جاء في صحيفة التيار بتاريخ 2-06-10 خبر عنوانه "الشرطة تحتوي أعمال شغب بمستشفى حوادث العظام والاصابات بمدني" لمراسلها تاج السر ود الحر. وجاء فيه أن مواطناً (71 عاماً) توفي بالمستشفى من جراء إصابته. فأحتج أهله وتعرضوا للعاملين بالضرب واستباحوا المستشفى وهشموا زجاج أحد أبواب المستشفى. وأصيب في الأثناء فنيون وممرضون. وتطور الأمر بدخول أهل المتوفي استراحة الأطباء مما أدى إلى إيقاف العمل. وتحدث مصاب إلى "التيار" عن وجود بعض الرتب النظامية من ذوي المتوفي شاركوا في أعمال الشغب. لابد من تهنئة مراسل التيار بمدني على التقاطه هذا النبأ الحق. فما كان يسد مسده أي تصريح لوالي الجزيرة عن برنامجه للعناية بالصحة بالولاية. عادي. ويستحق تاج السر الإشادة لأنه كان مكان الحادث وسأل مصاباً كشف له وجود أفراد نظاميين شاركوا في "الشغب". ومع ذلك بقي الخبر ناقصاً لأنه لم يعرض سبباً للهياج: هل شكى أهل الفقيد من إهمال ما؟ وما طبيعتة؟ من تولى شرح سبب الموت لذوي المريض؟واضح أن الشارح لم يكن طبياً فالمصابون ممرضون وفنيون. ومالذي ترتب على هذا "الشغب"؟ هل احتجزت الشرطة متورطين فيه؟ هل جرى تبليغ الجهة النظامية بفعل أفرادها؟ لقد تغاضى المراسل عن "لماذا" الخبر ومترتباته. ولا أدري إن كان محرر الأخبار بالجريدة قد طلب من تاج السر أن يبقى على الخبر حتى يستكمل كل عناصره. ونبهني إلى نقص النبأ قاريء تجشم التعليق عليه في مكانه نفسه. واسم القاريء هاشم من جدة. قال: "إنتو لما تجيبو خبر زي ده ما عندكم محققين في "التيار"، الشايلنا وماشي دا، واحد يتكرم ويسأل الناس ديل ليه عملوا كده. ما كل يوم بموتوا عشرات الناس في المستشفيات أهلم بعملوا كده؟ لازم تكون في بلوة كبيرة خلتهم ينفعلوا بالطريقة دي". اعتقد أن القاريء وضع يده على المسألة. فالتوقع في النبأ أن يجيب، ضمن أشياء أخرى، على سبب وقوع الحادثة التتي أنبا عنها. وقال القاريء إنه لا يمكن أن يقع مثل هذا "الشغب" بدون علة.ولم يقف نقص تحري الخبر عند هاشم جدة. فقد انفعلت بت مدني، الوضح أنها من طاقم المستشفى، ونفت لهاشم أن يكون ل "الشغب" سبباً. قالت: لا بلوة ولا حاجة. نحنا كنا حاضرين والناس دي ما عندها سبب عشان ما ينفعلو. حتى لما فتشنا لأهلو يتبرعوا بالدم ما لقيناهم. وسحبنا ليهو دم برانا. وكانت كلها تمام لما توفى ومات sudden death (موت الفجأة ونهار الحر) وبس ما استوعبوا الكلام دا". تعليق القراء عادة ما اتجه إلى الرأي في الخبر كمثل قولنا إن الطبيب المعالج هو المسئول عن الحديث عن مريضه لذويه. وهذا ما لم يحدث. أما أن يتجه التعليق لاستكمال عدة الخبر نفسه فهذا عيب مهني ودت لو نأت التيار المميزة عنه. إن "اللماذا؟" هي روح النبأ. فلقد كتبت مراراً عن غياب هذا العنصر عن الخبر متى تعلق بعامة الناس بينما تعتني الصحافة ب "لماذا" نبأ الصفوة. فعادة ما لا تجيء الصحافة بسبب للمواجهات الدامية بين الرزيقات والمسيرية في جبل مرة مثلاً. ومن شأن غياب علة النزاع أن يتأكد للصفوة أن أهلهم في الريف "بدائيون" كما علمتهم أوربا " الحضارة وانتشارها في القرى والبوادي". فالبدائي مثل الرزيقات والمسيرية يثور لغير سبب. ف"لماذا" المسيرية والرزيقات . . . لا بواك عليها.