لعلها الحساسية والغيرة الفنية العمياء هي التي جعلت بعض الصحف الإجتماعية والمواقع الالكترونية السودانية تبحث عن حقوق ملكيتها الفنية في إسرائيل . فقد نقل موقع الكتروني سوداني عن صحيفة اجتماعية رائجة : "تبين أن شركات إسرائيلية شرعت منذ سنين في إنتاج وترويج أسطوانات فنية لأغاني سودانية تخص مطربين سودانيين مشهورين دون تصريح منهم مع حرصها على وضع شعار ( إسرائيل ) بصورة لافتة على غلاف هذه الإسطوانات ، وبدأت شركة ( تاموز ) الإسرائيلية ومقرها مدينة ( رعنان ) في ( إسرائيل ) في ترويج أغاني سودانية مختارة منذ العام 2003 م عبر موقع ( إسرائيل ميوزيك ) على الإنترنت ". ثم أضاف محرر الخبر بعبقرية يُحسد عليها :" يُذكر أن موقع إسرائيل ميوزيك أنشأ في العام 1999 ويبيع مجموعة كبيرة من الموسيقى اليهودية والإسرائيلية الي أكثر من 100 دولة عبر تقنيات التجارة الالكترونية ". الخبر بهذا الشكل المثير للعواطف الوطنية والدينية ، مثير أيضاً للشفقة بسبب عدم مهنيته بوصفه للموقع بأنه يبيع موسيقى اسرائيلية ويهودية . هل كان يتوقع محرر الصحيفة أن يبيع موقع يسمى نفسه (إسرائيل ميوزيك) ، دوم ولالوب مثلاً . نسبة الأغاني بأنها اسرائيلية يمكن فهمها لكن يهودية هذه لا تعدو إلا أن تكون حشواً لإثارة العواطف الدينية لتتداعى معها كافة شعارت الوعيد مثل "خيبر خيبر يا يهود ، جيش محمد سوف يعود" وغيرها . ولأن تتحدث عن حقوق سودانية في اسرائيل أياً كانت هذه الحقوق فهي مسألة مثيرة للحنق والغضب الشعبي ، خاصة في ظل الأوضاع الأخيرة بعد حصار غزة ومهاجمة أسطول الحرية لفك ذلك الحصار. وباستثارة العواطف الدينية والوطنية من أجل مسألة فنية فإنها لا تفعل غير أن يختلط عندها الحق القانوني مع الأدبي مع مهاترات الكتابات غير الواعية. غريب أن يترك الناس أخبار مقاضاة المؤلفين والفنانين السودانين لبعضهم ويتجهوا صوب فنهم المغتصب في اسرائيل . هذه المقاضاة هي النتاج الطيب والطبيعي لتطبيق ونفاذ حق المؤلف والحقوق المجاورة في السودان لسنة 1996م والذي نشأ من مفهوم الملكية الفكرية والحقوق المتعلقة بها بعد جهد جهيد وبعد اعتداءات على هذه الحقوق بسبب الجهل واللامبالاة. وبوعي الناس والفئة المعنية بحقوقها وضعت خطاً واضحاً لحدود تعاملات الناس فيما يتعلق بحقوقهم الفكرية. وبالرغم من كثرة أخبار المقاضاة من أجل الحقوق ، إلا أنها تعتبر خطوة في اتجاه تصحيح الأوضاع الفوضوية التي طالت قطاع الفن زمناً طويلاً . آخر هذه الأخبار كان الشهر الماضي وهي كسب الفنان الطيب عبد الله لقضيته ضد قناة النيل الأزرق والفنان عصام محمد نور وأسرار بابكر بسبب بث القناة لأغنيتين دون إذنه في برنامج أغاني وأغاني ، برنامج الخم واللم والعربدة في ليالي رمضان. ولو أن فكرة البرنامج قائمة أساساً على اختيار أغانٍ قديمة وتأديتها بواسطة فنانين شباب ، فكان من أوجب واجبات الإعداد هو أخذ الإذن من الفنانين الأحياء ومراعاة الحق الأدبي على الأقل بالنسبة للفنانين الراحلين الذين أُعتبر انتاجهم ملكاً عاماً ممن انتهت مدة الحماية بالنسبة لهم حسب قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م. وقبلها أيضاً كان الحكم لصالح الشاعر إيهاب الأمين ضد الفنان محمد حسن بسبب أدائه لأغنية "استنيتك" بقناة هارموني دون إذنه. ومن فرط جهالة الفنان الشاب بالحقوق الفكرية ذكر أنه كان يعتقد أن الشاعر سيتعامل معه تعاملاً "إخوانياً". كل الأمل أن يرتقي الناس إلى درجة الوعي بالحقوق الفنية والأدبية ، لنرى واقعاً فنياً جديداً يدفع الوسط الفني للعمل الجاد لتطوير الأغنية السودانية وتجويدها. وبعدها إن كان لنا حق إنساني في اسرائيل غير لاجئي زمن المسغبة من أبناء جلدتنا فسننتصر له ولهم . وإن كان لنا حق فني هناك فسنأخذه أيضاً ولكن بعد أن يهتف الشجر والحجر عند قيام الساعة . عن صحيفة "الأحداث" كيف لاmoaney [[email protected]]