مصلحة الشعبين على ان تقوم تلك العلاقة على الوضوح و الصراحة و الثقة المتبادلة و اتفاقيات تحكم البلدين من خلال قوانين يصادق عليها البرلمانان فى كلا البلدين.
عندما ذهب الرئيس البشير الى مصر و قد خرجت الصحف تؤكد ان الرئيس البشير ذهب لكى يعود الرئيس المصرى الذى كان قد اجرى عملية جراحية فى المانيا قلت بجانب تلك كان الرئيس يحمل رسالة مهمة جدا لم تستوعبها مصر و هى ان الرئيس البشير اراد ان يقول للاخوة المصريين ان مرحلة جديدة فى السودان قد بدات و بموجبها يجب على مصر ان تضع حدا لسياساتها التاريخية خاصة مع القوى السياسية القديمة " الاتحادى – الامة" و ان حزب المؤتمر الوطنى سوف يحكم السودان على الاقل لعقدين قادمين و هذه الرسالة لم تفهمها مصر باستقبالها لرئيس حركة العدل و المساواة الدكتور خليل ابراهيم و الرسالة تطالب مصر ان تعيد ترتيب اولويات اجندتها مع السودان كما ان الرسالة تحمل دعوة لبناء علاقات استراتيجية جديدة مع مصرو اعتقد ان زيارة السيدين احمد ابو الغيط وزير الخارجية و الوزير عمر سليمان مدير المخابرات الى الخرطوم هى بداية لمراجعة قرأة العلاقات على صورة جديدة.
ان العلاقة الاستراتيجية يجب ان تقوم على الاشياءو الحاجيات الحيوية و هو التنمية الاقتصاد حيث ان البلدين بصورة متكامل يمتلكون كل عناصر التنمية و النهضة و خاصة فى مجال الزراعة و الصناعات التحويلية و الاستفادة من الارضة السودانية الشاسعة و الخبرات المصرية فى مجال الزراعة و السوق المصرية السودانية سوق كبيرة اضافة الى ان التكامل الزراعى الصناعى سوف يوفر مئات الالاف من فرص العمل لبناء البلدين و التطور الاقتصادى سوف يسهم فى عملية الاستقرار فى البلدين.
و فى العلاقات العسكرية و الامنية يجب ان تفكر مصر مليئا لماذا انشأت الولايات المتحدة الامريكية سفارتها فى السودان فى مساحة شاسعة و سوف تكون اكبر سفارة فى افريقيا و جلبت لها معدات للتصنت و المتابعة و المراقبة ذات تقنيات عالية جدا الامر الذى يؤكد ان السفارة سوف تلعب دورا استراتيجيا كبيرا فى المنطقة خاصة ان افريقيا اصبحت منطقة للصراع الاستراتيجى بين الدول الكبرى و الدول الناشئة و حتى لا يكون السودان ومصر ادوات فى ذلك الصراع يجب عليهما من الان ان يحضرا نفسيهما على انهما لاعبين اساسين فى المنطقة يجب عدم تجاوزهما و معروف ان السياسية الامريكية منذ آواخر الخمسينات قد راهنت على السودان ان يكون احد حلفائها فى افريقيا لذلك قدمت له المعونة الامريكية التى كانت قد رفضتها الاحزاب السياسية و قبلها الرئيس ابراهيم عبود فى اوائل الستينيات فى عهد الحرب الباردة و لكن وضع الولايات المتحدة السودان ضمن قائمة دول وسط و شرق افريقيا تعنى انها ماتزال تراهن عليه فى تنفيذ تلك السياسة حتى اذا انفصل الجنوب و ذلك يعود لعلاقات السودان الثقافية مع دول وسط وشرق افريقيا.
ان الولايات المتحدة بدات فى بناء تحالفاتها فى فريقيا من خلال القاعدة التى انشأتها فى جيبوتى ثم المؤسسة العسكرية الافريقية " الافريكوم" و التى تهتم ببناء العلاقات العسكرية التى تهتم كما قالت الولايات المتحدة بمواجهة حركة تمدد القاعدة فى القوس الممتد من السنغال مرورا بموريتانيا و تشاد و السودان حتى القرن الافريقى و هو مؤسسة قائمة على الدعم اللوجستى و العسكرى فى تدريب قوات خاصة فى عدد من الدول الافريقية و هى القوات التى تعتمد عليها الولايات المتحدة مستقبلا فى تنفيذ مهام تخدم المصالح الامريكية و الشعارات التى تطلقها الولايات المتحدة عن افريقيا تهدف بها السماح لقواتها و عناصر مخابراتها اضافة للمخابرات الاسرائيلية "كما هو معروف ان دخول الولايات المتحدة يعنى الدخول ضمنا وواقعا للمخابرات الاسرائيلية" فى الحركة فى افريقيا و قد اتضح ذلك فى القضية الصومالية حيث هى التى كانت وراء دخول القوات الاثيوبية الى ارض الصومال ثم حركة القوات الامريكية من جيبوتى الى الصومال و كينيا كل تلك الاجراءات هى عمليات استباقية لاضعاف اية عمل عسكرى استخباراتى يمكن ان يقوم بعيدا عنها فى المستقبل هذه الاجراءات كانت من المفترض ان تكون دافعا للدولتين فى بناء تحالف استراتيجى يهتم بالمنطقة و يرصد اية حركة او فكرة تحاول ضرب مصالح البلدين و لكن المشكلة الاساسية ان القيادة المصرية مترددة تماما فى بناء تلك العلاقة مع السودان و ظلت مصر تؤجل تلك القضية منذ استقلال السودان فى حسابات تهمها هى لقد وجب الوقت لتجاوزها.
اذا كانت مصر فعلا حريصة لبناء علاقات استراتيجية مع السودان خاصة فى المحور الافريقى فان دخولها يكون اكثر فائدة اذا كان عبر البوابة السودانية باعتبار ان السودان بحكم تداخله الثقافى و حتى القبلى مع عدد من دول القرن الافريقى و شرق و غرب افريقيا سوف يسمح لهما توطيد العلاقات الشعبية مع تلك الدول و يحقق للبلدين علاقات واسعة و متشابكة تمنع اية مشاكسات خارجية يمكن ان تشتغل ضد مصالحهما و لكن اذا اردت مصر ان تفتح هى ابواب علاقتها فى المنطقة بعيدا عن السودان فان سعيها سوف يصطدم بعقبات كثيرة و قد ظهرت فى قضية حوض النيل و خاصة ان السودان نفسه لم يفكر فى القضية بجدية حيث ان التحديات المفروضة عليه لم تجعل له مساحة للتفكير فى التخطيط الاستراتيجى على ان تقوم العلاقات مع تلك الدول من خلال مصالح متشابكة تكون الحركة الجماهيرية جزءا اساسيا فها باعتبار انها هى التى سوف تحمى علاقات الاستقرار و الامن فى المنطقة.
اخيرا ان المبحث حاول ان يلقى الضوء على العلاقات السودانية المصرية فى ظل حكومة الانقاذ من عام 1989- 2010 و هو استعراض للخطوط العريضة لتلك العلاقة و لكن من خلال اجتراح القضايا و تسليط الضوء على اهمها مع تناول نقدى للسياسة المصرية تجاه السودان و اننى الان اقوم بجمع معلومات عن قضية التكامل الاقتصادى و العسكرى و الثقافى بين البلدين لكى تاخذ الدراسة النقدية منهجا توصل نتائجه الى اهمية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين تقوم على المنفعة المتبادلة و بناء علاقات على اسس قوية و فاعلة مع دول الجوار الافريقى تؤمن الامن و الاستقرار فى المنطقة.
zainsalih abdelrahman [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.