ام درمان تلك المدينة العظيمة التي لها مكانة في تاريخ الوطن و في نفوس جميع السودانيين على مختلف اعراقهم وثقافاتهم وانتمائاتهم واديانهم .. وليس لاي احد منا الا وله بها علاقة رحم او صداقة او زمالة .. تلك المدينة التي انصهر فيها السودان كله بالتصاهر والعلاقات الاجتماعية المتميزة بالاسلوب الحضاري الذي نبحث الان عن مثال شبيه له في التعايش السلمي الذي يحفظ انسانية الانسان اولا قبل جهته او جنسه او قبيلته او لونه او عرقه .. تلك المدينه النموزج الرائع المتجرد لذلك التعايش الحضاري الانصهاري الذي انبثق منه مواطن انتماءه اولا واخيرا للوطن فقط وليس للقبيلة او الجهة لايعرف جارة من اين هو .. جعلى ام دنقلاوي شايقي ام فوراوي ام نوباوي او اي جنس اخر من اجناس القبائل المختلفة في السودان ولكنه يعرفة فقط بأنه جاره العزيز الذي درس معة او لعب معة او نشأ معة او ناسبة او تجمعة معه صلة الجوار او الرحم او المواطنة او اي شيء مشترك بينهم في المنطقة مواطنا متجردا مترفعا عن العنصرية والجهوية .. انسان هو من جميع انحاء السودان فهو يحمل في عروقة امتذاجا لدماء كثيرة ومتنوعة بتنوع اهل السودان عبر السنين الطويلة التي وفد فيها الناس الى تلك المنطقة من مختلف انحاء السودان فاعطتتنا نموزجا جميلا حيا بين ايدينا نحتذي به في روعة التحام القبائل المختلفة فاصبحت ثقافة ساكنيها هي متميزة بخليط من ثقافات السودان كله .. اذ ليس فيها احد الا وله اهل في كل انحاء السودان فلذلك اصبحت السودان المصغر الذي اعطى كل ذي حق حقة في التعايش السلمي دون ايعاذ من الانقاذ او تنفيذا لقرارات او توصيات المؤتمرات .. انما امتذاج تلقائي عفوي طبيعي تلك المدينة العظيمة والتي تتعرض لتهميش كبيرا جدا من الدولة في التنمية والعمران والنظافة والصحة والتشجير والمظهر العام وعدم اهتمام الولاة بها امرا في الحقيقة مؤسف ومؤلم وخاصة ام درمان القديمة والتي منها بدأ تعايش اهل السودان جميعا .. هذا التهميش لتلك المنطقة المتميزة من العاصمة خلق شيئا كبيرا من عدم الرضى و الاستياء في نفوس ساكنيها ومواطنيها ومحبيها وخاصة من حكومة الانقاذ الوطني اذ يشعرون بالظلم والتهميش وعدم اهتمام الولاة والمحافظين المتعاقبين عليها بها .. فمثلا كنا نجد الشوارع نظيفة في السابق والاضاءة على الشوارع الرئيسية وحتى الازقة بها عواميد كهرباء منارة تدخل الطمأنينة والسكينة في نفوس السائرين ليلا بين ازقتها وايضا هي من ناحية امنية تحد من الجريمة الليلية ومن كثرة الحرامية .. ولكن ماذا حدث الان في تلك الشوارع المليئة بالوساخات والظلام الدامس عواميد الكهرباء موجودة منذ سنين عددا .. لا تنقصها الا اللمبات فقط لا تجد حتى من يهتم بوضع لمبة على عمود جاهز .. فقط لمبة على عمود اعياه طول الانتظار في الظلام الدامس .. وكما قال عنتر بن شداد .. ( لو كان يدري ما المحاورة اشتكى .. ولكان لو العلم الكلام مكلمي ) تجولت بين ازقتها اجتر بعض الذكريات على تلك الازقة فما وجدت الا البؤس والاحباط والحفر والظلام الحالك والوساخة اينما وليت وجهك .. الاوراق متناثرة هنا وهناك انعدام كامل لكل ماكان جميلا في الماضي وكان يجب ان يطور لا ان يهمل .. من المسؤول عن تردي الخدمات في امدرمان القديمة ولماذا هذا التجاهل لتلك المنطقة التي هي السودان بحق وحقيقة بقيمة وموروثاته المختلفة كما قال صديقي الراحل عبد الله محمد زين رحمه الله. انا امدرمان انا السودان اذا ذهبت ( بالطريق الشاقي الترام ) واعني شارع ابوروف ذلك الشارع الذي يحمل اجمل الذكريات للشاعر عمر البناء ولبشير عتيق ولاسماعيل خورشيد ولفراج الطيب ولمهدي محمد سعيد ولشاعر العيون محمد نجيب وللجد شعبان ولخالد ابو الروس و لكثير جدا من الهامات والقامات من الناس الذين يحبون السودان و يحبهم السودان اجمع من ذوي العطاء الغير محدود والذين ابدعوا وامتعوا الروح والوجدان ورسخوا قيم التعايش بين الناس في امان ومودة ومحبة ومحنة ورحمة حتما ستصاب بأكتئاب نفسي من كمية الوساخة الملقاة على الشوارع وكمية التراب الذي يوجد بين ضفيتي الشارع بسبب الاهمال وايضا بسبب الجداول المفتوحة لماذا هذه الجداول مفتوحة ؟ تلك السنوات الطويلة ومن الذي اخذ تلك الاغطية الاسمنتية واين ذهبت ومن المسؤول عن هذا الجدول المفتوح والذي يتسبب في حوادث كثير من سقوط المارة والاطفال والسيارات كما انه اصبح بؤرة للوساخة والمياه الراكضة والباعوضة والذباب وهل قفلها صار مستحيلا واستعصى على كل المحافظين الذين تعاقبوا على ام درمان ام هو عدم الاهتمام .. واذا ذهبت ايضا بشارع السيد على في بيت المال ايضا حدث ولا حرج .. ظلام دامس ووساخة بين جنبات الطريق في ذلك الشارع العتيق ( وشريط اسود في نص الطريق يخبرك بأن كان هناك شارع ظلط في يوم من الايام ) .. وكذلك شارع الهجرة والدومة وود البصير وودنوباوي والقلعة والركابية والمظاهر والمسالمة وحي السوق وحي العرب كل المدينة القديمة تقبع في ظلام حالك والوساخة مع ان اهلها يعلم الله انهم من انظف الناس عفة ويدا ولسانا ككثير من اهل السودان الشرفاء .. وكل تلك المناطق التي اثرت السودان وكانت منبعا للعطاء الغير محدود في كل المجالات .. لماذا هذا التجاهل التام ولماذا لا نعتني بتلك المنطقة الرائعة روعة اهلها الكرام السمحين المتسامحين .. لماذا دائما نتنكر لمن اعطونا وبذلوا الكثير للوطن .. اخي .. السيد والي الخرطوم واخي السيد معتمد او محافظ مدينة ام درمان السلام عليكم ورحمة الله .. لماذا هذه الوساخات المنتشرة في شوارع ام درمان القديمة ولماذا الجداول مفتوحة من زمن بعيد ولماذا تغرق تلك المنطقة على وجه الخصوص في ظلام دامس وكانت بالامس منارة كما كانت منارة للعلم والمعرفة والثقافة .. لماذا هذا التجاهل يامحافظ ام درمان والاوساخ ( بالكيمان ) في سوق ام درمان والروائح النتنة الكريهة منذ ان تدخل السوق والى ان تخرج منة تزكم الانوف ولماذا تلك الفوضى في شارع الدكاترة بأمدرمان وحي البوستة التي تسؤ الناظرين .. اين عمالك وموظفيك وماهي اولويات العمل في المحافظة وما الذي يشغلهم عن اساسيات الاهتمام بالمحافظة وما هي طبيعة عمل المحافظة اصلا هل هي ( جبايات ونفايات وعوائد وعتب وضرائب فقط .. هل هي اخذ دون عطاء ) و اذا لم تحافظ انت المحافظ على هذه المدينة المفخرة لكل السودانيين فمن يحافظ عليها .. فلقب الوظيفة اصلا هي محافظ فأرجو ان تحافظ عليها حفظك الله وتتطورها وتنميها وتجعلها مفخرة لنا ولك وعنوانا نعرفك به جعلك الله لها زخرا ومجهودا يكون مقدرا يعكس همتك ونشاطك وكفائتك وبزلك وعطائك ونعلم ايضا بأنك اهل لان تكون محافظا لتلك المدينة التاريخية العظيمة الفاضلة .. فمدينتك هي عنوانك وهي التي تخبرنا عنك وعن اداءك لا نريدك سياسيا مخضرما ولكن نريدك مهنيا واداريا نشطا يشار اليه بالبنان تسعد اهل منطقتك او محافظتك ويلهج لسانهم بشكرك رغم انه واجب لا شكر عليه وتكون مفخرة لهم ودليلا قاطعا بأنك محافظا ناجحا بعمل ملموس ظاهر للمواطن .. يشعر بان له محافظ يحافظ عليه وعلى نظافته وصحته .. ارجو ان تحافظ على تلك المنطقة من ام درمان على وجه الخصوص والمدينة بصفة عامة .. فالمدينة النظيفة المنارة الامنه الخالية من الذباب والباعوض والامراض هي عنوان للمحافظ الجيد دعنا ايها المحافظ نلتمس نجاحك من خلال ما نراه في مدينتك التي يجب ان تطورها وتحافظ عليها ايها السيد المحافظ فتكون عنوانا جميلا لك بدلا من ان تكون لك عنوانا قبيحا و قبل ان تكون عنوانا للمدينة .. سيف الاقرع – لندن